قال ديفيد هيرست، رئيس تحرير موقع "ميدل إيست آي" البريطاني، إن الطلب المقدم إلى محكمة العدل الدولية الذي تتهم فيه جنوب أفريقيا إسرائيل بارتكاب جرائم إبادة جماعية في غزة، يخلو من أي طبيعة خطابية أو متحيزة.

وأضاف -في مقال له- بأن صياغة الوثيقة المكونة من 84 صفحة تمت بدقة من قبل خبراء دوليين في مجال الإبادة الجماعية، وهي مليئة بالأدلة الداعمة ونوقشت بعناية من الناحية القانونية.

وقد وافقت محكمة العدل الدولية على عقد جلسة استماع الأسبوع المقبل لمناقشة طلب جنوب أفريقيا إصدار حكم عاجل.

وأكد هيرست في مقاله بأن مصير العدالة الدولية يعتمد على هذه القضية.

إبادة متعمدة

وتابع بأن وثيقة جنوب أفريقيا تسوق عددا كبيرا من الأدلة على أعمال الإبادة الجماعية المتعمدة في غزة، وقسمها إلى سبع فئات رئيسية: هي حجم عمليات القتل التي تجاوز ضحاياها 22 ألف شهيد، 70%منهم نساء وأطفال، والمعاملة القاسية واللاإنسانية لأعداد كبيرة من المدنيين، من بينهم أطفال اعتقلوا وعُصبت أعينهم وأجبروا على خلع ملابسهم والبقاء في الخارج في طقس بارد قبل نقلهم إلى أماكن مجهولة.

وذلك إلى جانب التراجع المستمر عن وعود الأمن، في ظل قصف إسرائيل المناطق التي نصحت السكان في منشورات بالنزوح إليها.

يضاف إليها الحرمان من الوصول للغذاء والماء، والحصول على المأوى الملائم والملبس والنظافة، وكذلك تدمير بنية الخدمات الصحية، وهدم المدن والمباني السكنية والمدارس والجامعات والبنية التحتية كاملة.

وذلك بالإضافة إلى تصريحات مسؤولي إسرائيل عن نية الإبادة الجماعية ضد الشعب الفلسطيني، بما في ذلك إشارات رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو إلى القصة التوراتية عن التدمير الكامل للعماليق على يد الإسرائيليين، وتصريح الرئيس إسحاق هرتزوغ بأن "أمة غزة بأكملها مسؤولة"، وتأكيد وزير الدفاع يوآف غالانت أن إسرائيل تحارب "حيوانات بشرية".

وأشار هيرست إلى أن جيورا آيلاند، الرئيس السابق لمجلس الأمن القومي الإسرائيلي ومستشار الحكومة، برز بشكل خاص في التعبير عما تفعله إسرائيل، حيث قال "لقد قطعنا إمدادات الطاقة والمياه والوقود عن القطاع، ولكن هذا ليس كافيا. من أجل جعل الحصار أكثر فعالية، علينا أن نمنع الآخرين من تقديم المساعدة لغزة، يجب أن يُقال للشعب إن أمامه خيارين: إما البقاء والجوع، أو المغادرة".

وأوضح الكاتب أن أهمية دعوى جنوب أفريقيا تكمن في أنها تتعلق بإبادة جماعية تحدث بشكل مباشر كل يوم وستستمر إذا لم تتدخل أي قوة خارجية.

فضلا عن أن من قدم الطلب هي جنوب أفريقيا، التي عانت من نظام الفصل العنصري، وأثبتت أن النضال من أجل التحرير ضد هذا النظام الاستبدادي القوي للغاية يمكن أن ينجح.

اتهام سخيف

وقال هيرست إن إسرائيل ردت على خطوة جنوب أفريقيا باتهامها بشكل سخيف بالتواطؤ مع حركة المقاومة الإسلامية "حماس"، وهو ادعاء لا دليل عليه.

وأشار الكاتب إلى أن داعمي إسرائيل الرئيسيين دعوا لرفض خطوة جنوب أفريقيا، حتى قبل أن يتم الاستماع إليها في لاهاي.

وقد وصف جون كيربي، المتحدث باسم مجلس الأمن القومي بالبيت الأبيض، قضية جنوب أفريقيا بأنها "لا قيمة لها، وتؤدي إلى نتائج عكسية، ولا أساس لها على الإطلاق في الواقع".

كما أدان بوريس جونسون، رئيس الوزراء البريطاني السابق، بشكل منفصل تحقيق شرطة العاصمة في جرائم الحرب الإسرائيلية مشتكيا من "التسييس المثير للقلق" لقوة الشرطة.

وأوضح الكاتب أنه لا حاجة إلى شهادة في القانون لفهم ما يجري، إذ يمكن الحصول على فكرة عن الإنتاج اليومي لخطاب الكراهية في إسرائيل من خلال مشاهدة مقاطع الفيديو الخاصة بالجنود والمطربين والفنانين والسياسيين والاستماع إليها.

فهم يمثلون -يضيف الكاتب- ما يعتقده التيار السائد في إسرائيل، من تأييد للإبادة الجماعية، وهم فخورون بعنصريتهم ويمزحون بشأنها ولا يبذلون جهدا لإخفاء ذلك.

وقال هيرست إن التاريخ لا يدعم سياسة استهداف قادة المقاومة بالاغتيال، فمقتل نائب رئيس المكتب السياسي لحركة حماس صالح العاروري في بيروت يقارن بمطاردة الموساد لمخططي واقعة أولمبياد ميونيخ سنة 1972. لكن الاغتيال المستهدف للقادة الفلسطينيين ليس بالأمر الجديد، كما أنه لم ينجح بشكل واضح.

سياسة فاشلة

وأفاد الكاتب بأن إسرائيل استهدفت، قبل ما يقارب عقدين من الزمن، مؤسس الحركة أحمد ياسين، المصاب بشلل رباعي والجالس على كرسي متحرك، بصواريخ أُطلقت من طائرة هليكوبتر، بينما كان يتم نقله إلى مسجد لأداء صلاة الفجر.

وبعد عامين فقط من مقتله، فازت حماس بأول انتخابات حرة تنظم في فلسطين منذ سنوات عديدة. كما أضحت اليوم أكبر وأقوى وأكثر شعبية على المستويين السياسي والعسكري مما كانت عليه.

وتابع بأن اغتيال قادة حماس لن يؤدي إلا إلى تشجيع جيل جديد من قادة المقاومة على التقدم إلى الأمام، حيث يكون كل جيل أقوى من سابقه. وباستهدافهم، تستهدف إسرائيل الأشخاص الذين يتعين عليها أن تتفاوض معهم ذات يوم.

ونقل هيرست عن بيتر هاين، وزير شؤون الشرق الأوسط البريطاني السابق المولود في جنوب أفريقيا، قوله إن محادثات السلام هي السبيل الوحيد للمضي قدما بالنسبة لإسرائيل وحلفائها.

وكتب هاين في صحيفة الغارديان "أكتب هذا من كيب تاون؛ حيث يحتقر مواطنو جنوب أفريقيا من جميع الأجناس والمعتقدات ما يعتبرونه معايير مزدوجة عميقة من قبل زعماء الشمال العالمي، الذين يريدون دعم حق تقرير المصير لأوكرانيا، لكنهم متواطئون في إنكار حق تقرير المصير للفلسطينيين، وهم مسؤولون عن الرعب في غزة".

وتابع هاين "الخلاف الجيوسياسي مع الجنوب العالمي يتعمق، وسيكلف واشنطن ولندن وبروكسل غاليا في عالم مضطرب بشكل متزايد".

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: جنوب أفریقیا

إقرأ أيضاً:

واشنطن تطرد سفير جنوب أفريقيا لأنه يكره ترامب.. كيف ردت بريتوريا؟

قررت واشنطن طرد سفير جنوب أفريقيا متهمة إياه بأنه "يكره" الولايات المتحدة ورئيسها دونالد ترامب، في خطوة اعتبرتها بريتوريا مؤسفة، وتأتي في سياق توتر متزايد بين البلدين.

وأعلن وزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو هذا الإجراء، ليل الجمعة، مؤكدا أن السفير إبراهيم رسول بات "شخصا غير مرغوب فيه" في الولايات المتحدة.

وكتب الوزير على منصة "إكس" إن السفير "سياسي يؤجج التوترات العرقية يكره الولايات المتحدة والرئيس" ترامب.

وأضاف روبيو: "ليس لدينا ما نناقشه معه، وبالتالي فهو يعتبر شخصا غير مرغوب فيه".



وأسفت بريتوريا، السبت، لهذه الخطوة.

وقالت الرئاسة في بيان إنها "أخذت علما بالطرد المؤسف لسفير جنوب أفريقيا إلى الولايات المتحدة السيد إبراهيم رسول".

ودعت الرئاسة "كل الأطراف المعنيين والمتأثرين إلى الحفاظ على اللياقة الدبلوماسية الراسخة في تعاملهم مع المسألة"، مؤكدة أن "جنوب أفريقيا تبقى ملتزمة بناء علاقة مع الولايات المتحدة تعود بالفائدة المشتركة".

ويعد طرد السفير خطوة نادرة من قبل الولايات المتحدة.

ويندرج إبعاد رسول، وهو من المناضلين ضد نظام الفصل العنصري في جنوب أفريقيا، في سياق توتر متصاعد بين واشنطن وبريتوريا. حيث تصاعدت حدة التوتر في العلاقات بين البلدين منذ استلام الرئيس الأمريكي دونالد ترامب مقاليد السلطة، وذلك في ظل الخلافات بين الطرفين حول مسائل عدة.

ورفض روبيو المشاركة في مجموعة العشرين في جنوب أفريقيا، متهما حكومة الدولة المضيفة باتباع جدول أعمال "معاد لأميركا".

وقال روبيو في منشور على منصة "إكس" إن "جنوب إفريقيا تفعل أشياء سيئة جدا، فهي تستولي على الممتلكات الخاصة وتستخدم قمة العشرين للترويج للتضامن والمساواة والاستدامة".

وكان ترامب جمّد في شباط/ فبراير المساعدات الأمريكية لجنوب أفريقيا، على خلفية قانون لمصادرة الممتلكات اعتبر أنه ينطوي على تمييز ضد المزارعين البيض.

وأكد أن "هذه العملية ستبدأ فورا".

وأحد أقرب حلفاء ترامب مولود في جنوب أفريقيا، وهو الملياردير إيلون ماسك الذي اتّهم حكومة الرئيس الجنوب أفريقي سيريل رامابوزا باتباع "قوانين ملكية عنصرية علنية".

وتعد ملكية الأراضي في جنوب أفريقيا قضية مثيرة للانقسام، إذ تثير الجهود المبذولة لمعالجة عدم المساواة الموروثة من نظام الفصل العنصري انتقادات.

وأثار ترامب توترا إضافيا مع بريتوريا الأسبوع الماضي، بإعلانه أنه سيسهّل على أي مزارع من جنوب أفريقيا يرغب في الهجرة إلى الولايات المتحدة، الحصول على الجنسية الأمريكية، بسبب المعاملة "الفظيعة" من جانب حكومة بريتوريا.

وكتب ترامب في حينه على شبكته "تروث سوشال" أن "أي مزارع (مع عائلته) من جنوب أفريقيا يسعى للفرار من هذا البلد لأسباب أمنية، ستتم دعوته إلى الولايات المتحدة مع مسار سريع للحصول على الجنسية الأمريكية".

خلال استضافة جنوب أفريقيا اجتماعا لوزراء خارجية مجموعة العشرين في شباط/ فبراير، وصف رامابوزا بـ"الرائع" اتصالا جرى بينه وبين ترامب بعد عودة الأخير إلى البيت الأبيض.

إلا أنه لفت إلى أن العلاقات بعد ذلك "بدا أنها خرجت قليلا عن مسارها".



وأرفق روبيو منشوره على "إكس" برابط لتقرير من الموقع الإخباري المحافظ "بريتبارت"، يتطرق إلى تصريحات أدلى بها رسول خلال منتدى بشأن السياسة الخارجية، الجمعة.

ونقل الموقع أن رسول "قال إن تفوق العرق الأبيض هو دافع ترامب في العالم"، مضيفا أن حركة "لنجعل أمريكا عظيمة مجددا"، وهو الشعار الذي يرفعه الرئيس الأمريكي "هي ردّ تفوق البيض على تنامي التنوع الديمغرافي في الولايات المتحدة".

وسبق لرسول أيضا أن أدلى بمواقف غاضبة حيال حكومة الاحتلال الإسرائيلي على خلفية حرب الإبادة التي تشنها ضد الشعب الفلسطيني في قطاع غزة.

مقالات مشابهة

  • واشنطن تطرد سفير جنوب أفريقيا.. والأخيرة ترد!
  • واشنطن تطرد سفير جنوب أفريقيا.. وبريتوريا: إجراء مؤسف
  • مركز الملك سلمان للإغاثة يوزّع 450 سلة غذائية في مدينة جوهانسبرغ بجمهورية جنوب أفريقيا
  • واشنطن تطرد سفير جنوب أفريقيا لأنه يكره ترامب.. كيف ردت بريتوريا؟
  • جنوب أفريقيا: طرد واشنطن لـ سفيرنا أمر مؤسف
  • قرار مفاجئ.. وزير الخارجية الأمريكي يعلن طرد سفير جنوب أفريقيا
  • توتر متصاعد.. أمريكا تطرد سفير جنوب أفريقيا: "يكره ترامب"
  • سفير جنوب أفريقيا "ليس موضع ترحيب" في أميركا
  • جنوب أفريقيا تدخل سباق صناعة السيارات الكهربائية
  • “العدل الدولية” تعقد جلسات استماع الشهر المقبل بشأن التزامات الاحتلال تجاه الفلسطينيين