خريطة التطرف والإرهاب في العام الجديد.. العراق يتتبع أوكار «داعش» بصحراء الثرثار.. سياسات الغرب في مأزق العدوان الإسرائيلي على غزة
تاريخ النشر: 5th, January 2024 GMT
مع بداية العام الميلادى الجديد، يضع المراقبون والمحللون تصوراتهم لشكل خريطة التطرف والإرهاب حول العالم، ما بين مناطق ينحسر فيها المد الإرهابي، وتتقلص فيه عمليات التنظيمات الإرهابية نتيجة اليقظة الأمنية والملاحقات المستمرة وعمليات التفتيش والتطهير المتتابعة كما يحدث فى العراق.
ينفذ العراق عمليات أمنية لتتبع عصابات تنظيم داعش الإرهابى فى المناطق الجغرافية الوعرة مثل الجبال والصحاري، ومؤخرا كانت صحراء الثرثار الواقعة على حدود محافظة صلاح الدين، لها نصيب وافر من عمليات الفحص والتفتيش التى أسفرت عن ضبط أوكار وتجهيزات ومعدات وأسلحة خاصة بالتنظيم الإرهابي.
ومناطق أخرى تتمدد فيها التنظيمات الإرهابية وتجد متسعًا من الملاذات الآمنة لإعادة التموضع والتمركز والتخطيط لشن هجمات جديدة باستمرار، كما يحدث فى مناطق دول الساحل الأفريقي، والتى انسحبت منها فرنسا وأخلت قواعدها العسكرية هناك، معلنة بلك انتهاء نفوذها العسكري، وتقلص نفوذها السياسي، وبالتبعية تآكل نفوذها الاقتصادي.
فى المقابل تسعى دول جوار مثل المغرب بالتنسيق اقتصاديا مع دول النيجر بوركينا فاسو ومالى وتشاد من أجل ضمان النفاذ لهذه الدول إلى المحيط الأطلسى مستخدمة البُنى التحتية للمغرب مثل الطرق والسكك الحديدية والموانئ، من أجل شراكة تهدف لازدهار أفريقى بحسب مبادرة دولية أطلقها ملك المغرب محمد السادس.
بينما تستغل دول لبسط نفوذها خلفا للهيمنة الغربية الراحلة، مثل روسيا التى تسمح لشركة فاجنر العسكرية بتمدد تنسيقها مع دول الساحل هذه التى طردت الوجود الفرنسى من أراضيها.
فى السياق ذاته، أصدر المركز الأوروبى لدراسات مكافحة الإرهاب بألمانيا، دراسة بعنوان (مكافحة الإرهاب: قراءة استشرافية فى اتجاهات الإرهاب دوليا لعام ٢٠٢٤) أعدها رئيس المركز الخبير الأمنى الدكتور جاسم محمد.
بدأ "جاسم" قراءته بتخوفات الدول الأوروبية من استمرار الحرب فى غزة، خاصة وأن العدوان المستمر من إسرائيل على غزة يثير بعض الجماعات لشن هجمات ضد أهداف فى دول أوروبا. وكانت مفوضة الشئون الداخلية فى الاتحاد الأوروبي، يلفا يوهانسون، أنه "مع الحرب الدائرة بين إسرائيل وحماس، والاستقطاب الذى تسببه فى مجتمعاتنا، ومع قرب حلول فترة العطل، هناك مخاطر وقوع هجمات إرهابية فى الاتحاد الأوروبى هائلة".
وأشار إلى حادث طعن وقع فى باريس على يد متطرف فرنسى من أصل إيراني، حيث تم القبض على ٧ أفراد فى مختلف أنحاء الدنمارك، وألمانيا، وهولندا بتهمة التخطيط لهجمات إرهابية ضد مؤسسات يهودية فى أوروبا.
ورغم المخاوف الأوروبية من تصاعد الهجمات ضد المواطنين ومن خلال عمليات صغيرة تعتمد فكرة "الذئاب المنفردة" ومسببة نوعا من الذعر، فإن ثقل الإرهاب سيكون مركزا فى أماكن أخرى، وهى القارة الأفريقية، التى يجد فيها التنظيم من حيث الهيكل والقادة والعناصر المجندة ملاذا متاحا لحالة الضعف الأمنى المسيطرة على عدد من البلاد الأفريقي.
تنظيمات فى أفريقيا
يرى رئيس المركز، أنه من المرجح أن يظل مركز ثقل الإرهاب فى المستقبل القريب هو منطقة الساحل فى أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى. وتعانى منطقة الساحل من الحدود التى يسهل اختراقها وقوات الأمن الضعيفة والمجالس العسكرية غير الشرعية. فى جميع أنحاء هذه المنطقة، ستواصل الجماعات "الجهادية"، بما فى ذلك جماعة نصرة الإسلام والمسلمين، وولاية الساحل الإسلامية، وتنظيم داعش فى غرب أفريقيا، مستغلة الدول الفاشلة والمساحات غير الخاضعة للحكم.
وأضاف "جاسم"، أنه لا تزال جماعة نصرة الإسلام والمسلمين من بين أقوى الجماعات المرتبطة بتنظيم القاعدة وتتطلع إلى توسيع عملياتها من منطقة الساحل إلى غرب أفريقيا الساحلية. ومع ذلك، على مستوى العالم، فإن بعض محللى مكافحة الإرهاب متفائلون بشأن الزوال الوشيك للتنظيم.
وفى مقال بمجلة فورين بوليسى فى يوليو٢٠٢٣، علق الباحث فى شئون الإرهاب دانييل بايمان على "تراجع قدرات التنظيم ونفوذه الأيديولوجي. وهناك آخرون، ليسوا على استعداد تام لكتابة نعى تنظيم القاعدة، نظرًا للمرونة التاريخية التى يتمتع بها التنظيم وميله إلى التجدد عندما ُيتاح له الملاذ فى الدول الفاشلة، كما حدث الآن مع حكومة طالبان فى أفغانستان.
شمال شرق سوريا
مع العام الجديد، يُضاف إلى منطقة الإدارة الذاتية للأكراد فى شمال وشرق سوريا عبئا جديدا وهو استهداف القواعد العسكرية الأمريكية فى المنطقة عقب بداية العدوان الإسرائيلى على غزة، مدعومًا بقوة من واشنطن، وهو ما جعل الولايات المتحدة تزيد من يقظتها الأمنية هناك، وتعمل على زيادة التسليح والمعدات، وإجراء تدريبات أمنية مع الشركاء المحليين مثل قوات سوريا الديمقراطية، كما أنها تدرس زيادها قواعده العسكرية، وهو ما استجد مؤخرا.
ومع ذلك، تدخل المنطقة إلى العام الجديد محملة بملفات العام الماضى دون أن تحل، مثل ضرورة تفكيك مخيم الهول الذى يأوى عائلات تنظيم داعش الإرهابي، وكان يضم نحو ٦٥ ألف شخص، لكن العدد انخفض فى السنوات الماضية ليصل هذا العام إلى ما يزيد على ٤٥ ألف نسمة، نصفهم تقريبا من الجنسية العراقية، وأقل من النصف من ذوى الجنسية السورية، إلى جانب نساء وأطفال من جنسيات أفريقية وأوروبية وغير ذلك.
وفى دراسة المركز الأوروبى للتطرف، فإن هناك قضايا لم يتم حلها بشأن مرافق الاحتجاز ومعسكرات الأسرى فى جميع أنحاء شمال شرق سوريا، بما فى ذلك مخيم الهول، الذى وُصف بأنه حاضنة للتطرف. تعتبر هذه المعسكرات أيضا أهدافًا محتملة للهروب من سجون داعش، وهو هاجس طويل الأمد يعود تاريخه إلى حملة "تحطيم الجدران" التى أطلقها التنظيم.
لقد تراجعت هجمات تنظيم داعش بشكل كبير، لكن قادته يعملون على تطبيق حكم الظل فى جميع أنحاء شرق سوريا، مما يضع الجماعة فى وضع يسمح لها بالعودة فى المستقبل إذا أصبحت الظروف أكثر ملاءمة. تحتفظ الولايات المتحدة بحوالى ٩٠٠ جندى من قوات العمليات الخاصة فى سوريا، مما يحافظ على خط المواجهة ضد كل من تنظيم الدولة الإسلامية ونفوذ إيران المتزايد.
تحذيرات ضرورية
أشارت قراءة مؤشرات الإرهاب فى العام الجديد والتى قام بها المركز الأوروبى لدراسات مكافحة الإرهاب بألمانيا، إلى عدد من التحذيرات الضرورية الواجب الانتباه إليها، أولها موقف وسياسة الدول الأوروبية، حيث "بات ضروريا أن تراجع دول أوروبا مواقفها وسياساتها الخارجية والداخلية، تلك السياسات التى تعمل على احتقان الشارع الأوروبي، والاستمرار بتعزيز سياسات منع الكراهية ومنع التطرف والإرهاب، وان تستثمر دول أوروبا نجاحاتها خلال السنوات الماضية. وبات ضروريا أن يكون هناك فصل ما بين التطرف وحرية التعبير عن الرأي".
وفيما يخص الأحداث فى غزة، أكد المركز أن هناك حاجة ملحة لإيجاد حل سياسى إلى الصراع الفلسطينى الإسرائيلي، من خلال العودة إلى اتفاقات أوسلو والعودة إلى حل إقامة الدولتين، الدولة الفلسطينية عاصمتها القدس وحدودها عام ١٩٦٧، وذلك من خلال تفعيل قرارات مجلس الأمن ذات العلاقة، بالتوازى مع حملة إعلامية تكشف مخاطر اليمين المتطرف فى إسرائيل.
وحول تمدد الإرهاب فى أفريقيا، شرح المركز أن القارة الأفريقية هى الأخطر، ويعود ذلك إلى الجغرافية وأسباب نشر التطرف والإرهاب، أبرزها عدم وجود الحكم الرشيد، وأنظمة سياسية غير مستقرة، والكوارث الطبيعية وسياسات حكومية ناقصة. وهذا يعنى أن معالجة التطرف والإرهاب فى أفريقيا هو الأصعب خلال عام ٢٠٢٤، وستكون له تداعيات كبيرة على الأمن الإقليمى والأمن الدولي، بسبب النزوح والهجرة والعنصرية.
المصدر: البوابة نيوز
كلمات دلالية: دول الساحل الأفريقي التنظيمات الإرهابية
إقرأ أيضاً:
إيكونوميست: خطة رواندا المتهورة لإعادة رسم خريطة أفريقيا
نشرت مجلة إيكونوميست البريطانية تقريرا عن مآلات الصراع في جمهورية الكونغو الديمقراطية بعد استيلاء "حركة 23 مارس"، يوم الاثنين، على مدينة غوما عاصمة إقليم شمال كيفو شرقي البلاد.
واعتبر التقرير أن الاستيلاء على غوما يمثل تتويجا لأكثر من عامين من العنف المتجدد الذي تشنه هذه الحركة، مما يشي بمدى ضعف الدولة الكونغولية.
اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2صحف إسرائيلية تكشف تفاصيل عن قضية التجسس في الجيش لصالح إيرانlist 2 of 2واشنطن بوست: ترامب يهدد دولة تلو الأخرى بالأسلحة الاقتصادية الأميركيةend of listووفق إيكونوميست، فلطالما كانت مدينة غوما ملاذا للفارين من جحيم العنف في أماكن أخرى من البلاد، التي تعد واحدة من أكثر مناطق العالم الغارقة في الدماء، حيث تتبارى أكثر من 100 جماعة مسلحة على الاستيلاء على الأراضي والنهب والنفوذ السياسي.
تطور مقلقووصفت المجلة التطور الأخير بأنه مؤشر مقلق ينبئ بأن رواندا، "راعية حركة 23 مارس"، ربما تتأهب لاستخدام قوتها في إعادة رسم خريطة المنطقة، وبذلك تخاطر بحرب أفريقية كارثية أخرى.
وتعود جذور الأحداث في غوما -بحسب التقرير- إلى عقود مضت، فبين عامي 1996 و2003، تصارعت رواندا وقوى إقليمية أخرى على الغنائم التي خلّفها نظام الرئيس موبوتو سيسي سيكو، الذي حكم الكونغو خلال الفترة من عام 1965 حتى عام 1997، وقام بتغيير اسمها إلى زائير.
وتزعم رواندا أن لها مصلحة في شرق الكونغو وهي استئصال فلول أولئك الذين فروا منها بعد ارتكابهم الإبادة الجماعية في عام 1994، وحماية التوتسي، القبيلة التي تعرضت لعمليات إبادة جماعية.
إعلان
أسباب أخرى
لكن المجلة تقول إن رواندا لطالما اتُّهمت بالاستعانة بوكلاء لها لأسباب أخرى أيضا، مثل نهب ثروات الكونغو المعدنية وجذب المنطقة إلى دائرة نفوذها.
وأفادت بأن أهم وكلاء رواندا في المنطقة هي حركة 23 مارس، التي أخذت اسمها من اتفاق سلام "في حالة احتضار" تم توقيعه في 23 مارس/آذار 2009، بين جماعة سابقة بقيادة التوتسي والحكومة الكونغولية. وفي عام 2012 استولت حركة 23 مارس على غوما لفترة وجيزة للمرة الأولى قبل أن تهزمها قوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة.
ثم عادت الجماعة المتمردة للظهور مرة أخرى في أواخر عام 2022 بعد محاولة الرئيس الكونغولي فيليكس تشيسيكيدي، رئيس الكونغو الديمقراطية، إعادة تشكيل التحالفات الإقليمية بطرق كان من شأنها أن تؤدي إلى تهميش رواندا.
ارتكاب فظائعوتشير المجلة، في تقريرها، إلى أن فظائع عدة ارتكبت على مدار العامين الماضيين، من بينها الاغتصاب والقتل الجماعي، فيما كانت الحركة المتمردة تستولي على أراض في جميع أنحاء كيفو الشمالية.
وعلى الرغم من أن رواندا ظلت تنفي دعمها لحركة 23 مارس، فإن تقريرا للأمم المتحدة وجد في عام 2022 "أدلة قوية" تثبت مشاركة قوات رواندية في القتال إلى جانب الجماعة المسلحة، التي استخدمت صواريخ أرض-جو ومركبات مدرعة مما يدل على أنها أشبه بفرقة من الجيش الرواندي أكثر من كونها مليشيا سيئة السمعة، حسب قول المجلة البريطانية.
وتقول إيكونوميست إن سقوط غوما يؤكد على فشل الرئيس تشيسيكيدي، الذي تعهد عند توليه منصبه في عام 2019، بإحلال السلام والنظام في شرق الكونغو. وقد انهارت آخر محاولة لمحادثات السلام التي كانت تهدف إلى وقف تقدم حركة 23 مارس، والتي توسطت فيها أنغولا، في ديسمبر/كانون الأول الماضي.
وتصف المجلة الجيش الكونغولي بأنه فاسد وغير كفء، مشيرة إلى أن جنوده ظهروا بعد انهيار معظم خطوطهم الدفاعية، وهم يتجولون بسيارات الجيب في وسط المدينة بحثا عن مخرج.
إعلان