نيويورك تايمز: التصدى لتهديدات الحوثيين ومعضلة تصعيد الأزمة
تاريخ النشر: 5th, January 2024 GMT
هناك تأثير واضح لما يحدث فى غزة على الملاحة فى البحر الأحمر ومنطقة باب المندب، وذلك بعد ما أعلنت جماعة الحوثي، أنها تدعم حركة حماس، وقالت إنها تستهدف السفن المتوجهة إلى جيش الاحتلال الإسرائيلي، ونفذت بالفعل أكثر من ١٠٠ هجوم بطائرات بدون طيار وصواريخ، وتشكل هجمات الحوثيين على السفن التجارية تهديد لحقوق وحريات الملاحة فى البحر الأحمر.
وقالت صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية إن البنتاجون يضغط على إدارة بايدن للتحرك ضد الحوثيين فى اليمن، وإنه عرض خططا لمهاجمة مصانع ومستودعات الأسلحة والذخيرة العسكرية، بما فى ذلك الزوارق القتالية، وبعد حادثة استهداف سفينة حاويات "ميرسك" تزايدة احتمالات وقوع هجوم أمريكى على الحوثيين فى اليمن، رغم تحفظات الرئيس جو بايدن وكبار المسئولين الحكوميين.
٤٤ دولة تحذر الحوثيين من هجمات البحر الأحمر
أصدرت أكثر من ٤٤ دولة، بيانًا مشتركًا تحذر فيه جماعة الحوثى من شن المزيد من الهجمات فى البحر الأحمر؛ مؤكدة أن هذه الهجمات تشكل تهديدًا مباشرًا لحرية الملاحة وتشكل خطرًا على الاقتصاد العالمي.
وشدد البيان على أن هجمات الحوثيين المستمرة فى البحر الأحمر "غير قانونية وغير مقبولة"؛ وتؤدى إلى "زعزعة الاستقرار"، وشدد على سرعة الإفراج عن السفن المحتجزة بأطقمها.
وأكد البيان أن الهجمات على السفن بما فى ذلك التجارية باستخدام الطائرات بدون طيار والقوارب الصغيرة والصواريخ، بما فى ذلك استخدام الصواريخ الباليستية المضادة للسفن ضد هذه السفن لأول مرة، تشكل تهديدًا مباشرًا لحرية الملاحة التى تعد بمثابة حجر الأساس للتجارة العالمية فى واحد من الممرات المائية الأكثر أهمية فى العالم. وأشار البيان إلى أن ما يقرب من ١٥٪ من حجم التجارة العالمية المنقولة بحرًا يمر عبر البحر الأحمر، بما فى ذلك ٨٪ من تجارة الحبوب العالمية، و١٢٪ من تجارة النفط المنقولة بحرًا، و٨٪ من تجارة الغاز الطبيعى المسال فى العالم.
ولفت إلى أن شركات الشحن الدولية تواصل إعادة توجيه سفنها حول رأس الرجاء الصالح؛ مما يضيف تكلفة كبيرة وأسابيع من التأخير فى تسليم البضائع؛ وهو ما يؤدى فى نهاية المطاف إلى تعريض حركة الغذاء والوقود والمساعدات الإنسانية الحيوية فى جميع أنحاء العالم للخطر. وأكدت الدول الموقعة على البيان فى الختام أنها ستظل ملتزمة بالنظام الدولى القائم على القواعد، ومصممة على محاسبة الجهات الفاعلة "الخبيثة" عن عمليات الاستيلاء والهجمات "غير القانونية".
وجاء بيان الدول الموقعة على البيان ردا على تصعيد جماعة الحوثى لهجماتها فى البحر الأحمر، حيث شنت الجماعة فى الأسابيع الأخيرة عدة هجمات على سفن تجارية، كما استولت على سفينة شحن إماراتية.
الولايات المتحدة وبريطانيا وحلفاؤهما يواجهون معضلة فى اليمن
تواجه الولايات المتحدة وبريطانيا وحلفائهما خيارًا صعبًا فى اليمن، حيث يضغطون على جماعة الحوثى المدعومة من إيران للتوقف عن استهداف السفن التجارية فى البحر الأحمر، لكنهم يخشون من أن يؤدى استهداف مواقع إطلاق الصواريخ التابعة للحوثيين إلى تصعيد الأزمة بشكل خطير، وهو ما قد يؤدى إلى ردة فعل إيرانية قوية.
وذكرت صحيفة التلغراف البريطانية، أن لندن لن تتردد فى اتخاذ مزيد من الإجراءات لردع التهديدات التى تتعرض لها حرية الملاحة فى البحر الأحمر.
وقال وزير الدفاع البريطانى غرانت شابس إن بلاده مصممة على محاسبة القائمين بعمليات الاستيلاء والهجمات غير القانونية بالبحر الأحمر، فى إشارة إلى الحوثيين.
وزعم أن هجمات الحوثيين أدت إلى زعزعة استقرار المنطقة، وأن استمرارها فى البحر الأحمر يحمل فى طياته خطر التصعيد الذى قد يؤدى إلى صراع على مستوى المنطقة.
وأعلنت إيران دخول إحدى مدمراتها البحر الأحمر عبر مضيق باب المندب، فى أعقاب تصاعد التوتر بين القوات الأمريكية والحوثيين المدعومين من طهران. ووفق وكالة تسنيم الإيرانية، دخلت "المدمرة آلبرز" فى إطار المجموعة الأربعة والتسعين التابعة لبحرية الجيش الإيراني، دخلت البحر الأحمر عبر مضيق باب المندب.
وتأتى دخول المدمرة الإيرانية فى البحر الأحمر فى وقت تشهد فيه المنطقة تصاعدا فى التوتر، حيث تسعى الولايات المتحدة والدول الغربية لردع الحوثيين، بينما تسعى إيران لدعمهم.
الآثار المباشرة لتهديدات البحر الأحمر .. رفع تكلفة الشحن بنسبة ١٠٪
يرى مراقبون أن استمرار الهجمات الحوثية فى البحر الأحمر قد يؤدى إلى تفاقم أزمة سلاسل الإمدادات العالمية، التى تعانى بالفعل من ارتفاع التكاليف ونقص العمالة.
دفع هذا التصعيد فى الهجمات شركات الشحن إلى تغيير مسار سفنها حول رأس الرجاء الصالح، وأدى إلى زيادة تكلفة الشحن ووقت الرحلة.
وقال الخبير الاقتصادى زيد البرزنجي، إن تهديدات جماعة الحوثى فى البحر الأحمر أدت إلى ارتفاع تكلفة الشحن بنسبة ١٠٪.
المصدر: البوابة نيوز
كلمات دلالية: الحوثيين البحر الاحمر فى البحر الأحمر بما فى ذلک
إقرأ أيضاً:
معهد أمريكي يُحذّر من الأثر البيئي لحملة الحوثيين ضد الشحن بالبحر الأحمر (ترجمة خاصة)
اعتبر معهد دول الخليج العربية في واشنطن (agsiw) اعتداءات الحوثيين على حركة الملاحة في البحر الأحمر أعمال متعمدة لتلويث البحر وتدمير البيئة.
وقال المعهد في تحليل ترجمه للعربية "الموقع بوست" إنه "في حين تصدرت الاعتبارات الأمنية والاقتصادية استراتيجيات الولايات المتحدة وأوروبا لمواجهة الحوثيين، فإن الاستهداف المتعمد للسفن التجارية من قبل الحوثيين يمثل تهديداً بيئياً غير مسبوق للبحر الأحمر وخليج عدن".
وحذر المعهد من مخاطر التلوث البيئي في البحر الأحمر جراء استهداف الحوثيين سفن النفط الخام. وقال إن "هجمات الحوثيين على حركة النقل البحري تعد أعمالًا متعمدة لتلويث البيئة البحرية، حيث يستخدمون ناقلات النفط وناقلات البضائع السائبة كسلاح لتحقيق أجندتهم السياسية والعسكرية.
نظام بيئي هش
وحسب التحليل فإن البحر الأحمر يعد منطقة بحرية ذات خصائص محيطية وبيئية فريدة. يمتد البحر الأحمر لمسافة 1200 ميل تقريبًا بين ممرين ضيقين - قناة السويس شمالًا ومضيق باب المندب جنوبًا. يُشكّل عمقه الكبير وموسمي الرياح الموسمية في المنطقة نمطًا مثاليًا لدوران المياه. تُوفّر درجة حرارة سطح البحر الأحمر الدافئة، إلى جانب ارتفاع ملوحته، بيئة مثالية لمئات من أشكال الحياة المائية ومجموعة واسعة من الموائل.
وفق التحليل تُعدّ الشعاب المرجانية في المنطقة، التي تضم حوالي 1200 نوع من الأسماك وأكثر من 350 نوعًا من المرجان، من أغنى النظم البيئية البحرية في العالم وأكثرها مرونة في مواجهة تغير المناخ. بالإضافة إلى ذلك، يُولّد التنوع البيولوجي البحري الكبير في البحر الأحمر تدفقات إيرادات بملايين الدولارات لقطاعي السياحة وصيد الأسماك في الدول الساحلية. غالبًا ما تُغفل موائل البحر الأحمر، مثل المروج البحرية وبحيرات المانغروف والمستنقعات المالحة، وهي بالغة الأهمية للرفاهية الاجتماعية والاقتصادية للمجتمعات المحلية، إذ تُسهم في عزل الكربون، ومكافحة تآكل السواحل، وتعزيز الحفاظ على التنوع البيولوجي.
ومع ذلك، فإن التوسع الحضري السريع للمناطق الساحلية، والصيد الجائر، وتلوث حركة المرور البحرية، تُهدد بشدة هذه الموائل الهشة. وبينما يدعم نمط دوران المياه الفريد في البحر الأحمر بيئة بحرية صحية وحياة مائية غنية، إلا أنه قد يُصبح فخًا مميتًا في حالة المخاطر البيئية. وفق التحليل
الحوثيون كمجرمين بيئيين
"في 18 فبراير/شباط 2024، أصاب صاروخ باليستي حوثي مضاد للسفن ناقلة البضائع السائبة "إم في روبيمار" التي ترفع علم بليز، مما تسبب في بقعة نفطية بطول 18 ميلًا. أدت مخاطر انفجار حمولة السفينة وهجمات الحوثيين على عمليات القطر إلى تأخير مهام الإنقاذ. يقول التحليل.
وأشار المعهد الأمريكي إلى أنه وبعد اثني عشر يومًا، غرقت السفينة قبالة ساحل المخا. وتُشكل سفينة البضائع السائبة الغارقة، التي ترسو على عمق حوالي 330 قدمًا، تهديدًا بيئيًا مزدوجًا. أولًا، غرقت وهي تحمل حوالي 200 طن من زيت الوقود الثقيل و80 طنًا من الديزل البحري.
وأوضح أن بقع الزيت تشكل تهديدات متتالية للمجتمعات الساحلية والحياة البرية المائية والنظم البيئية شديدة الحساسية، مثل جزر فرسان اليمنية وأرخبيل دهلك الإريتري. ثانيًا، كانت السفينة تنقل حوالي 22000 طن متري من سماد كبريتات فوسفات الأمونيوم. وعلى الرغم من أن عنابر الشحن لا تزال مغلقة، فإن تسربًا هائلاً من الأسمدة إلى مياه البحر الأحمر من شأنه أن يُسبب ازدهارًا واسع النطاق للطحالب مع عواقب وخيمة على النظام البيئي بأكمله، بما في ذلك نفوق الأسماك على نطاق واسع وتلوث مياه البحر.
يضيف التحليل "دفع التخريب الحوثي لناقلة النفط المسجلة في اليونان "إم تي سونيون" البحر الأحمر إلى شفا كارثة بيئية على مستوى المنطقة. بعد مهاجمة ناقلة النفط في 21 أغسطس 2024، فجّر الحوثيون شحنات ناسفة فوق فتحات خزانات النفط الخاصة بالسفينة مرتين، مما تسبب في عدة حرائق، لكنهم فشلوا في إحداث أي خرق إضافي لهيكل السفينة.
ومع ذلك، ومع ارتفاع درجة حرارة النيران في هيكل السفينة، وفق التحليل خرج النفط الخام من خزانات الشحن عبر أنظمة التهوية على شكل أبخرة زيتية شديدة الاشتعال، مما أدى إلى تأجيج الحرائق وتسبب في تسربات نفطية محدودة بالقرب من خط مياه السفينة. بعد ترك السفينة مشتعلة لأكثر من أربعة أسابيع، سمح الحوثيون لعملية "أسبيدس" التابعة للاتحاد الأوروبي ببدء عملية إنقاذ، والتي نجحت في محاولتها الثانية في سحب "سونيون" إلى مياه آمنة. لو اخترق الحوثيون هيكل السفينة المزدوج، متسببين في تسرب 150 ألف طن من النفط الخام على متنها، لكانوا قد تسببوا في خامس أكبر تسرب نفطي في التاريخ.
وتابع "على الرغم من أن الحوثيين وافقوا في النهاية على عملية الإنقاذ التي قادها الاتحاد الأوروبي، إلا أنهم سعوا عمدًا إلى التسبب في كارثة بيئية. تُعدّ هجمات الحوثيين على حركة النقل البحري أعمالًا متعمدة لتلويث البيئة البحرية، حيث يستخدمون ناقلات النفط وناقلات البضائع السائبة كسلاح لتحقيق أجندتهم السياسية والعسكرية".
درس ناقلة النفط صافر
وزاد معهد دول الخليج العربية في واشنطن (agsiw) "في حين أن نطاق ووتيرة الهجوم البحري الحوثي الأخير غير مسبوقين، فقد حوّل الحوثيون مياه البحر الأحمر مرارًا وتكرارًا إلى ساحة معركة من خلال استهداف البنية التحتية للطاقة الساحلية السعودية والسفن التجارية.
وقال إن استخدام ناقلة النفط صافر كسلاح يعد مثالًا بارزًا على استخدام الحوثيين لخطر الكوارث البيئية كورقة مساومة لتحقيق غايات استراتيجية.
تهديد وشيك
واستطرد "على الرغم من عدم وقوع كارثة بيئية واسعة النطاق حتى الآن، إلا أن أي هجمات حوثية مستقبلية تحمل في طياتها خطرًا كبيرًا يتمثل في إحداث تلوث شامل، مما قد يُلحق أضرارًا لا رجعة فيها بمنطقة البحر الأحمر".
ورجح التحليل أن يواصل الحوثيون استغلال حركة الملاحة البحرية لأغراضهم الخاصة طالما أن ذلك يخدم أجندتهم.
وطبقا للمعهد فإن عمليات الإنقاذ وجهود التنظيف تستغرق وقتًا طويلاً وتكلف الكثير، كما أن الدول المطلة على البحر الأحمر غير مجهزة بما يكفي لتقديم استجابات كافية وسريعة للكوارث البيئية وحدها.
ودعا معهد دول الخليج العربية في واشنطن (agsiw) المجتمع الدولي إلى تكثيف الجهود المشتركة لتعزيز قدرات دول المنطقة على الاستجابة للكوارث والتخفيف من آثارها واستعادة النظم البيئية.
وقال "على سبيل المثال، يمكن للدول الغربية دعم عمل "بيرسجا"، المنظمة الإقليمية لحفظ بيئة البحر الأحمر وخليج عدن، وهي منظمة حكومية دولية تُركز على الحفاظ على الحياة البحرية، وتضم جميع الدول المطلة على البحر الأحمر باستثناء إسرائيل. منذ عام 1995، تُعدّ "بيرسجا" منطلقًا لجهود الحفاظ على البيئة البحرية الإقليمية من خلال إدارة مشاريع مشتركة لحماية البيئة البحرية والساحلية، وتنظيم دورات تدريبية وورش عمل".