بوابة الوفد:
2024-12-18@04:21:46 GMT

رؤية مصر الثاقبة أمام الإدارة الأمريكية

تاريخ النشر: 5th, January 2024 GMT

ما زالت مصر تؤدى دوراً بارعاً بشأن الحرب الإسرائيلية الغاشمة على غزة، والعالم كله بلا استثناء يقف مشدوهاً أمام هذا الدور العظيم، والثوابت المصرية فى القضية الفلسطينية لا يمكن أن تتغير، ولا أكون مبالغاً فى القول إذا قلت إن المجتمع الدولى وعلى رأسه الولايات المتحدة الأمريكية، بدأ يتراجع قليلاً عن مواقفه المتشددة تجاه القضية الفلسطينية، رغم الجرائم البشعة التى تقوم بها إسرائيل حتى كتابة هذه السطور، وتعد مصر الدولة الوحيدة التى تصر إصراراً شديداً على عودة الحقوق الفلسطينية طبقاً للشرعية الدولية، وإيمانها القوى بضرورة إقامة الدولة الفلسطينية.

على مدار الأيام الماضية التقى الرئيس عبدالفتاح السيسى مع عدد من وفود العالم بشأن التباحث فى وقف الحرب الإسرائيلية الغاشمة. وعلى رأس هذه الوفود مبعوثون أمريكيون من الإدارة الأمريكية ومجلس الشيوخ والنواب. ووجه الرئيس إلى أمريكا ست رسائل بالغة الأهمية، وهى تعبر تعبيراً صادقاً عن الرؤية المصرية منذ اندلاع الحرب فى 7 أكتوبر الماضى. هذه الرسائل المصرية البالغة الأهمية يجب على المجتمع الدولى وعلى رأسه أمريكا الامتثال لها، والضغط بها على إسرائيل لتنفيذها، حتى يعود الاستقرار الكامل للمنطقة، بدلاً من شبح الحرب الذى يخيم عليها، والقضاء على التوتر السائد فى منطقة البحر الأحمر الذى ينذر بكارثة بشعة ليس فقط على الشرق الأوسط، وإنما على دول العالم أجمع.

الرسائل المصرية إلى أمريكا تتضمن ضرورة وقف الحرب الإسرائيلية التى تتم من خلال إبادة كاملة للشعب الفلسطينى سواء فى غزة أو الضفة الغربية، وهذه الحرب التى طالت تعرض خلالها الأشقاء الفلسطينيون إلى كل ويلات الجرائم من قتل وذبح وانتهاك للحرمات وخلافه مما يتعارض تماماً مع القانون الدولى الإنسانى. والرسالة الثانية تتلخص فى ضرورة تبادل الأسرى بين الجانبين الإسرائيلى والمقاومة الفلسطينية من خلال هدنة طويلة يعقبها وقف دائم لهذه الحرب البشعة.. والرسالة الثالثة هى الرفض الكامل لتهجير الفلسطينيين سواء من غزة إلى سيناء أو من الضفة الغربية إلى الأردن، أو إلى أية دولة فى العالم كما تريد إسرائيل، وكذلك الرفض التام لعمليات التطهير العرقى الذى تقوم به إسرائيل حالياً، بهدف تصفية القضية الفلسطينية. أما الرسالة الرابعة فهى ضرورة نفاذ المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة، وتأمين وصولها إلى الأشقاء بدون أن تتعرض لها قوات الاحتلال بالقصف أو خلافه من وسائل المنع المختلفة. والحقيقة فى هذا الشأن أن المساعدات المصرية للقطاع بلغت ما يعادل كل المساعدات التى تم إرسالها من العديد من الدول. إضافة إلى أن مصر حرصاً منها على الشعب الفلسطينى نجحت فى إقامة مخيم مؤخراً داخل خان يونس لإيواء الفلسطينيين الذين شردتهم الحرب البشعة.

أما الرسالة الخامسة فهى ضرورة إجراء تسوية عادلة وشاملة للقضية الفلسطينية، ووقف التعنت الإسرائيلى الذى يعرقل كل المفاوضات، ويكفى أن القاهرة نجحت فى توحيد صفوف الفصائل الفلسطينية مؤخراً، وتم الاتفاق على تشكيل حكومة وفاق وطنية تتحدث باسم الفلسطينيين، إلا أن الاحتلال لم يرقه هذا، وبعدها قامت بارتكاب جريمة اغتيال قيادى فى حماس مع رفاقه فى جنوب بيروت، بهدف تعطيل أية مفاوضات قد يتم إجراؤها وكل ذلك لمنع إقامة المباحثات الخاصة بالسلام.

أما الرسالة الأخيرة والمهمة فهى ضرورة إقامة الدولة الفلسطينية على حدود الرابع من يونيو 1967 وعاصمتها القدس الشرقية، فى إطار تفعيل حل الدولتين الفلسطينية والإسرائيلية.

هذه هى رؤية مصر الثاقبة تجاه الحرب والقضية الفلسطينية، وقد أعلنتها القاهرة من البداية ولن تتراجع عنها أبداً.

 

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: وجدى زين الدين الدكتور وجدى زين الدين رؤية مصر الثاقبة أمام الإدارة الأمريكية الحرب الإسرائيلية الغاشمة غزة القضية الفلسطينية الدولة الفلسطينية

إقرأ أيضاً:

عقد إمتحانات الشهادة الثانوية.. رؤية من منظور الحد من مخاطر الكوارث

كتب د. محمد عبد الحميد استاذ مادة الحد من مخاطر الكوارث بالجامعات السودانية

ربما يشكل فهم تناول عقد امتحانات الشهادة السودانية من منظور إدارة مخاطر الكوارث والحد منها لغير المختصين،  ذلك لأن عقد الإمتحانات قد تبدو من الوهلة الأولى قرار إداري تختص به الدوائر المعنية بالتعليم. في حين أن  عقد الإمتحانات في ظل حرب مشتعلة الأوار وبالكيفية التي تدور بها منذ أكثر من عام ونصف، يجعل مثل هذا القرار رهين وبأعلى درجة بأهل الإختصاص في إدارة مخاطر الكوارث والحد منها.

على عموم الأمر، تُصنف الحرب في علم ادارة مخاطر الكوارث كخطر كوارث من صنع الإنسان Man made Hazard، والمعروف في دراسات الحد من مخاطر الكوارث وإدارتها أن الأخطار من صنع الإنسان أشد فتكاً من الأخطار الطبيعية المتطرفة كالزلازل والأعاصير والفيضانات... فالحرب الدائرة الآن وبحسب توصيف قائد الجيش أنها (عبثية)، وهي بالفعل كذلك، ليست فقط من ناحية الدوافع والأهداف، وإنما من ناحية الإستهداف، فهي تتسم بشكل كبير بنوعٍ من العمه البصيرة Blindness وعدم التمييز بين المحاربين والمدنيين، وهي بهذا التوصيف تشكل بالنسبة للسكان مصدر للمخاطر لا يمكن التكيف معه.. ولفائدة القارئ فإنه يتوجب تعريف المخاطر Risks  فهي في علم دراسات الكوارث  (حالة غير يقينية تنبع من إحتمال أو خسائر اقتصادية، إجتماعية،  وبيئية قابلة للإدارة والتحكم يلعب فيها الإنسان دوراً حاسماً، في زمن محدد وهي ناتجة  عن  واحد او أكثر  من  خطر إضافة لعنصر القدرة ضفعاً وقوةً.)  ما يمكن إستخلاصه من التعريف أنها "إحتمالية"  وهي بذلك خاضعة لعملية تنبؤ بالتقييم وقراءة ما يمكن أن يحدث، والمخاطر بصفة عامة ليست ذاتية الوجود، بمعنى إنها لا تتحقق إلا بوجود خطر Hazard والخطر في هذه الحالة هو الحرب.. والمخاطر المرتبطة به هنا متعددة ومخيفة وعالية،  فهي تترواح بين الموت، فقدان المأوى، النزوح بكل ما يستبطن من عدم استقرار، فقد وسائل سبل كسب المعيشة، ودمار البنى التحتية. لذلك يمكن القول أن مخاطر الحرب الموجودة هي  عميقة وممتدة Intensive &  extensive بمعنى أنه حتى لو هرب المدنيون من دائرة الخطر ونزوحوا فكون حالهم نازحين يعتبر جزء من مخاطر الحرب، وكلما يستتبع ذلك من حالات عدم استقرار نفسي وإجتماعي واقتصادي وحتى أمني. هذا فضلاً عما تحدثه من مخاطر على  منشآتهم و بنياتهم التحتية كالمستشفيات والمدارس والمصانع والطرق والجسور والمطارات وكافة سبل المواصلات وسلاسل الإمداد... فالحرب في السودان فشلت في أن تبتعد عن المدنيين،  فهي في حالة عمه بصيرة عفوي و متعمّد، وصلت لمساكن المدنيين وطالت كل الأعيان التي تسهل حياتهم.. ولم تستطع أي جهة أن تضمن سلامة المدنيين وحمايتهم. فأكبر المخاطر المرتبطة بالحرب صارت القذائف العشوائية التي تتساقط على أسقف منازل المواطنين وتقتلهم أفراداً وجماعات.

خلاصة القول في هذا الجانب أن خطر الحرب وما ترتب عليها من مخاطر يبدو واقعاً معاشاً وأصبح جزء من حياة الناس اليومية وهم يعانون في نفس الوقت صعوبات حقيقية في التكيف مع هذا الواقع المؤلم.

مهما يكن من أمر، وبالنظر لقطاع التعليم من منظور إدارة مخاطر الكوارث يمكن تقرير أنه القطاع الوحيد الذي ينقطع تماماً أثناء الكوارث لا سيما الحروب، لأنه كقطاع حساس جداً للنزاعات المسلحة  لذلك جاء إعلان أوسلو في العام 2015 لتأكيد ضرورة استقراره وإبعاد مؤسساته - المدارس  والجامعات  - عن مجريات الحروب..  في هذا الصدد يمكن الزعم بأن سقوط دانة واحدة أو هجوم بطائرة مسيرة مثلاً  على أي مركز امتحانات من شأنه أن يحول عقد الإمتحانات لحالة حداد وطني يؤثر ليس فقط على نفسية الطلاب الممتحنين، بل على مجمل وجدان الأمة.. لذلك فإن قرار عقد الإمتحانات في هذا الظرف ومن منظور إدارة مخاطر الكوارث ينطوي على مخاطر غير مقبولة. ويصير بالتالي قراراً غير حكيم. هذا من الناحية الفنية من منظور علم إدارة مخاطر الكوارث... أما من الناحية السياسية فإن حدث بضخامة  عقد إمتحانات قومية يظل رهين بمستوى تفهم أطراف الحرب لأهمية الموضوع والتزامهم بضرورة وقف القتال أثناء سير الإمتحانات (هذا هو السبيل الوحيد لجعل المخاطر في أدنى مستوياتها) وتيسير كافة السبل اللازمة لجعل الطلاب مهيئين على مستوى التحصيل الأكاديمي ولديهم الإستعداد النفسي والذهني واللوجستي لخوض معمعة الامتحانات، ولكي يتم ذلك لابد أن تتوافر كافة الضمانات العسكرية والأخلاقية بضرورة تهيئة المناخ المواتي لعقد هذا الحدث.. ولتحقيق ذلك فإنه يظل من اللازم عقد تفاهمات بين الأطراف المتحاربة. بوقف إطلاق  النار أولاً ثم ضمان إشراك شركاء العملية التعليمية بمن فيهم المنظمات الأممية المعنية بهذا الأمر مثل اليونسيف  UNICEF ومنظمة انقذوا الأطفال    Save the Children ، واللجنة الدولية للصليب الأحمر ICRC وتفعيل التزام السودان من جانب المتحاربين بإعلان أوسلو 2015 والمعروف أيضاً ب (Safe School Declaration) الذي وقع عليه السودان.

يجب إعادة التأكيد أن إعلان عقد الإمتحانات في واقع كارثة الحرب ليس قراراً إدارياً تعليمياً،  أو يتوقف على تقرير عسكري بإمكانية تأمين الإمتحانات، بل هو قرار يُتخذ بعد عملية شاملة لتقييم المخاطر Risk assessment  لتحديد  مستوى المخاطر الناتجة عن خطر الحرب.

يمكن القول في المجمل أن السودان يمكن أن يقدم تجربة فريدة للعالم يتوافق فيها أطراف الحرب على وقف شامل لإطلاق النار مراقب دولياً يكون مدخلاً لممارسة رشيدة تجعل المخاطر في الحدود الدنيا تؤمن للطلاب أجواء مواتية للتحصيل والإمتحان. ولذويهم ضمانات على سلامة أبنائهم. وإلا ستكون الإمتحانات فرصة لفرد العضلات قد تنتهي بمأساة تتناثر فيها الأشلاء ويصعب أن تُلملم فيها الآثار النفسية في أغوار غضة يُرجى منها أن تبنى وطناُ أثخنتْ جراحاته الحربُ وغَوّرتها.

د. محمد عبد الحميد

wadrajab222@gmail.com  

مقالات مشابهة

  • العلاج فى مستشفيات الحكومة.. رحلة عذاب
  • فيش وتشبيه الرئيس السورى القادم!!
  • آثار أفغانستان.. كنوز حضارية دمرتها ثلاثة عقود من الحروب
  • هل عاد الزمن «العثمانلى»؟!
  • برلماني: القمة المصرية ـ الأردنية ترفض محاولات تصفية القضية الفلسطينية
  • النائب أيمن محسب: القمة المصرية ـ الأردنية تؤكد رفض أي محاولات لتصفية القضية الفلسطينية
  • «إقامة دبي»: تسهيلات ودعم إنساني لتصحيح أوضاع المخالفين
  • «إقامة دبي»: تسهيلات ودعم إنساني لتصحيح أوضاع المخالفين
  • السيسي والعاهل الأردني يشددان على إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة على خطوط 1967
  • عقد إمتحانات الشهادة الثانوية.. رؤية من منظور الحد من مخاطر الكوارث