كنت فيما مضى أتوقف كثيراً أمام الفواصل الزمنية لأتأمل ماذا حدث فى العام الذى غادر بحلوه ومراراته مقيِّماً ما جرى فيه من الأحداث لأعدد المكاسب والخسائر على كل المستويات وخاصة المحلية والدولية متسائلاً عن الآتى وكيف ستكون صورته؟! إلى أن كتبت فى عام 2000م كتابى «بين قرنين – معاً إلى الألفية السابعة» الذى لم يلقَ الاهتمام الذى كنت أتوقعه، وكذا كتبت بعد ذلك كتابى «ما بعد العولمة– قراءة فى مستقبل التفاعل الحضارى» عام 2003م، وحدث نفس الشىء، إذ على الرغم من غرابة العنوان باستحداثه مصطلحاً جديداً لم يكن أحد قد استخدمه من قبل للدلالة على أننا سننتقل من عصر العولمة بما فيه من هيمنة غربية وأمريكية على العالم إلى عصر متعدد الأقطاب ستئول السيادة فيه إلى أقطاب آخرين بقيادة شرق آسيا والصين تحديداً، إلا أن ردود الفعل جاءت أيضاً قليلة وخافتة ولم يلتفت القارئ العربى كالعادة إلى أهمية أن تكون لنا رؤية مستقبلية للأحداث! ومن ثم فقد تأكد لى أننا كعرب نعشق الماضى ونحب أن نستعيده ونحيا فيه إما للتغلب على مآسٍ ومشكلات الحاضر أو خوفاً من مواجهة المستقبل وتحدياته التى تتطلب تخطيطاً واستعدادات وإجراءات لسنا جاهزين لها وربما لا نرغب فى اتخاذ أى مواقف لم يشر علينا بها الآخر أو ربما قد تثيره فينغص علينا حياتنا المستقرة البائسة!! فنحن أمة «من فات قديمه تاه» و«ليس فى الامكان أبدع مما كان».
ومع ذلك فإننى لم أيأس ولم يصبنى الإحباط بعد لدرجة أننى حولت دفة تفكيرى كلها نحو المستقبل، وكم عقدنا فى الجمعية الفلسفية المصرية من ندوات ومؤتمرات عن «فلسفة المستقبل» كما جعلناها مقرراً دراسياً ضمن المخطط الدراسى لطلاب الدراسات العليا بالجامعة، وكتبت منذ عامين كتابى «مدخل إلى فلسفة المستقبل» الذى فوجئت أيضاً بأنه لقى الاهتمام من التليفزيون الفرنسى دون أن يلقى أى اهتمام من الدارسين أوالإعلاميين العرب والمصريين!..
وهنا وجدتنى بحق أمام السؤال الكبير: هل نحن بحق أمة لا تقرأ؟! هل نحن أمة كتب عليها التبعية والسير فى ركاب الأمم الأخرى؟! وإلى متى سنظل أمة رد الفعل بل ربما أمة «اللا فعل»؟!، إنه السؤال الذى أواجهه ولا أستطيع الإجابة عليه إجابة قاطعة حيث أننا فى واقع الحال أمام إجابتين متناقضتين؛ فمن جهة أجد واقعنا الحالى يؤكد أننا بالفعل أمة لا تقرأ! أمة عشقت الخضوع والاستكانة للآخر ومتابعته والتبعية له فى كل الأحوال! ومن جهة أخرى وبالنظر إلى ما تملكه أمتنا من إمكانيات مادية وروحية أجد أنه يمكننا فى أى لحظة أن نستيقظ من سباتنا العميق ونفيق من غفوتنا الحالية لنوقظ إرادتنا الحرة ونعيد امتلاك زمام المبادرة واستقلال القرار ونقرر السيطرة على مواردنا المادية والبشرية واستغلالها فى استعادة قدرتنا على الفعل بتوظيف كل الإمكانيات العربية لبناء القدرة المستقلة واستعادة الدور الحضارى المفقود، إننا نمتلك كل مقومات النهوض والتقدم كدول تتحدث لغة واحدة وتعيش على نفس البقعة المتصلة من الأرض التى تمثل موقعاً جغرافياً فريداً يتوسط العالم وهو يتميز بالثروات الطبيعية التى يصعب توافرها فى مكان آخر بالعالم من الأرض الخصبة والصحارى الواسعة والأنهار العذبة والبحار التى تزخر بالممرات المائية وثرواتها السمكية والمعدنية، والشواطئ الفريدة، إننا نمتلك التاريخ المشترك والعقيدة الدينية الوسطية المتمثلة فى الإسلام والمسيحية، كما أننا تحررنا من الاستعمار التقليدى ما عدا فلسطين التى قاربت أن تلفظ مستعمريها الصهاينة! ومن ثم فلا ينقصنا إلا إرادة سياسية قوية نحو توحيد الصف واستلهام تجربة الاتحاد الأوروبى كبديل لكياننا الهش المسمى بالجامعة العربية، وإننى لعلى يقين بأنه بمجرد إعلان هذا الكيان الوحدوى ووجود جيش عربى موحد والتنسيق العربى فى كل مجالات الحياة السياسية والاقتصادية والتعليمية والثقافية والفنية..إلخ سينقلب حالنا من الضعف إلى القوة، ومن التبعية إلى الاستقلال الحقيقى، ومن تسول الحماية من الآخرين والاعتماد عليهم إلى الاعتماد على الذات العربية القوية بعلمائها ومبدعيها وبزعمائها وقياداتها المدنية والعسكرية! إننا بحق فى لحظة تاريخية فارقة، فهل نعى متطلباتها وتحدياتها أم سنظل نبحث عن وسائل النجاة لدى من يريدون لنا الفناء والضياع؟! هذا هو سؤال بداية العام، فهل يحمل له هذا العام إجابة؟!!
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: عام جديد نحو المستقبل
إقرأ أيضاً:
«شمس الدين» يطوف المحافظات لزراعة «الكتان».. و«النتيجة مبهرة»
قطع أحمد شمس الدين مسافة تمتد لأكثر من 70 كيلو، حاملاً بيديه بذور الكتان التي انتوى أن ينقلها من محافظته «الغربية»، التى تعد الأشهر في زراعته، إلى محافظة الدقهلية، ليرى ثمار تجربته الجديدة بالمحصول الذى يصفه بـ«الاستراتيجي» لدخوله في عدد كبير من الصناعات المهمة من ضمنها أجزاء من السيارات والعملات الورقية.
رحلة إقناع نحو زراعة جديدة في الأراضي بالدقهليةشرع «شمس الدين» بالتجول داخل حقول الدقهلية لإقناع أهلها بتأجير بعض أراضيهم لاستخدامها في زراعة الكتان، وهو محصول جديد على المحافظة: «نجحت فى الحصول على ما يقارب الـ120 فداناً داخل مركز السنبلاوين بقرية ميت غريطة، وبدأت فى زراعتها منذ أشهر بسيطة، وبدأت الأرض في الاستجابة للمحصول الجديد وأخرجت بشائر النتاج الخاص بالمحصول».
زراعة الكتان في المحافظات...إنتاج وفير
ويحكى «شمس الدين» أنه اعتاد أن يتجول فى مختلف المحافظات من أجل زيادة رقعة الأراضى المزروعة من الكتان، الذى يعتبر محصولاً استراتيجياً مهماً فى محافظة الغربية، إذ يدخل فى صناعة أفضل أنواع الخيوط والأقمشة، مؤكداً أن العصا الخاصة بمحصول الكتان تدخل فى صناعة الأخشاب، وهو الخشب الحبيبى، الذى يعتبر من أفضل أنواع الأخشاب، لذا مع كل هذه الميزات والصناعات كان لا بد من زيادة المحصول والبحث عن أكبر عدد ممكن من الأراضي التى تستجيب لزراعة الكتان.
وساهم نجيب المحمدى، نقيب الفلاحين فى الدقهلية، بمساحات كبيرة من أرضه؛ من أجل مساندة نجاح الفكرة الجديدة على أراضي الدقهلية، ليخرج أكبر قدر ممكن من المحصول، ويقول إن الكتان من المحاصيل المهمة التى تدخل فى صناعة الأوراق والعملات المعدنية، لذا كان هناك تحدٍّ كبير أن تتم زراعته فى أرض أخرى خارج الغربية: «البشاير جاءت بالخير والنتيجة مبهرة حتى الوقت الحالى».
ويستعد «شمس الدين» من أجل حصاد الكتان بالدقهلية بداية من شهر مارس القادم حتى منتصف شهر أبريل.