«بدأت شمس المغيب فى الذوبان لتسقط صريعة اكتمالها بين خبيئة البنايات المتراصة لتصطبغ السماء بحمرة الياقوت فيزداد جمال الميدان أيضاً بفعل الأضواء بكل ارتعاشاتها وروعتها، اقتربت الأنثى المليحة واسمها الورد فى الخدود من الإسكافى، فلقد عرفته وسط كل هذا الحشد، فهى تكتب عنه منذ بضع سنوات: أهلاً بك يا عم معروف فى المحروسة نورت الميدان، كيف حال شهر زاد وشهريار، دمشق، بغداد، تدافعت الأسئلة، قال معروف: إنه جاء أولاً لحضور الرحلة الملكية إلى متحف مصر القديمة، ثم رمضان على الأعتاب وأهل مصر يعشقون حكايات ألف ليلة».
رأيت استهلال مقالى بجانب بديع الرؤية وبصياغة مشوقة ذات جرس جذاب عهدناها فى إصدارات الكاتبة الصحفية والأديبة الرائعة «سلمى قاسم جودة»، وهى سطور استهلالية لأحد مواضيع كتابها الأحدث «نشوة رواية الحياة» التى يستشعر القارئ مع محتواها أنها تكتب لتمارس متعة عملية الإبداع التى تشكل بها بنيان كتاباتها فى تكوينات إبداعية خاصة وصور درامية مثيرة وسرد فياض بالظلال الموحية والتراكيب الجمالية
ونعود لنستكمل مع الكاتبة كيف رأت فى تفاصيل الرحلة الملكية التاريخية جوانب من جماليات ورؤى إبداع كل من شاركوا فى إنتاج تلك الاحتفالية المصرية التاريخية لنقل مومياوات الفراعنة بما يليق بقدرهم وأدوارهم الحضارية غير المسبوقة والحصرية عبر تاريخ كل الدنيا مصر.
تذكر الكاتبة أنه بينما الهواء الليلى يزف موسيقى ونغم «هشام نزيه» وروعة قائد الأوركسترا «نادر عباسى» وموكب العظماء يعبر مخاطباً الخلايق فى أرجاء الكون الفسيح أن مهنة الإسكافى مرتبطة بأديم الأرض، بالتراب، لتذكرنا دوماً إننا إلى زوال مخلوقات فانية، أنت ترقع الزرابين، الأحذية الملتصقة بالغبار لننتبه أننا الزائرون نياماً، أو العابرون نياماً، ألا ننسى فى خضم تلك الزيارة المغوية أن نحرص على الحق، الخير والجمال أن نكتنز خبيئة القديم وزهوه الجديد.
«اعبدوا الحقيقة عبادة.. ليس ثمة ما هو أثمن ولا أجل منها فى الوجود.. اعبدوا واكفروا بأى شىء يتهددها بالفساد».. كلمات سطرها نجيب محفوظ، وتذكرنا بها الكاتبة وتؤكد أهميتها.. تردد.. نعم الحقيقة.. ما أجملها حتى لو أشرقت بما لا تشتهيه الأنفس ومن أجل الوصول إليها وجب علينا تحطيم كل (التابوهات).. تهشيم المحظورات والأصنام المتيبسة فهى المصباح المضىء الذى يعيد الوعى وينعش الذاكرة الخاملة وييسر ربط المقدمات بالنتائج، فبينما كان يعرض الجزء الثانى من (الجماعة) للكاتب الرائع والسيناريست المبدع صاحب الفكر المستنير وحيد حامد يتم الهجوم الشرس عليه لأنه قرر اقتحام الدائرة الشائكة، الملغومة للمقدسات السياسية فها هو وحيد حامد يظهر الزعيم جمال عبدالناصر ومعه بعض من الضباط الأحرار ينتمون فى بداياتهم إلى الإخوان، أو يعانون الهوى الإخوانى الخاص بزمن حسن البنا.. فما هى المشكلة، أو الكارثة؟ حدث التقارب مع ثورة 52، وبعدما وقع الصدام، اختلفت المصالح والرؤى ولم لا؟.. أفراد الأسرة الواحدة يقع بينهم الصدام، الفراق بل العداء، ولا يمكن الحجر على التاريخ إلى الأبد..
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: رؤية الكاتبة الصحفية
إقرأ أيضاً: