دمار مهول في غزة يسلط الضوء على الـ دوميسايد
تاريخ النشر: 5th, January 2024 GMT
قبل 26 عاما استخدم الكاتبان ج.دوغلاس بورتيوس وساندرا سميث ولأول مرة في كتابهما مصطلح "دوميسايد" أو "قتل المنازل"، ورغم ما حملته هذه العبارة من مآس "ماضية وحاضرة ومستقبلية" ظلّت تستخدم كمصطلح أكاديمي ولم تفلح دعوات الحقوقيين في إدراجها كجريمة بموجب القانون الدولي.
ومع الكشف بالتدريج عن حجم الدمار الذي حل في قطاع غزة، جراء الضربات التي ينفذها الجيش الإسرائيلي منذ السابع من أكتوبر بعد هجوم حماس، عاد المصطلح ليتردد من جديد عبر وسائل إعلام لتوصيف "جريمة لم يعترف بها"، وتسليط الضوء على آثارها التي لا تترك ندوبا في الأرض فحسب، بل في النفوس.
وتقول صحيفة "هآرتس" العبرية في تقرير لها، الخميس، إنه وسط الدمار الذي تسببت به الحرب الإسرائيلية في غزة تَظهر "جريمة جديدة ضد الإنسانية"، وهي التدمير الممنهج للبنية التحتية والسكنية، والمعروفة أكاديميا ونسبة للكاتبين المذكورين بـ"دوميسايد"، على غرار "جينوسايد" أو الإبادة الجماعية.
وتنقل الصحيفة عن أورين يفتاشيل أستاذ الجغرافيا والتخطيط الحضري في جامعة بن غوريون، قوله إن "قتل المنازل" يشير في المقام الأول إلى "استحالة العودة إلى الوطن في نهاية الحرب، لأنه لا يوجد مكان للعودة إليه".
ويضيف زيف بورير، خبير القانون الدولي في جامعة "بار إيلان"، والباحث في مركز بيغن والسادات للدراسات الاستراتيجية، أنه "إذا تم الاعتراف بـ "قتل المنازل" أو "دوميسايد" كجريمة ضد الإنسانية، فإن السلطات القانونية الدولية ستعاقبها"، في إشارة لإسرائيل.
ويتابع أن "الاتهام لن يوجه ضد قائد لواء بتدمير حي فقط، بل سيوجه الادعاء سهامه نحو قيادة الجيش أو الدولة".
"من أعمق الجروح"في بداية كتابهما ينقل بورتيوس وسميث قولا لعالم الاجتماع الأميركي، لويس ممفورد: بأن "الناس ترتبط بالأماكن بقدر ارتباطها بالعائلات والأصدقاء"، و "عندما تجتمع هذه الولاءات معا، يتعزز شعور الإنسان بتماسك المجتمع البشري الذي ينتمي إليه".
ويحكيان في كتابهما المشترك "كيف ولماذا يدمر الأقوياء المنازل التي تصادف أنها تقف في طريق المشاريع التجارية والسياسية والبيروقراطية والاستراتيجية"، ويؤكدان على فكرة أن "المنازل هي الأماكن التي تعتبر ملاذا هادئا من العالم الخارجي.. الأماكن التي نكوّن فيها أنفسنا ونعبر فيها عن كياننا ونطورها".
ولذلك فإن التدمير المتعمد للمنزل الذي يكون "واحدا من أعمق الجروح التي تصيب هوية المرء واحترامه لذاته، لأن كلا من هاتين الدعامتين للعقلانية تكمن جزئيا في الهياكل التي نعتزّ بها"، وفق ما تضمنه الكتاب.
ومنذ تسعينيات القرن الماضي وبعدما تردد مصطلح "Domicide" (قتل المنازل) من قبل بورتيوس وسميف تم ذكره مرارا وتكرارا، ومؤخرا في المؤتمرات الأكاديمية وجلسات الاستماع التي عقدتها المنظمات الدولية، وفي وسائل الإعلام.
المصطلح يشير إلى التدمير المتعمد والمنهجي للمنازل والبنية التحتية الأساسية بطريقة تجعلها غير صالحة للسكن، وهو ما يحصل في غزة حسبما تنقل "هآرتس" عن مراقبين وخبراء.
وعلى مدى السنوات الماضية لم يأخذ معناه الحالي باعتباره انتهاكا جسيما للحق في السكن والبنية التحتية الأساسية في المناطق السكنية، مما يجعلها غير صالحة للسكن.
"ليس مجرد منزل"وفي أكتوبر 2022 قال خبير الأمم المتحدة المستقل في مجال حقوق الإسكان أمام الجمعية العامة إنه "ينبغي الاعتراف بالتدمير التعسفي الواسع النطاق لمساكن المدنيين في النزاعات العنيفة باعتباره جريمة بموجب القانون الدولي".
وأضاف بالاكريشنان راجاجوبال، مقرر الأمم المتحدة الخاص المعني بالحق في السكن الملائم: "علينا أن نتوقف عن إغماض أعيننا عن التدمير الواسع النطاق أو المنهجي لمنازل المدنيين أثناء النزاع"، مشيرا إلى هذه الأفعال باسم "قتل المنازل" (دوميسايد).
وبينما يحظر القانون الدولي جميع أشكال تدمير المساكن التعسفية والترحيل والتشريد والإخلاء القسري، فقد لاحظ المقرر الخاص استمرارا مثيرا للقلق للانتهاكات الجسيمة للحق في السكن اللائق في أوقات النزاع.
وتابع: "نحن بحاجة إلى وضع حد للإفلات من العقاب على مثل هذه الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان"، وقال أيضا إن ضحايا جرائم الحرب والانتهاكات المنهجية للحق في السكن الملائم يجب أن يتمتعوا بإمكانية الوصول إلى العدالة أو استرداد الحقوق أو التعويض.
"لقد شهدت كيف يمكن لمنزل في ثوانٍ معدودة، وهو تتويج لجهد مدى الحياة وفخر لعائلات بأكملها أن يُمحى ويتحول إلى أنقاض"، وفق مقرر الأمم المتحدة.
وأوضح أن "التدمير ليس مجرد منزل. دمرت مدخرات عائلات بأكملها. الذكريات وراحة الانتماء"، وإلى جانب ذلك "تأتي صدمة اجتماعية ونفسية يصعب وصفها أو تخيلها".
ووفق راجاجوبال فإن الحرب الإسرائيلية على غزة دمرت أكثر من 50 ألف وحدة سكنية، أو أكثر من 60 بالمئة من المساكن في أنحاء القطاع المحاصر.
وأضاف في تصريحات صحفية، في نوفمبر الماضي أن هناك أيضا "أضرارا جسيمة في البنية التحتية المدنية والمباني الأخرى المخصصة للاستخدام المدني. على سبيل المثال المباني الدينية أو غيرها أو المباني العامة المخصصة للاستخدام الحكومي".
وهذا، وفقا لذات المتحدث "يندرج تحت تعريف التدمير المتعمد للمنازل، أو جعل المنازل غير صالحة للسكن، أو أي حرمان منهجي آخر من السكن عند تنفيذ مثل هذه الأفعال".
ما حجم الضرر في غزة؟وتكشف تقديرات للأمم المتحدة، نشرت منتصف ديسمبر الماضي، أن نحو 40 ألفا من مباني قطاع غزة، أو تقريبا خمس التي كانت موجودة قبل الصراع، تضررت كليا أو جزئيا منذ اندلاعه في السابع من أكتوبر.
واستندت أحدث التقديرات إلى صور بتاريخ 26 نوفمبر لمركز الأمم المتحدة للأقمار الاصطناعية، حيث فحص محللون صور أقمار اصطناعية عالية الوضوح لرصد المباني المتضررة ونشر خرائط قد توجه أعمال الإغاثة وخطط إعادة البناء أثناء الكوارث الطبيعية والصراعات.
ومثل هذه التقديرات ربما تقلل من حجم الدمار الفعلي لأنها لا تظهر جميع الأضرار التي لحقت بالمباني، وعلى سبيل المثال، قد يظهر المبنى المنهار لكن سقفه سليم وكأنه غير متضرر.
وقال مركز الأمم المتحدة للأقمار الاصطناعية في بيان حينها: "هناك زيادة 49 بالمئة في العدد الإجمالي للمباني المتضررة، مما يسلط الضوء على التأثير المتصاعد للصراع على البنى التحتية المدنية".
وأظهر التقييم أن المناطق الأكثر تضررا تتركز في محافظتي غزة وشمال غزة في شمال القطاع واللتين كان بهما 29732 من أصل 37379 مبنى تضرر كليا أو جزئيا أو نحو 80 بالمئة من المجموع.
ونشر عناصر من الجيش الإسرائيلي، خلال الأيام الماضية، وعبر مواقع التواصل الاجتماعي صورا وتسجيلات مصورة توثق إقدامهم على تفجير العشرات من المباني السكنية بجانب بعضها البعض.
وكان آخر التسجيلات وثق قبل أيام تفجير عناصر الجيش الإسرائيلي أفخم منتجعات القطاع أيضا، والمعروف باسم "بلو بيتش".
"مجتمع غير قابل للحياة"وعلى الرغم من أن غزة قد تعرضت لأضرار في الصراعات السابقة وأعيد بناؤها، إلى حد كبير بأموال من دول الخليج، فإن الحجم الحالي للدمار هو من نوع مختلف، وفق تقرير سابق لصحيفة "الغارديان".
الصحيفة أشارت في السابع من ديسمبر الماضي إلى قضية مطروحة وبدأت تثار من قبل قانونيين، وتتعلق بما إذا كان حجم الأضرار التي لحقت بالبنية التحتية هو نتيجة ثانوية للبحث عن حماس أو جزء من خطة سرية لطرد الفلسطينيين من غزة، مما يمحو إمكانية أن تصبح غزة مجتمعا شبه قابل للحياة في المستقبل المنظور.
وتوضح أن "قتل المنازل وهو مفهوم يحظى بقبول متزايد في الأوساط الأكاديمية لا يعتبر جريمة متميزة ضد الإنسانية بموجب القانون الدولي".
وتضيف نقلا عن راجاجوبال أن "هناك فجوة في القانون الدولي، لأنه على الرغم من أن حماية منازل المدنيين مشمولة في نظام روما الأساسي الذي أنشأ المحكمة الجنائية الدولية فيما يتعلق بجرائم الحرب في النزاعات بين الدول، إلا أنها ليست مدرجة ضمن الجرائم ضد الإنسانية التي يمكن أن تتخذ إجراءات بخصوصها".
وتقول إسرائيل إن كل الأضرار التي لحقت بالمباني والخسائر في أرواح المدنيين "أمر مؤسف" ولكنه أصبح ضروريا بسبب اختباء حماس عمدا في المدارس والمستشفيات ورفضها الاستسلام.
وتضيف أنها تبذل قصارى جهدها لتحذير المواطنين من الهجمات الوشيكة.
لكن ووفق هيو لوفات، من المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية فإن إسرائيل "تدمر بشكل متعمد ومنهجي المؤسسات المدنية والبنية التحتية التي ستكون ضرورية لحكم غزة وتحقيق الاستقرار فيها بعد الصراع"، كما نقلت "الغارديان".
"تصريحات علنية"وفي غضون ذلك تشير "هآرتس" إلى أنه لا يوجد نقص في الأدلة على ما يمكن اعتباره قتلا للمنازل ارتكبته إسرائيل عمدا، بما في ذلك التصريحات العلنية لشخصيات في الائتلاف الحاكم.
وكتبت وزيرة المخابرات جيلا غملئيل مقالا لصحيفة "جيروزاليم بوست" حثت فيه على "تعزيز إعادة التوطين الطوعي للفلسطينيين في غزة، لأسباب إنسانية، خارج القطاع".
ومن خلال التعبير عن هذه الفكرة، يبدو أن غملئيل قد كشفت عن نية الحكومة، أو أملها، في ألا يعود سكان غزة إلى ديارهم عندما تنتهي الحرب، بل سيهاجرون إلى بلدان أخرى، وهو البعد الثاني الآخر لجريمة "قتل المنازل"، حسب "هآرتس".
وبالإضافة إلى ذلك، قال وزير التراث، عميحاي إلياهو إن إسقاط قنبلة ذرية على غزة "هو أحد الاحتمالات".
وأضاف عضو الكنيست من الائتلاف، يتسحاق كرويزر (عوتسما يهوديت): "يجب تسوية قطاع غزة بالأرض و... محوه من الخريطة".
وحتى الميجر جنرال (احتياط) جيورا آيلاند، المدير السابق لمجلس الأمن القومي، والذي يعتبر شخصية معتدلة، قال في مقال نشرته صحيفة "يديعوت أحرونوت" اليومية: "ليس أمام دولة إسرائيل خيار سوى تحويل غزة إلى مكان غير صالح للسكن بشكل مؤقت أو دائم".
بدوره يقول خبير القانون الدولي البروفيسور عميحاي كوهين، من كلية أونو الأكاديمية لـ"هآرتس": "يجمع الحقوقيون الدوليون تصريحات من النوع الذي يدلي به الوزراء من أجل رفع دعوى ضد إسرائيل".
المصدر: الحرة
كلمات دلالية: القانون الدولی الأمم المتحدة ضد الإنسانیة حجم الدمار قطاع غزة فی السکن فی غزة
إقرأ أيضاً:
كيف تدير النباتات نقل الطاقة.. الاستفادة من الطاقة الشمسية بكفاءة غير مسبوقة
عندما يتدفق ضوء الشمس على ورقة، يحدث شيء مذهل، تتدفق الطاقة من تلك الأشعة عبر المسارات الجزيئية بكفاءة أثارت فضول الأجيال.
وأجرى الدراسة الجديدة البروفيسور يورجن هاور، من الجامعة التقنية في ميونيخ (TUM)، ونُشرت في مجلة Chemical Science .
وأثار هذا الأمر فضول الباحثين في مختلف أنحاء العالم، لأن هذه النباتات تبدو قادرة على الاستفادة من المبادئ المحيرة لميكانيكا الكم لإدارة طاقة الضوء دون أي خسائر تقريبًا.
فهم عملية التمثيل الضوئي
البناء الضوئي هو طريقة الطبيعة لصنع الغذاء من ضوء الشمس، وهو السبب في حصولنا على الأكسجين للتنفس.
تستخدم النباتات والطحالب وبعض البكتيريا ضوء الشمس والماء وثاني أكسيد الكربون لإنتاج الجلوكوز (نوع من السكر) والأكسجين.
فكر في الأمر كما لو كان مطبخًا يعمل بالطاقة الشمسية، حيث تقوم النباتات بإعداد وجباتها المليئة بالطاقة.
إنها تمتص ضوء الشمس من خلال الكلوروفيل، الصبغة الخضراء الموجودة في أوراقها، وتستخدم تلك الطاقة لتشغيل التفاعلات الكيميائية التي تحول ثاني أكسيد الكربون والماء إلى طعام.
والجزء الأفضل في الأمر هو أنها تطلق الأكسجين كمنتج ثانوي، وهو أمر مريح للغاية بالنسبة لبقية البشر.
لا يقتصر دور عملية التمثيل الضوئي على إبقاء النباتات على قيد الحياة، بل إنها تحافظ على استمرار الكوكب بأكمله، وهي تشكل أساس السلسلة الغذائية، حيث تغذي كل شيء من الحشرات الصغيرة إلى الثدييات الضخمة.
كما أنه يساعد على تنظيم الغلاف الجوي للأرض عن طريق سحب ثاني أكسيد الكربون من الهواء، وهو أمر ضروري لتحقيق التوازن المناخي.
بدون عملية البناء الضوئي لن يكون لدينا الغابات، أو الفواكه، أو حتى الهواء الذي نحتاجه للبقاء على قيد الحياة.
كيف تستخدم النباتات التأثيرات الكمومية
هناك مفهوم معروف باسم التراكب، حيث تتداخل الطاقة أو الجسيمات في حالات متعددة محتملة، قد يبدو هذا الأمر خياليا، لكن النباتات استغلته لمليارات السنين لزيادة امتصاصها للشمس.
كما أوضح البروفيسور هاور من جامعة ميونيخ التقنية، “عندما يتم امتصاص الضوء في ورقة، على سبيل المثال، يتم توزيع طاقة الإثارة الإلكترونية على عدة حالات لكل جزيء كلوروفيل متحمس؛ وهذا ما يسمى بتراكب الحالات المثارة “.
يتضمن جزء كبير من هذه العملية الكلوروفيل ، وهو صبغة خضراء تمتص أطوال موجية محددة من الضوء.
تسليط الضوء على حالات الطاقة
بمجرد أن تلتقط الورقة الضوء، يتعين عليها نقل تلك الطاقة قبل أن تتبدد على شكل حرارة، تحدث هذه اللحظات الأولى بسرعة لا تصدق، ويعتقد العلماء أن مسارات الإلكترونات المستقرة في البكتيريا الضوئية تعمل بطريقة مماثلة.
وقال البروفيسور هاور من جامعة ميونيخ التقنية: “إن ميكانيكا الكم تشكل عنصراً أساسياً في فهم الخطوات الأولى لنقل الطاقة وفصل الشحنة”.
تشير الدراسات إلى أن العمليات الصغيرة التي تشبه الموجات تعمل على توجيه تدفق الطاقة نحو المراكز الكيميائية للخلية النباتية.
تحسين عملية التمثيل الضوئي الاصطناعي
ويرى الفريق، أن بحثهم هو وسيلة لتطبيق هذه الرؤى الطبيعية على المواد الهندسية القادرة على حصاد الضوء.
يقترح الباحثون، أن الحالات الإلكترونية للجزيء، والتي يتم ترتيبها بطرق دقيقة، يمكن أن تدفع أنظمة نقل الطاقة إلى أداء أقرب إلى المثالي.
وأشار أحد الباحثين من جامعة ميونيخ التقنية إلى أن “تطبيق هذه النتائج في تصميم وحدات التمثيل الضوئي الاصطناعي يمكن أن يساعد في الاستفادة من الطاقة الشمسية بكفاءة غير مسبوقة لتوليد الكهرباء أو الكيمياء الضوئية”.
تعقيدات التقاط ضوء الشمس
اكتشف العلماء أن العديد من الحالات الإلكترونية تتداخل في الكلوروفيل، مما يشكل طرقًا يمكن أن تنزلق منها نبضات الضوء دون مقاومة كبيرة.
دفع هذا التدفق الخالي من الخسارة تقريبًا الكيميائيين والفيزيائيين إلى البحث بشكل أعمق في خطوات الاسترخاء السريعة التي تمنع الطاقة من التسرب.
تتضمن هذه الخطوات السريعة توازنًا بين الاهتزازات، وارتباطات الحالة، وإطلاق الطاقة في شكل حرارة.
يستخدم الباحثون أشعة الليزر فائقة السرعة التي تطلق نبضات تستمر لأجزاء من تريليون جزء من الثانية لمراقبة هذه التغيرات المبكرة.
التغيرات الكمومية الصغيرة في النباتات
تكشف نظرة أقرب عن فروق دقيقة بين نطاقات الطاقة المحددة، والتي تحافظ على استقرار سلسلة النقل الشاملة.
يمكن أن تؤدي التعديلات البسيطة في مسافة أو زاوية جزيئات الكلوروفيل إلى تغييرات كبيرة في مدى كفاءة مرورها عبر ضوء الشمس الممتص.
ورغم أن الفيزياء الكلاسيكية وحدها لا تستطيع وصف هذه الأحداث بشكل كامل، فإن المناهج الكمومية تبدو قادرة على ملء هذه الفجوة.
السؤال الرئيسي هو كيفية التحكم في هذه الحالات بطرق تحاكي أو تتجاوز مهارة الورقة في التقاط الفوتونات.
ماذا يحدث بعد ذلك؟
الهدف الرئيسي هو بناء أنظمة اصطناعية تحتفظ بالضوء لفترة أطول وترسله إلى حيث تكون هناك حاجة إليه.
يعتقد بعض الباحثين، أن تحسين هذه الهياكل سيؤدي إلى تطوير أجهزة ضوئية أفضل تعمل على تشغيل المنازل أو تحريك التفاعلات الكيميائية بتكلفة أقل.
تجمع هذه المجالات بين الكيمياء والأحياء والفيزياء بهدف تعزيز أداء كل شيء بدءًا من الخلايا الشمسية وحتى المفاعلات الكيميائية الضوئية.
الهدف النهائي هو خلق تكنولوجيا تتصرف مثل عجائب الطبيعة ولكنها تتناسب مع الاحتياجات البشرية لاستخدام الطاقة على نطاق واسع.
التطلع إلى ما وراء الأفق
ومن خلال إعادة التفكير في استراتيجيات الطاقة التقليدية، يأمل العلماء أن يتمكنوا من تكرار الكفاءة التي شوهدت في النباتات والبكتيريا الضوئية.
وقد يعني هذا إعادة تصور كيفية تخزين الطاقة الشمسية، مع تصميمات تحافظ على الرقصة الجزيئية الدقيقة سليمة.
تمثل هذه الدراسة الأخيرة بداية جديدة من خلال التأكيد على أن التأثيرات على المستوى الكمومي تلعب دورًا عمليًا في عملية التمثيل الضوئي.
يفتح هذا التأكيد الأبواب أمام المزيد من المشاريع التي تهدف إلى دفع الهندسة الجزيئية إلى أماكن كان يُعتقد في السابق أنها غامضة للغاية.
لماذا يهم أي من هذا؟
تسعى الفرق البحثية في جميع أنحاء العالم الآن إلى تحسين الأساليب الطيفية المتقدمة.
ويتضمن جزء من ذلك تصفية الإشارات المعقدة لتتبع كيفية انتقال كل جزء من طاقة الضوء عبر الجزيئات قبل تثبيتها في شكل كيميائي.
ومن المرجح أن تؤدي هذه الاستكشافات إلى مفاهيم جديدة تعمل على ثني أو ترتيب المركبات الشبيهة بالكلوروفيل في أطر مستقرة.
ومع تزايد وضوح المبادئ، سوف تتمكن المختبرات من إنشاء نماذج أولية لخلايا اختبار تعمل على توجيه الطاقة مع الحد الأدنى من الهدر.
النباتات وميكانيكا الكم والمستقبل
ومع استمرار البحث، قد يتعلم المهندسون كيفية تصميم أنظمة اصطناعية تتناسب مع تعامل الطبيعة غير المسبوق مع أشعة الشمس.
الهدف هو تقليص الخسائر في تدفق الإلكترونات من خلال تنظيم الحالات الجزيئية بنفس الطريقة التي فعلتها الأوراق منذ قرون.
لا يتعلق الأمر فقط ببناء ألواح شمسية أفضل، على الرغم من أن هذه هي النتيجة الرئيسية.
ويتعلق الأمر أيضًا بمعرفة كيف يمكن لهذا الهمس الهادئ للنشاط الكمومي، المختبئ داخل الأوراق الخضراء العادية، أن يستمر في إلهام المزيد من الأفكار في علم الطاقة.