أبرم مجلس التعاون الخليجي، أواخر الشهر الماضي، اتفاق تجارة حرة مع كوريا الجنوبية، في خطوة يُتوقع أن تعزز حركة التجارة بين الدول الخليجية الست وكوريا الجنوبية.

وتكمن أهمية توقيع اتفاق تجارة حرة بين مجلس التعاون لدول الخليج العربية وكوريا الجنوبية، في كونها وسيلة لتحقيق أهداف كبرى، وتعد خطوة أولى تتبعها خطوات أخرى.

مضامين الاتفاق

يتضمن الاتفاق 18 فصلا، ستعمل على تحرير التجارة في السلع والخدمات من خلال إزالة أو تخفيض التعرفة الجمركية، والحد من تطبيق الإجراءات غير الجمركية، ما يسهم في زيادة درجة المنافسة بين الأسواق في الجانبين وتكريس مبادئ الاقتصاديات المفتوحة والتكتلات الاقتصادية.

ويرى الأمين العام لمجلس التعاون لدول الخليج العربية، جاسم محمد البديوي، أن الاتفاق خطوة تاريخية نحو تحقيق التكامل الاقتصادي الخليجي وتعزيز العلاقات الاقتصادية والتجارية مع كوريا الجنوبية، إذ سيسهم في زيادة حجم التجارة الثنائية والتبادل التجاري في السلع والخدمات وتعزيز خطط التنوع الاقتصادي بين الطرفين.

من جانبها، توقعت وزارة التجارة والصناعة والطاقة في كوريا الجنوبية، أن يسهم الاتفاق في نمو صادرات سول من السيارات، وقطع غيار السيارات والآلات والأسلحة إلى الدول العربية، فضلا عن تعزيز القدرة التنافسية للمصدرين الكوريين الجنوبيين بفضل واردات الطاقة من الدول العربية.

دوافع وفوائد

ومن أبرز فوائد الاتفاق:

تخفيض الرسوم الجمركية. زيادة حجم الاستثمارات. حماية المستثمر ومقدم الخدمة. ضمان حقوق الملكية الفكرية. استفادة الشركات سواء كانوا مصدرين أو موردين.

ويعتبر المحلل الاقتصادي، عبد الرحيم الهور أن التطور اللافت للعلاقات التجارية بين دول مجلس التعاون الخليجي وكوريا الجنوبية، سواء كوحدة واحدة أو حتى في إطار بعض التفاهمات الثنائية، يأتي كخطوة مهمة على عدة مستويات، أبرزها تعزيز منظومة التكامل الاقتصادي المشترك بين الجانبين على مستوى متبادل من خلال تزويد سول بالطاقة الهيدروكربونية بأسعار منافسة تمنحها ميزة تنافسية سعرية في منتجاتها على المستوى الدولي، وفي الوقت نفسه ترفع الحمائية التجارية عن صادراتها لدول الخليج وعن واردات الخليج إليها بنسب تبادلية تصل إلى 90% من هذه السلع.

ويقول الهور للجزيرة نت إن الاتفاق سينعكس إستراتيجيا على محورين؛ الأول: تكوين منظومة تنافسية دولية لدول مجلس التعاون بما سيعزز مفهوم التنافسية الدولية ويقوّض الفكر الاحتكاري السائد دوليا الذي يتحكم بحركة التجارة الدولية وقيمها، أما المحور الثاني فهو نوعية وأسعار المستوردات الصناعية ومدخلات الإنتاج إلى دول الخليج.

سوق الخليج

يضيف الهور أن الاتفاق قد يدفع إلى تسريع وتيرة التفاوض بين دول مجلس التعاون والصين، والتي تربطها بالمنطقة علاقات متينة اقتصاديا، تحتاج إلى بلورة اتفاقات متقدمة تضمن أقصى مستوى للفائدة المشتركة، لا سيما في قطاعي التكنولوجيا والمعلومات والاتصالات.

وبحسب الهور، فإن كوريا الجنوبية هي إحدى الدول القلائل في العالم التي تنتج أشباه الموصلات، وبالتالي لا تعد فقط بلدا صناعيا، وإنما أحد البلدان التي تحرك الصناعة في العالم.

ويلفت إلى أن التعاون مع كوريا الجنوبية لا يشمل استيراد وتصدير سلع وخدمات فحسب، بل يتجاوز ذلك إلى استيراد تكنولوجيا الإنتاج الصناعي ليتحول سوق الخليج إلى مصنع يعيد التصدير إلى العالم لا سيما على مستوى الأسلحة والتقنيات المرافقة لها والتي تعتبر أحد أكبر مواطن الإنفاق في موازنات الخليج مما سيترك أثرًا بالغًا على ميزان المدفوعات لهذه الدول.

وبموجب الاتفاق، ستقوم كوريا الجنوبية بإلغاء التعريفات الجمركية على 89.9% من كافة العناصر، بما في ذلك الغاز الطبيعي المسال وغاز البترول المسال والمنتجات البترولية الأخرى، فيما ستلغي دول الخليج الرسوم الجمركية عن 76.4% من جميع المنتجات، و4.1% عن السلع.

خفض الأسعار

من جانبه، يوضح الخبير الاقتصادي، عبد الله الخاطر أن الاتفاق يمثل نقطة تحول مهمة في التعاون بين دول مجلس التعاون وكوريا الجنوبية، متوقعا أن يتيح فرصا لخلق استثمارات وتنمية العلاقات والتبادلات التجارية، خاصة أن دول المنطقة تحتاج إلى الاستثمار في آسيا.

ويقول الخاطر للجزيرة نت إن هذا الاتفاق سيحقق نوعًا من التوازن وعدم الاعتماد على أوروبا والولايات المتحدة فقط، كما ستجعلهما على استعداد أكبر لإبرام اتفاقات تجارة حرة مع دول مجلس التعاون الخليجي، وذلك بعد أكثر من عقدين من المفاوضات وضعت خلالها القارة العجوز الكثير من العراقيل والشروط.

ويعتبر أن الاتفاق سيعمل على خفض أسعار السيارات والسلع الكورية الجنوبية في دول مجلس التعاون، إذ ستعمل على خفض التكاليف، ومن ثم خفض معدلات التضخم والأسعار بشكل عام.

كما توقع أن تعمل على تسريع وتيرة توقيع اتفاقات أخرى خاصة مع الصين واليابان، وتكوين تكتل اقتصادي كبير ومتكامل في المنطقة الآسيوية.

13 عاما

بدأت مفاوضات دول مجلس التعاون وكوريا الجنوبية بشأن اتفاق التجارة الحرة الثنائية في عام 2007، لكن تم تعليقها في عام 2010. وبعد توقف دام 13 عامًا، استأنف الجانبان المفاوضات في عام 2022 وعقدا منذ ذلك الحين 5 جولات من المفاوضات.

وبلغ حجم التجاري بين دول الخليج وكوريا الجنوبية 102.6 مليار دولار في عام 2022، وفق ما نقلت وكالة يونهاب.

ويعد اتفاق التجارة الحرة مع كوريا الجنوبية الثاني لدول مجلس التعاون الخليجي خلال 3 أشهر، بعد توقيع اتفاق مماثل مع باكستان.

ووقّعت دول مجلس التعاون اتفاقات تجارة حرة مع كل من سنغافورة في 15 ديسمبر/كانون الأول 2008، ودول رابطة ألافتا (آيسلندا، وليختنشتاين، والنرويج، وسويسرا) في 22 يونيو/حزيران 2009، ونيوزيلندا في 31 أكتوبر/تشرين الأول 2009.

كما أقرت دول المجلس في 8 سبتمبر/أيلول 2023 تمديد خطة العمل المشترك مع اليابان للفترة 2024 – 2028.

وتستهدف دول مجلس التعاون خلال مفاوضاتها الحالية، توقيع اتفاقات للتجارة الحرة مع كل من الاتحاد الأوروبي وتركيا والصين، وكذلك اليابان والهند وأستراليا، فضلا عن الميركوسور (الأرجنتين والبرازيل والأوروغواي وباراغواي).

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: مجلس التعاون الخلیجی مع کوریا الجنوبیة دول مجلس التعاون وکوریا الجنوبیة توقیع اتفاق لدول الخلیج أن الاتفاق دول الخلیج تجارة حرة بین دول فی عام حرة مع

إقرأ أيضاً:

كيف أصبح ويتكوف كلمة السر في مصير اتفاق غزة؟

واشنطن ـ بعدما نال الكثير من الثناء على دوره المباشر في الضغط على رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ليوافق على اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة في يناير/كانون الثاني الماضي، تعود الأنظار من جديد على مسعى مبعوث ترامب للشرق الأوسط ستيفن ويتكوف، لحلحلة حالة الجمود الحالية بعد رفض إسرائيل البدء في مرحلة الاتفاق الثانية، وخرقها تعهدات مرحلة الاتفاق الأولى.

ومع تكرار الرئيس الأميركي دونالد ترامب الحديث بصورة شبه يومية عن غزة، وما يطرح من أفكار تبدو غريبة وشاذة، يعول الكثيرون على ويتكوف كممثل ذي مصداقية ونفوذ للجانب الأميركي بعيدا عن صخب ترامب.

وقد تعقد مسار اتفاق غزة بعد دعم واشنطن لرفض إسرائيل بدء المرحلة الثانية من الاتفاق، وطرح ويتكوف فكرة تمديد المرحلة الأولى حتى نهاية شهر رمضان المبارك، ونهاية أعياد الفصح اليهودية منتصف الشهر القادم مقابل الإفراج عن بقية الأسرى والمحتجزين، وهو ما ترفضه حركة المقاومة الإسلامية (حماس) بحزم على أرضية مخالفته الواضحة لما سبق الاتفاق عليه.

جدير بالذكر أنه خلال المرحلة الأولى من الاتفاق الذي وصفه ترامب "بالصفقة الملحمية" انسحبت القوات الإسرائيلية من المناطق المأهولة بالسكان إلى مناطق عازلة حدودية، وتم إطلاق سراح 33 أسيرا إسرائيليا مقابل مئات الأسرى الفلسطينيين المعتقلين لدى إسرائيل، وسمح بإدخال المئات من شاحنات المساعدات يوميا.

إعلان

وتتطلع مختلف الأطراف إلى زيارة ويتكوف للمنطقة خلال الأيام القليلة القادمة لما لها من تداعيات مباشرة على قطاع غزة، سواء فيما يتعلق بالاتفاق على وقف إطلاق النار مرورا بالإفراج عن بقية الأسرى، ووصولا لخطط إعادة الإعمار.

هل يتشدد ويتكوف؟

وفي حديث للجزيرة نت، توقع خبير الشؤون الدولية والسياسة الأميركية آدم شابيرو أن يقدم ويتكوف إنذارا نهائيا لحماس، وأن يظهر علنا دعمه الكامل لنتنياهو خلال الزيارة، مرجحا أنه "في الوقت الذي يرغب فيه ترامب بعقد صفقة يفرج بها عن الأميركيين فقط الذين تحتفظ بهم حركة حماس، لا يبدو أنه مستعد لتقديم أي شيء في المقابل".

ومن جانبه، اعتبر رئيس برنامج العلاقات الدولية بجامعة سيراكيوز بولاية نيويورك الدكتور أسامة خليل أن التوصل لصفقة توقف القتال لا يصب في مصلحة رئيس الوزراء الإسرائيلي حاليا.

وفي حديث للجزيرة نت، أشار خليل إلى أن "نتنياهو ليس لديه مصلحة في الوفاء ببنود اتفاق وقف إطلاق النار وتنفيذ المرحلة الثانية من تبادل الأسرى، بعد أن تعرض للحرج مرارا وتكرارا من قبل حماس خلال المرحلة الأولى من التبادلات وانتقد بشدة من قبل عائلات الرهائن بسبب أفعاله".

وأضاف خليل أن الأمر تفاقم بعد الكشف عن إخفاقات الجيش الإسرائيلي والأجهزة الأمنية في 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، فضلا عن "عدم قدرته على هزيمة حماس بعد 15 شهرا من العدوان، كما يواجه نتنياهو ضغوطا من الجناح اليميني المتشدد في ائتلافه لمواصلة القتال وطرد الفلسطينيين وإعادة إدخال المستوطنين إلى غزة".

محامي ترامب وداعم نتنياهو

وبينما يدافع مبعوث ترامب عن قرار إدارة الرئيس بدء محادثات مباشرة مع حماس فيما يمثل مخالفة لسياسة أميركية طويلة الأمد بعدم التفاوض مع جماعات تصنفها واشنطن بـ"الإرهاب" يرفض ويتكوف الحديث عما تقدمه واشنطن في المقابل لحماس.

وفي حديثه إلى الصحفيين خارج البيت الأبيض، قال ويتكوف إن مبعوث ترامب للأسرى الرهائن آدم بولر أجرى مثل هذه المحادثات الأيام الأخيرة -وليس الأسابيع- وأن هذه المهام تقع في نطاق اختصاصه، مؤكدا أن جوهر ما تقوم به إدارة ترامب هو "التأكيد على أننا مستعدون لإجراء حوار، لكن إذا لم ينجح الحوار، فإن البديل ليس بديلا جيدا لحماس".

إعلان

وفي الوقت ذاته، أشارت تقارير إلى عدم رضاء نتنياهو عن مفاوضات واشنطن المباشرة مع حماس على الرغم من إطلاع واشنطن إسرائيل على تفاصيل هذه المباحثات.

ويدعم ويتكوف طرح نتنياهو بتمديد مرحلة الاتفاق الأولى القاضية باستئناف إدخال مساعدات وتمديد وقف القتال مقابل الإفراج عن بقية الأسرى، وأشارت تقارير إلى هذه الخطة كانت واحدة من عدة خيارات تمت مناقشتها كطريقة محتملة للمضي قدما خلال المحادثات الأخيرة بين مسؤولين أميركيين وحماس.

وتتسق مخاوف حركة حماس من معاودة القتال بعد الإفراج عن بقية الأسرى مع ما يخرج من كبار الداعمين لإسرائيل في واشنطن، حيث عرض السناتور الديمقراطي جون فيترمان من ولاية بنسلفانيا، وهو مؤيد قوي لإسرائيل، ما تخشاه حركة حماس بكل صراحة.

وغرد السيناتور على منصة إكس معبرا عن دعمه لمطالب وتهديدات ترامب لحماس، وقال "أطلقوا سراح جميع الرهائن ثم أكملوا قتل أعضاء حماس مرة أخرى، أنا أتفق تماما مع الرئيس ترامب".

سلوك جيد

في حين عبر ويتكوف أمس عن آماله برؤية بعض السلوك الجيد الأسبوع المقبل، تدرس حماس فوائد التوصل إلى اتفاق مباشر مع إدارة ترامب، مع التأكيد على أن الهدف النهائي للمفاوضات يجب أن يكون الانسحاب الإسرائيلي الكامل من غزة والإنهاء الدائم للحرب بالتزامن مع الإفراج النهائي عن الأسرى.

ويخطط ويتكوف للسفر إلى المنطقة الأسبوع المقبل، ولم يتضح بعد ما إذا كان يعتزم الاجتماع مباشرة مع حماس لتضييق مساحة الخلافات بين الطرفين.

مقالات مشابهة

  • وزير الاستثمار: اتفاقيات التجارة الحرة مع 70 دولة تعزز تنافسية الاقتصاد المصري
  • اتحاد الغرف أطلق “تواصل”.. تعزيز التجارة والاستثمار بين دول التعاون
  • هل تغيّر موقف إسرائيل من إيران بعد عودة ترامب؟
  • حماس: مستعدون للمضي قدماً في تنفيذ المرحلة الثانية من اتفاق غزة
  • اتفاق بين الرئيس روتو والمعارض أودينغا يمهد لتحالف واسع
  • إعلان قائمة النشامى لمواجهتي فلسطين وكوريا الجنوبية
  • وزراء: الشراكة مع إفريقيا الوسطى فرصة جديدة للنمو الاقتصادي
  • كيف أصبح ويتكوف كلمة السر في مصير اتفاق غزة؟
  • وفد حماس يصل القاهرة لبحث المرحلة الثانية من اتفاق وقف إطلاق النار في غزة
  • قطاعا الأعمال الروسي والأمريكي يبحثان سبل رفع العقوبات لتعزيز التعاون الاقتصادي