بتهمة التجسس.. تركيا تحيل المشتبه بهم في خلية الموساد إلى القضاء
تاريخ النشر: 5th, January 2024 GMT
أحالت النيابة العامة بمدينة إسطنبول، 34 مشتبهًا إلى القضاء بتهمة "التجسس الدولي" لصالح جهاز المخابرات الخارجية الإسرائيلية "الموساد".
ووفق ما أفادت وكالة "الأناضول" التركية (رسمية)، فقد انتهى مكتب تحقيقات الإرهاب والجريمة المنظمة من أخذ إفادات المشتبهين على مدار الأيام الـ4 الماضية، مضيفة: "تمّ إحالة المشتبهين إلى القصر العدلي بإسطنبول بعد إجراء الفحوصات الطبية".
وفي إطار تحقيقات كل من شعبة "مكافحة الإرهاب" بإسطنبول، والاستخبارات التركية تم الحصول على معلومات تفيد بنية "الموساد" القيام بأنشطة من قبيل المراقبة، والتعقب، والاعتداء، والاختطاف ضد الرعايا الأجانب المقيمين في تركيا.
وجاءت التوقيفات بعملية أمنية في 8 ولايات، في إطار تحقيقات أطلقها مكتب الإرهاب والجرائم المنظمة في النيابة العامة باسطنبول ضد 46 مشتبهًا بهم.
وتبين للسطات الأمنية التركية، أنّ عملاء "الموساد" تواصلوا مع المشتبهين عن طريق حسابات التواصل الاجتماعي، وعلى إثر ذلك أطلقت عملية لتوقيف المشتبهين.
اقرأ أيضاً
السلطات التركية تعتقل 33 شخصا بتهمة التجسس لصالح إسرائيل
وفي 2 يناير/كانون الثاني، أطلقت قوات الأمن عملية متزامنة شملت 57 عنوانًا، في 15 قضاء بولاية إسطنبول وولايات أنقرة، وقوجة إلي وهطاي ومرسين، وإزمير ووان وديار بكر.
وتم في العملية مصادرة 134 ألف و830 يورو، و23 ألف و680 دولار، ومبالغ أخرى بعملات مختلفة، ومسدس غير مرخص، وذخائر ومعدات رقمية.
من جانبها، أوردت صحيفة "صباح" التركية، أنّ "بعض المشتبه بهم من أصول عربية كانوا مقرّبين من محمد يوسف دحلان، المعروف بأبو فادي، ويقيم حالياً في صربيا منفياً".
وأضافت أنّ "مسؤولي الموساد جنّدوا العناصر باستخدام وسائل التواصل الاجتماعي، وتمكّنوا من الوصول إلى معلومات بعض الأشخاص، وجرى تحويلهم بعد التواصل إلى روابط لإجراء محادثات عبر برامج تليغرام وواتسآب".
من ناحيتها، قالت قناة " Aخبر" التركية، إنّ "عملية التجنيد كانت تحصل عبر وسائل التواصل الاجتماعي، تتبعها عمليات دردشة من دون السماح بإجراء مكالمات صوتية، وتجرى المقابلات وجهاً لوجه عقب تأسيس جسور الثقة معهم".
اقرأ أيضاً
تركيا توقف شخصين بتهمة التجسس لإسرائيل.. هذه قصتهم
وأضافت أنّ "بعض اللقاءات أُجريت في تركيا، وبعضها خارجها، وللتمويه، استُخدم أفراد من مختلف الأعمار ومن الجنسين، حيث توجد نساء من بين المشتبه بهم". وبيّنت أنّ "كل عنصر كان مكلفاً بمهمة مختلفة عن الآخر، ولكنها بالنهاية كانت لتتبع الأجانب المناهضين لإسرائيل عموماً والفلسطينيين بشكل خاص".
وكانت العلاقات بين تركيا وإسرائيل قد تدهورت عقب العدوان الإسرائيلي على غزة في 7 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، الذي أسفر عن آلاف الشهداء والجرحى.
وأصبح الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، أحد أشرس منتقدي رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، وقد شبّهَهُ الشهر الماضي بالزعيم النازي أدولف هتلر.
كما استدعى أردوغان سفير أنقرة لدى تل أبيب، وطالب بمحاكمة القادة والزعماء السياسيين الإسرائيليين بتهمة ارتكاب "جرائم حرب" في المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي.
وفي ديسمبر/كانون الأول 2021، أعلنت تركيا أن شبكة مكونة من 16 شخصًا قامت بعمليات تجسس على فلسطينيين وسوريين ومنظمات مجتمع مدني في تركيا، لصالح المخابرات الإسرائيلية مقابل أموال.
وفي أكتوبر/كانون الأول من العام نفسه، ألقت الاستخبارات التركية القبض على شبكة تجسّس إسرائيلية تابعة لجهاز "الموساد" بعد تعقب لأفرادها دام عامًا، كشفت خلاله قيام الشبكة بالتجسس على الطلاب الأتراك والأجانب الذين يدرسون في مجال الصناعات الدفاعية، بحسب ما كشفت صحيفة "صباح" التركية.
اقرأ أيضاً
الادعاء التركي يطالب بسجن 16 متهما بالتجسس لصالح إسرائيل
المصدر | الخليج الجديدالمصدر: الخليج الجديد
كلمات دلالية: تركيا التجسس إسرائيل الموساد الاستخبارات التركية
إقرأ أيضاً:
خلية الإخوان الأردنية رسالة للعواصم العربية
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
لم يتردد الرئيس عبدالفتاح السيسي في الإتصال تليفونيًا بالملك عبدالله عاهل الأردن ليعبر له عن تضامن مصر مع الأردن في مواجهة الإرهاب، جاء ذلك بعد أن أعلنت الأردن عن ضبط خلية إخوانية تستعد بالسلاح، والغريب في أمر هذه الخلية هو أنها تأتي في زمنٍ تتسارع فيه الأحداث وتتشابك فيه الخيوط، تعود جماعة الإخوان المسلمين لتكشف عن وجهها الحقيقي، وجه لا يعرف للوطن حرمة ولا للاستقرار قدسية، وهذه المرة، جاء العبث من بوابة الأردن، حيث أعلنت السلطات الأمنية عن إحباط مخطط خطير تمثّل في ضبط خلية إخوانية كانت تعمل على تصنيع أسلحة وصواريخ محلية داخل الأراضي الأردنية، في محاولة مريبة لخلق بؤرة توتر جديدة في المنطقة.
ليست هذه المرة الأولى التي يتورط فيها الإخوان بمخططات تهدد كيان الدولة الوطنية، لكنّها تأتي في سياق إقليمي ملتهب، وبعد شهور من الخراب الذي خلفته حماقات جناحهم العسكري في غزة – حماس – التي ساهمت في تدمير القطاع وجرّته إلى حرب شعواء تحت وهم "المقاومة"، بينما لا تدفع الثمن إلا الشعوب.
هنا نطرح سؤالًا مهمًا، وهو هل فقد الإخوان صوابهم تمامًا، أم أنهم باتوا شركاء علنيين في مشاريع الفوضى والتخريب؟ أهي مصادفة أن تنكشف خلية تصنيع الأسلحة في الأردن، بينما يتحدث إعلامهم عن "تحرير الأوطان"؟ أم أن الهدف الحقيقي هو ضرب استقرار الدول من الداخل، تحت عباءة مهترئة من الشعارات الدينية؟.
جماعة الإخوان لم تؤمن يومًا بفكرة الدولة الوطنية، بل اعتبرت الأرض مجرد محطة على طريق "الخلافة"، والوطن مجرّد وسيلة لخدمة مشروعها الأيديولوجي، هذا الفكر هو ما دفعهم إلى تبرير العنف وشرعنته، كما يظهر في أدبياتهم، كقول حسن البنا: "لا يصلح الناس إلا الحديد والنار"، وكما تجلى في تحريض سيد قطب على الخروج على الحاكم، معتبرًا المجتمع الجاهلي ميدانًا للجهاد.
ما حدث في غزة خير دليل على هذا الانحراف، فقد تحولت المقاومة إلى سلطة ديكتاتورية، تُضيق على أهلها، وتحتكر السلاح، وتدفع بالأبرياء إلى الموت، بينما قياداتها تنعم في أماكن آمنة.. أما في الأردن، فالمخطط الذي تم ضبطه ليس مجرد حادث أمني، بل جرس إنذار لكل الدول التي ظنت أن الإخوان قد تخلوا عن منهج العنف، أو أدركوا خطورة ما زرعوه من خراب في الإقليم.
لقد بات واضحًا أن جماعة الإخوان لا تتعلم من دروس التاريخ، ولا تكترث للدماء التي تسيل، ما دامت تخدم مشروعها المغلق. ولذلك، لا بد من مواجهة هذا الفكر بأدوات واضحة وشاملة، تبدأ أولًا بتجريم كل أشكال التمويل والتحريض، وتفعيل القوانين التي تجرم تشكيل التنظيمات المسلحة، ولو تحت شعارات دينية، كما يجب أن تتسع المواجهة لتشمل الساحة الفكرية، من خلال تفكيك خطاب الجماعة، وكشف تناقضاته، ومواجهة دعوات العنف بالنقاش العلمي والديني الرصين، الذي يضع الوطن فوق كل اعتبار.
وبعيدًا عن الحادثة الأخيرة، فإن تعاظم تدخل الإخوان في الأردن لا يخفى على أحد، فمنذ عقود وهم يحاولون التغلغل في مفاصل الدولة، مستخدمين أدوات النقابات، والتعليم، والعمل الخيري، وحتى العمل السياسي، كحصان طروادة لمشروعهم، تحالفات مشبوهة وتمويلات من الخارج، وخطابات مزدوجة بين "الانتماء للوطن" في العلن، و"نصرة الأمة" في السر، حتى بات الأردن ميدانًا لمعارك إخوانية لا تراعي مصلحة الشعب ولا سيادة الدولة.
وكان أخطر ما روجوا له في الأردن – كما في غيره – هو فكرة أن الدولة القُطرية كيان مؤقت لا قيمة له، وأن الولاء يجب أن يكون فقط "للأمة الإسلامية" أو "الخلافة". وقد قال حسن البنا بصراحة: "فكرة الوطنية القُطرية من دعاوى الجاهلية، ومصلحة الأمة في أن تزول هذه الحواجز المصطنعة بين أجزاء الدولة الإسلامية الواحدة" وهي العبارة التي تفسر لماذا تحوّلت كل أرض دخلها الإخوان إلى ساحة صراع وخراب.
نموذج حماس في غزة صارخ في فضحه لحقيقة هذا الفكر، فمنذ أن استولت على القطاع بقوة السلاح عام 2007، غرقت غزة في ظلامٍ سياسي واقتصادي واجتماعي، الحريات مُصادرة، المعارضون في السجون، ومئات الملايين من المساعدات تُديرها الحركة كدولة موازية لا تخضع لرقابة أو محاسبة، تحت شعار "المقاومة"، أنشأت حماس منظومة اقتصادية موازية، تحتكر فيها التجارة، وتمرر عبر أنفاقها ما لا تراه الدولة مناسبًا، والنتيجة خرابٌ فوق خراب، وآلاف القتلى، بينما قادة الحركة يتنقلون بين العواصم الفاخرة.
وفي مصر، حين وصل الإخوان للحكم، لم تكن خطتهم إنقاذ الدولة، بل إعادة تشكيلها على مقاس مشروعهم، ففتحوا السجون، وعينوا أعضاء الجماعة في المناصب الحساسة، وتحدث بعض قادتهم صراحة عن "الحرس الثوري المصري"، واستقبلوا وفودًا من حماس في قصر الاتحادية وكأنهم أصحاب الدار. وحين خرج الشعب ضدهم، كانت رسالة الإخوان واضحة: إما نحن أو الفوضى.
في سوريا، انخرط الإخوان في العمل المسلح وساهموا في عسكرة الثورة، بدلًا من الحفاظ على مسارها السلمي، لتتحول البلاد إلى ساحة حرب إقليمية مفتوحة.. وفي ليبيا، دعمت الجماعة ميليشيات مسلحة سعت لتقويض الحكومة الشرعية، تحت غطاء "الثوار"، ليغدو المشهد الليبي اليوم ممزقًا بين سلاح الإخوان ونفوذ الخارج.
أما في السودان، فقد تحالف الإسلاميون مع نظام البشير، وهيمنوا على مؤسسات الدولة، واستخدموا نفوذهم في قمع المعارضين وإقصاء كل من لا ينتمي لمشروعهم، وكانت النتيجة أن انفصل الجنوب، وتفككت الدولة، وتراجع الاقتصاد، وعادت البلاد إلى المربع الأول من الحرب والفوضى.
كل ذلك كان يُسوّق بخطابٍ واحدٍ متكرر "نحن لا نعترف بحدود سايكس بيكو، ولا نعترف إلا بالأمة الإسلامية الواحدة"، وهذا ما صرح به يوسف القرضاوي أكثر من مرة، وكرره كثيرون من قادة الجماعة في مناسبات متعددة، مؤكدين أن "الانتماء للأمة أهم من الانتماء للوطن"، و"راية الخلافة أولى من راية القطرية"، وهي مقولات تُظهر بوضوح استهانتهم بفكرة الدولة الحديثة، وتحللهم من أي التزام وطني.
إن ما جرى في الأردن ليس مجرد خلية إرهابية، بل تجسيدٌ جديد لجنون جماعة لا تعرف إلا طريقًا واحدًا: الخراب. ولذلك، فإن حسم المعركة ضد الإخوان لا يكون فقط بإحباط المؤامرات، بل باجتثاث الفكر الذي ينتجها، وسحب الشرعية الأخلاقية عن كل من يبرر العنف تحت لافتة "الدين".
المطلوب اليوم هو تحصين الدولة الوطنية، تشريعيًا وفكريًا وإعلاميًا. تحصين يعيد الاعتبار لفكرة الوطن، ويفرض على الجميع قاعدة واضحة: الأرض ليست ملعبًا لأوهامكم، والسيادة ليست ورقة تفاوض. فإما أن نكون حراسًا على أبواب الوطن، أو نتركه فريسة لعقيدة لا تؤمن بحدود، ولا تعرف للسلام معنى.