عربي21:
2024-07-08@11:25:31 GMT

اغتيال العاروري بين اختبارين

تاريخ النشر: 5th, January 2024 GMT

يكاد اغتيال القائد صالح العاروري يشكّل أهم إنجاز إسرائيلي للحرب منذ حوالي ثلاث شهور، إذ باستثناء عمليات التدمير والقتل الهمجيين، اللذين يخلوان من أي بعد استراتيجي ولا يعكسان قدرة استثنائية لجيشها، الذي يمتلك ميزة الفضاء المفتوحة في مواجهة حركة تحرّر محدودة الأدوات والإمكانيات، فإن إسرائيل لم تنجز أي شيء يعيد موازين الردع ومعادلات القوّة كما كانت قبل السابع من تشرين الأول/ أكتوبر، أو على الأقل كما كان حسب تقديراتها وتصوراتها لموازين القوة.



لا شك أن الشهيد العاروري بوصفه أحد القادة الفاعلين والمؤثرين في هيكلية حماس، ويُنسب له دور فاعل في تأسيس كتائب القسام، كما أنه المحرك والقائد للكتائب في الضفة الغربية، وبالتالي فإن اغتياله في هذه اللحظة سيشكل ضررا استراتيجيا لحماس نظرا لما يملكه من خبرات ورؤى تم بناؤها عبر مسار طويل جمع خلاله المعرفة والخبرة والنضوج. ويذكّر اغتيال العاروري باغتيال خليل الوزير "أبو جهاد" في تونس عام 1988، وهو الذي لعب دورا مهما في إدارة فعاليات الانتفاضة الأولى.

إذا ظل حزب الله محافظا على مستوى النار الحالي فقد يدفع ذلك حكومة إسرائيل إلى زيادة العيار وفرض قواعد اشتباك جديدة. فالعملية بحد ذاتها تعتبر إسقاطا لقواعد الاشتباك الحالية، فضلا عن كونها وقعت في قلب المنطقة التي تمثّل الثقل السياسي والأمني والشعبي لحزب الله، والدافع لذلك هو إحراج الحزب وإضعاف صورته في إسرائيل
ويأتي اغتيال العاروري في سياق لهاث حكومة بنيامين نتنياهو بحثا عن أي إنجار له قيمة استراتيجية بعد أن تحولت حربه في غزة إلى مجرد قتل للأطفال والنساء وتدمير المدن بشكل همجي، رغم أن العاروري لم يكن هدفا صعبا بالحسابات العسكرية، فالرجل يتحرك ضمن بيئة مكشوفة، كما أن ضرورات إدارة الحرب ودوره التنسيقي مع الفصائل الفلسطينية في لبنان ومع حزب الله، تدفعانه إلى التحرك بشكل مكثف ومكشوف. وكانت صحيفة "يديعوت أحرنوت" قد أكدت في وقت سابق أن العاروري الذي وصفته بأنه "أداة شد الخيوط" عندما يتعلق ذلك بنشاط حماس في الضفة الغربية والقدس، هو الآن في متناول يد إسرائيل.

ورغم ذلك، فإن اغتيال العاروري ينطوي على دلالات سياسية وأمنية، ويأتي ضمن سياق أوسع تحاول إسرائيل من خلاله اختبار مسارين مهمين في هذه المرحلة:

الأول: مستوى رد حزب الله، خاصة وأن الاغتيال يأتي بعد أيام قليلة من اغتيال رضي موسوي، القائد في الحرس الثوري الإيراني في دمشق، ويبدو أن إسرائيل تحاول اختبار الحزب لتبني على الشيء مقتضاه، فإذا ظل حزب الله محافظا على مستوى النار الحالي فقد يدفع ذلك حكومة إسرائيل إلى زيادة العيار وفرض قواعد اشتباك جديدة. فالعملية بحد ذاتها تعتبر إسقاطا لقواعد الاشتباك الحالية، فضلا عن كونها وقعت في قلب المنطقة التي تمثّل الثقل السياسي والأمني والشعبي لحزب الله، والدافع لذلك هو إحراج الحزب وإضعاف صورته في إسرائيل.

عمليا، أنتجت حرب غزة معضلة إسرائيلية في الشمال، تتمثل بنزوح عشرات الآلاف وتعطل الحياة الاقتصادية في تلك المناطق، ولا تريد إسرائيل أن يتحوّل هذا الوضع إلى معادلة دائمة وترغب في الخروج منها مهما كلف الثمن، لكن من غير المرجح أن تأخذ إسرائيل اغتيال العاروري مقياسا لرد فعل الحزب لسببين مهمين؛ أن العاروري ليس من حزب الله، وأن قرار عدم الانجرار للحرب نهائي، بدليل أن الأمين العام للحزب حسن نصرالله والذي أكد في خطابه على أن العملية لن تمر دون رد، وضع الرد في سياق ما يجري من عمليات بين الطرفين على الحدود، وأكد بنفس الوقت أنه إذا ما شنت إسرائيل الحرب عليه سيتجاوز كل الخطوط الحمراء، بمعنى أنه لن يكون المبادر في الحرب الواسعة.

القرار الأمريكي لسحب حاملة الطائرات يعني أن تقدير الموقف الأمريكي للحرب قد انخفض، وهذا يستدعي بالتبعية تخفيض تزويد إسرائيل بالأسلحة والمعدات، وإجبارها على إعادة صياغة حربها على غزة، وهو ما تدعوه بالمرحلة الثالثة، أي الاقتصار على عمليات نوعية لا حاجة فيها لجسر جوي لإمداد إسرائيل بالأسلحة
المسار الثاني: يتعلق بسحب الولايات المتحدة حاملة طائراتها من المنطقة، وهو ما يبدو أن إسرائيل قرأت هذا السلوك في سياق احتمال توصل واشنطن وطهران إلى تفاهم بعدم توسيع اذرع ايران الحرب على إسرائيل من لبنان، وهو أمر لا تريده إسرائيل التي تريد من القوّة الأمريكية الانتظار حتى الانتهاء من حرب غزة والتحوّل باتجاه لبنان. كما أن القرار الأمريكي لسحب حاملة الطائرات يعني أن تقدير الموقف الأمريكي للحرب قد انخفض، وهذا يستدعي بالتبعية تخفيض تزويد إسرائيل بالأسلحة والمعدات، وإجبارها على إعادة صياغة حربها على غزة، وهو ما تدعوه بالمرحلة الثالثة، أي الاقتصار على عمليات نوعية لا حاجة فيها لجسر جوي لإمداد إسرائيل بالأسلحة.

في هذا السياق، يأتي اغتيال العاروري بمثابة تذكير لواشنطن بأن الحرب الكبرى ما زالت واردة، وبالتالي على واشنطن إعادة حساباتها، لأن حكومة المتطرفين الصهاينة لن تتردد في اللعب على حافة الهاوية إذا ما شعرت أنها تخسر الحرب.

بكل الأحوال، مثلما يبدو أن اغتيال العاروري، رغم وزنه وتأثيره، لن يضعف مقاومة حماس نظرا لوجود قادة ميدانيين يملكون من الخبرة ما يكفي لمواصلة القتال، كذلك فإن لا حزب الله سيغير من أسلوب عمله لحسابات داخلية وإقليمية، ولا أمريكا عادت قادرة على دعم الحرب الإسرائيلية بنمطها الحالي على الأقل، وبالتالي فإن اختبارات إسرائيل جاءت بغير وقتها.

twitter.com/ghazidahman1

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه العاروري إسرائيلي حماس غزة حزب الله إسرائيل حماس غزة حزب الله العاروري مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة سياسة سياسة صحافة سياسة سياسة مقالات سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة إسرائیل بالأسلحة اغتیال العاروری حزب الله

إقرأ أيضاً:

الجيش الإسرائيلي يعلن اغتيال ميثم العطار

أعلن الجيش الإسرائيلي مساء اليوم السبت 6 تموز 2024 ، اغتيال ميثم العطار ، القيادي في قوة الدفاع الجوي التابعة لتنظيم حزب الله اللبناني ، شرق لبنان.

وقال الجيش الإسرائيلي في بيان صحفي: "قضت القوات على ميثم مصطفى العطار، الذي كان يعتبر عنصرًا خبيرًا مهمًا في قوة الدفاع الجوي التابعة لحزب الله".

وأضاف: "كان العطار، يشكل عنصرًا ذو خبرة مهمة في منظومة الدفاع الجوي التابعة لحزب الله، كما لعب دورًا في تخطيط وتنفيذ هجمات متنوعة ضد دولة إسرائيل".

في المقابل نعى "حزب الله" "ميثم مصطفى العطار، مواليد عام 1991، من بلدة شعث في البقاع (شرق)، والذي ارتقى شهيداً على طريق القدس "، دون مزيد من التفاصيل.

وفي وقت سابق السبت، قالت وكالة أنباء لبنان الرسمية إن شخصا قتل في غارة جوية نفذتها طائرة مسيرة إسرائيلية استهدفت سيارة في بلدة شعث بمنطقة البقاع شرقي لبنان.

وبذلك ترتفع حصيلة قتلى "حزب الله" إلى 361 جراء المواجهات مع الجيش الإسرائيلي منذ 8 أكتوبر / تشرين اول 2023.
 

والأربعاء، أعلنت إسرائيل اغتيال القيادي في الحزب محمد نعمة ناصر "أبو نعمة" في غارة جوية على منطقة صور جنوب لبنان.

المصدر : وكالة سوا

مقالات مشابهة

  • عملية لـحزب الله تكشف عن مسؤول مهم
  • الحرب في غزة تدخل شهرها العاشر ومظاهرات إسرائيلية تطالب بصفقة تبادل فورية للرهائن
  • "حزب الله" يمطر شمال إسرائيل بعشرات الصواريخ بعد اغتيال القيادي "ميثم العطار"
  • اغتيال مسؤول كبير في منظومة الدفاع الجوي لـ"حزب الله"
  • اغتيال مسؤول كبير في منظومة صواريخ حزب الله
  • حذرته من “السيناريو الكابوس”.. مجلة “ذا أتلانتيك” لنتنياهو: لا نصر عسكري تحققه في لبنان
  • الجيش الإسرائيلي يعلن اغتيال ميثم العطار
  • قراءة عسكرية.. كلامٌ لافت من واشنطن عن حزب الله!
  • حزب الله يعلن إطلاق وابل من الصواريخ.. وإسرائيل ترد بقصف مدفعي
  • اجتماع حزب الله بحماس.. لقاء تصعيد أم تهدئة؟