عربي21:
2025-05-01@14:37:07 GMT

اغتيال العاروري بين اختبارين

تاريخ النشر: 5th, January 2024 GMT

يكاد اغتيال القائد صالح العاروري يشكّل أهم إنجاز إسرائيلي للحرب منذ حوالي ثلاث شهور، إذ باستثناء عمليات التدمير والقتل الهمجيين، اللذين يخلوان من أي بعد استراتيجي ولا يعكسان قدرة استثنائية لجيشها، الذي يمتلك ميزة الفضاء المفتوحة في مواجهة حركة تحرّر محدودة الأدوات والإمكانيات، فإن إسرائيل لم تنجز أي شيء يعيد موازين الردع ومعادلات القوّة كما كانت قبل السابع من تشرين الأول/ أكتوبر، أو على الأقل كما كان حسب تقديراتها وتصوراتها لموازين القوة.



لا شك أن الشهيد العاروري بوصفه أحد القادة الفاعلين والمؤثرين في هيكلية حماس، ويُنسب له دور فاعل في تأسيس كتائب القسام، كما أنه المحرك والقائد للكتائب في الضفة الغربية، وبالتالي فإن اغتياله في هذه اللحظة سيشكل ضررا استراتيجيا لحماس نظرا لما يملكه من خبرات ورؤى تم بناؤها عبر مسار طويل جمع خلاله المعرفة والخبرة والنضوج. ويذكّر اغتيال العاروري باغتيال خليل الوزير "أبو جهاد" في تونس عام 1988، وهو الذي لعب دورا مهما في إدارة فعاليات الانتفاضة الأولى.

إذا ظل حزب الله محافظا على مستوى النار الحالي فقد يدفع ذلك حكومة إسرائيل إلى زيادة العيار وفرض قواعد اشتباك جديدة. فالعملية بحد ذاتها تعتبر إسقاطا لقواعد الاشتباك الحالية، فضلا عن كونها وقعت في قلب المنطقة التي تمثّل الثقل السياسي والأمني والشعبي لحزب الله، والدافع لذلك هو إحراج الحزب وإضعاف صورته في إسرائيل
ويأتي اغتيال العاروري في سياق لهاث حكومة بنيامين نتنياهو بحثا عن أي إنجار له قيمة استراتيجية بعد أن تحولت حربه في غزة إلى مجرد قتل للأطفال والنساء وتدمير المدن بشكل همجي، رغم أن العاروري لم يكن هدفا صعبا بالحسابات العسكرية، فالرجل يتحرك ضمن بيئة مكشوفة، كما أن ضرورات إدارة الحرب ودوره التنسيقي مع الفصائل الفلسطينية في لبنان ومع حزب الله، تدفعانه إلى التحرك بشكل مكثف ومكشوف. وكانت صحيفة "يديعوت أحرنوت" قد أكدت في وقت سابق أن العاروري الذي وصفته بأنه "أداة شد الخيوط" عندما يتعلق ذلك بنشاط حماس في الضفة الغربية والقدس، هو الآن في متناول يد إسرائيل.

ورغم ذلك، فإن اغتيال العاروري ينطوي على دلالات سياسية وأمنية، ويأتي ضمن سياق أوسع تحاول إسرائيل من خلاله اختبار مسارين مهمين في هذه المرحلة:

الأول: مستوى رد حزب الله، خاصة وأن الاغتيال يأتي بعد أيام قليلة من اغتيال رضي موسوي، القائد في الحرس الثوري الإيراني في دمشق، ويبدو أن إسرائيل تحاول اختبار الحزب لتبني على الشيء مقتضاه، فإذا ظل حزب الله محافظا على مستوى النار الحالي فقد يدفع ذلك حكومة إسرائيل إلى زيادة العيار وفرض قواعد اشتباك جديدة. فالعملية بحد ذاتها تعتبر إسقاطا لقواعد الاشتباك الحالية، فضلا عن كونها وقعت في قلب المنطقة التي تمثّل الثقل السياسي والأمني والشعبي لحزب الله، والدافع لذلك هو إحراج الحزب وإضعاف صورته في إسرائيل.

عمليا، أنتجت حرب غزة معضلة إسرائيلية في الشمال، تتمثل بنزوح عشرات الآلاف وتعطل الحياة الاقتصادية في تلك المناطق، ولا تريد إسرائيل أن يتحوّل هذا الوضع إلى معادلة دائمة وترغب في الخروج منها مهما كلف الثمن، لكن من غير المرجح أن تأخذ إسرائيل اغتيال العاروري مقياسا لرد فعل الحزب لسببين مهمين؛ أن العاروري ليس من حزب الله، وأن قرار عدم الانجرار للحرب نهائي، بدليل أن الأمين العام للحزب حسن نصرالله والذي أكد في خطابه على أن العملية لن تمر دون رد، وضع الرد في سياق ما يجري من عمليات بين الطرفين على الحدود، وأكد بنفس الوقت أنه إذا ما شنت إسرائيل الحرب عليه سيتجاوز كل الخطوط الحمراء، بمعنى أنه لن يكون المبادر في الحرب الواسعة.

القرار الأمريكي لسحب حاملة الطائرات يعني أن تقدير الموقف الأمريكي للحرب قد انخفض، وهذا يستدعي بالتبعية تخفيض تزويد إسرائيل بالأسلحة والمعدات، وإجبارها على إعادة صياغة حربها على غزة، وهو ما تدعوه بالمرحلة الثالثة، أي الاقتصار على عمليات نوعية لا حاجة فيها لجسر جوي لإمداد إسرائيل بالأسلحة
المسار الثاني: يتعلق بسحب الولايات المتحدة حاملة طائراتها من المنطقة، وهو ما يبدو أن إسرائيل قرأت هذا السلوك في سياق احتمال توصل واشنطن وطهران إلى تفاهم بعدم توسيع اذرع ايران الحرب على إسرائيل من لبنان، وهو أمر لا تريده إسرائيل التي تريد من القوّة الأمريكية الانتظار حتى الانتهاء من حرب غزة والتحوّل باتجاه لبنان. كما أن القرار الأمريكي لسحب حاملة الطائرات يعني أن تقدير الموقف الأمريكي للحرب قد انخفض، وهذا يستدعي بالتبعية تخفيض تزويد إسرائيل بالأسلحة والمعدات، وإجبارها على إعادة صياغة حربها على غزة، وهو ما تدعوه بالمرحلة الثالثة، أي الاقتصار على عمليات نوعية لا حاجة فيها لجسر جوي لإمداد إسرائيل بالأسلحة.

في هذا السياق، يأتي اغتيال العاروري بمثابة تذكير لواشنطن بأن الحرب الكبرى ما زالت واردة، وبالتالي على واشنطن إعادة حساباتها، لأن حكومة المتطرفين الصهاينة لن تتردد في اللعب على حافة الهاوية إذا ما شعرت أنها تخسر الحرب.

بكل الأحوال، مثلما يبدو أن اغتيال العاروري، رغم وزنه وتأثيره، لن يضعف مقاومة حماس نظرا لوجود قادة ميدانيين يملكون من الخبرة ما يكفي لمواصلة القتال، كذلك فإن لا حزب الله سيغير من أسلوب عمله لحسابات داخلية وإقليمية، ولا أمريكا عادت قادرة على دعم الحرب الإسرائيلية بنمطها الحالي على الأقل، وبالتالي فإن اختبارات إسرائيل جاءت بغير وقتها.

twitter.com/ghazidahman1

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه العاروري إسرائيلي حماس غزة حزب الله إسرائيل حماس غزة حزب الله العاروري مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة سياسة سياسة صحافة سياسة سياسة مقالات سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة إسرائیل بالأسلحة اغتیال العاروری حزب الله

إقرأ أيضاً:

المؤسسة الأمنية في إسرائيل تبحث توسيع العملية البرية بغزة

قالت القناة 12 الإسرائيلية ، مساء الاثنين 28 أبريل 2025 ، إن المؤسسة الأمنية في إسرائيل ناقشت إمكانية توسيع العملية البرية في إطار الحرب على قطاع غزة ، إلى جانب الاستعداد لاحتمال تنفيذ حملة تجنيد واسعة لقوات الاحتياط، في ظل الجمود في مفاوضات وقف إطلاق النار وتبادل الأسرى.

جاء ذلك في أعقاب الإعلان الإسرائيلي الذي صدر عن "مصدر سياسي رفيع"، عن رفضها لمقترح حركة حماس بالتوصل إلى اتفاق شامل لوقف إطلاق النار وتبادل الأسرى.بحسب القناة

وذكرت القناة أن تعبئة واسعة في قوات الاحتياط "من المتوقع أن تترتب على انعكاسان أساسيان: زيادة الضغط على جنود الاحتياط الذين يعانون أصلًا من إرهاق كبير، وإمكانية تدهور أوضاع الأسرى الذين لا يزالون محتجزين في قطاع غزة".

وعلى صلة، جاء في بيان صادر عن مكتب رئيس الحكومة الإسرائيلية أن منسق ملف الأسرى والمفقودين، غال هيرش، قدّم اليوم إحاطة للسفراء وممثلي الدول التي يحمل بعض المحتجزين جنسياتها، إلى جانب كونهم مواطنين إسرائيليين.

وأفاد البيان بأن اللقاء تخلله "عرض للوضع القائم، واستعراض الجهود المبذولة في إطار المفاوضات، بالإضافة إلى بحث المسائل التي تتطلب التنسيق والتعاون الدولي لدعم جهود استعادة جميع الأسرى".

وفي وقت سابق اليوم، قال "مصدر سياسي رفيع" إنه "تتدحرج أفكار من جانب قسم من الدول العربية، مثل وقف الحرب لخمس سنوات. ولا يوجد احتمال أن نوافق على هدنة مع حماس ستسمح لها فقط بالتسلح والانتعاش، ومواصلة حربها ضد دولة إسرائيل بشكل أشد".

وأشارت وسائل إعلام إسرائيلية، في الأيام الماضية، إلى أن إسرائيل رفضت خلال الأيام الأخيرة عدة صيغ مقترحة عرضها الوسطاء. ونقلت عن مصادر مطلعة على تفاصيل المفاوضات قولها إن "الأيام الحالية شديدة الحساسية".

وقال رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو ، في خطاب ألقاه أمس، الأحد، إن إسرائيل ستسيطر عسكريا على قطاع غزة ولن تسمح للسلطة الفلسطينية بأن تستبدل حماس في الحكم في نهاية الحرب، في ظل التقارير عن توسيع إسرائيلي وشيك لحربها في غزة.

وأضاف خلال مؤتمر تعقده رابطة الأخبار اليهودية (جويش نيوز سينديكيت - JNS) في القدس ، أنه "لن نرضخ لأي ضغوط تقول لنا أن ننفذ ذلك"، وأن "السبب الوحيد أننا لا نقضي على حماس هو المخطوفون"، حسبما نقلت عنه وسائل إعلام إسرائيلية اليوم، الإثنين.

واعتبر نتنياهو أنه "يتعين علينا إنهاء الحرب في غزة، وإعادة المخطوفين وإبادة حماس"، ورحب بخطة تهجير الغزيين التي طرحها الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، وقال "صدقوني، الكثير منهم يريدون المغادرة".

المصدر : وكالة سوا اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد المزيد من الأخبار الإسرائيلية بن غفير يقرر إغلاق مكاتب صندوق ووقفية القدس رئيس الشاباك يحدد موعد استقالته رسميا كاتس: سنمنع إيران من امتلاك سلاح نووي ومستعدون لقرارات حاسمة الأكثر قراءة مجندات ينظمن وقفة للمطالبة بإطلاق سراح الجندي إنغرست طقس فلسطين : أجواء خماسينية شديدة الحرارة يديعوت : رصف نصف محور موراج وهدف الجيش تدمير ما تبقى من رفح شاهد: شهداء وإصابات في ليلة صعبة على غزة - استهداف متعمد للآليات الثقيلة عاجل

جميع الحقوق محفوظة لوكالة سوا الإخبارية @ 2025

مقالات مشابهة

  • تكاثر الاضطرابات النفسية في إسرائيل بفعل الحرب
  • بوريل: إسرائيل تُعد لأكبرِ عملية تطهير منذ الحرب العالمية
  • أخطر من جبهة الحرب.. لماذا تخاف إسرائيل من بيت صغير في الجنوب؟
  • تحذيرات من اغتيال الاحتلال للأسير عبد الله البرغوثي.. حالته خطيرة
  • الأونروا: "إسرائيل" اعتقلت أكثر من 50 موظفًا من الوكالة منذ بداية الحرب
  • الأونروا: إسرائيل اعتقلت أكثر من 50 موظفا من الوكالة منذ بداية الحرب
  • إسرائيل تدرس جديًا إلغاء الأرقام التسلسلية للأموال المتداولة في غزة
  • اغتيال رئيس مصنع تطوير قدرات الحرب الإلكترونية الروسية بسيارة مفخخة
  • إسرائيل تقتل طالب طب غزيا متفوقا وشقيقه يروي ما حدث
  • المؤسسة الأمنية في إسرائيل تبحث توسيع العملية البرية بغزة