عربي21:
2024-11-26@09:16:34 GMT

اغتيال العاروري بين اختبارين

تاريخ النشر: 5th, January 2024 GMT

يكاد اغتيال القائد صالح العاروري يشكّل أهم إنجاز إسرائيلي للحرب منذ حوالي ثلاث شهور، إذ باستثناء عمليات التدمير والقتل الهمجيين، اللذين يخلوان من أي بعد استراتيجي ولا يعكسان قدرة استثنائية لجيشها، الذي يمتلك ميزة الفضاء المفتوحة في مواجهة حركة تحرّر محدودة الأدوات والإمكانيات، فإن إسرائيل لم تنجز أي شيء يعيد موازين الردع ومعادلات القوّة كما كانت قبل السابع من تشرين الأول/ أكتوبر، أو على الأقل كما كان حسب تقديراتها وتصوراتها لموازين القوة.



لا شك أن الشهيد العاروري بوصفه أحد القادة الفاعلين والمؤثرين في هيكلية حماس، ويُنسب له دور فاعل في تأسيس كتائب القسام، كما أنه المحرك والقائد للكتائب في الضفة الغربية، وبالتالي فإن اغتياله في هذه اللحظة سيشكل ضررا استراتيجيا لحماس نظرا لما يملكه من خبرات ورؤى تم بناؤها عبر مسار طويل جمع خلاله المعرفة والخبرة والنضوج. ويذكّر اغتيال العاروري باغتيال خليل الوزير "أبو جهاد" في تونس عام 1988، وهو الذي لعب دورا مهما في إدارة فعاليات الانتفاضة الأولى.

إذا ظل حزب الله محافظا على مستوى النار الحالي فقد يدفع ذلك حكومة إسرائيل إلى زيادة العيار وفرض قواعد اشتباك جديدة. فالعملية بحد ذاتها تعتبر إسقاطا لقواعد الاشتباك الحالية، فضلا عن كونها وقعت في قلب المنطقة التي تمثّل الثقل السياسي والأمني والشعبي لحزب الله، والدافع لذلك هو إحراج الحزب وإضعاف صورته في إسرائيل
ويأتي اغتيال العاروري في سياق لهاث حكومة بنيامين نتنياهو بحثا عن أي إنجار له قيمة استراتيجية بعد أن تحولت حربه في غزة إلى مجرد قتل للأطفال والنساء وتدمير المدن بشكل همجي، رغم أن العاروري لم يكن هدفا صعبا بالحسابات العسكرية، فالرجل يتحرك ضمن بيئة مكشوفة، كما أن ضرورات إدارة الحرب ودوره التنسيقي مع الفصائل الفلسطينية في لبنان ومع حزب الله، تدفعانه إلى التحرك بشكل مكثف ومكشوف. وكانت صحيفة "يديعوت أحرنوت" قد أكدت في وقت سابق أن العاروري الذي وصفته بأنه "أداة شد الخيوط" عندما يتعلق ذلك بنشاط حماس في الضفة الغربية والقدس، هو الآن في متناول يد إسرائيل.

ورغم ذلك، فإن اغتيال العاروري ينطوي على دلالات سياسية وأمنية، ويأتي ضمن سياق أوسع تحاول إسرائيل من خلاله اختبار مسارين مهمين في هذه المرحلة:

الأول: مستوى رد حزب الله، خاصة وأن الاغتيال يأتي بعد أيام قليلة من اغتيال رضي موسوي، القائد في الحرس الثوري الإيراني في دمشق، ويبدو أن إسرائيل تحاول اختبار الحزب لتبني على الشيء مقتضاه، فإذا ظل حزب الله محافظا على مستوى النار الحالي فقد يدفع ذلك حكومة إسرائيل إلى زيادة العيار وفرض قواعد اشتباك جديدة. فالعملية بحد ذاتها تعتبر إسقاطا لقواعد الاشتباك الحالية، فضلا عن كونها وقعت في قلب المنطقة التي تمثّل الثقل السياسي والأمني والشعبي لحزب الله، والدافع لذلك هو إحراج الحزب وإضعاف صورته في إسرائيل.

عمليا، أنتجت حرب غزة معضلة إسرائيلية في الشمال، تتمثل بنزوح عشرات الآلاف وتعطل الحياة الاقتصادية في تلك المناطق، ولا تريد إسرائيل أن يتحوّل هذا الوضع إلى معادلة دائمة وترغب في الخروج منها مهما كلف الثمن، لكن من غير المرجح أن تأخذ إسرائيل اغتيال العاروري مقياسا لرد فعل الحزب لسببين مهمين؛ أن العاروري ليس من حزب الله، وأن قرار عدم الانجرار للحرب نهائي، بدليل أن الأمين العام للحزب حسن نصرالله والذي أكد في خطابه على أن العملية لن تمر دون رد، وضع الرد في سياق ما يجري من عمليات بين الطرفين على الحدود، وأكد بنفس الوقت أنه إذا ما شنت إسرائيل الحرب عليه سيتجاوز كل الخطوط الحمراء، بمعنى أنه لن يكون المبادر في الحرب الواسعة.

القرار الأمريكي لسحب حاملة الطائرات يعني أن تقدير الموقف الأمريكي للحرب قد انخفض، وهذا يستدعي بالتبعية تخفيض تزويد إسرائيل بالأسلحة والمعدات، وإجبارها على إعادة صياغة حربها على غزة، وهو ما تدعوه بالمرحلة الثالثة، أي الاقتصار على عمليات نوعية لا حاجة فيها لجسر جوي لإمداد إسرائيل بالأسلحة
المسار الثاني: يتعلق بسحب الولايات المتحدة حاملة طائراتها من المنطقة، وهو ما يبدو أن إسرائيل قرأت هذا السلوك في سياق احتمال توصل واشنطن وطهران إلى تفاهم بعدم توسيع اذرع ايران الحرب على إسرائيل من لبنان، وهو أمر لا تريده إسرائيل التي تريد من القوّة الأمريكية الانتظار حتى الانتهاء من حرب غزة والتحوّل باتجاه لبنان. كما أن القرار الأمريكي لسحب حاملة الطائرات يعني أن تقدير الموقف الأمريكي للحرب قد انخفض، وهذا يستدعي بالتبعية تخفيض تزويد إسرائيل بالأسلحة والمعدات، وإجبارها على إعادة صياغة حربها على غزة، وهو ما تدعوه بالمرحلة الثالثة، أي الاقتصار على عمليات نوعية لا حاجة فيها لجسر جوي لإمداد إسرائيل بالأسلحة.

في هذا السياق، يأتي اغتيال العاروري بمثابة تذكير لواشنطن بأن الحرب الكبرى ما زالت واردة، وبالتالي على واشنطن إعادة حساباتها، لأن حكومة المتطرفين الصهاينة لن تتردد في اللعب على حافة الهاوية إذا ما شعرت أنها تخسر الحرب.

بكل الأحوال، مثلما يبدو أن اغتيال العاروري، رغم وزنه وتأثيره، لن يضعف مقاومة حماس نظرا لوجود قادة ميدانيين يملكون من الخبرة ما يكفي لمواصلة القتال، كذلك فإن لا حزب الله سيغير من أسلوب عمله لحسابات داخلية وإقليمية، ولا أمريكا عادت قادرة على دعم الحرب الإسرائيلية بنمطها الحالي على الأقل، وبالتالي فإن اختبارات إسرائيل جاءت بغير وقتها.

twitter.com/ghazidahman1

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه العاروري إسرائيلي حماس غزة حزب الله إسرائيل حماس غزة حزب الله العاروري مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة سياسة سياسة صحافة سياسة سياسة مقالات سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة إسرائیل بالأسلحة اغتیال العاروری حزب الله

إقرأ أيضاً:

«القاهرة الإخبارية»: أنباء متضاربة عن اغتيال قيادات في حزب الله

قالت دانا أبو شمسية، مراسلة قناة «القاهرة الإخبارية» من القدس المحتلة، إن عادة ما تكون البيانات والتصريحات الإسرائيلية شحيحة يوم السبت، مشيرًا إلى أن تل أبيب اليوم أصدرت إسرائيل بيانين عسكريين تصف فيهما الأعمال العدوانية المستمرة في جنوب لبنان.

وأضافت «أبو شمسية» خلال تغطيتها للقاهرة الإخبارية، أن جيش الاحتلال الإسرائيلي لم يذكر أي معلومات أو بيانات عن الغارة الأخيرة التي استهدفت بيروت، موضحة أن هناك العديد الأقاويل التي تتردد في الشارع الإسرائيلي حول نجاح إسرائيل في تصفية قيادات في حزب الله اللبناني أو بائت العملية بالفشل.

تعدد الروايات وتناقضها

ولفتت إلى أن هناك العديد من الروايات المتناقضة منذ الصباح حول بعض الأسماء التي تداولتها وسائل الإعلام الإسرائيلية بأنها الهدف من الغارة التي شنتها إسرائيل على بيروت باستخدام قنابل خارقة للتحصينات، مشيرة إلى أن هذه القنابل مثل القنابل التي اُغتيل بها الأمين العام لحزب الله اللبناني حسن نصر الله، وغيره من قادة الصفوف الأولى.

مقالات مشابهة

  • قرار مرتقب بشأن وقف إطلاق النار في لبنان .. وبايدن وماكرون سيعلنان الهدنة بين إسرائيل وحزب الله خلال 36 ساعة
  • مسؤول اميركي: إسرائيل ولبنان اتفقا على شروط إنهاء الحرب
  • بعد التصعيد مع حزب الله.. لماذا تدرس إسرائيل وقف القتال في لبنان؟
  • “هيومن رايتس ووتش”: استهداف إسرائيل الصحفيين في حاصبيا جريمة حرب
  • ترقب لمجريات الحرب بعد ضربات قوية لـ"حزب الله" في إسرائيل
  • رغم جهود وقف الحرب.. تصاعد الضربات بين إسرائيل وحزب الله
  • هوكستين يُنذر إسرائيل.. والتصعيد يخيّم على جهود وقف الحرب اللبنانية
  • عاجل. الحرب في يومها الـ415: إسرائيل تكثف هجماتها على لبنان وغزة وحزب الله يستهدف تل أبيب بصواريخ
  • لبنان ينفي اغتيال قيادي من "حزب الله" في "غارة البسطة"
  • «القاهرة الإخبارية»: أنباء متضاربة عن اغتيال قيادات في حزب الله