صحيفتان فرنسيتان: مودي في باريس.. انتصار للسياسة الواقعية أم تلطيخ لوجه فرنسا الحرة؟
تاريخ النشر: 16th, July 2023 GMT
لم تتفق صحيفتا "ليبراسيون" (Liberation) و"لوموند" (Le Monde) الفرنسيتان في تقويمهما لزيارة رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي هذه الأيام، إذ رأت الأولى أنها تلطيخ لسمعة البلاد، في حين رأت فيها الأخرى انتصارا للسياسة الواقعية يبرره ثقل الهند الاقتصادي المتزايد ودورها الرئيسي ضد الصين على رقعة الشطرنج الجيوسياسية.
وكتب شومونا سينها عبر ليبراسيون رسالة مفتوحة قاسية اللهجة للرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون يؤنبه فيها على دعوة مودي كضيف شرف في احتفالات 14 يوليو/تموز، ويذكره بأن هذا المدعو رئيس دولة يقود سياسة هندوسية متطرفة وقاسية وفاشية ضد جميع الأقليات في الهند، وهو يستهزئ بحقوق الإنسان ومسؤول عن مذابح المسلمين والصحفيين وقادة المعارضة والنشطاء، وقد حوّل الديمقراطية الهندية إلى مهزلة مروعة، وهو يقودها نحو ثيوقراطية.
سينها: مودي يقود سياسة هندوسية متطرفة وفاشية ضد جميع الأقليات في الهند، وهو مسؤول عن مذابح المسلمين والصحفيين وقادة المعارضة والنشطاء، وقد حوّل الديمقراطية الهندية إلى مهزلة مروعة، وهو يقودها نحو ثيوقراطية
فشلت في أداء واجبكونبه الكاتب الصحفي -الذي اختار فرنسا وطنا له لمحبته لها كما يقول- إلى أن مودي عضو مدى الحياة في مليشيا "آر إس إس" (RSS) الفاشية التي اغتال عضوها ناتورام جودسي المهاتما غاندي، متأسفا أن ماكرون دعاه في يوم يحتفل فيه الفرنسيون بقيم الحرية والمساواة والأخوة رغم أن الصحفيين والباحثين وعلماء السياسة والكتاب والمفكرين الفرنسيين والهنود كشفوا الجرائم السياسية لمودي وحزبه السياسي ومليشياته وأنصاره.
وتساءل الكاتب: هل الرئيس ماكرون بعد هذه الدعوة يعتبر حقا رئيسا لفرنسا؟ مؤكدا له "لقد فشلت بشكل خطير في أداء واجبك"، وسأله: هل تفهم الديمقراطية حقا وتحترمها؟ موضحا أن هذا الازدراء والسخرية والإنكار والقسوة لا يليق إلا بالحكام المستبدين، مختتما بأن تكريمه رئيس الدولة الهندوسي الاستبدادي ليس مجرد مجاملة دبلوماسية بحتة، مخاطبا ماكرون "أنت الذي وصفته بأنه رجل صالح مثل أخيك"، فأنتما تلهمان بعضكما.
أما لوموند فقالت في افتتاحيتها إن التكريمين اللذين خصصا لرئيس الوزراء الهندي في فرنسا والولايات المتحدة تفسرهما جاذبيتان لبلاده، هما ثقلها الاقتصادي المتزايد ودورها الرئيسي ضد الصين على رقعة الشطرنج الجيوسياسية، وهو بالتالي انتصار للسياسة الواقعية.
شراكة طويلة
ووصفت الصحيفة بعض لحظات الاحتفال، وأشارت إلى أنه يخلد 25 عاما من الشراكة الإستراتيجية بين باريس ونيودلهي توجت باتفاقية أولية بشأن بيع 26 طائرة من طراز رافال في نسختها البحرية لحاملات الطائرات، و3 غواصات من فئة سكوربيون، بالإضافة إلى 36 غواصة كلاسيكية من طراز "رافال" و6 غواصات تم بيعها بالفعل لنيودلهي.
ونبهت لوموند إلى أن هذه هي المعاملة المخصصة لرئيس الحكومة الهندية من قبل شركائه الغربيين، لأن أولويتهم هي موازنة صعود القوة الصينية، بحيث تكون نيودلهي الحليف الأول، مذكرة بأن الهند -باعتبارها من أتباع "الاصطفاف المتعدد"- تسترشد أولا بمصلحتها الخاصة، وقد تجنبت الوقوف إلى جانب الدول الغربية في الحرب في أوكرانيا، لكنها تترأس مجموعة العشرين هذا العام، وهي خامس أكبر اقتصاد في العالم.
وخلصت الصحيفة إلى أن عدم استقبال مودي وتجاهل ما يمثله في مثل هذا السياق سيكونان خطأ وإن لم يكن جعله ضيف شرف في العيد الوطني ضروريا حسب رأيها، مشيرة إلى إسكات الانتقادات الموجهة إلى الانجراف الاستبدادي لمودي والقومية المتفاقمة لحزبه، متسائلة: هل يمكن استمرار مودي في حكم بلده على المدى الطويل من خلال تأليب الأغلبية الهندوسية ضد الأقليات المسلمة والمسيحية؟ موضحة أنه من الضروري أحيانا الاعتماد على قوى ليست بلا لوم، لإحباط طموحات الأنظمة الاستبدادية مثل روسيا والصين.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: إلى أن
إقرأ أيضاً:
هآرتس: الديمقراطية والصحافة الحرة في الغرب تتراجعان
حذرت صحيفة هآرتس اليسارية -في افتتاحيتها- من أن الديمقراطية والصحافة الحرة في تراجع جراء ما تسميه حرب النخب الثرية في الولايات المتحدة والغرب وإسرائيل على المبادئ الديمقراطية وحرية الصحافة.
وجاء المقال تعليقا على قرارٍ هذا الأسبوع للملياردير الأميركي جيف بيزوس (مؤسس ورئيس مجلس إدارة شركة أمازون ومالك واشنطن بوست) فرض سياسة جديدة لنشر مقالات الرأي في الصحيفة.
اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2يديعوت أحرونوت: 5 إشارات تحذيرية سبقت هجوم 7 أكتوبرlist 2 of 2صحف عالمية: اتفاق المرحلة الثانية أكثر صعوبة وحرب غزة قد تعودend of listوبموجب هذا القرار، سيكون التركيز على "الحريات الشخصية والأسواق الحرة" ولن يُسمح بنشر مقالات تتعارض مع هذه القيم، كما تفيد هآرتس.
قرار مدروسواعتبرت هآرتس أن هذا ليس قرارا بريئا من مالك صحيفة له أجندة أيديولوجية، بل ولا ينفصل عن المزاج السائد في عالم التجارة والأعمال الأميركي منذ انتخاب دونالد ترامب رئيسا.
ورأت في القرار أيضا "تملقا صارخا" لترامب من ناحية، وهو ما اتضح فعليا في حفل تنصيبه. ومن ناحية أخرى، هناك انخراط متزايد من قبل مجموعة من المليارديرات، معظمهم من عالم التكنولوجيا، في عمل الإدارة الأميركية.
ووفقا للصحيفة الإسرائيلية، فإن هذا التطور تجلى بشكل خاص في التدخل السياسي لأغنى رجل في العالم (إيلون ماسك) الذي كلفه ترامب بمهمة ترشيد أداء الأجهزة الحكومية، ولكنه يتعامل بقسوة في إنجازها مما أضر بالمؤسسات الحيوية.
إعلانوماسك ليس وحده الذي نالته سهام هآرتس، إذ طالت أيضا مارك زوكربيرغ الرئيس التنفيذي لشركة ميتا. وقالت الصحيفة إن الأخير سرعان ما انساق مع الرياح التي تهب من البيت الأبيض عندما ألغى آلية التحقق من الحقائق في منصة فيسبوك.
ومع إقرارها بحق وسائل الإعلام في الترويج لقيم ورؤى عالمية معينة، إلا أن هآرتس ترى أن قرار بيزوس بالحد من حرية التعبير الصحفي في واحدة من أهم الصحف في العالم لا يمكن النظر إليه بمعزل عن العمليات الأعمق التي تهدد الصحافة الحرة في العديد من البلدان التي تولى فيها قادة مناهضون لليبرالية زمام السلطة.
الأوليغارشية وترامبوزعمت هآرتس أن الإضرار بحرية الصحافة في هذه البلدان جزء معلن ومتعمد من حرب هؤلاء القادة على المبادئ الديمقراطية.
فالجمع بين رئيس أميركي مدفوع بروح انتقامية يتعذر التنبؤ بتصرفاته، وحكومة مؤلفة من مجموعة صغيرة من فاحشي الثراء (الأوليغارشية أو حكم الأقلية) هو مزيج يقود الولايات المتحدة إلى حقبة خطيرة للغاية من تقويض الضوابط والتوازنات في أقوى ديمقراطية في العالم، تسير خلف ركابها دول أخرى، على حد تعبير المقال.
وحسب الصحيفة، فإن بيزوس ليس سوى مثال واحد على الانزلاق الخطير للنخب إلى هذا الدرك. وفي إسرائيل أيضا، تواجه الصحافة مخاطر متزايدة من قبل حكومة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو للحد من استقلاليتها.
وتوضح افتتاحية هآرتس أن هذه التهديدات تمثلت في تدخل مالكي وسائل الإعلام خفية في شؤونها، كما هو موثق بالقضايا الجنائية ضد نتنياهو، ومحاولات الاستيلاء من الداخل، كما حدث بالقناة 13 التلفزيونية؛ وتشريعات صريحة مثل مشاريع القوانين التي تقدمها الحكومة ليل نهار ضد هيئة البث العام "كان" وهآرتس.
وخلصت إلى أن الصحافة الحرة تعتبر أساسية لحماية الديمقراطية، وأن مالكي الصحف يتحملون مسؤولية كبيرة في تحقيق التوازن بين مصالحهم الشخصية والمصلحة العامة، في وقت يتراجع فيه الوعي بهذه المسؤولية، مما يهدد مستقبل النظام الديمقراطي.
إعلان