خطبة الجمعة من مسجد الحسين|الدكتور مصطفى عبد السلام: الإسلام حث الشباب على الزواج من المرأة الولود.. والإنجاب لا يقصد منه إنشاء جيل ضعيف وهزيل.. فيديو
تاريخ النشر: 5th, January 2024 GMT
خطبة الجمعة من مسجد الحسين
الدكتور مصطفى عبد السلام يؤكد:
الإسلام حث الشباب على الزواج من المرأة الولود
هذه مظاهر اعتناء الإسلام بالصحة الإنجابية
الإنجاب لا يقصد منه إنشاء جيل ضعيف وهزيل
ضية الإنجاب ليست عشوائية
النبي استعاذ من كثرة الإنجاب
نقل التليفزيون المصري شعائر أول جمعة في العام الجديد، من رحاب مسجد الإمام الحسين رضي الله عنه، حيث بدأت شعائر أول جمعة في العام الجديد بتلاوة للقارئ الشيخ أحمد نعينع، وخطيبا الدكتور مصطفى عبدالسلام إمام وخطيب مسجد الإمام الحسين.
وقال الدكتور مصطفى عبدالسلام، إمام وخطيب مسجد الإمام الحسين، إنه لا توجد ثقافة ولا حضارة ولا دين أمر بالحفاظ على الصحة الإنجابية للطفل والوالدين أكثر من دين الإسلام.
وأضاف خطيب مسجد الحسين، في خطبة الجمعة اليوم، عن "الصحة الإنجابية بين حق الوالدين وحق الطفل"، أن الله تعالى أرشدنا إلى هذا في قرآنه وأرشدنا النبي إلى هذا في سنته.
وأشار إلى النبي وجهنا من قبل الزواج أصلا أن نختار الزوجة التي تستطيع أن تتحمل أعباء الأسرة وتتحمل أعباء ومشقة الحمل والولادة والرضاعة والتربية.
ووجه النبي الشباب إلى الزواج من المرأة الودود الولود، وأشارت آيات سورة القصص إلى موقف ابنتي الرجل الصالح حينما طلبتا من أبيهما أن يختار موسى عليه السلام، ليكون زوجا لإحداهما، لقوته وشجاعته وتحمله المسئولية.
واستشهد بقول الله تعالى (قَالَتْ إِحْدَاهُمَا يَا أَبَتِ اسْتَأْجِرْهُ ۖ إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الْأَمِينُ).
وذكر خطيب مسجد الحسين، أن من مظاهر اعتناء الإسلام بالصحة الإنجابية للطفل وللوالدين أن الله تعالى تولى بنفسه رعاية الجنين وهو في بطن أمه، فهيأ له الظروف المناسبة بقدرته سبحانه وتعالى.
وقال الدكتور مصطفى عبدالسلام، إمام وخطيب مسجد الإمام الحسين، إن من مظاهر اعتناء الإسلام بالصحة الإنجابية للطفل وللوالدين، أن الشرع الحنيف أباح للأم الحامل إذا خافت على نفسها وإذا قلقت على جنينها أن تفطر في نهار رمضان وتقضي بعد رمضان.
وأضاف خطيب مسجد الحسين، في خطبة الجمعة اليوم، عن "الصحة الإنجابية بين حق الوالدين وحق الطفل"، أن الله تعالى أمرنا ألا نوقع الضرر أبدا على الأم الحامل ولا على جنينها، فقال الله (لَا تُضَارَّ وَالِدَةٌ بِوَلَدِهَا وَلَا مَوْلُودٌ لَّهُ بِوَلَدِهِ).
وأشار إلى أن الشرع الحنيف، وجه الأمهات المرضعات أنها لابد وأن ترضع مولودها حولين كاملين، وألا تفكر في حمل جديد قبل إتمام حولين من الرضاعة.
وتابع: وذلك حتى لا يطغى طفل على طفل ولا يطغى الجنين على الطفل الرضيع، لأن هذا سيؤثر سلبا على الطفل وعلى حياة الأم وعلى الجنين.
واستشهد بقول الله تعالى (وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلَادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ ۖ لِمَنْ أَرَادَ أَن يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ).
وأكد أن الإسلام حرص على أن ينشأ جيل قوي نباهي به الأرض كلها، ونرفع به رؤوسا عالية، جيل يتحمل المسئولية ويباهي به النبي.
وقال الدكتور مصطفى عبدالسلام، إمام وخطيب مسجد الإمام الحسين، إنه ليس المقصود أبدا من الإنجاب أن ينشأ جيل ضعيف هزيل مختلف عن ركب الحضارة والمدنية، لم يأخذ حقه لا في الرعاية ولا في الرضاعة ولا في المعيشة.
وأضاف خطيب مسجد الحسين، في خطبة الجمعة اليوم، عن "الصحة الإنجابية بين حق الوالدين وحق الطفل"، أن النبي الكريم حذر من كل هذا، وقال (يوشك أن تتداعى عليكم الأمم كما تتداعى الاكلة إلى قصعتها، قالوا أومن من قلة نحن يومئذ يا رسول الله، قال: بل أنتم كثير، ولكن غثاء كغثاء السيل).
وأشار إلى أن النبي الكريم، كان يدعو الله من كثرة العيال وقلة المال، فقد صح عنه -صلى الله عليه وسلم- أنه كان يدعو الله، ويقول (اللهم إني أعوذ بك من جهد البلاء ودرك الشقاء وسوء القضاء وشماتة الأعداء).
وقال سيدنا ابن عمر في صحيح الإمام البخاري، عن ابن بطال، إن جهد البلاء هو كثرة العيال وقلة المال.
وأرشد النبي، الشباب، إذا أرادوا الزواج، أن يحققوا القدرة، والقدرة هنا هي القدرة المادية والقدرة المجتمعية، والقدرة الصحية، لذلك أمرنا الإسلام بالحفاظ على الصحة الإنجابية لحياة الطفل وللوالدين.
وشدد الدكتور مصطفى عبدالسلام خطيب أول جمعة بـ 2024، وإمام مسجد الإمام الحسين رضي الله عنه، على كل مسلم أن يعي قضية الإنجاب جيدًا، لأن الشرع الحنيف أمرنا بهذا، مؤكدًا : «لا ينبغي أن تكون عشوائية بل فهم أو إدراك للأضرار الصحية والاجتماعية».
وتابع خطيب مسجد الإمام الحسين خلال خطبة الجمعة اليوم، عن الصحة الإنجابية بين حق الوالدين والطفل: «الأطفال هم فلذات الأكباد وعماد ظهورنا وقرة أعيننا وسيأثر ذلك سلبًا أو إيجابًا على صالح العباد والبلاد».
أكد الشيخ مصطفى عبدالسلام، خطيب أول جمعة بـ 2024 إمام وخطيب مسجد الإمام الحسين، أن الهدف من الإنجاب أن ينشأ جيل قوي، فتيي، مبدع ومفكر، نستطيع أن نباهي به الدنيا بأثرها، ويستطيع أن يتحمل المسؤولية والصعاب.
وقال خطيب أول جمعة بـ 2024، تحت عنوان :"الصحة الإنجابية بين حق الوالدين وحق الطفل": «ليس المقصود من الإنجاب أن ينشأ جيل ضعيف متخلف عن ركب الأمم،، قال صلى الله عليه وسلم:" يوشك الأمم أن تداعى عليكم كما تداعى الأكلة إلى قصعتها، فقال قائل: ومن قلة نحن يومئذ؟ قال: بل أنتم يومئذ كثير ولكنكم غثاء كغثاء السيل، ولينزعن الله من صدور عدوكم المهابة منكم، وليقذفن الله في قلوبكم الوهن، فقال قائل يا رسول الله: وما الوهن؟ قال حب الدنيا وكراهية الموت"، لذلك كان من دعاء النبي صلى الله عليه وسلم مستعيذا من كثرة الإنجاب وقلة المال أن يقول: «اللهم إني أعوذ بك من جهد البلاء»، قال سيدنا ابن عمر رضي الله عنهما جهد البلاء هو كثر العيال وقلة المال.
وشدد على ضرورة أن يتحقق لطالب الزواج القدرة وهي ليست المادية فقط، بل المجتمعية والصحية، لذا أمرنا الإسلام بالحفاظ على الصحة الإنجابية للطفل والوالدين.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: خطبة الجمعة مسجد الحسين الإسلام الزواج الصحة الانجابية خطبة الجمعة الیوم خطیب مسجد الحسین الله تعالى أول جمعة
إقرأ أيضاً:
موضوع خطبة الجمعة اليوم بمساجد الأوقاف
حددت وزارة الأوقاف موضوع خطبة الجمعة اليوم بعنوان: “إِنَّ هَذَا الدِّينَ مَتِينٌ فَأَوْغِلْ فِيهِ برِفْقٍ”.
وقالت وزارة الأوقاف: إن الهدف من هذه الخطبة هو: التوعية بأسباب ومخاطر التطرف والتشدد والغلو، علمًا بأن الخطبة الثانية تتناول إبراز أهمية العمل التطوعي، والمشاركة في المبادرات المجتمعية.
موضوع خطبة الجمعةالحَمْدُ للهِ رَبِّ العَالَمِينَ، الحَمْدُ للهِ غَافِرِ الذَّنْبِ، وَقَابِلِ التَّوْبِ، شَدِيدِ العِقَابِ، ذِي الطَّوْلِ، لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ إِلَيْهِ المَصِيرُ، الحَمْدُ للهِ حَمْدًا يُوَافِي نِعَمَهُ وَيُكَافِئُ مَزِيدَهُ، نَحْمَدُكَ اللَّهُمَّ حَمْدَ الشَّاكِرِينَ، وَنَسْأَلُكَ اللَّهُمَّ الهُدَى وَالرِّضَا وَالعَفَافَ وَالغِنَى، ونَشْهَدُ أنْ لَا إلهَ إِلا اللهُ وحدَهُ لا شَريكَ لَهُ، ونَشْهدُ أنَّ سَيِّدَنَا مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، وَصَفِيُّهُ مِنْ خَلْقِهِ وَحَبِيبُهُ وَخَلِيلُهُ، صَاحِبُ الخُلُقِ العَظِيمِ، النَّبِيُّ المُصْطَفَى الَّذِي أَرْسَلَهُ اللهُ تَعَالَى رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ، اللَّهُمَّ صَلِّ وسلِّمْ وبارِكْ علَيهِ، وعلَى آلِهِ وَأَصحَابِهِ، ومَنْ تَبِعَهُمْ بِإِحْسَانٍ إلَى يَومِ الدِّينِ، وَبَعْدُ:
فَإِنَّ الدِّينَ مَادَّةُ السَّعَادَةِ الأَبَدِيَّةِ؛ وَأَصْلُ الحَيَاةِ الطَّيِّبَةِ، وَسَبِيلُ النَّعِيمِ العَاجِلِ وَالآجِلِ، شَرَعَهُ اللهُ تَعَالَى لِعِبَادِهِ سَهْلًا مُيَسَّرًا، وَحَدَّدَ اللِّسَانُ النَّبَوِيُّ الشَّرِيفُ مَعَالِمَهُ، وَأَرْسَى قَوَاعِدَهُ، وَبَيَّنَ مَرَامِيَهُ، فَقَالَ صَلَوَاتُ رَبِّي وَسَلَامُهُ عَلَيْهِ: «إِنَّ هَذَا الدِّينَ مَتِينٌ، فَأَوْغِلْ فِيهِ بِرِفْقٍ».
أَيُّهَا النَّاسُ، تَفَقَّدُوا لَذَّةَ الإِيمَانِ، وَحَلَاوَةَ الإِذْعَانِ، وَسِيرُوا فِي هَذَا الدِّينِ بِرِفْقٍ وَلِينٍ مِنْ غَيْرِ عَنَتٍ وَلَا تَكَلُّفٍ وَلَا تَشَدُّدٍ، وَلَا تُحَمِّلُوا أَنْفُسَكُم مَا لا تُطِيقُونَ، فَمَا أَجْمَلَ أَنْ يَكُونَ التَّدَيُّنُ دَيْمُومَةَ الذِّكْرِ، وَإِدْمَانَ الفِكْرِ، وَالحِفَاظَ عَلَى الفَرَائِضِ، والتَّجَمُّلَ بِالنَّوَافِلِ، وإِخْلَاصَ النَّوَايَا، وَإِدَامَةَ العَطَايَا، مَقْرُونًا ذَلِكَ كُلُّهُ بِحَالِ الانْكِسَارِ وَالتَّذَلُّلِ للهِ رَبِّ العَالَمِينَ، فَهَذَا هُوَ مِعْيَارُ القُرْبِ، وَمَدَارُ الأُنْسِ، وَمِفْتَاحُ الوُصُولِ، وَسِرُّ القَبُولِ.
وَانْظُروا إِلَى حَالِ هَذَا الصَّحَابِيِّ الجَلِيلِ الَّذِي تَمَنَّى أَنْ يَقْبَلَ الرِّفْقَ النَّبَوِيَّ فِي العِبَادَةِ، وَنَدِمَ أَنْ حَمَّلَ نَفْسَهُ فَوْقَ طَاقَتِهَا، يَقُولُ سَيِّدُنا عَبْدُ اللهِ بْنُ عَمْرِو بن العَاصِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ: قَالَ لِي رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: «يَا عَبْدَ اللهِ، أَلَمْ أُخْبَرْ أَنَّكَ تَصُومُ النَّهَارَ وَتَقُومُ اللَّيْلَ؟» فَقُلْتُ: بَلَى يَا رَسُولَ الله، قَالَ صَلَوَاتُ رَبِّي وَسَلَامُهُ عَلَيْهِ: «فَلاَ تَفْعَلْ، صُمْ وَأَفْطِرْ، وَقُمْ وَنَمْ؛ فَإِنَّ لِجَسَدِكَ عَلَيْكَ حَقًّا، وَإِنَّ لِعَيْنِكَ عَلَيْكَ حَقًّا، وَإِنَّ لِزَوْجَكَ عَلَيْكَ حَقًّا، وإَنَّ لِزَوْرِكَ عَلَيْكَ حَقًّا، وإِنَّ بِحَسْبِكَ أَنْ تَصُومَ كُلَّ شَهْرٍ ثَلاَثَةَ أَيَّامٍ؛ فَإِنَّ لَكَ بِكُلَّ حَسَنَةٍ عَشْرَ أَمْثَالِهَا، فَإِنَّ ذَلِكَ صِيَامُ الدَّهْرِ كُلِّهِ»، قَال عَمْرو رَضِيَ اللهُ عَنْهُ: فَشَدَّدْتُ؛ فَشُدَّدَ عَلَيَّ، قُلْتُ: يَا رَسُولَ الله، إِنَّي أَجِدُ قُوَّةً، قَالَ: «فَصُمْ صِيَامَ نَبِيَّ الله دَاوُدَ -عليه السلام-وَلاَ تَزِدْ عَلَيْهِ» قُلْتُ: وَمَا كَانَ صِيَامُ نَبِيَّ الله دَاوُدَ -عليه السلام-؟ قَالَ: «نِصْفَ الدَّهْرِ»، ثُمَّ تَأَمَّلُوا أَيُّهَا الكِرَامُ إِلَى هَذِهِ الكَلِمَةِ الَّتِي تُكْتَبُ بِمَاءِ العُيُونِ: «فَكَانَ عَبْدُ الله يَقُولُ بَعْدَ مَا كَبِرَ: يَا لَيْتَنِي قَبلْتُ رُخْصَةَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم»! فَالرِّفْقَ الرِّفْقَ عِبَادَ اللهِ!
خطبة الجمعة مكتوبةوَيَدخُلُ رسُولُ اللهِ صلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ المَسْجِدَ فَيَرَى حَبْلًا مَمْدُودًا بَيْنَ سَاريَتَيْنِ، فَقَالَ: «مَا هَذَا؟»، قَالُوا: لِزَيْنَبَ، تُصلِّي، فَإِذَا كَسِلَتْ أَوْ فتَرَتْ أَمْسَكَتْ بِهِ، فَقَالَ صَلَوَاتُ رَبِّي وَسَلَامُهُ عَلَيْهِ: «حُلُّوه» ثُمَّ قَالَ: «لِيُصَلِّ أَحَدُكُمْ نَشَاطَهُ، فَإِذَا كَسِلَ أَوْ فَتَرَ فَلْيَقْعُدْ»، فَالرِّفْقَ الرِّفْقَ عِبَادَ اللهِ!.
أَيُّهَا النَّاسُ، إِنَّ الإِقْبَالَ عَلَى التَّدَيُّنِ بِحَالٍ المُبَالَغَةِ وَالتَّشَدُّدِ يَقْذِفُ فِي القُلُوبِ الكِبْرَ وَالعُلُوَّ عَلَى خَلْقِ اللهِ، فيَنْبُتُ التَّكْفِيرُ وَالتَّطَرُّفُ وَالإِرْهَابُ، كَحَالِ ذِي الخُوَيْصِرَةِ وأَصْحَابِهِ، الَّذِي بَلَغَ بِهِ الاسْتِعْلَاءُ أَنْ يَظُنَّ نَفْسَهُ صَاحِبَ مِيزَانِ الحُكْمِ عَلَى النَّاسِ، حَتَّى عَلَى الجَنَابِ المُعَظَّمِ صَلَوَاتُ رَبِّي وَسَلَامُهُ عَلَيْهِ، حَيْثُ قَالَ: «يَا مُحَمَّدُ، اعْدِلْ»، فَقَالَ لَهُ صَلَوَاتُ رَبِّي وَسَلَامُهُ عَلَيْهِ: «وَيْلَك! وَمَنْ يَعْدِلُ إِذَا لَمْ أَعْدِلْ؟ قَدْ خِبْتَ وَخَسِرْتَ إِنْ لَمْ أَكُنْ أَعْدِلُ»، ثُمَّ قَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَّ: «فَإنَّ لَهُ أَصْحَابًا يَحْقِرُ أَحَدُكُمْ صَلَاتَهُ مَعَ صَلَاتِهِمْ وَصِيَامَهُ مَعَ صِيَامِهِمْ، يَقْرَأُونَ القُرْآنَ لَا يُجَاوِزُ تَرَاقِيَهُمْ، يَمْرُقُونَ مِنَ الدِّينِ كَمَا يَمْرُقُ السَّهْمُ مِنَ الرَّمِيَّةِ»، فَكَانَ الخُسْرَانُ وَالخَيْبَةُ لِكُلِّ ذِي خُوَيْصِرَةٍ، يَعْقُبُهُ هَذَا الوَعِيدُ المُحَمَّدِيُّ الشَّدِيدُ «هَلَكَ المُتَنَطِّعُونَ».
وَهَذَا نِدَاءٌ إِلَى كُلِّ مُسْتَعْلٍ بِتَدَيُّنِهِ، مُغَالٍ فِي تَعَبُّدِهِ: لَا تَتَشَدَّدْ فَيُشَدَّد عَلَيْكَ، لَا تُضَيِّقْ فَيُضَيَّق عَلَيْكَ، تَأَدَّبْ بِالأَحْوَالِ النَّبَوِيَّةِ الشَّرِيفَةِ، تَتَبَّع الأَنْفَاسَ المُحَمَّدِيَّةَ المُنِيفَةَ، واسْتَشْعِرْ نِعْمَةَ التَّوْفِيقِ الإِلهِي، وَاشْكُرِ اللهَ تَعَالَى عَلَى مَا أَقَامَكَ فِيهِ، وَانْطَلِقْ بِلِسَانِ الخَاضِعِ لِمَوْلَاهُ الَّذِي لَا يَنْظُرُ إِلَّا إِلَى تَقْصِيرِ نَفْسِهِ، وَلا يَعْتَنِي إلَّا بِتَصْحِيحِ نِيَّتِهِ، وَلْيَكُنْ لِسَانُ حَالِكَ وَمَقَالِكَ «اللَّهُمَّ أَعِنِّي عَلَى ذِكْرِكَ وَشُكْرِكَ وَحُسْنِ عِبَادَتِكَ».
وَاعْلَمُوا أَنَّ شَهْرَ شَعْبَانَ قَدْ تَسَارَعَتْ أَيَّامُهُ وَأَوْشَكَتْ لَيَالِيهِ الشَّرِيفَةِ عَلَى الانْقِضَاءِ، فَأَحْسِنُوا بِالخَيْرِ خِتَامَهُ، وَاسْتَعِدُّوا لاسْتِقْبَالِ شَهْرِ رَمَضَاَنَ المُعَظَّم، مَوْسِمِ الرَّحَمَاتِ وَالنَّفَحَاتِ وَالمَغْفِرَةِ وَالعِتْقِ {وَافْعَلُوا الخَيْرَ لَعَلَّكُم تُفْلِحُونَ}.
الحَمْدُ للهِ رَبِّ العَالَمِينَ، وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى خَاتَمِ الأَنبِيَاءِ وَالمُرْسَلِينَ، سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ)، وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ أَجْمَعِينَ، وَبَعْدُ:
فَاعْلَمُوا أَيُّهَا السَّادَةُ أَنَّ العَمَلَ التَّطَوُّعِيَّ نُبْلٌ إِنْسَانِيٌّ وَوَاجِبٌ وَطَنِيٌّ، وَدَلَالَةٌ مُضِيئَةٌ عَلَى شُيُوعِ التَّكَاتُفِ وَالتَّرَاحُمِ وَالتَّوَادِّ وَالتَّحَابِّ وَالتَّمَاسُكِ فِي رُبُوعِ المُجْتَمَعِ، وَالمُسْلِمُ مِفْتَاحٌ لِلْخَيْرِ، دَاعٍ إِلَيْهِ، مُسَارِعٌ فِيهِ، مُتَفَاعِلٌ مَعَ بَنِي وَطَنِهِ، وَرَائدُهُ فِي ذَلِكَ أَمْرُ رَبِّ العَالَمِينَ {وَتَعاوَنوا عَلَى البِرِّ وَالتَّقوى وَلا تَعاوَنوا عَلَى الإِثمِ وَالعُدوانِ وَاتَّقُوا اللهَ إِنَّ اللهَ شَديدُ العِقابِ}.
أَيُّهَا الكِرَامُ، إِنَّ العَمَلَ التَّطَوُّعِيَّ مَطْلَبٌ شَرِيفٌ، وَعَمَلٌ مُبَارَكٌ، وَخَيْرٌ كَثِيرٌ يَنْشُرُهُ الـمُسْلِمُ سَخِيُّ الأَخْلَاقِ نَبِيلُ الطِّبَاعِ بَيْنَ أَبْنَاءِ وَطَنِهِ، حَتَّى يَتَحَقَّقَ الحَالُ الشَّرِيفُ الَّذِي بَيَّنَهُ لِسَانُ الجَنَابِ الأَنْوَرِ صَلَوَاتُ رَبِّي وَسَلَامُهُ عَلَيْهِ: «مَثَلُ المُؤْمِنِينَ فِي تَوَادِّهِمْ وَتَرَاحُمِهِمْ وَتَعَاطُفِهِمْ مَثَلُ الجَسَدِ، إِذَا اشْتَكَى مِنْهُ عُضْوٌ تَدَاعَى لَهُ سَائِرُ الجَسَدِ بِالسّهَرِ وَالحُمَّى».
فَهَلُمُّوا أَيُّهَا السَّادَةُ لِلْمُشَارَكَةِ فِي المُبَادَرَاَتِ التَّطَوُّعِيَّةِ الوَطَنِيَّةِ، أَقْبِلُوا عَلَى دَعَوَاتِ الإِغَاثَةِ القَوْمِيَّةِ الَّتِي يَظْهَرُ فِيهَا تَكَاتُفُ الأُمَّةِ وَتَرَاحُمُهَا وَتَعَاوُنُهَا، وَانْطَلقُوا بِهِمَّةٍ عَالِيَةٍ إِلَى الإِسْهَامِ فِي كُلِّ خَيْرٍ؛ تنالوا كل خير وأجر وبركة، وصدق رب العالمين {فَمَن تَطَوَّعَ خَيْرًا فَهُوَ خَيْرٌ لَّهُ}، {وَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْرًا فَإِنَّ اللهَ شَاكِرٌ عَلِيمٌ}.
اللَهُمَّ اجْعَلْنَا لِلْبِرِّ فَاعِلِينَ وَأَصْلِحْ أَحْوَالَنَا أَجْمَعِينَ، وَاحْفَظْ بلَادَنَا فَأَنْتَ خَيْرُ الحَافِظِينَ.