سودانايل:
2025-01-24@13:00:32 GMT

عهد تقدم والدعم السريع: شي من لا شي

تاريخ النشر: 5th, January 2024 GMT

بشر علمان من أعلام تنسيقية القوى الديمقراطية المدنية يوم الأربعاء ٣ يناير الناس بفرصة تاريخية لنهاية آخر حروب السودان في قول أحدهما على أساس من الإعلان الموقع بين التنسيقية وبين قائد قوات الدعم السريع في أديس أبابا في ٢ يناير ٢٠٢٤. نقلت الأخبار عن الدكتور عبد الله حمدوك، زعيم التنسيقية، قوله إن الإعلان الذي مهره بتوقيعه إلى جانب توقيع محمد حمدان دقلو فرصة السلام التي يجب على الجميع اغتنامها، وكتب ياسر عرمان، زعيم الفصيل المنشق عن أحد الجناحين المتخاصمين للحركة الشعبية لتحرير السودان في شمال السودان المنقطعة عن الحركة الشعبية لتحرير السودان الأم لصاحبها المرحوم جون قرنق و«القيادي» بأحد جناحي تحالف قوى الحرية التغيير، أن الإعلان كذلك فرصة تاريخية لتجاوز المرارات وطي صفحة الحرب.

..الخ.

اختبار المقولات، مهما زانتها البلاغة الوقائع. للزعيمين تاريخ قريب مع الفرص التاريخية إذا صح التعبير. تسنم الدكتور عبد الله حمدوك قيادة الجهاز التنفيذي في الخرطوم وليس أديس أبابا بفضل الثورة الشعبية التي أطاحت بحكم الرئيس عمر البشير في ٢٠١٩ وانعقد له لواء قيادة جهاز الدولة، بجيشه ودعمه السريع، من مكتب على شاطئ النيل السعيد. يسرت فدائية الآلاف تلك الفرصة التاريخية، بينهم والدكتور حمدوك عهد مهرته النفوس. لم يخلفوا وعدهم حتى بعد انشقاق تحالف الحرية والتغيير فصين متناحرين ثم انقلاب الجيش والدعم السريع المشترك على حكومة تحالف الحرية والتغيير في ٢٥ أكتوبر ٢٠٢١ التي انكسر صفها من باطن. وتجدد فداءهم بنفس تلو الأخرى، حتى فض الدكتور حمدوك نفسه هذا العهد من جانبه في ٢١ نوفمبر ٢٠٢١، ثم نفض يده عن الأمر كله في يناير ٢٠٢٢ وقال ساعتها أنه لم يستطع تحقيق الاتفاق المأمول الذي تصوره وقَدَّر أن يخلي الساحة لغيره.

نهضت لنصرة الزعيم ياسر عرمان قبلها بحوالي عشرة أعوام آلاف أخرى، الأعمى شايل المكسر، في حملته «الأمل والتغيير» مرشحا لرئاسة جمهورية السودان عن الحركة الشعبية لتحرير السودان في انتخابات العام ٢٠١٠. وكانت تلك مدار التحول الديمقراطي ضمن الفرصة التاريخية التي مثلتها اتفاقية السلام الشامل للعام ٢٠٠٥ بين حكومة السودان والحركة الشعبية لتحرير السودان التي انتهت إلى الاستفتاء على تقرير مصير جنوب السودان ثم استقلاله في ٢٠١١. قامت لنصرة الزعيم ياسر عرمان وقتها، أملا في التحول الديمقراطي، الكتلة التي يكرر منذئذ النشيد باسمها، من النساء والشباب والطلاب ونازحين وغلابة. لكن، فَضَّل ياسر عرمان تفويت «الفرصة التاريخية» التي انعقد له لواءها وانسحب من الانتخابات وقت احتد صراعها بِراً بحسابات الحركة الشعبية الأم وقتها.

لكل من الزعيمين بطبيعة الحال أسبابا ظرفية وحوادث لتعليل تحللهما من عهد الجماهير في ساعة أزمة، وعادا كل على طريقته يتوسلان فرصة تاريخية أخري ويبشران؛ هذه المرة من غزلهما الخاص مع قائد الدعم السريع محمد حمدان دقلو في صالون سياسي في أديس أبابا، خالي جماهير. فما هي هذه «الفرصة التاريخية» التي ضمها عهد التنسيقية مع قائد قوات الدعم السريع إذن؟

ضم العهد الموقع بين التنسيقية والدعم السريع أهدافا عديدة جاءت بأكثر من صيغة: "إيقاف الحرب ومعالجة آثارها المدمرة، وتحقيق السلام، والعودة إلى مسار التحول الديمقراطي" ثم "إنهاء الحرب وجعلها آخر الحروب في السودان، واستكمال وتعميق مسار ثورة ديسمبر المجيدة بتحقيق ما يستحقه شعب السودان من حكم مدني ديمقراطي، ومواطنة متساوية، وعدالة في توزيع السلطة والثروة، وازدهار اقتصادي وسلم وطيد وحلول مستدامة لأزمات السودان" ثم "جيش واحد مهني وقومي يعبر عن كل السودانيين وفقا لمعيار التعداد السكاني ويخضع للسلطة المدنية ويدرك واجباتها ومهامها وفقا للدستور" و"ضمان خروج المنظومة الأمنية (القوات المسلحة والدعم السريع والشرطة وجهاز المخابرات) من النشاط السياسي والاقتصادي." قال العقد أن التنسيقية ستطرح هذه الأمور على قيادة القوات المسلحة لتكون "أساسا لحل سلمي ينهي الحرب."

أما وعود العهد المباشرة فهو ما قال نصه أن قوات الدعم السريع على استعداد للقيام به في سبيل هذه الأهداف: "وقف عدائيات فوري غير مشروط عبر تفاوض مباشر مع القوات المسلحة"، و"فتح ممرات آمنة لوصول المساعدات الإنسانية" و"تهيئة الأجواء لعودة المواطنين/ات لمنازلهم في المناطق التي تأثرت بالحرب (الخرطوم، دارفور، كردفان، الجزيرة) وذلك بتوفير الأمن عبر نشر قوات الشرطة في المناطق المدنية، وتشغيل المرافق الخدمية والإنتاجية"، و"تشكيل إدارات مدنية بتوافق أهل المناطق المتأثرة بالحرب، تتولى مهمة ضمان عودة الحياة لطبيعتها وتوفير الاحتياجات الأساسية للمدنيين."

وكل ذلك رهين ببيروقراطية عظيمة قوامها عدد من اللجان: "اللجنة الوطنية لحماية المدنيين وتتولى مهام متابعة عودة المواطنين/ات لمنازلهم وتأمين تشغيل الأسواق والمستشفيات والمرافق الخدمية وتحديد مسارات عبور المساعدات الإنسانية وضمان وصولها"؛ "اللجنة المشتركة للوصول لوقف وإنهاء الحرب وبناء السلام المستدام ومتابعة تنفيذ ما اتفق عليه" في إعلان أديس أبابا؛ "اللجنة الوطنية الدولية للتحقيق حول من أشعل الحرب"؛ و"اللجنة الوطنية المستقلة لرصد كافة الانتهاكات في جميع أنحاء السودان وتحديد المسؤولين عن ارتكابها وذلك بما يضمن محاسبتهم."

كما سبقت التجربة مع «الفرصة التاريخية» لكل من الزعيمين، الدكتور عبد الله حمدوك وياسر عرمان، سبقت كذلك مع اللجان التي يوكل إليها أمر مسألة فتُطمس حتى صار "التلجين" مفهوما وعبارة. أنشأ الدكتور عبد الله حمدوك من موقعه كرئيس للوزراء لجنة للتحقيق في أحداث فض اعتصام القيادة العامة في يونيو ٢٠١٩، الواقعة المركزية في فدائية ثورة ديسمبر التي قامت عليها مشروعية موقعه. لم تنته هذه اللجنة إلى أي نتيجة تذكر تحت مسؤوليته حتى انفضت حكومة الدكتور حمدوك بانشقاق الحرية التغيير ثم الانقلاب في ٢٥ أكتوبر ٢٠٢١ وتوقفت اللجنة عن العمل بحسب رئيسها نبيل أديب المحامي في مارس ٢٠٢٢ احتجاجا على اقتحام قوات أمنية لمقرها في الخرطوم.

كما أنشأ الدكتور عبد الله حمدوك في أغسطس ٢٠٢١ لجنة أخرى باسم الآلية الوطنية لتنفيذ مبادرته "الأزمة الوطنية وقضايا الانتقال – الطريق إلى الأمام" التي كان أعلن عنها في يونيو ٢٠٢١، لجنة كان عرابها ياسر عرمان الذي دخل ديوان الحكم في يوليو ٢٠٢١ مستشارا سياسيا لرئيس الوزراء. قال ياسر عرمان، المرشح الرئاسي المنسحب في ٢٠١٠، وقتها أنه رفض تقلد منصبي وزير الخارجية والإعلام وجاء تعيينه ضمن تفاهم بينه وبين رئيس الوزراء. أثار تكوين الآلية (٧١ عضوا) حفيظة الحركات المسلحة التي كانت في تحالف الحرية والتغيير وانضمت إلى الحكم عبر قنطرة اتفاق السلام في أكتوبر ٢٠٢٠. كانت الحركات المسلحة علقت عضويتها في المجلس المركزي لقوى الحرية والتغيير في يونيو ٢٠٢١. وجاءت مبادرة الدكتور عبد الله حمدوك من موقع رئيس الوزراء لرتق الفتق فزادته حتى تأكد بالانشقاق في أكتوبر ٢٠٢١ بين جناحين، جناح المجلس المركزي بإعلانه السياسي في سبتمبر ٢٠٢١ وجناح الميثاق الوطني (لاحقا الكتلة الديمقراطية) بميثاق آخر في أول أكتوبر ٢٠٢١.

أخلف الدكتور حمدوك وهو رئيس وزراء وعده بتحقيق العدالة في مقتلة فض الاعتصام وأخفق الاثنان، عبد الله حمدوك وياسر عرمان، في تأمين سلامة التحالف السياسي الذي بلغ بهما أعلى مواقع المسؤولية التنفيذية تحت شروط السلم حتى انفرط بين أيديهما فأقبل بعضهم على بعض يتلاومون. فما الدلالة أن لجنة يمكن أن تقوم بالمهام التي وردت في العهد بين التنسيقية وقائد الدعم السريع، وبأي شوكة؟ وبطبيعة الحال يتساءل كل من سلبت قوات الدعم السريع داره ونهبت ماله وطردته من وطنه كيف يسترد داره أقلها؟ أيعود إلى داره في المناطق الخاضعة لسيطرة الدعم السريع ويطرق الباب فيخرج من احتله «زندية» ويغادر من تلقاء نفسه، حبا وكرامة، ذلك إن وجد الدار قائمة؛ أم يتقدم بطلب للإدارات «المدنية» التي يشكلها الدعم السريع نفسه في مناطق سيطرته؛ أم يتوسل الشخصيات القومية الداعمة لوقف الحرب والتي عليها متابعة "إجراءات عودة المدنيين لمنازلهم" تتوسط عند قادة الدعم السريع أم ينتظر حتى تنتهي تحقيقات اللجنة الوطنية لرصد كافة الانتهاكات ويرجو جبر الضرر؟ وكيف يستقيم كل ذلك عبر جغرافية تمتد من الخرطوم ذات التسعة ملايين نفس وقت اندلاع الحرب في أبريل ٢٠٢٢ حتى الجنينة التي لن تستطيع جثث أهلها العودة إلى الديار ولو قالت بذلك لجان حمدوك ودقلو؟ لن يبارح المعقول من يحكم بأن كل ما سبق «كلام ساكت»، لا يبلغ مقدار البرق الخُلّب حتى.

فما هو وعد عهد التنسيقية وقائد قوات الدعم السريع إذن؟ لا تجد معنى العهد الذي وقعه الطرفان في نصه، ولذا ربما لم يكترث من صاغه بإحسان هذه الصياغة فديباجته وقضاياه وآلياته مضطربة بعضها فوق بعض، لكنه أحسن طمس كل ما يتصل بمسؤولية قائد الدعم السريع عما وقع بيد قواته و«تلجين» هذه المسؤولية وتبضيعها، وأطلق أملا، أملا في نهاية الألم، أملا في السلام! غزل عهد التنسيقية وقائد الدعم السريع إذن نسيجا رقيقا بين صدمة الحرب والأمل في الخلاص منها و«التطبيع» مع الدعم السريع، جرائمه، مكاسبه، إنجازاته بأي زاوية نظرت ومن أي موقع، ففي تصوير عهد التنسيقية وقائد قوات الدعم السريع الحقيقة خلاصة ثانوية من «السرد» و«الصورة» لكن لا قوام موضوعي لها، ولا يمكن التعرف عليها، وإن بانت في وسط النهار شمسا ساطعا، إلا بطقوس لجنة وطنية دولية خاصة مستقلة من شخصيات قومية داعمة لوقف الحرب...الخ.

عرضت الدكتورة ناومي كلاين في كتابها "عقيدة الصدمة" (٢٠٠٧) لفاعلية العنف الصادم في ترويض مجتمعات بحالها، بل تصفية تكوينها المعلوم، للقبول بما لا يمكن أن تقبله تحت ظروف معتادة. وعددت ضمن ذلك كوارث طبيعية ومصنوعة، بما في ذلك الحرب كما في الغزو الأميركي للعراق في العام ٢٠٠٣ والذي انتهى ضمن أهداف أخرى إلى تصفية الجيش العراقي وتصفية الملكية العامة تحت إدارة الدولة العراقية وتحويلها بالجملة إلى ملكية الصفوة الجديدة الوكيلة للولايات المتحدة الأميركية. قالت كلاين عن التجربة العراقية أنها أوسع وأشمل تطبيق لعقيدة الصدمة وفصلت في شأن التمرد الطويل والمستمر حتى اليوم في صور مختلفة ضد النظام الخالف في العراق. لذلك ربما، جاز للمراقب أن ينظر في الصلة بين عهد التنسيقية وقائد الدعم السريع في ٣ يناير ٢٠٢٤ ومناقشة البرنامج الاقتصادي لجماعة التنسيقية في «ورشة» أخرى انعقدت في نيروبي أول ديسمبر ٢٠٢٣ تحت لافتة تشاتهام هاوس، المعهد الملكي (البريطاني) للعلاقات الدولية، والتخريب المنهجي للبنية التحتية للزراعة في حوض الجزيرة المروي بيد جنود قائد الدعم السريع.

m.elgizouli@gmail.com  

المصدر: سودانايل

كلمات دلالية: الشعبیة لتحریر السودان قائد قوات الدعم السریع قائد الدعم السریع الفرصة التاریخیة الحریة والتغییر اللجنة الوطنیة والدعم السریع أکتوبر ٢٠٢١ أدیس أبابا یاسر عرمان

إقرأ أيضاً:

هل تنجح مساعي البرهان في تطويق الدعم السريع بمنطقة الساحل؟

في سابقة هي الأولى من نوعها، قام رئيس مجلس السيادة السوداني الفريق عبد الفتاح البرهان بجولة دبلوماسية في غرب أفريقيا شملت مالي، وغينيا بيساو، وسيراليون، واختتمت بكل من موريتانيا والسنغال.

تأتي هذه الجولة، التي انتهت في 14 يناير/كانون الثاني 2025، في خضم العديد من التطورات التي شهدتها الساحة السودانية على المستوى السياسي والميداني، حيث سبقها إعلان واشنطن فرض عقوبات على قائد قوات الدعم السريع محمد حمدان دقلو (حميدتي) بتهم ارتكاب "إبادة جماعية" في إقليم دارفور.

كما تزامنت الزيارة مع انتصارات متتابعة للجيش السوداني توجت باستعادة السيطرة على ود مدني عاصمة ولاية الجزيرة الإستراتيجية.

وخلال لقائه بالجالية السودانية في محطته قبل الأخيرة بنواكشوط، أوضح البرهان أنه قدّم شرحا للقادة في دول غرب أفريقيا، وأبلغهم أن السودان "يواجه غزوا واستعمارا جديدين"، وأن "قوى استعمارية جديدة تقف خلف الدعم السريع، وتدعمها بالمال والسلاح والمرتزقة"، وأكد أن الشعب السوداني سيقاتل هذه المليشيات مهما بلغ الدعم المقدم لها من هذه القوى.

وبينما يذهب بعض المراقبين إلى أن هذه الزيارة تمثل انفتاحا سودانيا على العمق الأفريقي بعد عقود من التركيز على العلاقات مع العالم العربي، يرى آخرون أن هذه الجولة تندرج في إطار رغبة البرهان في إقامة نوع من التوازن في العلاقات الأفريقية، من خلال تطوير الروابط مع غرب القارة في ضوء العلاقات التي تربط الدعم السريع مع عدد من دول الشرق الأفريقي كإثيوبيا وكينيا وغيرهما.

إعلان 3 عصافير بحجر واحد

تأتي هذه الجولة امتدادا لزيارة سابقة قام بها الفريق شمس الدين الكباشي نائب رئيس مجلس السيادة السوداني إلى كل من مالي والنيجر في يونيو/حزيران الماضي، حيث تركزت جهوده على شرح أبعاد الحرب و"انعكاساتها على دول المنطقة" وبحث سبل التعاون مع دول الساحل الأفريقي في "مكافحة الإرهاب والجريمة العابرة للحدود".

ويرى الكاتب السوداني والباحث في الشؤون السياسية محمد المبروك أن البرهان يحاول اصطياد عدة عصافير بحجر واحد، في إطار ما سمته الدولة بتصفير العداد مع الدول ذات الصلة بالحرب في السودان.

ويقول المبروك في تصريحه للجزيرة نت إن أول أهداف البرهان من هذه الزيارة يتمثل في "تجفيف منابع المرتزقة الأفارقة القادمين للقتال في السودان، حيث إن العديد من التقارير الموثوقة وذات المصداقية تتحدث عن قدوم هؤلاء المقاتلين من بعض الدول التي شملتها الزيارة".

ويعتقد العديد من المتابعين أن الجانب الأمني والعسكري هيمن على الجولة، بالنظر إلى الوفد المرافق للبرهان، والذي شمل مدير جهاز المخابرات العامة الفريق أول أحمد إبراهيم مفضل، ومدير منظومة الصناعات الدفاعية الفريق أول ميرغني إدريس، ووكيل وزارة الخارجية حسين الأمين.

بيان مجلس السيادة بقيادة البرهان (يسار) أكد دعم رئيس مالي للسودان في مواجهة ما يتعرض له (الأناضول)

كما أن هذه الزيارة تعد فرصة لتطوير السودان شراكات أمنية من خلال عرض رؤيته فيما يتعلق بالدعم السريع كمشروع لا يهدد السيادة الوطنية للسودان فقط، وإنما هو قابل للتحول إلى مهدد أمني لدول الجوار والساحل التي تضم امتدادات للمكونات الاجتماعية الفاعلة في تلك المليشيا، وهو ما قد يشجع على توظيفها من قبل القوى التي عانت من هزائم جيوسياسية في منطقة الساحل لضرب التحالف الثلاثي (مالي، بوركينا فاسو، النيجر) الذي يرتكز في خطابه على أولوية السيادة الوطنية في مواجهة القوى الاستعمارية.

إعلان

وأكد بيان لمجلس السيادة الانتقالي في السودان دعم رئيس مالي آسيمي غويتا للسودان في مواجهة ما يتعرض له، لافتا إلى أن هناك "جماعات إرهابية ومرتزقة من دول عدة تعمل على زعزعة الأمن والاستقرار في المنطقة"، مشيرا إلى استعداد بلاده للتنسيق مع السودان لمحاربة الجماعات الإرهابية ورغبتها في تبادل الخبرات معه.

أما الهدف الثاني فيتعلق -وفقا للمبروك- بحشد الدعم على المستويين القاري والدولي، من خلال الدعوة لعودة السودان إلى الاتحاد الأفريقي، حيث إن موريتانيا التي ختم بها البرهان جولته تترأس الدورة الحالية للمؤسسة القارية، في حين أن سيراليون تشغل منصب عضو غير دائم في مجلس الأمن وقادرة على دعم الموقف السوداني من هذا المنبر العالمي.

وقرر الاتحاد الأفريقي تجميد عضوية السودان بالتكتل القاري في 27 أكتوبر/تشرين الأول 2021، بعد يومين من فرض رئيس مجلس السيادة عبد الفتاح البرهان "إجراءات استثنائية" منها حل مجلسي السيادة والوزراء الانتقاليين واعتقال وزراء وسياسيين وإعلان حالة الطوارئ، ورغم تكرار القيادة السودانية تطلعها إلى إنهاء التجميد فإنها جوبهت بالرفض.

تحالف مقرب من روسيا

اهتمام البرهان بمالي والنيجر وبوركينا فاسو يفسره للجزيرة نت الصحفي المختص بالشأن الأفريقي محفوظ ولد السالك بأنه متعلق بالحضور الروسي القوي في هذه الدول، في ظل التقارب الحاصل بين موسكو والخرطوم.

وشهدت العلاقات الروسية السودانية تطورا ملحوظا مؤخرا، حيث أعلن ميخائيل بوغدانوف، نائب وزير الخارجية ومبعوث الرئيس الروسي للشرق الأوسط وأفريقيا، في زيارة إلى بورتسودان في أبريل/نيسان العام الماضي، دعم بلاده لسيادة السودان والشرعية القائمة، ورفض التدخلات الأجنبية في شؤونه ومخططات تمزيقه.

وهو تفسير يوافقه فيه المحلل السياسي السوداني محمد تورشين الذي يرى في مقال له أن جولة البرهان تشير إلى انحياز السودان بشكل واضح للمحور المدعوم من روسيا في أفريقيا، مشيرا إلى أن السودان في سعيه لتعزيز هذه العلاقة يبدو أنه سيصبح جزءا من التحالف الروسي في القارة.

إعلان

في حين أن زيارة مالي تحديدا تحمل رسائل واضحة بأن السودان يدعمها في مواجهة العقوبات الدولية وضغوط الاتحاد الأفريقي، والعمل على دفع المؤسسة القارية إلى إعادة عضوية السودان والدول التي تم تعليق عضويتها مثل مالي. وإذا فشل هذا المسعى -يعتقد تورشين- فإن هذه الدول قد تتجه إلى تشكيل تحالف أفريقي جديد خارج مظلة الاتحاد الأفريقي، كما حدث مع تحالف دول الساحل الثلاثي.

وعقب نهابة الجولة فرضت وزارة الخزانة الأميركية في 16 يناير/كانون الثاني 2025 عقوبات على البرهان متهمة الجيش السوداني تحت قيادته بارتكاب هجمات مميتة بحق المدنيين ومنع وصول المساعدات الإنسانية واستخدام الغذاء سلاحا.

حالات الاغتصاب والعنف الجنسي سجلت ضمن انتهاكات الدعم السريع في شرق الجزيرة وسط السودان (مواقع التواصل) الجولة من الضفة الأخرى للنهر

في النظر إلى ردة فعل الأطراف المستضيفة لهذه الجولة يشير بعض المتخصصين في شؤون غرب أفريقيا إلى وجود مزاج مرحب بالسودان، حيث رفعت بعض القنوات الإعلامية في المنطقة فور إعلان الزيارة عبارة "Accueillir ne suffit pas"، وتعني باللغة العربية "الترحيب لا يكفي"، وهي جملة غالبا ما ترددها بعض النخب السياسية في الغرب الأفريقي كلما قصدتهم قيادة سياسية تحظى بالقبول الشعبي والنفسي، لكن محفوظ ولد السالك يرى أن الدول التي شملتها زيارة البرهان لا تمتلك سوى التعبير عن الاستعداد للعمل من أجل إنهاء الحرب.

مقالات مشابهة

  • الجيش السوداني والدعم السريع يتبادلان الاتهامات بحرق وتدمير مصفاة الخرطوم
  • الجيش السوداني: قوات الدعم السريع أحرقت مصفاة الخرطوم
  • الدعم السريع يحرق مصفاة الخرطوم بالجيلي
  • اشتباكات عنيفة بين الجيش السوداني والدعم السريع في الخرطوم والفاشر وسط تقدم قوات الجيش
  • اشتباكات عنيفة بين الجيش والدعم السريع في بحري بالخرطوم
  • ( مطرود) الدعم السريع
  • الجيش يقترب من مصفاة الجيلي والدعم السريع تهاجم بولاية الجزيرة
  • إبراهيم عثمان يكتب: بكري الجاك: الدعم السريع يمارس الزعيق والعويل!
  • السودان: الدعم السريع توسع هجماتها على مناطق بشمال دارفور
  • هل تنجح مساعي البرهان في تطويق الدعم السريع بمنطقة الساحل؟