قال الشيخ الدكتور عبد الرحمن السديس، إمام وخطيب المسجد الحرام، إنه ينبغي على المسلمين التوكل على الله وحده والاعتماد عليه دون سواه، منوهًا بأن المؤمن الحق ديدنه التوكل على الله فلا يدعو سواه ولا يخاف إلا منه وحده.

المؤمن الحق

وأوضح " السديس" خلال خطبة الجمعة اليوم من المسجد الحرام بمكة المكرمة، أنه في عالم يموج بالتحديات والأزمات تأتي أهمية استجلاء الحقائق والموقف الحق ما يشاع ويذاع، وشددًا على أن الحقيقة الكبرى هي توحيد الملك العلام والذعون له سبحانه.

وأضاف أن المؤمن الحق ديدنه التوكل على الله فلا يدعو سواه ولا يخاف إلا منه وحده، ومن أجل ذلك جاء النهي صريحًا عن كل ما يخالف الحقيقة الثابتة من الأوهام العقدية كالتعلق بغير الله واعتقاد النفع والضر بغيره، ومن ذلك التعلق بأوهام السحرة والمشعوذين وسماسرة الخرافة الذين اردوا الكثير من الناس إلى الشرك.

احذروا تصديق الخرافات

وحذر من تصديق الخرافات والأوهام ومن بينها كلام الدجلة حول الأبراج والنجوم واعتقاد تأثيرها في حياة الإنسان، مشيرًا إلى أن تعاطي السحر والشعوذة وإتيان السحرة هو جمع بين الكفر بالله والإفساد في الأرض بالأرجاس، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (من أتى عرافًا أو كاهنًا فصدقه بما يقول فقد كفر بما أنزل على محمد).

ونصح الأسرة والعلماء بالمبادرة بالتحصين الإيمان للمجتمعات ضد هذه الأعمال الشيطانية للقضاء على هذه الهام لما تمثله من خطر على الأمة وإفساد لعقيدة المسلمين وتثبيط لهممهم، داعيًا كل من ابتلي بهذه الأمور الشنيعة بالتوبة إلى الله والإنابة.

أساس العقيدة الإسلامية

وكان في خطبة الجمعة الماضية قد أفاد الشيخ الدكتور عبدالله الجهني، إمام وخطيب المسجد الحرام، بأن الأخلاق الفاضلة الحسنة ، والشمائل الطيبة الكريمة ، والصفات الحميدة الرفيعة ، هي من قواعد الدين وأصوله الثابتة الراسخة.

وبين " الجهني " خلال خطبة الجمعة اليوم من المسجد الحرام بمكة المكرمة، أن الخلق الحسن أساس العقيدة الإسلامية والعمل، وثمرة التهذيب والتقويم، وأية قيمة لعقيدة وعمل لا يصحبها خلق كريم فاضل يقود صاحبه إلى العفة والحكمة.

وتابع: وشرف النفس وعلو الهمة ، ويرده عن مواطن السوء ، ورذائل الطبع ، ويحول بينه وبين ما يفسد المروءة ، ويثلم الشرف ، ويمس حرمة العقيدة والدين، فجاء عن النواس بن سمعان رضي الله عنه قال : أَقَمْتُ مع رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ بالمَدِينَةِ سَنَةً ما يَمْنَعُنِي مِنَ الهِجْرَةِ إلَّا المَسْأَلَةُ .

وواصل:  كانَ أَحَدُنَا إذَا هَاجَرَ لَمْ يَسْأَلْ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ عن شيءٍ ، قالَ : فَسَأَلْتُهُ عَنِ البِرِّ وَالإِثْمِ ، فَقالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ : البِرُّ حُسْنُ الخُلُقِ ، وَالإِثْمُ ما حَاكَ في نَفْسِكَ ، وَكَرِهْتَ أَنْ يَطَّلِعَ عليه النَّاسُ . رواه مسلم ، منوهًا بأن البر هو الإحسان إلى الناس، والتقرب إلى الله تعالى ولا يتم ذلك إلا بحسن الخلق.

وأضاف أن  الإثم صفات قبيحة وأفعال شنيعة ، يحرص المرء على سترها ، ويكره أن يطلع الناس عليها ، فهي تؤثر وترسخ في الصدر ، وتتحدث بها النفس ويوسوس بها الشيطان ويترجمها الفعل إلى جرائم وآثام ، مشيرًا إلى أن الخلق العظيم مبدأ عظيم من مبادئ الهداية والإصلاح بين الناس .

سائر الفضائل الخلقية

ولفت إلى أنه يندرج تحته سائر الفضائل الخلقية ، والمكارم النفسية ، من عفة، وأمانة، ووفاء، وصدق، وكرم، وحياء، وشجاعة وتراحم وإخاء ، وقد بين رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم تسليماً الغاية من بعثته، فقال عليه الصلاة والسلام : (إنما بعثت لأتمم صالح الأخلاق ) رواه أحمد والبيهقي واللفظ لهما،  أي: أُرْسِلْتُ للخلْق، "لأُكمِّلَ ما انتقَصَ من الأخلاقَ الحَسنةَ.

وأشار إلى أن أساسها توحيد الله عزوجل والإخلاص له سبحانه وتعالى في عبادته وترك الإشراك به، ثم يلي ذلك الصلوات الخمس فهي أعظم الأخلاق وأهمها بعد التوحيد وترك الإشراك بالله عزوجل، وتليهما الأفعال المُستحسَنة الَّتي جبَلَ اللهُ عليها عِبادَه مِن الوفاءِ والمُروءةِ والحياءِ والعِفَّةِ فيَجعَلُ حَسَنَها أحسَنَ، ويُضيِّقُ على سيِّئِها ويَمنَعُها.

واستشهد بمَا رَوَاهُ الْإِمَامُ أَحْمَدُ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا: أَنَّ جَعْفَرَ بْنَ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ لما هَاجَرَ إِلَى الْحَبَشَةِ سَأَلَهُ النَّجَاشِيُّ عَنْ حَقيقَةِ هَذَا الدِّينِ فَأَجَابَهُ قَائِلًا:(أيها الملك، لَقَدْ كُنَّا قَوْمًا أَهْلَ جَاهِلِيَّةِ، نَعْبُدُ الْأَصْنَامَ ، وَنَأْكُلُ الْمَيْتَةَ ، وَنَأْتِي الْفَوَاحِشَ وَنَقْطَعُ الْأَرْحَامَ ، وَنُسِيءُ الْجَوَارَ ، وَيَأْكُلُ الْقَوِيُّ مِنَّا الضَّعِيفَ ، وَكُنَّا عَلَى ذَلِكَ حَتَّى بَعَثَ اللَّهُ تَعَالَى إِلَيْنَا رَسُولاً مِنَّا نَعْرِفُ نَسَبَهُ وَصِدْقَهُ وَأَمَانَتَهُ وَعَفَافَهُ ، فَدَعَانَا إِلَى اللَّهِ تَعَالَى لِنُوَحِدَهُ وَنَعْبُدَهُ ، وَنَخْلَعَ مَا كُنَّا نَعْبُدُ نَحْنُ وَآبَاؤُنَا مِنْ دُونِهِ مِنَ الْحِجَارَةِ وَالْأَوْثَان ، وَأَمَرَنَا بِصِدْقِ الْحَدِيثِ ، وَأَدَاءِ الْأَمَانَةِ ، وَصِلَةِ الرَّحِمِ ، وَحُسْنِ الْجِوَار ، وَالْكَفِّ عَنِ الْمَحَارِمِ وَالدِّمَاءِ ، وَنَهَانَا عَنِ الْفُحْشِ، وَقَوْلِ الزُّورِ وَأَكُلِ مَالِ الْيَتِيمِ ، وَقَذْفِ الْمُحْصَنَةِ .... ) .

ونبه إلى أن الحديث، قَدْ لَخُص الدِّينَ كُلَّهُ فِي هَذِهِ الْجُمْلَةِ الَّتِي عُنْوَانُهَا الْكَبِيرُ : مَكَارِمُ الْأَخْلَاق ، وَقَدْ تَلَخَّصَ الدِّينُ كُلُّهُ فِي صَفْوَةِ الْخَلْقِ مُحَمَّد صلّى الله عليه وعلى آله وسلم تسليماً ، الذِي أَثْنَى عَلَيْهِ رَبُّهُ بِأَرْقَى وَأَجْمَلِ مَا فِيهِ فَقَالَ: (وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ ) صلى الله وسلم وبارك على نبينا وحبيبنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً".

 

 

 

 

 

 

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: إمام و خطيب المسجد الحرام خطيب المسجد الحرام خطبة الجمعة من المسجد الحرام الدكتور عبدالرحمن السديس المؤمن الحق التوکل على الله المسجد الحرام المؤمن الحق ى الله الله ع إلى أن

إقرأ أيضاً:

موعد المولد النبوي الشريف 2024 وحكم الاحتفال به

يحرص المسلمون على معرفة موعد المولد النبوي 2024 ليعبروا عن حبهم وفرحهم بمولده الشريف من خلال إحياء هذه الذكرى العطرة، حيث يٌعدّ مولد النبي صلى الله عليه وسلم من أعظم الأحداث في تاريخ البشرية، فهو اليوم الذي نزلت فيه الرحمة للعالمين.

كما يُعد الاحتفال بالمولد النبوي فرصةً عظيمةً لتذكر سيرة النبي صلى الله عليه وسلم والاقتداء به في أخلاقه وأفعاله.

موعد المولد النبوي الشريف 2024

يوافق موعد موعد المولد النبوي الشريف 2024 يوم 16 سبتمبر 2024 الموافق والذي يوافق يوم 12 ربيع الأول لعام 1446 هجريًا.


إجازة المولد النبوي الشريف

وفق أجندة العطلات الرسمية في الدولة لعام 2024 فإن إجازة المولد النبوي الشريف 2024 توافق يوم الإثنين 16 سبتمبر المقبل.


حكم الاحتفال بالمولد النبوي الشريف

أوضحت دار الإفتاء المصرية، أن الاحتفال بالمولد النبوي من أفضل الأعمال وأعظم القربات، لأنه تعبير عن الفرح والحب للنبي صلى الله عليه وآله وسلم، وهو أصل من أصول الإيمان.

فقد صح عنه أنه صلى الله عليه وآله وسلم قال: "لا يُؤمِنُ أَحَدُكم حتى أَكُونَ أَحَبَّ إليه مِن والِدِه ووَلَدِه والنَّاسِ أَجمَعِينَ"، رواه البخاري.

كما أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قد سنَّ لنا جنس الشُكرِ لله تعالى على ميلاده الشريف، فكان يصوم يوم الإثنين ويقول: "ذلكَ يَومٌ وُلِدتُ فيه"، رواه مسلم.

وأوضح مجمع البحوث الإسلامية بالأزهر الشريف أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم كان يكثر من الأعمال الصالحة في مواطن النعمة؛ فكان يصوم يوم الاثنين شكرًا لله على نعمة خلقه.

وتوجد بعض الأعمال المستحبة لإحياء ذكرى المولد النبوي الشريف، مثل أفعال الخير كالصيام، والعبادة، والتقرب إلى الله تعالى، والتوسعة على الأهل، وفقًا لما ورد عن لجنة الفتوى بمجمع البحوث الإسلامية بالأزهر الشريف.

مقالات مشابهة

  • موعد المولد النبوي الشريف 2024 وحكم الاحتفال به
  • خطيب الجامع الأزهر: العلم طريق الرقي والتقدم للأفراد والمجتمعات
  • نجاح الحج المميز
  • خطبتا الجمعة من المسجد الحرام والمسجد النبوي
  • بين الواقع والمواقع فساد أخلاقي يضرب المجتمع
  • إمام الحرم: طلب العلم سبيل لنيل الرشد
  • بداية نزول الوحي على النبي
  • فى ظلال الهجرة النبوية المشرفة
  • أمين الفتوى يحذر من هذا الأمر في زيارة غار حراء.. فيديو
  • حكم قول "الحمد لله حتى يبلغ الحمد منتهاه"