محافظة كِرمان في الجمهورية الإسلامية الإيرانية محافظة عريقة يعود تأسيسها إلى القرون الميلادية الأولى، عاصمتها مدينة كِرمان. وتعد من بين أكبر المحافظات مساحة، ولها موقع جغرافي إستراتيجي مهم ومؤهلات طبيعية وسياحية متميزة.

أغلب سكانها من الشيعة، لكن بعض التقارير تشير إلى أن المحافظة كانت إلى عهد غير بعيد تؤوي أقليات غير مسلمة.

ورغم أن قاطني كِرمان من الفرس ويتحدثون اللغة الفارسية، فإن لهجتهم الكرمانية الخاصة تجعلهم يتميزون عن سكان باقي المحافظات الـ31 الموجودة بالجمهورية الإسلامية الإيرانية.

تتميز المحافظة بخصوصيات تاريخية واقتصادية جعلت منها قبلة للهجرة، وقد قدم إليها كثيرون من مناطق مجاورة من داخل وخارج إيران، وهو ما زادها تنوعا في اللهجات وغنى في العادات والتقاليد.

تشتهر كِرمان بإنتاج الفستق وبصناعة النحاس ونسج الزرابي والأقمشة وغيرها من الصناعات التقليدية والمهنية التي تميزها عن غيرها من باقي المحافظات الإيرانية. ومنحها تنوعها الطبيعي والثقافي والديني والتاريخي مكانة خاصة اقتصاديا وسياحيا وصناعيا.

آثار في مدينة بم إحدى المدن التاريخية العريقة في محافظة كرمان الإيرانية (غيتي) الموقع

تقع محافظة كِرمان في الجنوب الشرقي لإيران. تحدها شمالا المنطقة الجنوبية لخراسان وغربا محافظتا فارس ويزد، وشرقا محافظة سيستان وبلوشستان، وجنوبا هرمزكان.

تعد الثانية بعد أكبر محافظة في إيران من حيث المساحة التي تصل نحو 182 ألف كيلومتر مربع، تضم عددا من المدن، في مقدمتها كِرمان (البعيدة عن طهران نحو 450 كيلومترا)، وهي التي كانت في وقت سابق عاصمة البلاد برمتها.

جميع الأطراف الشمالية والشمالية الشرقية لمحافظة كِرمان متاخمة لجبال صاحب الزمان، فيما تقترب أطرافها الجنوبية والغربية من الصحراء، مما يجعل مناخها معتدلا، ويتميز بشتاء بارد وصيف دافئ غير حار، خلافا لباقي المدن الصحراوية الأخرى.

كما أن موقعها الجغرافي يجعل منها محافظة صحراوية وأعلى منطقة في إيران بارتفاع يقارب نحو 1755 مترا فوق مستوى سطح البحر، مع وجود عدد من الجبال العالية، أشهرها جبل "هزار"، الذي يفوق علوه 4400 متر، والمشهور بأنه غني بالنباتات الطبية، وفي المقابل، تحتضن كِرمان سهولا منخفضة مثل سهل "لوط".

تُعرف كِرمان بكونها منطقة زلزالية، شهدت عبر سنوات زلازل مأساوية، أخطرها "زلزال بام" القوي، الذي ضرب هذه المدينة التاريخية نهاية سنة 2003، وخلّف خسائر ضخمة في الأرواح والبنايات.

قلعة تاريخية في مدينة بم بمحافظة كرمان الإيرانية (شترستوك) السكان

تفيد عدة تقارير إخبارية بأن اسم كِرمان مشتق من اسم أحد الفروع العشرة الرئيسية للفرس الذين أتوا إلى جنوب إيران، من أمثال ماردي وداي وباسارجادي ومعرفي.. ويقال إن هذه المحافظة كانت خلال الفترة الأخمينية جزءا من مدينة "مرزبانية" ببلاد فارس.

وفي السبعينيات من القرن الـ20، أشارت بعض الدراسات إلى وجود أقليات غير مسلمة في محافظة كِرمان. وذكرت أن عددا من الذين يعتنقون الديانة المجوسية الزرادشتية يقطنون مدنا إيرانية عديدة، وأن عددهم حسب إحصاء السكان لعام 1966، في كِرمان وحدها تجاوز 2500 شخص.

وعموما حسب الإحصاء العام للسكان للجمهورية الإسلامية الإيرانية لعام 2016، بلغ عدد سكان محافظة كِرمان نحو 3 ملايين نسمة، يتوزعون على 23 مدينة توجد في المحافظة ذاتها، لكن العاصمة كرمان تبقى أكثر اكتظاظا وكثافة سكانية، مقارنة مع باقي مدن المحافظة.

التاريخ

تعتبر محافظة كِرمان من أقدم المحافظات في إيران، وما وجود حفريات في بعض المناطق إلا دليل على أن الوُجود البشري فيها يعود إلى آلاف السنين، ويجعل جذورها ضاربة في التاريخ.

تشير بعض التقارير التاريخية إلى أن كِرمان أسسها الإمبراطور الساساني، واتخذها موقعا دفاعيا في القرن الثالث الميلادي، وما زالت أطلال قلعتي دوختر وأردشير في كِرمان شاهدتين على العصر الساساني، ثم بعد ذلك، وقعت تحت حكم الأكاسرة إلى أن فتح المسلمون بلاد فارس. وتوالت النزاعات وتمت إقامة عدة دول في المنطقة.

ولم يكن غريبا أن مرّ من المنطقة عدد من الحكام والمسؤولين، وأنها خضعت لتغير في التسمية، فكان من أطلق عليها اسم كرمانيا وهناك من عرّفها بالجواشير أو غشير.

ومن بين أشهر الروايات التي تم تداولها أن هذه المنطقة تعرضت لهجوم محمد آغا خان قاجار، الذي كان له الفضل في توحيد بلاد فارس، إلا أن حكمه انتهى سنة 1925م، وسقطت المنطقة في يد الحكم البريطاني، وبقيام الثورة الإسلامية، أصبحت محافظة كِرمان تابعة لإيران.

الاقتصاد

تزخر محافظة كِرمان بثروة طبيعية متنوعة، وتشتهر بتوفرها على مناجم غنية، وبها أكبر منجم للنحاس في العالم، فضلا عن أن قربها من موانئ جنوبية للبلاد، أهلها لتصبح مركزا اقتصاديا وسياحيا.

كما ساعدها في ذلك توفرها على مطار دولي، وعلى بنيات أساسية للنقل البري والسككي تسهل تنقل المسافرين وعبور البضائع، وشجعت عددا من الشركات التجارية على التوطين والاستقرار فوق ترابها.

جميع المؤشرات التي تُعرف بها كِرمان من موقع جغرافي متميز ومؤهلات طبيعية متنوعة تجعل منها منطقة ذات حظوة اقتصادية. وقد ساعد الطقس المناسب وتعدد الثروات الزراعية ووفرة المعادن في بروز عدد من الصناعات والحرف التقليدية التي انعكست إيجابا على الصورة السياحية للمنطقة.

وتشتهر كِرمان بإنتاج الفستق، خصوصا بمدينة رفسنجان، وبزارعة الكمون والجوز والتمور، وحياكة الزرابي ونسج الحصير والصناعة اليدوية للسجاد، إضافة إلى تطريز الأقمشة والصناعات النحاسية.

وشكلت هذه العوامل قوة جذب للمستثمرين الذين فضلوا إقامة شركاتهم، واختاروا المحافطة مركزا لأنشطتهم التجارية والاقتصادية.

محافظة كرمان تتميز بمعالمها التاريخية ومبانيها المعمارية الجميلة (غيتي) معالم

تشتهر محافظة كِرمان بأنها قبلة للسياح وللباحثين عن التراث القديم. وبعد الثورة الإسلامية في إيران، تم تسليط الضوء على المحافظة باعتبارها من بين أهم المناطق في البلاد، فكان لها نصيب كبير في تشييد المساجد، أشهرها المسجد الجامع ومسجد الإمام.

وقد صُنفت عدد من مدنها ضمن قائمة مواقع التراث العالمي لمنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة (اليونسكو)، لما تزخر به من تراث غير مادي، خصوصا مدينتي "بام" (هناك من يطلق عليها اسم "بم") و"ميمند"، لقِدَم تاريخهما الذي يعود إلى ما بين القرنين الرابع والسادس قبل الميلاد، ولمحافظتهما على خصوصية المساكن القديمة التي تعتمد في بنائها على الطوب الطيني.

كما أُدرج ضمن التراث العالمي عدد من الحدائق الجميلة مثل حديقة الأمير بمدينة ماهان، وحديقة فتح أباد الكائنة في قرية، اختار أباد المجاورة لمدينة كِرمان، إضافة إلى وجود معالم سياحية أخرى مثل المجمع التاريخي كنج علي خان، الذي يتكون من بازار وحمام، ومكتبة كِرمان الوطنية الجذابة للسياح بسحر جمال هندستها المعمارية.

وهناك معالم تاريخية أخرى تم تحويلها لتصبح قبلة للزوار مثل حمام وكيل، الذي خضع للترميم ليلبس حُلة مقهى تقليدي ومطعم، ودار سك عملة جانج علي خان التي أصبحت متحفا للعملات المعدنية.

مشهد ليلي من مدينة كرمان الإيرانية (غيتي) أعلام

ارتبط اسم الرئيس الإيراني الأسبق علي أكبر هاشمي رفسنجاني -أحد مهندسي الثورة الإسلامية- بمحافظة كرمان حيث مسقط رأسه، وبالتحديد "برهمان"، إحدى القرى القديمة في منطقة رفسنجان.

ويقول رفسنجاني في كتاب "رفسنجاني، حياتي"، الذي حكى فيه سيرته الذاتية، إن جذور قريته "برهمان" تعود إلى ما قبل الإسلام، وإن معناها "الياقوت الأحمر"، وأن سبب تسميتها بهذا الاسم راجع إلى الامتيازات الطبيعية التي تزخر بها المنطقة من كثرة الماء العذب.

ومن بين أسماء الشخصيات الأخرى التي تنتمي إلى منطقة كِرمان قاسم سليماني، قائد فيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني، الذي اغتيل في بغداد منذ 4 سنوات، ونقل جثمانه ليدفن في مسقط رأسه كِرمان.

طبخ وأطعمة

بالنظر إلى الطبيعة الجغرافية لمحافظة كِرمان، يشكل لحم الماعز عددا من الأطباق التقليدية التي تشتهر بها المنطقة. فهناك جورمي الماعز الذي يحضر بلحم الماعز والبصل والثوم، إضافة إلى اللبن الرائب. ويوجد طبق تقليدي آخر يعرف باسم الباذنجان الحليم، علما أن جميع الأطباق المعروفة بكِرمان تتخذ من اللبن الرائب مادة أساسية لها، ولا تكاد تخلو منه.

أما الكولومبي، فتعد من أشهر الحلويات التي تعرف بها كِرمان، إلى جانب القفوت، مسحوق الشكل، و"قواتو" وغيرها من الأطعمة المحلية بالمنطقة.

وخلال شهر رمضان، تتزين موائد الصائمين في كِرمان بعدد من الأطعمة في مقدمتها شوربة القمح واللبن، ومرق البرقوق، ووجبات تقليدية خفيفة مثل القتيق.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: محافظة کرمان فی إیران عددا من من بین عدد من

إقرأ أيضاً:

الحرس الثوري الإيراني.. جذور وخفايا إمبراطورية باسدران

عندما يتردد اسم إيران في الصراع القائم مع إسرائيل في الوقت الحالي وصراعات سابقة أيضا، دائما ما كان يخفت اسمها لصالح "الحرس الثوري"، ليس على صعيد الشق المرتبط بالعسكرة فحسب، بل لما هو أبعد من ذلك، حيث الأدوار الخارجية الأخرى المرتبطة بـ"إمبراطورية باسدران"، الأشبه بالدولة المتوغلة داخل دولة.

وتكاد لا تختلف الصورة كثيرا عند النظر للداخل الإيراني، سواء عندما تأسس "الحرس الثوري" في سبعينيات القرن الماضي، أو في أعقاب "الثورة" التي كرست هذه القوّة مفهومها المضاد بين الإيرانيين ومواطني 4 دول عربية، بناء على الجذور الأولى التي أطلقها وعمل على تنميتها المرشد الإيراني.

وعلى مدى الأشهر الماضية، كان "الحرس الثوري" الإيراني في قلب الصراع مع إسرائيل، ووصلت شرارته مرتين إلى الأراضي الإيرانية، والتهبت على نحو أكبر في ساحات عدة دول سبق أن توغلت فيها هذه القوّة، وبنت تحت وفوق أساساتها على مر السنين.

فمن جهة تولى "الحرس" أو كما يعرف فارسيا بـ"سباه باسدران إنقلاب إسلامي"، مهمة إطلاق الصواريخ الباليستية بعيدة المدى ضد إسرائيل. وورد ذكره عند أكثر من ضربة وجهتها الأخيرة كـ"انتقام"، كان آخرها الأسبوع الماضي.

بعد تساؤلات عن "اختفائه".. الحرس الثوري الإيراني يحسم مصير قاآني نقلت وكالة تسنيم الإيرانية شبه الرسمية للأنباء عن إبراهيم جباري مستشار قائد الحرس الثوري الإيراني القول، الأربعاء، إن إسماعيل قاآني قائد فيلق القدس الذي يشرف على أنشطة الحرس الثوري في الخارج بخير وسيستلم وساما من الزعيم الأعلى آية الله علي خامنئي قريبا.

أما بخصوص الساحات، فيُنظر إلى "الحرس" منذ عام مضى من منطلق القوّة التي تدير المواجهة في الخفاء، خاصة في لبنان، حيث الوكيل المرتبط به "حزب الله"، واليمن حيث الحوثيون، والعراق وسوريا حيث تتبع له العديد من الميليشيات، على رأسها ما تطلق على نفسها مسمى "المقاومة الإسلامية".

ما "الحرس الثوري"؟

منذ بداية الثورة الإسلامية في إيران وبعد سقوط حكم الشاه، أحس الحكام الجدد بالحاجة إلى تأسيس قوّة تابعة بشكل مباشر للمرشد الأعلى، لمواجهة أي تمرد داخلي محتمل قد تقوم به القوات المسلحة الأخرى، التي تدرب ضباطها في زمن الشاه.

وسرعان ما أصبحت القوة التي تعرف باسم "سباه باسدران إنقلاب إسلامي" أو "فيلق الحرس الثوري الإسلامي"، القوة الأكثر نفوذا وسطوة داخل البلاد.

وتورد وسائل إعلام إيرانية والموقع الرسمي للمرشد الأعلى، أن "الحرس الثوري" تأسس في 1979 من قبل مؤسس الجمهورية الإيرانية، آية الله روح الله الخميني، بهدف إنشاء "جيش من المؤمنين"، الذين ستكون مهمتهم الوحيدة حماية "قيم" و"أيديولوجية الثورة الإسلامية" من التهديدات المحلية والخارجية.

مع ذلك، وبمرور الوقت، تمكن "الحرس الثوري" من التطور إلى قوة عسكرية وسياسية لا يقتصر نفوذها على الداخل الإيراني فقط، بل تعدت حدودها إلى عدة دول عربية، أضحت في غالبيتها كتل من الفوضى والدمار وتتخللتها أنهار من الدماء.

ووفقا لـ"برنامج مكافآت من أجل العدالة" التابع لوزارة الخارجية الإيرانية، فقد لعب "الحرس الثوري"، وهو قوة موازية للجيش الإيراني الرسمي، دورا محوريا "في استخدام إيران للإرهاب كأداة رئيسية من أدوات الحكم".

من هو الرجل الثاني في الحرس الثوري الإيراني الذي قتل مع نصرالله؟ أعلنت وكالة الأنباء الإيرانية الرسمية (إرنا) أن الجنرال عباس نيلفروشان، نائب قائد عمليات الحرس الثوري، "قُتل في الهجوم الإسرائيلي الذي استهدف زعيم حزب الله حسن نصر الله".

وخطط ونظم ونفذ الإرهاب منذ عقود في جميع أنحاء العالم، وأنشأ "مجموعات إرهابية" أخرى ودعمها وأدارها، حسب البرنامج.

وتوضح شبكة "سي إن إن" الأميركية، أن الحرس الثوري بمثابة "الجناح النخبوي" للجيش الإيراني، وتحتل هذه القوة موقع الصدارة في العمليات العسكرية الإيرانية في المنطقة، ولها حضور كبير في العراق وسوريا.

يبلغ عدد قوات "الحرس" أكثر من 150 ألف جندي، وفقا لمجلس العلاقات الخارجية.

ويشمل ذلك القوات البرية والبحرية والجوية، فضلا عن قوات الاستخبارات والقوات الخاصة، ويتمثل دورهم الأساسي في الأمن الداخلي.

لكن الخبراء يقولون إن هذه القوة المهيمنة في إيران، تساعد الجيش النظامي الإيراني، الذي يبلغ تعداده حوالي 350 ألف جندي، في الدفاع الخارجي، حسب الشبكة الأميركية.

كما يسيطر الحرس الثوري على نحو 200 ألف مسلح من خارج إيران، موزعين على دول العراق ولبنان وسوريا واليمن والأراضي الفلسطينية، وفقا لتقرير نشره موقع قوات مشاة البحرية الأميركية.

ويقول التقرير إن فيلق القدس، قام بتدريب وتجهيز مجموعات بالوكالة، مثل حماس وحزب الله والمتمردين الشيعة العراقيين وعناصر من طالبان.

الحرس الثوري و"أذرع إيران".. تحركات تشمل "الحظر" بعد تفجيرات "البيجر" بدأت إيران وأذرعها في الشرق الأوسط فحص أجهزة الاتصال الخاصة بها بل والتوقف عن استخدام أي أجهزة منها، في أعقاب تفجير الآلاف من أجهزة النداء واللاسلكي التي يستخدمها حلفاؤها في لبنان وسوريا خلال الأسبوع الماضي.

ونقل التقرير عن القائد في الحرس، اللواء محمد علي جعفري، قوله إن ما يقرب من 200 ألف شاب شيعي من جميع أنحاء الشرق الأوسط، تم تنظيمهم وتسليحهم تحت قيادة فيلق القدس، الذي يدعم الشيعة غير الإيرانيين من خلال توفير الأسلحة والتمويل والتدريب شبه العسكري.

"الهيكل التنظيمي"

تنظيميا يتشعب "الحرس الثوري" منذ تأسيسه إلى عدة أفرع، ويشمل ذلك، بناء على مصادر متقاطعة إيرانية وغربية اطلع عليها موقع "الحرة"، الآتي:

القوات البرية: وتعتبر القوة الأساسية في العمليات البرية داخل إيران، وتشمل قوات مشاة ووحدات مدفعية ودبابات.

القوات البحرية في الحرس الثوري: مسؤولة عن حماية المياه الإقليمية، خاصة في الخليج ومضيق هرمز، وتقوم أيضا بمهام دفاعية وهجومية بحرية، ولها دور رئيس في العمليات البحرية الاستراتيجية لإيران. 

القوات الجوية: تشمل وحدات دفاع جوي، وتعد مسؤولة عن برنامج الصواريخ الباليستية، كما تعتبر هذه القوة أهم الأذرع العسكرية للحرس، لما تمتلكه من قدرة على إطلاق الصواريخ بعيدة المدى.

فيلق القدس في الحرس الثوري: الجناح العسكري الخارجي له، ويعتبر من أبرز الوحدات المسؤولة عن العمليات خارج البلاد، وله انتشار في سوريا والعراق واليمن ولبنان، وتولى منذ سنوات سير العمليات العسكرية هناك وإدارة الهجمات وتنسيقها والسيطرة على مناطق بعينها.

ميليشيا الباسيج في الحرس الثوري: قوات عسكرية تطوعية ولها دور داخلي في حفظ الأمن والنظام داخل إيران، خاصة في مواجهة الاحتجاجات والاضطرابات، وتعمل تحت إشراف "الحرس" وتساهم في دعم النظام الإيراني من خلال تعبئة المجتمع وتنظيم الأنشطة الدعائية. 

وحدة الاستخبارات: مسؤولة عن جمع المعلومات والتجسس الداخلي والخارجي، وهي أحد أبرز أدوات الحرس في تأمين السيطرة الداخلية ورصد الأنشطة المناهضة للنظام الإيراني.

ويقول "مجلس العلاقات الخارجية"، وهو مركز أبحاث مقره واشنطن، إن الحرس الثوري يقدم تقاريره مباشرة إلى المرشد علي خامنئي.

ويضيف أنه من بين العديد من واجباته العسكرية البارزة، يدير ترسانة الصواريخ الباليستية الهائلة في إيران، ويشرف على "فيلق القدس"، وهو ذراع استكشافية يتعاون مع مختلف الجماعات الإقليمية التابعة لإيران، بما في ذلك حماس وحزب الله.

كما يتمتع الحرس الثوري بنفوذ كبير في السياسة الوطنية الإيرانية، حسب مجلس العلاقات الخارجية.

ويوضح أن العديد من قدامى المحاربين فيه كانوا قد انتقلوا إلى مناصب حكومية عليا، بما في ذلك في مجلس الوزراء والبرلمان والمحافظات.

وفي الوقت نفسه، أثرى الحرس الثوري نفسه بمليارات الدولارات، من خلال إدارة شبكات تجارية ومالية غير مشروعة في ظل العقوبات الدولية.

"داخليا.. قبل وبعد خامنئي"

القائد العام للحرس الثوري حاليا هو اللواء حسين سلامي، ويقوم بدور كبير في تنفيذ المهام التي يكلف بها من قبل "المرشد الأعلى للثورة" بشكل روتيني.

ويقول تقرير أعده مجلس العلاقات الخارجية، إن الشخص الأكثر مسؤولية عن ظهور الحرس الثوري في وضعه الحالي كان الرئيس الإيراني الراحل هاشمي رفسنجاني.

وقوات الحرس الثوري كانت قد صُممت باعتبارها "جيشا شعبيا"، مما ساعد في تعزيز "الثورة" مع تأسيس الخميني لدولة قائمة على مفهوم ولاية الفقيه، أو وصاية الفقيه، وكان الهدف هو إقامة إيران كجمهورية دستورية محاطة "بهيكل ثيوقراطي"، حسب "مجلس العلاقات الخارجية".

وكان الخميني ينوي أيضا أن تحمي قوات الحرس الثوري النظام الجديد من الانقلاب، مثل الانقلاب الذي حدث عام 1953، والذي أطاح بحكومة محمد مصدق المنتخبة ديمقراطيا، وأعاد الشاه إلى السلطة.

وبعد تأسيسه بالتدريج، وشيئا فشيئا، أصبح الحرس الثوري لاعبا مركزيا في السياسة الداخلية الإيرانية، حيث تطور إلى ما أسماه الباحث، راي تاكيه، من مجلس العلاقات الخارجية "المنظمة الأكثر أهمية في البلاد".

ولأن الحرس الثوري يسير على خطى مواقف المرشد الأعلى السياسية، فإن سلطاته تبدو في بعض الأحيان متفوقة على سلطات رئيس إيران، الذي لا يسيطر على أي من القوات المسلحة ولا يتمتع إلا بصلاحيات قليلة نسبيا.

وفي يوليو 2024 كتب كريم سجادبور، الخبير في شؤون إيران في مؤسسة كارنيغي للسلام الدولي: "أصبح خامنئي والحرس الثوري الذي يقوده أكثر قوة على مر العقود ويهيمنان على المؤسسات السياسية في البلاد، وكذلك القضاء والإعلام ودولة المراقبة".

وأضاف أن "القمع الاجتماعي والفساد الحكومي المتفشي وسوء الإدارة وعدم الكفاءة ظلا ثابتين، بغض النظر عمن هو الرئيس".

وفي عام 2007، تم وضع قوات الباسيج تحت القيادة المباشرة للحرس الثوري، وهي إعادة تنظيم عزاها بعض المحللين إلى التركيز المتجدد على التهديدات الداخلية المزعومة للنظام.

وفي يونيو 2009، زُعم أن الحرس الثوري ساعد في التلاعب بالانتخابات الرئاسية لصالح أحمدي نجاد. ووسط المظاهرات الحاشدة اللاحقة التي زعمت التزوير، وثقت جماعات حقوق الإنسان هجمات الباسيج على المتظاهرين، فيما تم اعتقال الآلاف، وسجن العديد من السياسيين والناشطين الإصلاحيين.

كما شابت الانتخابات الرئاسية عام 2013 تدخل الحرس الثوري. وفي حين انتصر حسن روحاني في النهاية على المتشددين الذين يفضلهم العديد من الحرس، أشارت التقارير إلى أن الأخير "خلق جوا من الترهيب" قبل التصويت.

كما ضغط الحرس الثوري على مجلس صيانة الدستور، الذي يفحص المرشحين من حيث ملاءمتهم الأيديولوجية، لاستبعاد المرشحين الذين اعتبرهم غير مقبولين. وفي 2020 نما دعمه السياسي مع الانتخابات العامة التي انتخب فيها خليفة روحاني، إبراهيم رئيسي.

لكن الخبراء في مجلس العلاقات الدولية يقولون إن يد الحرس الثوري الثقيلة في السياسة، واستعداده المستمر لإيذاء الإيرانيين، يجعله غير محبوب بين الجمهور.

وكانت القوة تعرضت لضربة في سمعتها بعد أن أسقطت عن طريق الخطأ طائرة ركاب كانت تحلق فوق المجال الجوي الإيراني في يناير 2020، مما أسفر عن مقتل جميع الأشخاص البالغ عددهم 176 شخصا على متنها. وكان معظمهم من الإيرانيين.

وبالإضافة إلى ذلك، اتُهمت قوات الباسيج والحرس الثوري بضرب وإطلاق النار والاعتداء الجنسي وتعذيب الإيرانيين المشاركين في حركة الاحتجاج المناهضة للحكومة "المرأة والحياة والحرية"، التي اندلعت في إيران في أواخر عام 2022.

وبينما يشير مجلس العلاقات الخارجية إلى أن الانتخاب المفاجئ لمسعود بزشكيان رئيسا في أغسطس 2024، يبدو أنه منح الإصلاحيين الإيرانيين بصيصا من الأمل، إلا أن العديد من خبراء الشرق الأوسط يرون أن الحرس الثوري "يكتسب نفوذا وسط الصراع مع إسرائيل"، ويقولون إنهم يقفون لممارسة "قدر كبير من النفوذ في عملية الخلافة النهائية" بعد وفاة خامنئي.

"أذرع الأخطبوط"

على الرغم من الحيز الكبير الذي يشغله الحرس الثوري داخل إيران على صعيد السياسة والعسكرة، فإنه طالما ارتبط وصعد اسمه من خلال أنشطته الخارجية، التي تولاها ومهرت بالأساس، بذراعه المعروف باسم "فيلق القدس".

وكان الحرس الثوري قد بدأ رعاية الجماعات المسلحة غير الحكومية في المنطقة في ثمانينيات القرن العشرين، حيث تم نشرها أولا في الحرب الإيرانية العراقية.

وبعد ذلك طور علاقات مع ميليشيات مسلحة في سوريا وأفغانستان والعراق ولبنان والأراضي الفلسطينية واليمن وأماكن أخرى، وزودها بالتدريب والأسلحة والمال والمشورة العسكرية لفرض قوة إيران في الخارج، وفق مجلس العلاقات الخارجية.

وأوضحت الخارجية الأميركية أن الحرس الثوري يواصل تقديم الدعم المالي وغيره من الدعم المادي والتدريب ونقل التكنولوجيا والأسلحة التقليدية المتقدمة والتوجيه أو التوجيه لمجموعة واسعة من "المنظمات الإرهابية"، بما في ذلك حزب الله والجماعات الفلسطينية مثل حماس والجهاد الإسلامي وكتائب حزب الله في العراق وسرايا الأشتر في البحرين، وجماعات "إرهابية" أخرى في سوريا ومنطقة الخليج.

وبالإضافة إلى دعمه للوكلاء والجماعات الإرهابية في الخارج، تؤوي إيران أيضا الإرهابيين داخل حدودها، مما يسهل أنشطتهم، وتواصل السماح لعناصر القاعدة بالإقامة على أراضيها، حيث تمكنوا من نقل الأموال والمقاتلين إلى جنوب آسيا وسوريا، حسب موقع الخارجية الأميركية.

بناء على ما سبق، أدرجت الولايات المتحدة الحرس الثوري على قائمتها الإرهابية عام 2019، بسبب الدعم طويل الأمد الذي يقدمه فيلق القدس للجماعات المسلحة، مثل حزب الله.

كما يعتبر حلفاء الولايات المتحدة في المنطقة الحرس الثوري تهديدا أمنيا كبيرا. وقد أضافت البحرين والسعودية الحرس الثوري إلى قوائم الإرهاب أيضا.

"ثلث الناتج المحلي الإيراني"

السطوة الداخلية والأنشطة الخارجية التي تعدى من خلالها الحرس الثوري الحدود لم تكن دون ركائز اقتصادية ومالية، وهو ما كشفت عنه سلسلة قوائم العقوبات التي أصدرتها دول غربية والولايات المتحدة.

وكشفت عن تلك الركائز المالية أيضا، محطات سلطت الضوء عليها مراكز أبحاث ومسؤولون إيرانيون بأنفسهم، خلال السنوات الماضية.

ووفقا لتقرير صادر عام 2020 عن "مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية "، فقد "أصبح الحرس الثوري الإيراني المتحكم الأقوى في جميع القطاعات الاقتصادية المهمة في جميع أنحاء إيران".

ويمتلك الآن شركات في قطاعي النفط والغاز، فضلا عن النقل البري والبحري والجوي.

وتسيطر شركة "خاتم الأنبياء" المملوكة له، والتي أنشئت كذراع للحرس الثوري في قطاع البناء، حاليا على 812 شركة إيرانية مسجلة رسميا، ولديها ما مجموعه نحو 1700 عقد حكومي.

كما اشترت شركة أخرى مملوكة للحرس الثوري مؤخراً حصة 51 بالمئة في شركة الاتصالات الإيرانية، التي تم خصخصتها بقيمة 5 مليارات دولار.

وأثار هذا التوسع الهائل في مصادر القوة الاقتصادية للحرس الثوري، اهتمام الإدارة الأميركية، التي أعادت تصميم عقوباتها لتتمكن من التدقيق في الأنشطة الاقتصادية للحرس الثوري عن كثب، من خلال إضافة أسماء العديد من شركاته وقادته إلى قوائم الكيانات الخاضعة للعقوبات من قبل وزارة الخزانة الأميركية.

مقتل "قائد" بالحرس الثوري الإيراني في حادث تحطم طائرة أعلنت العلاقات العامة لمقر "القدس" للقوات البرية للحرس الثوري الإيراني، الإثنين، عن مقتل أحد قادتها، وطيار إثر تعرض طائرتهما لحادث أثناء القيام بعمليات قتالية في منطقة سيركان الحدودية الجنوبية الشرقية

وأسفرت هذه العقوبات عن خسائر فادحة ليس فقط للحرس الثوري الإيراني، بل وللاقتصاد الإيراني ككل، حسب "مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية".

وكان انتشار نفوذ الحرس الثوري في الاقتصاد قد بدأ بشكل جدي في أوائل تسعينيات القرن العشرين، في عهد رئيس البلاد رفسنجاني.

وفي أعقاب الحرب الإيرانية العراقية، كان تشجيع الحرس الثوري على المشاركة في البناء وسيلة لإعادة بناء البلاد ولتمويل هذه القوّة، وفق مقال رأي نشر على صحيفة "غارديان" في 2010.

وفي حين أن المقال أشار إلى أنه من المستحيل قياس حصة الحرس الثوري من الناتج المحلي الإجمالي الإيراني، إلا أن التقديرات الغربية تتراوح بين الثلث إلى ما يقارب الثلثين، حسبما جاء فيه.

ويضيف الباحث الإيراني، رضا بارشي زاده، أن الحرس الثوري "أنشأ إمبراطورية اقتصادية" تشمل التجارة والصناعة والطاقة والخدمات المصرفية والنقل والتعدين والطب والترفيه والرياضة والاستيراد والتصدير.

وأوضح في ورقة بحثية له في "منتدى الخليج الدولي"، أن المنظمات التابعة له تدير هذه الإمبراطورية من خلال المؤسسات والمعسكرات والاتحادات والشركات القابضة التي تتفرع إلى ما لا نهاية.

مقالات مشابهة

  • الحرس الثوري الإيراني: كل مدينة في طهران بها مخزون صواريخ
  • 500 متر تحت الأرض..الحرس الثوري: صواريخ إيران لا يمكن قصفها
  • الحرس الثوري الإيراني: أجهزة استخبارات معادية لإيران وراء الأعمال الإرهابية جنوب شرق البلاد
  • الحرس الثوري الإيراني.. جذور وخفايا إمبراطورية باسدران
  • سقوط طائرة إيرانية ومصرع اثنين من كبار قادة الحرس الثوري (الأسماء)
  • إعلام إيراني: مقتل عنصرين من الحرس الثوري بتحطم طائرتهما أثناء مناورات
  • وكيل وزارة الحكم المحلي الليبية يناقش التحديات التي تواجه البلديات في الجنوب
  • دون تحديد موعد.. الحرس الثوري الإيراني: الرد على إسرائيل حتمي
  • قائد الحرس الثوري الإيراني: نهاية إسرائيل اقتربت
  • مصور يمني يفوز بمسابقة للتصوير شاركت فيها 120 دولة.. شاهد الثلاث الصور الذي فاز بها