حرب البحر الأحمر تُثقل التجارة العالمية وتهدد الإمدادات
تاريخ النشر: 5th, January 2024 GMT
يعزز الصدام العسكري بين القوات الأميركية والحوثيين مخاوف سفن الشحن من العبور في البحر الأحمر وقناة السويس، مع تعديل الشركات مسار رحلاتها، بما يحمله ذلك من ارتفاع في تكاليف النقل والتأمين، وزيادة زمن الرحلة ما بين 10 إلى 15 يوما، وخسارة مصر المورد الثالث لدخلها من العملات الصعبة من خلال إيرادات قناة السويس.
وتزداد صعوبة حركة التجارة الدولية مع تهديدات أميركية بشن حملة عسكرية في اليمن، فيما يطالب الحوثيون بإدخال المساعدات الإنسانية لإنقاذ الشعب الفلسطيني من الجوع المفروض عليهم منذ 3 أشهر.
ويدعو خبراء الدول إلى سرعة التصدي للعدوان الإسرائيلي باعتباره مفتاح الحل لأزمة النقل البحري، بدلا من زيادة أعمال العنف في منطقة تصعب السيطرة على مخاطر الحرب فيها. وأغرقت البحرية الأميركية التي تقود تحالف "حارس الازدهار" في البحر الأحمر وخليج عدن، 3 زوارق من بين 4 زوارق تابعة لجماعة الحوثي، أدت إلى مقتل عشرة جنود وإصابة اثنين آخرين، بعد مواجهة مباشرة بين طائرات انطلقت من حاملتي الطائرات "أيزنهاور" و "غرافلي"، على مسافة 55 ميلا بحريا من ميناء الحديدة اليمني.
البحر الأحمر يشتعل
وبررت القوات الأميركية ضرباتها، بأنها جاءت استجابة لنداءات استغاثة من سفينة الشحن النرويجية "ميرسك هانغتشو"، تحمل علم سنغافورة، عقب إسقاط صاروخين باليستيين مضادين للسفن، أطلقتهما جماعة الحوثي، فجر الأحد الماضي، أثناء عبورها جنوب البحر الأحمر قادمة من جنوب آسيا، في طريقها إلى المرور بقناة السويس.
وصف الدكتور حمدي برغوث خبير النقل البحري لـ" العربي الجديد" حالة الحرب في جنوب البحر الأحمر، بأنها تصعيد عسكري متعمد، مؤكدا أن الحوثيين أطلقوا النيران على سفينة الشحن "ميرسك هانغتشو" ردا على قيادتها عودة السفن التي توقفت عن المرور بالمنطقة، محتمية بالقوات الأميركية والدولية.
أوضح برغوث أن الحوثيين يريدون توجيه رسالة لشركات الشحن، بأن الأزمة التي دفعتهم لمهاجمة السفن الداعمة لإسرائيل، مازالت مستمرة، وعليهم أن يشاركوا في الحل، بردع العدوان على الفلسطينيين، وإلا سيظل التأثير السلبي على مصالحهم والعالم مستمرا. أكد خبير النقل البحري أن تفضيل التحالف الأميركي الدولي المواجهة العسكرية مع جماعة الحوثي سيزيد الأمر تعقيدا، وينشر عدم أمان بين شركات النقل البحري وفي المنطقة، بما سيؤدي إلى هروب السفن من المرور بالبحر الأحمر، ويرفع من تكاليف نقل البضائع إلى أنحاء العالم.
أشار برغوث إلى أن مصر مطالبة باعتبارها الخاسر الأكبر من تعطل حركة الملاحة في البحر الأحمر وقناة السويس أن تتخذ إجراءات عاجلة لوقف الحرب في غزة، ولو استدعى الأمر تحريك حالة الحرب مع إسرائيل لمنع الطرف الإسرائيلي من فرض مشروعه في غزة بالقوة وبدون سقف زمني، بالتوازي مع إقناع العالم بأن انقاذ الفلسطينيين من المجاعة والاعتداء الوحشي، سيؤدي إلى وقف ضربات الحوثيين ضد السفن المارة بالمنطقة، مضيفا أن توسيع العمليات العسكرية، بالبحر الأحمر سيؤدي إلى خسائر هائلة للعالم بأسره.
صمت دولي
أشار برغوث إلى أن الصمت الدولي على ما تفعله إسرائيل في غزة، يمكنه أن يوقف 12 في المائة من حركة التجارة العالمية التي تمر بقناة السويس وتحمل كميات هائلة من السلع الأساسية للأسواق الدولية، حيث تنقل سفن الشحن البحري نحو 9.9 مليارات طن على مستوى العالم، يمر منها 1.2 مليار طن بقناة السويس، تصل حاجة مصر منها إلى نحو 7 ملايين حاوية فقط من بين 40 مليون حاوية تنقل عبر القناة.
يحمل مسار البحر الأحمر، قناة السويس نحو 4 في المائة من واردات الغاز المسال العالمية، بإيرادات بلغت 9.4 مليارات دولار، نهاية 2023. يتوقع رجال الأعمال المصريون زيادة بقيمة البضائع، والشحن والتأمين البحري، ترفع أسعار جميع السلع الأساسية ومستلزمات الإنتاج خلال الشهر الجاري، في وقت تحتاج فيه الأسواق إلى تدفق ملايين الأطنان من السلع التي تحتاجها البلاد، في ذروة الطلب على المشتريات من الخارج.
يواجه المصريون موجات غلاء متصاعدة، وسوء أحوال المعيشة، وهيمنة شركات احتكارية على السلع الأساسية ومستلزمات الإنتاج التي تأتي 60 في المائة من مكوناتها من الخارج، أغلبها يأتي من الصين والهند ودول جنوب شرق آسيا، عبر سفن الشحن المستخدمة لباب المندب. يخشى الخبراء أن تشهد الأسواق مزيدا من صدمات العرض في ظل صعوبة عمليات الاستيراد وتزايد الأسعار وتراجع قيمة الجنيه، وتصاعد التضخم الذي بلغ معدله الأساسي 35.9 في المائة، على أساس سنوي في نوفمبر/ تشرين الثاني 2023، وفقا لتقارير البنك المركزي.
قال عضو جمعية رجال الأعمال المصريين حمادة العجواني في تصريحات لــ" العربي الجديد" إن شركات الشحن الألمانية والفرنسية والنرويجية فرضت أسعارا جديدة تتراوح ما بين 250 إلى 1100 دولار، على كل حاوية يجري نقلها إلى مصر ودول الشرق الأوسط، اعتبارا من يناير/ كانون الثاني الجاري، مؤكدا أن الزيادة ستطبق على جميع وسائل الشحن حتى القادمة من البحر المتوسط، بما يعني زيادة بمصاريف الشحن وحدوث تبعات اقتصادية خطيرة على اقتصاد يقوم على توفير معظم مستلزماته من الخارج.
وقفزت تكلفة نقل الحاوية بطول 40 قدماً من آسيا إلى شمال أوروبا بنسبة 16 في المائة، في نوفمبر الماضي، زادت بنسبة 41 في المائة، نهاية ديسمبر، وفقا لمؤشر دريوري ورلد كونتينر إندكس.
المصدر: الموقع بوست
كلمات دلالية: اليمن البحر الأحمر الحوثي أمدادات الطاقة اقتصاد النقل البحری البحر الأحمر فی المائة
إقرأ أيضاً:
يسرائيل هيوم: هجمات الحوثيين خلقت مخاوف كبيرة لدى النظام الاقتصادي الإسرائيلي
حيروت – صحف
قالت صحيفة عبرية إن هجمات جماعة الحوثي على سفن الشحن في البحر الأحمر وإسرائيل خلقت مخاوف كبيرة في النظام الاقتصادي الإسرائيلي.
وذكرت صحيفة “يسرائيل هيوم” في تقرير لها إن هجمات الجماعة على السفن التجارية وسيطرتها على خليج عدن ومضيق باب المندب أحد طرق الشحن الرئيسية لإسرائيل عبر البحر الأحمر وقناة السويس، أدت إلى تحويل الشحن الدولي إلى طريق أطول، يدور حول أفريقيا عبر رأس الرجاء الصالح.
وأضافت “في إسرائيل، كانت هناك مخاوف من التأثيرات الدرامية على تجارتنا العالمية والتي من شأنها أن تؤدي إلى ارتفاع أسعار العديد من المنتجات”.
تتابع “كان هذا القلق مبررًا بالتأكيد. كانت تكاليف الشحن المتزايدة أثناء أزمة كوفيد-19 عاملاً رئيسيًا في الزيادة العالمية في أسعار المنتجات الاستهلاكية. كما تسبب إغلاق قناة السويس بين عامي 1967 و1975 في إلحاق أضرار كبيرة بالتجارة الدولية والنمو الاقتصادي لإسرائيل”.
ومع ذلك، تظهر دراسة جديدة أجراها بنك إسرائيل، أجراها هاجاي إتكيس ونيتسان فيلدمان، أن تأثير الحوثيين كان محدودًا نسبيًا. منذ البداية، يتم شحن حوالي 5٪ فقط من الصادرات الإسرائيلية عن طريق البحر إلى آسيا وأوقيانوسيا، وحوالي 20٪ من الواردات المدنية إلى إسرائيل. و
وكشفت الدراسة أن إجمالي الواردات الإسرائيلية من آسيا وأوقيانوسيا لم ينخفض بشكل غير عادي في أعقاب هجمات الحوثيين. كما لم ترتفع أسعار الواردات إلى إسرائيل بشكل كبير، ويرجع ذلك جزئيًا إلى أن تكاليف الشحن البحري تشكل جزءًا صغيرًا من سعر البضائع، وبالتالي فإن تأثيرها على السعر النهائي ضئيل.
وحسب التقرير فإن هجمات الحوثيين في البحر الأحمر لم تؤثر على السفن الإسرائيلية أو تلك المتجهة إلى إسرائيل فحسب، بل أثرت أيضًا على النقل البحري العالمي في جميع أنحاء العالم. وشعرت دول أخرى في البحر الأبيض المتوسط بتأثير هذه الهجمات بقوة أكبر.
وقالت الصحيفة العبرية “إن الواردات في دول مثل اليونان وتركيا وإيطاليا وفرنسا وإسبانيا لمدة ستة أشهر انخفضت بسبب هجمات الحوثيين، لكنها تمكنت من التعافي بحلول ربيع عام 2024.
وأشارت إلى أن تحويل طرق الشحن أدت في البداية إلى زيادة تكاليف النقل، لكن هذه الزيادة تباطأت في غضون عدة أشهر. ومن عجيب المفارقات أن إسرائيل، التي كانت الهدف المعلن لهجمات الحوثيين، أظهرت تأثيرًا أقل مقارنة بدول ساحلية أخرى على البحر الأبيض المتوسط.
وقالت “لا عجب أن الحوثيين أنفسهم بدأوا يشعرون بالقلق. فالمحور الشيعي ينهار في جميع أنحاء الشرق الأوسط، ونفوذهم الضار على طريق التجارة البحرية الرئيسي يضعف مع إيجاد العالم لحلول بديلة وإظهار المرونة في طرق الشحن”.
وخلصت الصحيفة العبرية بالقول “يظل الحوثيون وحدهم في الحملة الإيرانية الأوسع، حيث لم يكونوا اللاعب الأقوى في البداية. فهذا الأسبوع، هاجمت الولايات المتحدة وبريطانيا منشأة للحوثيين في صنعاء، وفي وقت لاحق، ضربت إسرائيل أيضًا عدة أهداف في اليمن، في حين لا يُتوقع أن تعاملهم إدارة ترامب الناشئة بشكل إيجابي”.
ترجمة : الموقع بوست