يعزز الصدام العسكري بين القوات الأميركية والحوثيين مخاوف سفن الشحن من العبور في البحر الأحمر وقناة السويس، مع تعديل الشركات مسار رحلاتها، بما يحمله ذلك من ارتفاع في تكاليف النقل والتأمين، وزيادة زمن الرحلة ما بين 10 إلى 15 يوما، وخسارة مصر المورد الثالث لدخلها من العملات الصعبة من خلال إيرادات قناة السويس.

 

وتزداد صعوبة حركة التجارة الدولية مع تهديدات أميركية بشن حملة عسكرية في اليمن، فيما يطالب الحوثيون بإدخال المساعدات الإنسانية لإنقاذ الشعب الفلسطيني من الجوع المفروض عليهم منذ 3 أشهر.

 

ويدعو خبراء الدول إلى سرعة التصدي للعدوان الإسرائيلي باعتباره مفتاح الحل لأزمة النقل البحري، بدلا من زيادة أعمال العنف في منطقة تصعب السيطرة على مخاطر الحرب فيها. وأغرقت البحرية الأميركية التي تقود تحالف "حارس الازدهار" في البحر الأحمر وخليج عدن، 3 زوارق من بين 4 زوارق تابعة لجماعة الحوثي، أدت إلى مقتل عشرة جنود وإصابة اثنين آخرين، بعد مواجهة مباشرة بين طائرات انطلقت من حاملتي الطائرات "أيزنهاور" و "غرافلي"، على مسافة 55 ميلا بحريا من ميناء الحديدة اليمني.

 

البحر الأحمر يشتعل

 

وبررت القوات الأميركية ضرباتها، بأنها جاءت استجابة لنداءات استغاثة من سفينة الشحن النرويجية "ميرسك هانغتشو"، تحمل علم سنغافورة، عقب إسقاط صاروخين باليستيين مضادين للسفن، أطلقتهما جماعة الحوثي، فجر الأحد الماضي، أثناء عبورها جنوب البحر الأحمر قادمة من جنوب آسيا، في طريقها إلى المرور بقناة السويس.

 

وصف الدكتور حمدي برغوث خبير النقل البحري لـ" العربي الجديد" حالة الحرب في جنوب البحر الأحمر، بأنها تصعيد عسكري متعمد، مؤكدا أن الحوثيين أطلقوا النيران على سفينة الشحن "ميرسك هانغتشو" ردا على قيادتها عودة السفن التي توقفت عن المرور بالمنطقة، محتمية بالقوات الأميركية والدولية.

 

أوضح برغوث أن الحوثيين يريدون توجيه رسالة لشركات الشحن، بأن الأزمة التي دفعتهم لمهاجمة السفن الداعمة لإسرائيل، مازالت مستمرة، وعليهم أن يشاركوا في الحل، بردع العدوان على الفلسطينيين، وإلا سيظل التأثير السلبي على مصالحهم والعالم مستمرا. أكد خبير النقل البحري أن تفضيل التحالف الأميركي الدولي المواجهة العسكرية مع جماعة الحوثي سيزيد الأمر تعقيدا، وينشر عدم أمان بين شركات النقل البحري وفي المنطقة، بما سيؤدي إلى هروب السفن من المرور بالبحر الأحمر، ويرفع من تكاليف نقل البضائع إلى أنحاء العالم.

 

أشار برغوث إلى أن مصر مطالبة باعتبارها الخاسر الأكبر من تعطل حركة الملاحة في البحر الأحمر وقناة السويس أن تتخذ إجراءات عاجلة لوقف الحرب في غزة، ولو استدعى الأمر تحريك حالة الحرب مع إسرائيل لمنع الطرف الإسرائيلي من فرض مشروعه في غزة بالقوة وبدون سقف زمني، بالتوازي مع إقناع العالم بأن انقاذ الفلسطينيين من المجاعة والاعتداء الوحشي، سيؤدي إلى وقف ضربات الحوثيين ضد السفن المارة بالمنطقة، مضيفا أن توسيع العمليات العسكرية، بالبحر الأحمر سيؤدي إلى خسائر هائلة للعالم بأسره.

 

صمت دولي

 

أشار برغوث إلى أن الصمت الدولي على ما تفعله إسرائيل في غزة، يمكنه أن يوقف 12 في المائة من حركة التجارة العالمية التي تمر بقناة السويس وتحمل كميات هائلة من السلع الأساسية للأسواق الدولية، حيث تنقل سفن الشحن البحري نحو 9.9 مليارات طن على مستوى العالم، يمر منها 1.2 مليار طن بقناة السويس، تصل حاجة مصر منها إلى نحو 7 ملايين حاوية فقط من بين 40 مليون حاوية تنقل عبر القناة.

 

يحمل مسار البحر الأحمر، قناة السويس نحو 4 في المائة من واردات الغاز المسال العالمية، بإيرادات بلغت 9.4 مليارات دولار، نهاية 2023. يتوقع رجال الأعمال المصريون زيادة بقيمة البضائع، والشحن والتأمين البحري، ترفع أسعار جميع السلع الأساسية ومستلزمات الإنتاج خلال الشهر الجاري، في وقت تحتاج فيه الأسواق إلى تدفق ملايين الأطنان من السلع التي تحتاجها البلاد، في ذروة الطلب على المشتريات من الخارج.

 

يواجه المصريون موجات غلاء متصاعدة، وسوء أحوال المعيشة، وهيمنة شركات احتكارية على السلع الأساسية ومستلزمات الإنتاج التي تأتي 60 في المائة من مكوناتها من الخارج، أغلبها يأتي من الصين والهند ودول جنوب شرق آسيا، عبر سفن الشحن المستخدمة لباب المندب. يخشى الخبراء أن تشهد الأسواق مزيدا من صدمات العرض في ظل صعوبة عمليات الاستيراد وتزايد الأسعار وتراجع قيمة الجنيه، وتصاعد التضخم الذي بلغ معدله الأساسي 35.9 في المائة، على أساس سنوي في نوفمبر/ تشرين الثاني 2023، وفقا لتقارير البنك المركزي.

 

قال عضو جمعية رجال الأعمال المصريين حمادة العجواني في تصريحات لــ" العربي الجديد" إن شركات الشحن الألمانية والفرنسية والنرويجية فرضت أسعارا جديدة تتراوح ما بين 250 إلى 1100 دولار، على كل حاوية يجري نقلها إلى مصر ودول الشرق الأوسط، اعتبارا من يناير/ كانون الثاني الجاري، مؤكدا أن الزيادة ستطبق على جميع وسائل الشحن حتى القادمة من البحر المتوسط، بما يعني زيادة بمصاريف الشحن وحدوث تبعات اقتصادية خطيرة على اقتصاد يقوم على توفير معظم مستلزماته من الخارج.

 

وقفزت تكلفة نقل الحاوية بطول 40 قدماً من آسيا إلى شمال أوروبا بنسبة 16 في المائة، في نوفمبر الماضي، زادت بنسبة 41 في المائة، نهاية ديسمبر، وفقا لمؤشر دريوري ورلد كونتينر إندكس.


المصدر: الموقع بوست

كلمات دلالية: اليمن البحر الأحمر الحوثي أمدادات الطاقة اقتصاد النقل البحری البحر الأحمر فی المائة

إقرأ أيضاً:

الجزائر: السلام في اليمن بناء على المرجعيات أمر أساسي للإستقرار في المنطقة

أكدت الجزائر، أن عملية السلام التي يملكها ويقودها اليمنيون، بناء على المرجعيات السياسية المتفق عليها، أمر أساسي للاستقرار الإقليمي الدائم في المنطقة.

 

وامتنعت الجزائر عن التصويت لقرار مجلس الأمن 2722 الذي حظى بتأييد 12 دولة، حيث يطالب الحوثيين بالكف عن الهجمات والأنشطة العدائية في البحر الأحمر.

 

وقال عمار بن جامع، الممثل الدائم للجزائر لدى الأمم المتحدة، إن تصويت بلاده على مشروع القرار الحالي يتوافق مع امتناعها عن التصويت على القرار السابق.

 

وقال: "الامتناع عن التصويت يعكس القلق بشأن تطبيق القرار 2722 وما نؤمن بأنه إساءة استخدام وإساءة تفسير للحق في الدفاع من خلال شن هجمات على أراضي دول ذات سيادة".

 

وشدد السفير الجزائري على ضرورة الامتثال للقانون الدولي وضمان أن الأنشطة التي تُتخذ باسم الحقوق والحريات الملاحية لا تتعدى على سيادة الدول.

 

وأكد على الضرورة القصوى لمعالجة الأسباب الجذرية للتوتر الراهن في البحر الأحمر والمنطقة بأسرها.

 

وقال: "لا يمكننا تجاهل العلاقة الواضحة بين الوضع المدمر في غزة وتصاعد الأعمال العدائية في البحر الأحمر، واليوم مجددا لا يمكننا التأكيد بما يكفي على الحاجة الملحة للوقف الفوري والدائم لإطلاق النار في غزة".

 

وحث بن جامع على التزام أقصى درجات ضبط النفس وإعطاء الأولوية للدبلوماسية لمنع العنف وضمان الاستقرار الإقليمي.

 

وفي وقت سابق، اعتمد مجلس الأمن الدولي القرار رقم 2739 الذي كرر فيه التأكيد على مطالبته جماعة الحوثي بالكف فورا عن جميع الهجمات ضد سفن النقل والسفن التجارية، حيث صدر القرار بتأييد 12 عضوا وامتناع الجزائر والصين وروسيا عن التصويت.

 

وقدمت الولايات المتحدة واليابان، مشروع القرار لمجلس الأمن، حيث جدد المطالبة الفورية لجماعة الحوثي، بإطلاق سراح السفينة "غالاكسي ليدر" وطاقمها، مشددا على ضرورة معالجة الأسباب الجذرية، بما في ذلك النزاعات التي تسهم في التوترات الإقليمية والإخلال بالأمن البحري، من أجل ضمان الاستجابة بسرعة وكفاءة وفعالية.

 

وحث القرار على توخي الحذر وضبط النفس لتجنب المزيد من تصعيد الوضع في البحر الأحمر وعلى صعيد المنطقة ككل، وشجع على تعزيز الدبلوماسية التي تبذلها جميع الأطراف لتحقيق هذه الغاية، بما في ذلك مواصلة تقديم الدعم للحوار وعملية السلام في اليمن تحت رعاية الأمم المتحدة.


مقالات مشابهة

  • كيف يتم مطاردة اليمنيين بالبارجة “أيزنهاور”؟
  • هجمات البحر الأحمر تبطئ نمو الاقتصاد الأمريكي
  • الجيش الأميركي يدمر محطة تحكم و7 مسيرات للحوثيين في اليمن
  • قناة السويس تبني 10 قاطرات جديدة بترسانة البحر الأحمر
  • إظهار القوة في البحر الأحمر… كيف طرد اليمنيون البارجة “أيزنهاور”؟
  • الجيش الأمريكي: تدمير 7 طائرات ومحطة تحكم للحوثيين
  • الصين: التوتر في البحر الأحمر أحد أشكال امتداد الصراع في غزة
  • هيئة بحرية بريطانية: سقوط 5 صواريخ بالقرب من سفينة أثناء إبحارها قبالة ساحل الحديدة اليمني
  • الحصار اليمني على “إسرائيل” يؤثر على عملاق الشحن “ميرسك” والأخيرة تعلن عن زيادة جديدة في الرسوم
  • الجزائر: السلام في اليمن بناء على المرجعيات أمر أساسي للإستقرار في المنطقة