رصد – نبض السودان

وصف رئيس حزب «الأمة القومي» اللواء متقاعد فضل الله برمة، توقيع «إعلان أديس أبابا» بين «تنسيقية القوى الديموقراطية المدنية (تقدم)» وقوات «الدعم السريع»، قبل أيام، بأنه «خطوة أولية في الطريق السليم نحو السلام»، وعدَّه «فرصة سياسية وعسكرية للوصول إلى حل نهائي للأزمة السودانية».

وقال برمة في مقابلة مع «الشرق الأوسط» في العاصمة الإثيوبية أديس أبابا، إن «الحرب التي اندلعت في السودان 15 أبريل (نيسان) 2023، تختلف عن كل الحروب التي شهدتها البلاد، لأنها بلا هدف، وتجاوزت خسائرها البشرية والمادية كل تلك الحروب السابقة».

وأجرى الرجل صاحب الخبرات العسكرية، والذي يقود حالياً أحد أكبر الأحزاب السودانية (تولى زعيمه الراحل الصادق المهدي أخر حكومة منتخبة، وشغل برمة منصب وزير الدفاع)، مقارنةً بين حرب الجيش و«الدعم السريع» والحروب السابقة، وقال إن «حرب جنوب السودان المعروفة بـ(تمرد الفرقة الاستوائية)، أغسطس (آب) 1955 – 1962، انتهت باتفاقية أديس أبابا عام 1973 بقيادة الجنرال جوزيف لاقو، والحرب الثانية بقيادة جون قرنق دمبيور (1983 – 2005)، وحرب (جبال النوبة) بقيادة يوسف كوة وتلفون كوكو (1985)، وحرب دارفور (2003 – 2020)، انتهت باتفاقية جوبا لسلام السودان (فيما لا تزال قوات عبد الواحد محمد النور لم توقع سلاماً)؛ كل هذه الحروب لم تُحدث خسائر في الأرواح والبني التحتية مثل الحرب الحالية».

وأضاف: «هذه الحرب يجب أن تقف، فقد ألحقت بالأرواح والناس والبني التحتية خلال تسعة أشهر ما لم تُحدثه الحروب السابقة التي استمرت 51 سنة». وتابع: «قُتل الناس بالآلاف ونزح وشُرد الملايين، وحدث دمار غير مسبوق بالبني التحتية، دمار يصعب إصلاحه؛ فمصفاة البترول (مصفاة الجيلي للبترول، شمالي مدينة بحري بالعاصمة الخرطوم) التي دُمرت مثلاً، بحاجة إلى خمسة مليارات دولار لإعادة بنائها (تكلفة تشييدها الأولى بلغت مليارَي دولار)، وكوبري شمبات يحتاج للملايين، هذا إلى جانب المنشآت الأخرى الخاصة والعامة». ورأى برمة أن الحرب السودانية الراهنة «بلا سبب»، على عكس حروب السودان التي سبقتها، وقال: «كل الحروب كانت لها أسبابها ودواعيها، لكنّ هذه الحرب ليس لها ما يبررها، فحرب الجنوب كانت بسبب مطالبة الجنوبيين بحقهم في الحكم الفيدرالي ولاحقاً الاستقلال، وهو مطلب مشروع، وبقية الحروب كانت تطالب بحقوق المواطنين في الثروة والسلطة». وحذر برمة من النتائج التي وصفها بالكارثية لهذه الحرب بقوله: «أوصلتنا هذه الحرب إلى المرحلة الخطرة، وتتمثل في استشراء خطاب الكراهية، الذي يعد أخطر من تدمير البنيات التحتية، لأنه يقود لتدمير السودان».

تحقيق دولي

وعندما سألت «الشرق الأوسط» برمة عن المسؤول، حسب رأيه، عن إشعال الحرب، قال: «لا أريد أن أطلق الأقوال جزافاً، ويجب تشكيل لجنة تحقيق دولية، لتجيب عن سؤال: مَن أطلق الرصاصة الأولى وتسبب في الحرب، وما أهدافه؟ ومَن وراءه؟ على (مجلس الأمن الدولي) و(مجلس حقوق الإنسان) تشكيل هذه اللجنة لتحقق في هذه الجريمة».

وكانت «الخارجية السودانية» قد رفضت في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي قراراً من «مجلس حقوق الإنسان» التابع للأمم المتحدة يقضى بتكوين لجنة تحقيق دولية لـ«التقصي» حول ما يجري في البلاد وإصدار عقوبات ضد الأطراف الرئيسية في الحرب بما في ذلك تجميد أصول وحظر سفر، وعدّت الخارجية حينها أن القرار «يساوي بين القوات المسلحة و(ميليشيا الدعم السريع)».

وذكّر برمة في حديثه برفض الحكومة السودانية، إبان حكم الرئيس السابق عمر البشير، تنفيذ توصية «لجنة القاضي دفع الله الحاج يوسف» التي كُلفت التحقيق في أحداث دارفور، بتشكيل لجنة تحقيق دولية لتقصي جرائم دارفور، مما أدى إلى إحالة «مجلس الأمن الدولي» الملف إلى «المحكمة الجنائية الدولية»، وصار الرئيس البشير ووزير دفاعه عبد الرحيم محمد حسين، ووزير الدولة بالداخلية وقتها أحمد هارون، وقائد ميليشيا «جنجويد» علي كشيب، مطلوبين للمحكمة الدولية.

ورداً على الانتقادات لبطء لجان التحقيق الدولية مثلما حدث في حالة التحقيق في مقتل رئيس الوزراء اللبناني السابق رفيق الحريري، التي عملت لسنوات، قال ناصر: «لجنة الحريري كانت تحقق في مقتل فرد، لكن في حالتنا فهذا تحقيق في مقتل أمة، ويجب أن تجري المحاسبة والمساءلة في هذه القضية، فنحن نطالب بشدة بالتحقيق وتجريم المجرم وتبرئة البريء». ورأى برمة، الذي يشغل موقعاً في تنسيقية «تقدم»، أنه «من المهم معرفة مَن هو مُطلق الرصاصة الأولى، لتبدأ المحاسبة، ويُمنع تكرار ارتكاب الجرائم وإزهاق الأرواح».

الجيش والإسلاميون

وتطرّق برمة إلى آليات الشروع في تنفيذ «إعلان أديس أبابا» بين «تقدم» و«الدعم السريع»، وقال إنه «يتطلب موافقة الجيش». وتوقع رئيس حزب «الأمة» استجابة الجيش لطلب «تقدم» بالاجتماع معهم، وقال: «نحن لا نعمل بافتراض عدم موافقة الجيش، نحن بصفتنا طرفاً أساسياً، نُصر ونطالب ونناشد الجيش الجلوس إلينا، لأن هذه هي الطريق الوحيدة لوقف الحرب، فهي لن تقف من جانب واحد». وأكد أنه لم يتواصل مع قادة الجيش بشكل مباشر، ولم تُتح له فرصة الحديث مباشرةً معهم، لكنهم في تنسيقية «تقدم» ظلوا يناشدونهم عبر وسائل الإعلام، وقال: «نقول لهم: عليكم وضع مصلحة وطنكم فوق كل مصلحة، وإن المصلحة الوطنية تتطلب إيقاف هذه الحرب».

ورأى برمة أن الحرب الجارية الآن إذا عُدَّت صراعاً على السلطة، فهو صراع «غير مشروع». وقال: «الطرفان لا يملكان الحق في الصراع على السلطة، لأن صاحب السلطة هو الشعب، والشعب وحده من يملك حق تفويض سلطته بانتخابات حرة لمن يراه… ومهمة القوات المسلحة حماية البلاد، وليس أن تفرض عليها إرادتها». وبشأن ما إذا كان طرفا الحرب (الجيش، و«الدعم السريع») سيكونان جزءاً من المرحلة المقبلة، قال برمة: «بالنسبة إلينا إيقاف الحرب هو المرحلة الأولى؛ أما مرحلة العملية السياسية، فيجب وضع النقاط على الحروف، فهي بحاجة إلى حمايةٍ وتأمينٍ، والمسؤول عن ذلك هي القوات المسلحة بوصفها أحد عناصر قوة الدولة». لكن على الجانب الآخر حسم برمة بشده موقفه الرافض لفتح أي حوار مع «الإسلاميين»، وقال: «الموقف منهم جرى تحديده في الوثيقة الدستورية، ونصَّت على مشاركة كل القوى الوطنية في العملية السياسية، والإسلاميون الذين أعلنوا موقفاً واضحاً وانضموا إلى الصف الوطني ووقَّعوا الاتفاق الإطاري فهم جزء من العملية السياسية، أما الذين ظلوا يؤيدونه (البشير) حتى سقط، ووقفوا ضد الثورة ودعموا (انقلاب 25 أكتوبر 2021)، وأشعلوا الحرب ودعموها، فلن يكونوا جزءاً من مرحلة الانتقال، عليهم انتظار الانتخابات». وقال برمة: «ليس هناك شخص يملك الحق في عزل مَن شاركوا في الثورة العظيمة، واختاروا الديموقراطية نظاماً أمثل لحكم السودان». وكان «إعلان أديس أبابا» قد سار على نهج الوثيقة الدستورية والاتفاق الإطاري، ونصَّ على «تفكيك نظام عمر البشير، وإنهاء هيمنته على جهاز الدولة، وإزالة تمكين الإسلاميين من الاقتصاد وسيطرتهم على الموارد بما في ذلك تصفية وجودهم داخل الخدمة المدنية والعسكرية، واستبعادهم من العملية الانتقالية المدنية».

المصدر: نبض السودان

كلمات دلالية: اديس ابابا اعلان برمة تنفيذ يتطلب الدعم السریع أدیس أبابا هذه الحرب

إقرأ أيضاً:

“هآرتس”: صور الحشود التي تعبر نِتساريم تُحطّم وهم النصر المطلق‎

الثورة نت

أشار المحلل العسكري في صحيفة “هآرتس الإسرائيلية” عاموس هرئيل إلى أن صور الحشود الفلسطينية التي تعبر سيرًا على الأقدام من ممر “نِتساريم” في طريقها إلى ما تبقى من بيوتها في شمال غزة، تعكس بأرجحية عالية أيضًا نهاية الحرب بين “إسرائيل” وحماس، مؤكدًا أن الصور التي تم التقاطها، يوم أمس الاثنين، تحطم أيضًا الأوهام حول النصر المطلق التي نشرها رئيس حكومة العدو بنيامين نتنياهو ومؤيدوه على مدى أشهر طويلة، وأكمل بالقول: “معظم فترة الحرب، رفض نتنياهو مناقشة الترتيبات لما بعد الحرب في قطاع غزة، ولم يوافق على فتح باب لمشاركة السلطة الفلسطينية في غزة، واستمر في دفع سيناريو خيالي لهزيمة حماس بشكل تام. والآن، من يمكن الاعتقاد أنه اضطر للتسوية على أقل من ذلك بكثير”.

ورأى هرئيل أن رئيس حكومة العدو، هذا الأسبوع، قد حقق ما أراده، إذ إن حماس وضعت عوائق في طريق تنفيذ الدفعات التالية من المرحلة الأولى في صفقة الأسرى، لكن نتنياهو تمكن من التغلب عليها، على حد تعبيره، موضحًا أنه: “حتى منتصف الليل يوم الأحد، تأخر نتنياهو في الموافقة على عبور مئات الآلاف من الفلسطينيين إلى شمال القطاع، بعد أن تراجعت حماس عن وعدها بالإفراج عن الأسيرة أربيل يهود من “نير عوز””، ولكن بعد ذلك أعلنت حماس نيتها الإفراج عن الأسيرة، وفق زعمه، فعلّق هرئيل: “حماس وعدت، والوسطاء تعهدوا، أن يهود ستعود بعد غد مع الجندية الأخيرة آغام برغر ومع أسير “إسرائيلي” آخر، والدفعة التالية، التي تشمل ثلاثة أسرى “مدنيين” (من المستوطنين)، ستتم في يوم السبت القادم”. لذلك، قاد تعنّت نتنياهو – ومنعه عودة النازحين الفلسطينيين – على تسريع الإفراج عن ثلاثة أسرى “إسرائيليين” في أسبوع، على حد ادعاء الكاتب.

تابع هرئيل: “لكن في الصورة الكبيرة، قدمت حماس تنازلًا تكتيكيًّا لإكمال خطوة استراتيجية، أي عودة السكان إلى شمال القطاع”، مردفًا: “أنه بعد عودتهم إلى البلدات المدمرة، سيكون من الصعب على “إسرائيل” استئناف الحرب وإجلاء المواطنين مرة أخرى من المناطق التي عادت إليها حتى إذا انهار الاتفاق بعد ستة أسابيع من المرحلة الأولى”، مضيفًا: “على الرغم من نشر مقاولين أميركيين من البنتاغون في ممر “نِتساريم” للتأكد من عدم تهريب الأسلحة في السيارات، لا يوجد مراقبة للحشود التي تتحرك سيرًا على الأقدام، من المحتمل أن تتمكن حماس من تهريب الكثير من الأسلحة بهذه الطريقة، وفق زعمه، كما أن الجناح العسكري للحركة، الذي لم يتراجع تمامًا عن شمال القطاع، سيكون قادرًا على تجديد تدريجي لكوادره العملياتية”.

وادعى هرئيل أن حماس تلقت ضربة عسكرية كبيرة في الحرب، على الأرجح هي الأشد، ومع ذلك، لا يرى أن هناك حسمًا، مشيرًا إلى أن هذا هو مصدر الوعود التي يطلقها “وزير المالية الإسرائيلي” بتسلئيل سموتريتش، المتمسك بمقعده رغم معارضته لصفقة الأسرى، بشأن العودة السريعة للحرب التي ستحل المشكلة مرة واحدة وإلى الأبد، ويعتقد هرئيل أن: “الحقيقة بعيدة عن ذلك، استئناف الحرب لا يعتمد تقريبًا على نتنياهو، وبالتأكيد ليس على شركائه من “اليمين المتطرف”، القرار النهائي على الأرجح في يد الرئيس الأميركي دونالد ترامب، ومن المتوقع أن يستضيف الأخير نتنياهو قريبًا في واشنطن للاجتماع، وهذه المرة لا يمكن وصفه إلا بالمصيري”.

وأردف هرئيل ، وفقا لموقع العهد الاخباري: “ترامب يحب الضبابية والغموض، حتى يقرر، لذلك من الصعب جدًّا التنبؤ بسلوكه”، لافتًا إلى أنه وفقًا للإشارات التي تركها ترامب في الأسابيع الأخيرة، فإن اهتمامه الرئيسي ليس في استئناف الحرب بل في إنهائها، وأكمل قائلًا: “حاليًا، يبدو أن هذا هو الاتجاه الذي سيضغط فيه على نتنياهو لإتمام صفقة الأسرى، وصفقة ضخمة أميركية – سعودية – “إسرائيلية” وربما أيضًا للاعتراف، على الأقل شفهيًّا، برؤية مستقبلية لإقامة دولة فلسطينية”.

وقال هرئيل إن “نتنياهو، الذي أصرّ طوال السنوات أنه قادر على إدارة “الدولة” (الكيان) وأيضًا الوقوف أمام محكمة جنائية، جُرّ أمس مرة أخرى للإدلاء بشهادته في المحكمة المركزية، رغم أنه يبدو بوضوح أنه لم يتعاف بعد من العملية التي أجراها في بداية الشهر، واستغل الفرصة لنفي الشائعات التي تفيد بأنه يعاني من مرض عضال، لكنه لم يشرح بشكل علني حالته الصحية”، مشددًا على أن نتنياهو الآن، من خلال معاناته الشخصية والطبية والجنائية والسياسية، قد يُطلب منه مواجهة أكبر ضغط مارسه رئيس أميركي على رئيس وزراء “إسرائيلي”.

مقالات مشابهة

  • شبكة أطباء السودان: نشعر بقلق بالغ إزاء التقارير التي تشير إلى قيام الحكومة التشادية بترحيل لاجئين سودانيين
  • هل انتصرت “إسرائيل” في حربها على غزة؟ 
  • الجيش الإسرائيلي يعلن تنفيذ عدة عمليات في قطاع غزة
  • “هآرتس”: الحشود التي تعبر نِتساريم حطّمت وهم النصر المطلق‎
  • “هآرتس”: صور الحشود التي تعبر نِتساريم تُحطّم وهم النصر المطلق‎
  • WP: دول خليجة تتطلّع لـما بعد الحرب بغزة منذ وقف إطلاق النار
  • السودان؛ الحرب المشهودة
  • السودان.. حرب بلا معنى
  • بلينكن يستعد لإطلاق كتاب حول الحروب والأزمات في عهد جو بايدن
  • النازحون من شمال غزة..عائدون إلى قطاع من الركام