ألقى العلامة السيد علي فضل الله، خطبتي صلاة الجمعة، من على منبر مسجد الإمامين الحسنين في حارة حريك، في حضور عددٍ من الشخصيّات العلمائيّة والسياسيّة والاجتماعيّة، وحشدٍ من المؤمنين، ومما جاء في خطبته السياسية:

"عباد الله أوصيكم بوصية الزهراء(ع) لابنها الإمام الحسن(ع)، فيما ورد عنه: "رأيتُ أُمّي فاطِمَةَ(ع) قامَت في مِحرابِها لَيلَةَ جُمُعَتِها، فَلَم تَزَل راكِعَة ساجِدَة حتّى اتَّضَحَ عَمودُ الصُّبح، وسَمِعتُها تَدعو لِلمُؤمِنينَ والمُؤمِنات وتُسَمّيهِم وتُكثِرُ الدُّعاءَ لَهُم ولا تَدعو لِنَفسِها بِشَي‏ءٍ، فَقُلتُ لَها: يا أُمّاه! لِمَ لا تَدعين لِنَفسِكِ كَما تَدعينَ لِغَيرِك؟ فَقالَت: يا بُنَيَّ الجار ثُمَّ الدّار".



لقد أرادت الزهراء من خلال وصيتها أن تعمق فينا روح البذل والعطاء، وتدعونا إلى الاهتمام بشؤون الناس وحاجاتهم وراحتهم، وتشير إلى أن الدعاء لمن يحتاج إليه هو واحد من سبل الخير نظراً إلى أهمية دوره في تأمين الحاجات، وأن نؤثرهم على أنفسنا. وبذلك ننزع روح الأنانية من داخلنا ونزرع خيراً حيث وجدنا ونكون أكثر قدرة على مواجهة التحديات."

وقال: "والبداية من لبنان الذي يستمر فيه العدو الصهيوني في ممارساته العدوانية على قراه وبلداته، والتي لم تعد تقف عند حدود ما يجري في قرى الشريط الحدودي، بل تجاوزت ذلك إلى عمق الضاحية الجنوبية في بيروت التي لم تستهدف منذ العام 2006، والتي أدت إلى اغتيال نائب رئيس المكتب السياسي لحركة "حماس" الشيخ صالح العاروري وقيادات وكوادر حمساوية أخرى، ما يشير إلى رغبة جامحة لدى هذا الكيان بتصعيد الصراع ونقله إلى الداخل اللبناني، وإن كنا لا نزال على ثقة أنه يخشى ذلك، فهو يعرف مدى تداعياته عليه وعلى كيانه بعدما خبر كل ذلك في السابق وفي هذه الأيام".

اضاف: "وقد بات واضحاً أن العدو يهدف إلى تحقيق نصر يسعى إليه على الصعيد الفلسطيني، بعد الفشل في تحقيق هدف كبير في غزة يقدمه إلى جمهوره، وهو إن حاول التنصل من الاغتيال بعدم الإعلان الرسمي عن تبنيه كي لا يتحمل تداعياته، ولكن بصماته تدل عليه وهو ما ظهر في تصريحات لقيادات أمنية وغير أمنية.

ونحن أمام خطورة هذا الاستهداف، ندعو إلى موقف لبناني موحد لمواجهة هذا التصعيد الخطير، لأن السكوت عنه سيجعل هذا العدو يتمادى أكثر في عدوانه ويزيد من استهدافاته وقد يتوسع فيها إلى مدى أبعد".

وأكد ان "على اللبنانيين أن يكونوا حرصاء في هذه المرحلة على تجاوز خلافاتهم وانقساماتهم لمنع هذا العدو من الدخول على هذا الخط والاستفادة منه، كما استفاد من ذلك في فترات سابقة... وذلك بتحميل المسؤولية لمن فتح هذه المعركة بعدما أثبت هذا الاغتيال وكل الاغتيالات التي سبقته، أن العدو لا يتوانى عن استباحة أي بلد عندما تسمح الظروف بذلك".

وقال: "لقد أشار هذا الاعتداء وبشكل واضح إلى مدى استهتار هذا العدو بسيادة لبنان وبتطبيق القرار 1701 وضربه له بعرض الحائط عندما تدعوه مصالحه إلى ذلك، وهو يؤكد من جديد أن العائق  هو العدو الذي وقف ويقف أمام تطبيق هذا القرار ولا أي قرارات دولية، وهو ما ينبغي أن يعيه اللبنانيون، وأن يسمعه الموفدون الذين يدعون لبنان إلى تطبيق هذا القرار".

وتابع: "إن على اللبنانيين أن يكونوا أكثر وعياً لمخاطر هذا الكيان، لكون هذا البلد هو النقيض الوجودي له، وبعدما عانوا الويلات من اجتياحاته وحروبه وتدميره للبنان وأطماعه بالأرض والمياه والثروات، وإذا لم يحقق أهدافه عملياً فليس تعففاً منه والتزاماً بالقرارات الدولية بل لوقوف اللبنانيين من خلال مقاومتهم وجيشهم وموقفهم الموحد في وجهه".

ورأى انه "يبقى علينا في هذا البلد العمل على تحصين الوضع الداخلي، حيث لا يمكن أن يواجه هذا العدو أو أن يقف أمام العواصف العاتية والآتية إليه إلا بالعمل الجاد للإسراع بإنجاز الاستحقاقات التي تضمن قدرة اللبنانيين على الصمود ومواجهة التحديات إن على الصعيد السياسي أو الاقتصادي أو المعيشي والحياتي".

ورأى "إن من المؤسف أن يبقى هذا البلد في دائرة الانتظار كما هو الآن، وكأنه قاصر لا يستطيع القيام بشؤونه وحل مشاكله بنفسه... لقد آن الأوان للقوى السياسية أن تأخذ دورها وتوجه جهودها لإيجاد حلول لمشاكل هذا البلد، وهي قادرة على إيجاد حلول له إن توحدت جهودها وقررت الخروج من حساباتها الخاصة ومصالحها الفئوية ورهاناتها التي غالباً ما تبنى على سراب".

وقال: "نعود إلى غزة الجريحة حيث يستمر العدو بارتكاب مجازره فيها وتهديمه لبنيتها التحتية وكل مظاهر الحياة فيها، مستفيداً من الدعم الدولي وهامش الوقت المعطى له من الإدارة الأميركية التي لا تأخذها الحمية إلا عندما يسقط جنود له، وهي عندما تدعوه إلى تغيير إستراتيجيته في غزة فليس حرصاً على أهل غزة، ولكن حرصاً على هذا الكيان وحتى لا يبقى أسير وحول غزة ومستنقعاتها التي أوقعته المقاومة بها".

اضاف: "وفي هذا المجال، فإننا نحذر مما يحاك لفلسطين، بعدما باتت أهداف العدو في غزة واضحة بالعمل على تهجير أهاليها إلى صحراء سيناء أو إلى أصقاع العالم، حيث يعلن العدو صراحة عن هذا الهدف، والذي قد لا يقتصر على غزة، بل سيمتد إلى كل من يتعاطف مع مقاومة الاحتلال في الضفة الغربية والقدس. إننا أمام ما يجري نجدد دعوة الدول العربية والإسلامية وكل أحرار العالم، إلى القيام بدورهم في الوقوف مع هذا الشعب وإسناده في وقفته البطولية أمام كيان العد"و.

وتابع: "إن من المؤسف، أن تنبري دولة جنوب أفريقيا إلى رفع دعوى أمام محكمة العدل الدولية لمحاسبة العدو على جرائمه وممارساته بحق الشعب الفلسطيني، فيما لم تقم أي دولة عربية أو إسلامية بأي مبادرة في هذا الاتجاه أو مشاركتها في رفع الدعوى".

واردف: "وأخيراً، لا بد أن نتوقف عند الاعتداء الإرهابي الذي حصل في مدينة كرمان، حيث كانت تقام مراسم العزاء أمام ضريح الشهيد قاسم سليماني في الذكرى الرابعة لاستشهاده، والذي أدى إلى استشهاد وإصابة المئات ممن جاؤوا للمشاركة في هذه المراسم...إننا أمام ما جرى نتقدم بالعزاء إلى الجمهورية الإسلامية في إيران، قيادةً وشعباً، وبالرحمة وعلو الدرجة للشهداء وبالشفاء للجرحى ومعاقبة المجرمين الذين قاموا بهذا الاعتداء المشين ومن يقف معهم".

المصدر: لبنان ٢٤

كلمات دلالية: هذا العدو هذا البلد

إقرأ أيضاً:

في أول خطوة لزعيم لبناني.. وليد جنبلاط يعتزم زيارة دمشق

أكدت مصادر لبنانية أن الرئيس السابق للحزب التقدمي الاشتراكي، وليد جنبلاط، سيتوجه إلى العاصمة السورية دمشق نهاية الأسبوع الحالي، لبحث سبل توطيد العلاقات.

وقالت مصادر مقربة منه: "إن جنبلاط سيتوجه إلى دمشق نهاية الأسبوع، في أول زيارة لقيادي لبناني للعاصمة السورية. سيرافقه وفد من نواب اللقاء الديمقراطي والقيادة الحزبية وعدد كبير من المشايخ الدروز في لبنان وسوريا، وسيتم البحث في كيفية توطيد العلاقات بين الطرفين".

وفي السياق نفسه، قالت صحيفة "الجمهورية" اللبنانية إن جنبلاط سيلتقي قائد العمليات العسكرية محمد الشرع للتهنئة بسقوط النظام والبحث في مستقبل الأوضاع على الساحتين السورية واللبنانية والمنطقة، وكذلك مستقبل العلاقات بين لبنان وسوريا.


وكشفت الصحيفة أن "جنبلاط سيطرح على الشرع مبادرة بعناوين عريضة تتصل برؤيته لشكل ومضمون العلاقات الواجب قيامها بين لبنان وسوريا الجديدة".

ومهّد رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي لزيارته المرتقبة بموقف أعلنه خلال اجتماع استثنائي عُقد في دار الطائفة الدرزية، حيث أعاد فتح الملفات القديمة مع النظام السوري منذ عهد الرئيس الراحل حافظ الأسد.

وذكّر جنبلاط باغتيال والده كمال جنبلاط قائلاً: "منذ 16 آذار/مارس 1977 رفعنا الشعار الشهير ’ سيبقى فينا وينتصر‘. واليوم، انتصر كمال جنبلاط والشعب السوري، وانتصرَت الحرية في لبنان وسوريا." كما استحضر دور الكاتب سمير قصير في دعم الربيع العربي، قائلاً إنه كان يؤمن بعدم إمكانية تحقيق الحرية في لبنان إذا ظلت سوريا "أسيرة السجن الكبير."

ودعا جنبلاط إلى إعادة النظر بمعاهدة الأخوّة والتنسيق والتعاون بين لبنان وسوريا، مشدداً على أهمية ترسيم الحدود، ولا سيما في مناطق شبعا وكفر شوبا، بالإضافة إلى معالجة قضايا أخرى تتعلق بالعلاقة بين البلدين.


وستكون زيارة جنبلاط لدمشق، هي الأولى لزعيم لبناني بهذا الحجم للسلطة الجديدة في سوريا. ومن الجدير بالذكر أن جنبلاط كان أول من اتصل بالجولاني من بين السياسيين اللبنانيين.

مقالات مشابهة

  • بالفيديو... إسرائيل تزعم تدمير مقرّ قيادة لـحزب الله في الجنوب
  • في أول خطوة لزعيم لبناني.. وليد جنبلاط يعتزم زيارة دمشق
  • مدبولي: موقف مصر ثابت تجاه سوريا.. و ندعو للحفاظ على مؤسساتها من الانهيار
  • مدبولي: موقف مصر ثابت تجاه سوريا.. ندعو للحفاظ على مؤسساتها من الانهيار
  • موقع لبناني: كبار الضباط والمستشارين الإيرانيين غادروا لبنان بعد سقوط الأسد
  • قبائل همدان تُعلن النفير العام تضامناً مع فلسطين ومواجهة التصعيد
  • إعلام العدو: 50% من المباني تضررت بنيران حزب الله في مناطق المواجهة مع لبنان
  • خبير سياسات دولية: نحتاج إلى موقف عربي موحد لوقف التصعيد الإسرائيلي بالمنطقة
  • استمرار الخروقات.. إصابة مواطن لبناني بغارة للاحتلال على بلدة النجارية
  • موقف مرتقب لفرنجية: البلد بدو رئيس رجّال