نشرت مجلة "ذي نيشن" مقالا لنائب مدير معهد كوينسي للحوكمة المسؤولة، تريتا بارسي، قال فيه إن مصالح أمريكا ودولة الاحتلال لم تكن متطابقة بشكل كامل فيما يتعلق بغزة.

ولكن مع استمرار العدوان الإسرائيلي على القطاع منذ ما يقرب من 100 يوم، فإن حكومة نتنياهو تتحول في اتجاه يهدد بشكل مباشر الأهداف المعلنة لإدارة بايدن: تريد تل أبيب توسيع الحرب إلى لبنان ويبدو أنها ترحب بحرب مفتوحة ضد ما يسمى بمحور المقاومة - حزب الله في لبنان، والحوثيون في اليمن، وإيران.



ويجعل اغتيال نائب زعيم حماس صالح العاروري في بيروت يوم الثلاثاء ذلك الأمر جليا. حتى الآن، رفض الرئيس جو بايدن الخطوة الوحيدة التي يمكن أن تمنع هذا التصعيد وانجرار الولايات المتحدة إلى حرب أخرى في الشرق الأوسط: وقف إطلاق النار في غزة.




منذ 7 تشرين الأول/ أكتوبر، كان الافتراض في استراتيجية البيت الأبيض هو أنه من أجل الحصول على مصداقية مع الاحتلال، يجب على بايدن أولا إظهار الدعم غير المشروط. وحينها فقط، كما يقول المنطق، سيكون لديه النفوذ لكبح جماح تل أبيب.

ويتيح هذا المنطق إمكانية أن يكون بايدن يريد وقف إطلاق النار ولكن كان عليه أن يكتسب المصداقية قبل أن يتمكن من الضغط على دولة الاحتلال. وبالطبع لن تتم ممارسة هذا الضغط إلا بشكل خاص. أمام الكاميرات، لن يكون هناك خلافا بين بايدن ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو.

ولكن مع تقدم الحرب وارتقاء أكثر من 22 ألف فلسطيني - نصفهم تقريبا من الأطفال - بالأسلحة التي قدمها بايدن، ظهرت صورة رئيس أمريكي يريد وقف إطلاق النار ولكنه يتعثر في العثور على النفوذ لفرض نهاية للحرب.





وقد شحن بايدن أكثر من 10,000 طن من الأسلحة والذخيرة إلى الاحتلال، وتجاوز مرتين إشراف الكونغرس لتسريع عمليات نقل الأسلحة، واستخدم حق النقض مرتين ضد قرارات في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة التي دعت إلى وقف إطلاق النار، بل ودرس كيفية نقل 2.3 مليون فلسطيني بشكل دائم من غزة إلى صحراء سيناء.

وبينما أدان بايدن وزراء الحكومة الإسرائيلية عندما تحدثوا علنا عن خططهم للتطهير العرقي، فقد أصبح من الواضح بشكل متزايد أنه لم يرغب أبدا في وقف إطلاق النار، لأنه وافق على جدوى وشرعية هدف تل أبيب الأقصى من الحرب: التدمير العسكري الكامل لحماس مهما حدث. يريد بايدن أن تفعل إسرائيل بحماس ما لم تستطع الولايات المتحدة أن تفعله بحركة طالبان.

وبطبيعة الحال، لم تكن هناك حاجة على الإطلاق لبناء المصداقية للضغط على نتنياهو.

فكانت الولايات المتحدة تتمتع بالفعل بمصداقية هائلة لدى الاحتلال، خاصة بعد أن فكر بايدن علانية في عرض اتفاق دفاعي على السعودية وإمكانية الوصول إلى دورة الوقود النووي إذا قامت بتطبيع العلاقات مع "إسرائيل".

ولم يسبق لأي رئيس أمريكي آخر أن قدم مثل هذه التنازلات لخصوم الاحتلال العرب لتأمين اتفاق لتل أبيب. وحتى ترامب، الذي بدأ حملة التطبيع التي سعت صراحة إلى "تجاوز القضية الفلسطينية"، لم يعرض قط اتفاقيات دفاعية على الدول العربية الأربع التي أدخلها في ما يسمى باتفاقيات أبراهام.




أما الأسطورة الأخرى التي روجتها مؤسسة السياسة الخارجية في واشنطن لتبرير تقاعس بايدن في مواجهة ما تؤكد حكومة جنوب إفريقيا بشكل مقنع على أنه إبادة جماعية، فإنها تتفكك أيضا عند إلقاء نظرة فاحصة: فالولايات المتحدة، كما يجادل بعض المحللين في العاصمة، ببساطة لا تملك نفوذا لوقف الاحتلال. التاريخ يشير إلى خلاف ذلك.

في عام 1982، شعر الرئيس رونالد ريغان "بالاشمئزاز" من القصف الإسرائيلي للبنان.

وأوقف نقل الذخائر العنقودية إلى دولة الاحتلال، وأخبر رئيس الوزراء الإسرائيلي مناحيم بيغن في مكالمة هاتفية أن "هذه محرقة". وطالب ريغان إسرائيل بسحب قواتها من لبنان. خضع بيغين، وبعد عشرين دقيقة من مكالمتهما الهاتفية، أمر بيغن بوقف الهجمات.

في الواقع، من السخافة الادعاء بأن بايدن لا يملك أي نفوذ، خاصة في ضوء الكميات الهائلة من الأسلحة التي شحنها إلى الاحتلال الإسرائيلي. وفي الواقع، يعترف المسؤولون الإسرائيليون بذلك علانية.




واعترف الميجر جنرال الإسرائيلي المتقاعد يتسحاق بريك في تشرين الثاني/نوفمبر من العام الماضي قائلا: "كل صواريخنا، والذخائر، والقنابل الموجهة بدقة، وجميع الطائرات والقنابل، كلها من الولايات المتحدة. في اللحظة التي يغلقون فيها الصنبور، لا يمكنك الاستمرار في القتال. ليست هناك القدرة... الجميع يدرك أننا لا نستطيع خوض هذه الحرب بدون الولايات المتحدة، وانتهى".

ولكن تل أبيب غير قادرة على تدمير حماس عسكريا، تماما كما لم يكن بوسع الولايات المتحدة أن تعتمد على الحلول العسكرية فقط لإلحاق الهزيمة بحركة طالبان في أفغانستان.



وقد اعترف رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي السابق إيهود أولمرت بذلك في الشهر الماضي فقط. وكتب في صحيفة "هآرتس"  في نهاية كانون الأول/ ديسمبر: "إن احتمالات تحقيق القضاء التام على حماس كانت معدومة منذ اللحظة التي أعلن فيها رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو أن هذا هو الهدف الرئيسي للحرب".

وبدلا من ذلك، يبدو أن دولة الاحتلال تستغل احترام بايدن شبه الكامل لنتنياهو للقيام بما منع الرؤساء الأمريكيون السابقون الاحتلال من فعله، وهو جر الولايات المتحدة إلى حرب إقليمية مع إيران وحلفائها.

وقال رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي السابق أيضا، نفتالي بينيت، في صحيفة "وول ستريت جورنال" قبل أسبوع واحد فقط إن "الولايات المتحدة وإسرائيل بحاجة إلى مواجهة إيران بشكل مباشر".

ليس هناك شك في أن الحرب مع إيران وحزب الله والحوثيين ستكون مدمرة للمنطقة والولايات المتحدة. وعلى الرغم من أن بايدن يعارض توسيع نطاق الحرب، إلا أنه كان غير مبالٍ بشأن خطر التصعيد.

وتوجد هذه المخاطر على أربع جبهات: بين الاحتلال وحزب الله اللبناني، وفي سوريا والعراق بسبب الهجمات على القوات الأمريكية من قبل الميليشيات المتحالفة مع إيران، والبحر الأحمر بين الحوثيين والبحرية الأمريكية، وبين الاحتلال وإيران بعد اغتيال لواء إيراني في سوريا وتفجيرات كرمان في ذكرى اغتيال اللواء قاسم سليماني والتي تسببت بمقتل أكثر من مئة شخص.

وترتبط الهجمات المتزايدة على القوات الأمريكية بشكل مباشر بالحرب الإسرائيلية في غزة.

وفي الفترة بين كانون الثاني/ يناير 2021 وآذار/ مارس 2023، استهدفت الميليشيات العراقية أفرادا أمريكيين حوالي 80 مرة. ولكن منذ 7 تشرين الأول/ أكتوبر 2023، تم تنفيذ أكثر من 100 هجوم من هذا القبيل.

وبينما سعى بايدن إلى ردع إيران وحلفائها من خلال نقل المزيد من القوات والسفن الأمريكية إلى المنطقة، فقد رفض اتباع الطريقة الأكثر وضوحا وفعالية لتهدئة التوترات وإبعاد القوات الأمريكية عن طريق الأذى: وقف إطلاق النار. في غزة.

والحقيقة أنه خلال الأيام الستة التي شهدت سريان وقف إطلاق النار في تشرين الثاني/ نوفمبر، توقفت الهجمات التي تشنها الجماعات العراقية على القوات الأمريكية.




وقبل يوم واحد فقط من وقف إطلاق النار، استهدفت الجماعات الولايات المتحدة في ستة هجمات منفصلة. كما خفف الحوثيون بشكل كبير من استهدافهم للسفن في البحر الأحمر خلال وقف إطلاق النار.

ومع ذلك، يرفض بايدن التزحزح. إذا كان السؤال السابق هو كم عدد الفلسطينيين الأبرياء الذين يجب أن يموتوا قبل أن يعود بايدن إلى رشده ويطالب أخيرا بوقف إطلاق النار؟، فقد يصبح السؤال قريبا كم عدد الأمريكيين الذين يجب أن يموتوا قبل أن يستجمع الشجاعة ليقول لا لتل أبيب؟.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي صحافة صحافة إسرائيلية الاحتلال نتنياهو بايدن تل أبيب حماس غزة تل أبيب امريكا حماس غزة نتنياهو صحافة صحافة صحافة سياسة سياسة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة القوات الأمریکیة الولایات المتحدة وقف إطلاق النار تل أبیب أکثر من

إقرأ أيضاً:

في تطور مفاجئ: إسرائيل تتحدث عن "جثة مجهولة" ضمن صفقة تبادل مع حماس!

أعلنت إسرائيل تحديد هوية رفات رهينتين صغيرتين، بينما تبين أن جثة أخرى سلمتها حماس لا تعود لوالدتهما، ما أثار جدلاً حول مستقبل الهدنة.

اعلان

أعلن الجيش الإسرائيلي، الجمعة، عن تحديد هوية رفات رهينتين صغيرتين، بينما تبين أن جثة أخرى، سلمتها حركة حماس بموجب اتفاق وقف إطلاق النار، لا تعود لوالدتهما، على عكس ما وعدت به الحركة.

وألقى هذا التطور بظلال من الشك على مستقبل وقف إطلاق النار الهش، بعد أن وصف الجيش الإسرائيلي هذا الأمر في بيان رسمي بأنه "انتهاك جسيم" من قبل حماس، ما يعكس توترًا متصاعدًا في الأوضاع الميدانية.

وكانت حماس قد بدأت، خلال وقف إطلاق النار الذي استمر شهرًا، بإطلاق سراح رهائن أحياء مقابل مئات الأسرى الفلسطينيين. إلا أن تسليم الجثث يوم الخميس مثّل المرة الأولى التي تعيد فيها الحركة رفات رهائن متوفين.

وأعلنت حماس أن الجثث الأخرى تعود لشيري بيباس وطفليها الصغيرين، أرييل وكفير. غير أن الجيش الإسرائيلي أعلن، بعد فحص الطب الشرعي، أن الجثتين تعودان للطفلين، بينما الجثة الثالثة لا تخص والدتهما ولا أي رهينة أخرى.

Relatedإسرائيل تتسلم جثث أربعة من الأسرى كانوا لدى حماسخامس عملية تبادل للأسرى بين تل أبيب وحماس والجيش الإسرائيلي ينسحب بالكامل من محور نتساريم الليلة أهالي الأسرى الإسرائيليين يكثفون ضغوطهم بعد تعثّر عملية التبادل مع حماس

وجاء في البيان: "هذه جثة مجهولة الهوية. نطالب حماس بإعادة شيري إلى الوطن مع جميع الرهائن". وأكد الجيش أنه أبلغ عائلة الضحايا، بمن فيهم ياردين بيباس، والد الطفلين الذي أُطلق سراحه في وقت سابق كجزء من اتفاق وقف إطلاق النار.

وفي المقابل، تؤكد حماس أن الرهائن الأربعة قُتلوا في غارات جوية إسرائيلية، بينما يقول الجيش الإسرائيلي إن الطفلين وليفشيتز قُتلوا على أيدي خاطفيهم.

ورغم ذلك، لم تصدر حماس تعليقًا فوريًا على إعلان إسرائيل بشأن هوية الجثة المجهولة.

على الصعيد الدولي، حذر مسؤول أمريكي رفيع المستوى حماس من عواقب تسليم جثة "مجهولة" بدلًا من رفات رهينة إسرائيلية، واصفًا الأمر بأنه "انتهاك واضح" لاتفاق وقف إطلاق النار. وصرح المبعوث الأمريكي، آدم بوهلر: "لو كنت مكانهم، لأطلقت سراح الجميع وإلا سيواجهون إبادة شاملة".

ويكتنف الغموض مصير عملية التبادل المقررة يوم السبت، وكذلك تمديد الهدنة التي أوقفت 15 شهرًا من القتال، مع اقتراب انتهاء مرحلتها الحالية في أوائل مارس.

في سياق متصل، هزت سلسلة انفجارات ثلاث حافلات متوقفة في وسط إسرائيل، يوم الخميس، دون وقوع إصابات أو إعلان مسؤولية أي جهة، ما دفع الجيش الإسرائيلي لتعزيز قواته في الضفة الغربية، في إشارة لاحتمالية تصاعد التوتر في المنطقة.

Go to accessibility shortcutsشارك هذا المقالمحادثة مواضيع إضافية قمة "غير رسمية" في الرياض لمناقشة مقترحات بديلة عن خطة ترامب بشأن غزة النازحون في شمال غزة يكافحون البرد والأمطار وسط خيام متهالكة تقرير "أوكسفام": أزمة مياه غير مسبوقة تهدد شمال غزة ورفح بكارثة صحية غزةأسرىحركة حماسإسرائيلاعلاناخترنا لكيعرض الآنNext تصعيد دموي في السودان: أكثر من 200 قتيل في هجوم لقوات الدعم السريع خلال ثلاثة أيام يعرض الآنNext فانس: الهجرة غير الشرعية تهدد الغرب.. والسلام في أوكرانيا "على الطاولة" يعرض الآنNext ساحل العاج تستعيد السيطرة على آخر القواعد الفرنسية في البلاد يعرض الآنNext مدير منظمة الصحة العالمية في أوروبا: "نحن في مرحلة وقف النزيف" بعد انسحاب واشنطن يعرض الآنNext قلق أوروبي من المحادثات الأمريكية-الروسية في الرياض.. ما أسبابه؟ اعلانالاكثر قراءة تفجير 3 حافلات بواسطة عبوات ناسفة قرب تل أبيب وإسرائيل تقول إن مصدر العبوات جاء من الضفة الغربية عاجل. مقتل امرأتين بعملية طعن في جمهورية التشيك نتنياهو أمام اختبار آخر.. ماذا لو ثبت أن الرهائن قد قتلوا بنيران الجيش الإسرائيلي كما تقول حماس؟ حب وجنس في فيلم" لوف" شاهد.. دونالد ترامب يحاول مجددا الإمساك بيد زوجته ولكنها ترفض اعلان

LoaderSearchابحث مفاتيح اليومالانتخابات التشريعية الألمانية 2025دونالد ترامبحركة حماسإسرائيلالاتحاد الأوروبيفرنساقطاع غزةواشنطنفن معاصرغزةأسرىقتلالموضوعاتأوروباالعالمالأعمالGreenNextالصحةالسفرالثقافةفيديوبرامجخدماتمباشرنشرة الأخبارالطقسآخر الأخبارتابعوناتطبيقاتتطبيقات التواصلWidgets & ServicesAfricanewsعرض المزيدAbout EuronewsCommercial ServicesTerms and ConditionsCookie Policyسياسة الخصوصيةContactWork at Euronewsتعديل خيارات ملفات الارتباطتابعوناالنشرة الإخباريةCopyright © euronews 2025

مقالات مشابهة

  • قائد شرطة محافظة إدلب المقدم ماهر محمد هلال: تواصل وزارة الداخلية من خلال قيادة شرطة محافظة إدلب ووحداتها المنتشرة العمل بأقصى جهد ممكن للحد من ظاهرة إطلاق النار العشوائي التي تمثل استهتاراً بأرواح وسلامة المواطنين
  • إسرائيل تقصف مناطق حدودية بين لبنان وسوريا
  • هل تلتزم إسرائيل باستكمال اتفاق وقف إطلاق النار في غزة ؟
  • ما قصة الأسيرة بيباس التي كادت جثتها أن تهوي باتفاق وقف إطلاق النار؟
  • أبرز الإقالات التي أجراها ترامب منذ توليه رئاسة الولايات المتحدة
  • وفد من لجنة الخارجية النيابية عند اليونيفيل: لانسحاب إسرائيل بشكل دائم
  • إسرائيل تهدد.. رفات «شيري بيباس» يضع اتفاق وقف إطلاق النار على حافة الهاوية «فيديو»
  • مصدر بـ حماس: رفات المحتجزة الإسرائيلية اختلط مع أخرى جراء غارة للاحتلال
  • في تطور مفاجئ: إسرائيل تتحدث عن "جثة مجهولة" ضمن صفقة تبادل مع حماس!
  • لماذا تصر إسرائيل على خرق البروتوكول الإنساني في غزة؟