القضية ليست عند الموارنة.. كيف تُفهَم رسالة الراعي إلى مجلس النواب ورئيسه؟
تاريخ النشر: 5th, January 2024 GMT
في وقتٍ يبدو أنّ الاستحقاق الرئاسي لم يعد في "صدارة" اهتمامات الكثير من القوى السياسية، بنتيجة "الجمود" الذي أحاط به منذ أشهر طويلة، وصولاً إلى "التهميش" الذي تعرّض له، منذ بدء الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة التي خلطت الكثير من الأوراق في الداخل كما الخارج، استغلّ البطريرك الماروني بشارة الراعي فرصة الأعياد، ليعيد فتح النقاش حول الاستحقاق، ووجوب العمل على إنجازه في أقرب وقت ممكن.
كرّر البطريرك الراعي ثوابت الكنيسة المارونية للاستحقاق "المؤجَّل" منذ نحو سنة وشهرين، وربما "المجمّد" حتى إشعار آخر، فأكد أنّ عدم انتخاب رئيس للجمهورية "أمرٌ مُدان وغير مقبول"، شأنه شأن الأسباب "الواهية" التي تُعطى في سياق التبرير، رافضًا الربط بين انتخاب الرئيس، ووقف إطلاق النار النهائي في قطاع غزة، مع إدانته الكاملة للحرب الإسرائيلية، وانتقاده كذلك للمجتمع الدولي "الصامت".
لكنّ البطريرك الراعي حرص في الوقت نفسه، على رفض رمي الكرة في ملعب الموارنة وحدهم، فشدّد على أنّ القول بأنّ "القضية عند الموارنة" غير صحيح، معتبرًا أنّها عند مجلس النواب ورئيسه، والذي يجب عليه، "إذا كان سيّد نفسه"، أن ينعقد وينتخب رئيسًا للجمهورية، فما الذي أراد البطريرك الراعي أن يقوله بمثل هذا الكلام، وهل من "رسائل" يوجّهها عبره للقاصي والداني، وتحديدًا لرئيس مجلس النواب نبيه بري؟!
"رسالة" إلى بري؟!
ثمّة من قرأ في كلام البطريرك الراعي رسالة مضمرة، موجّهة بصورة خاصة إلى رئيس مجلس النواب نبيه بري، باعتبار أنّ حديثه عن أنّ القضية "ليست عند الموارنة" بدا بمثابة "ردّ غير مباشر" على بري، ولا سيما أنّ الأخير يكرّر في كلّ المناسبات أنّ المشكلة التي تعيق الحسم في ملف الاستحقاق الرئاسي هي عند المسيحيين عمومًا، والموارنة خصوصًا، وأنّ على هؤلاء أن يتّفقوا في ما بينهم بالدرجة الأولى، ليُنتخَب الرئيس تلقائيًا بعد ذلك.
لهذه الأسباب، يرى هؤلاء أنّ الراعي تعمّد الإشارة إلى "رئيس مجلس النواب" في معرض كلامه، فهو لم يكتفِ بالقول إنّ الكرة هي ملعب مجلس النواب، الذي يفترض به انتخاب رئيس، إنما حرص على الحديث عن "مجلس النواب ورئيسه"، للدلالة على دور يجب أن يلعبه رئيس المجلس تحديدًا، الذي ينتقده البعض بسبب عدم توجيه دعوات "منتظمة" لجلسات انتخابية، ومطالبته بـ"ضمانات مسبقة" لممارسة هذا الدور المنوط به.
لكن، بعيدًا عن هذا "التفصيل" الذي قد يكون مثيرًا للجدل، باعتبار أنّ بري أعلن أكثر من مرة جاهزيّته للدعوة إلى جلسة فور توافر شروطها التي تمنع تحوّلها إلى "مهزلة" كما حصل في جلسات سابقة، ثمّة من يشير إلى أنّ أهمّ ما ورد في كلام الراعي يكمن في حديثه عن مجلس النواب، "إذا كان سيّد نفسه"، وفي ذلك رسالة واضحة إلى مختلف الكتل، للتحرّر من كلّ القيود والضغوط، وانتخاب رئيس للجمهورية وفقًا للأصول.
المرشحون معروفون وممتازون!
في معرض رفضه رمي الكرة في ملعب الموارنة، يقول البطريرك الراعي إنّ المرشحين "معروفون وممتازون"، ما يعني أنّ على ممثلي الأمّة أن يمارسوا واجباتهم بانتخاب أحدهم رئيسًا للجمهورية، من دون التلطّي خلف فريقٍ من هنا أو من هناك، أو التذرّع بغياب التوافق والتفاهم، ما يعيد الأمور إلى النقطة الصفر، وتحديدًا إلى مربع الحديث عن "ديمقراطية الانتخابات" التي تبدو غائبة، بنتيجة الممارسة في لبنان.
في المبدأ، يقول العارفون إنّ "المنطق" الذي ينطلق منه البطريرك الراعي ممتاز، فهو يحتكم إلى الدستور، ويقول إنّ المرشحين للرئاسة معروفون، وجلّهم يمتلك المؤهّلات المطلوبة، وبالتالي فإنّ الكرة في ملعب رئيس البرلمان أولاً للدعوة إلى جلسة لانتخاب الرئيس، وفي ملعب النواب ثانيًا من أجل تحكيم ضميرهم، واختيار أحد المرشحين رئيسًا للجمهورية، إلا أنّ هذا المنطق يصطدم بحسب هؤلاء، بـ"الواقع" المغاير على الأرض.
يوضح هؤلاء أنّ المرشحين "المعروفين والممتازين" لا يحظون حتى الآن، كما يعرف البطريرك الراعي، بالأكثرية المطلوبة للوصول إلى قصر بعبدا، حتى قبل البحث بمسألة النصاب، الذي يلوّح كلّ فريق بتطييره في حال شعوره بأنّ "الانتصار" سيكون حليف المرشح الخصم، ما يعني أنّ المطلوب قبل كلّ شيء هو فتح باب الحوار، من أجل التفاهم، الذي لا نقاش في كونه "شرطًا لا غني عنه" من أجل "تحرير" استحقاق الرئاسة.
يرى كثيرون أنّ الإيحاء أنّ إنهاء الفراغ يكون من خلال انتخاب مجلس النواب أحد المرشحين "المعروفين والممتازين" رئيسًا، قد لا يكون أكثر من "تبسيط" للاستحقاق، الذي يراوح مكانه منذ أكثر من عام وشهرين. يذكّر هؤلاء بأنّ البطريرك الراعي نفسه حاول أن "يُبادِر" لجمع "الأضداد" في وقت سابق، لكنّه تراجع بفعل "الفيتوات المتبادلة"، ليبقى السؤال: متى يدرك المعنيّون حجم المأزق، فيقدّموا التنازلات، التي لا يمكن الإفراج عن الرئاسة من دونها؟!
المصدر: خاص "لبنان 24"
المصدر: لبنان ٢٤
إقرأ أيضاً:
بعد التصويت على ثلاثة قوانين بسلة واحدة.. نواب يدعون الى اقالة رئيس البرلمان العراقي
يناير 21, 2025آخر تحديث: يناير 21, 2025
المستقلة/-شهد مجلس النواب العراقي فوضى كبيرة بعد الإعلان عن تمرير ثلاثة قوانين بسلة واحدة، اليوم الثلاثاء، ما دعا عدد من النواب المعترضين الى المطالبة بإقالة رئيس البرلمان محمود المشهداني.
و احتج عدد من أعضاء المجلس على آلية التصويت داخل المجلس التي أفضت إلى تمرير القوانين الثلاثة ، حيث يرى المعترضون أن القوانين الثلاثة لم تحصل على النصاب القانوني ولكن رئيس المجلس اعلن تمريرها بالأغلبية.
ووصف النائب المستقل سعد التوبي جلسة اليوم بأنها كانت “مزاجية سياسية”، معتبرا التصويت على القوانين الثلاثة في سلة واحدة “مُخالف للقانون”.
وقام النواب فور رفع الجلسة بجمع أكثر من (50) توقيعًا لإقالة رئيس المجلس محمود المشهداني، من منصبه.
اما النائب يوسف الكلابي، فاشار في مؤتمر صحافي عقده بمبنى البرلمان الى أن التحرك للطعن بجلسة اليوم امام المحكمة الاتحادية، مؤكدا بالقول “لن نقبل أن يكون عضو مجلس النواب راكعًا لرئاسة المجلس والكتل السياسية”.
وأظهر مقطع فيديو؛ جمع تواقيع نيابية لإقالة رئيس مجلس النواب؛ “محمود المشهداني”، احتجاجًا على آلية التصويت على القوانين في “سلة واحدة”.
وكانت الدائرة الإعلامية لمجلس النواب، قد ذكرت في بيان، إن مجلس النواب صوت على مقترح قانون الأحوال الشخصية رقم (188 سنة 1959)، إضافة الى التصويت على مشروع قانون إعادة العقارات إلى أصحابها المشمولة ببعض قرارات مجلس قيادة الثورة (المنحل)،و مشروع قانون التعديل الثاني لقانون العفو العام رقم (27 لسنة 2016).
وتثير هذه القوانين الكثير من الجدل، بين مؤيد ومعارض لها، من قبل الكتل السياسية، كما واجهت هذه القوانين اعتراضات من قبل المتخصصين والمنظمات المدنية.