حمص-سانا

يعمل عبد العزيز اليوسف من قرية العثمانية بريف حمص بصناعة دبس زبيب العنب منذ أكثر من 30 عاماً في معصرته “الزهراء” التي أسسها بعد دراسة الجدوى الاقتصادية، باعتبار أن حمص تأتي بالمرتبة الأولى بإنتاج العنب ما يوفر كميات كبيرة من الزبيب اللازم لتشغيل المعصرة وإنتاج دبس طبيعي مئة بالمئة.

منذ شهر أيلول من كل عام يبدأ اليوسف بتصنيع الدبس، حيث يوضح في حديثه لمراسل سانا أنه يقوم باستلام ما يقارب 90 طناً من الزبيب اليابس من المزارعين وتخزينه لمدة ثلاثة أشهر لحين تحسن الظروف الجوية وميول الطقس إلى البرودة في بداية شهر كانون الأول لتصل درجة الحرارة إلى حوالي 5 درجات مئوية ما يلائم عملية تصنيع الدبس، مبيناً أنه كلما كانت درجة

الحرارة منخفضة ازداد معدل إنتاج الدبس، وتبلغ الطاقة الإنتاجية اليومية للمعصرة حوالي 800 كيلو غرام دبس ناتجة عن تصنيع 1.

5 طن زبيب.

وعن مراحل الإنتاج أشار اليوسف إلى أنه يتم تخزين الزبيب لمدة ثلاثة أشهر حتى يتماسك ويتحول إلى مادة صلبة، ومع بداية التصنيع يتم تكسيره بواسطة “لكمبريسة” ومن ثم تفتيته وتنعيمه في آلة مجهزة لهذا الغرض ليتم بعدها نقله إلى “تواغير” وهي عبارة عن أوان مصنوعة من مادة البيتون وينقع فيها لمدة 3 أيام، ثم يتم قطف مادة الجلاب وغليها في أوان مخصصة لمدة تقارب 3 ساعات وصولا إلى تبريده في خزانات لمدة 48 ساعة قبل تعبئته بأحجام مختلفة بسعة 500 أو700 أو1000 غرام.

وأضاف اليوسف: إن بعض المزارعين يحضرون الزبيب إلى المعصرة ليتم تصنيعه لهم بشكل مباشر ومن ثم تعبئته بعبوات بسعات كبيرة حسب رغبة الزبون.

وإنتاج اليوسف من دبس الزبيب يلقى إقبالا كبيرا سواء من المواطنين أو التجار، حيث يبيع منتجاته في محافظات حلب ودمشق وحمص، نظراً لفوائده الغذائية ومذاقه الحلو الطيب، ولا سيما بعد أن استخدم الطاقة الشمسية في تشغيل المعصرة، ما حقق له نتائج جيدة من خلال توفير ما يقارب 50 ليتراً من المحروقات يومياً، لافتاً إلى سعيه لزيادة ألواح الطاقة لتغطي حاجة المعصرة من الكهرباء ما يحقق مردوداً مادياً أفضل.

عبد الحميد جنيدي

المصدر: الوكالة العربية السورية للأنباء

إقرأ أيضاً:

الدكتور يسري الشرقاوي يكتب: على أبواب مرحلة اقتصادية جديدة

على الرغم من أن الجميع يتحدث آملاً فى مجالات الاقتصاد الحديثة المتقدمة وغير التقليدية مثل الاقتصاد الرقمى واقتصاد التعهيد والاقتصاد الأخضر والاقتصاد الأزرق، إلا أن الاقتصاد التقليدى الإنتاجى الحقيقى «الزراعى والصناعى» سيظل هو العمود الفقرى والأصل لكل فروع ومجالات بناء الحياة الاقتصادية السليمة وفى كافة القطاعات المختلفة، وبين القديم والجديد ستظل هناك دول تحت خط النمو ودول ناشئة ودول فى مراحل النمو ودول تتقدم ودول تحافظ على تقدمها، لكن سيكون المؤشر الحقيقى والعامل الفارق بين كل شعوب هذه النماذج هو مؤشر الثقافة الإنتاجية المبنى على معايير الإنجاز المرتبط بالنتائج القابلة للعدد والقياس والتى تنعكس نتائجها الإجمالية على دخل الفرد، ومن ثم دخل المجتمع ومضاعفة أرقام الناتج المحلى الإجمالى، وزرع ثقافة الإنتاج والعمل على تنشئة الشعوب على هذه الثقافة، وحب العمل يحتاج إلى منظومة متكاملة تبدأ من مناهج التعليم وطرق ووسائل تدريسها وتعلمها، ثم ثقافة الأسرة التى تشكلها المنابر داخل المساجد والكنائس ودور العبادة المختلفة والتى يساهم فيها الإعلام، سواء من خلال الدراما أو الكوميديا أو البرامج الحوارية وغيرها، وتعظيم قيمة العمل والإنتاج على أى قطاع آخر يحقق ربحية على حساب انهيار أسس وقنوات متعددة.

إن عملية إعادة التركيبة الوراثية والبيئية لخلق تكوين مجتمعى وتوفير أدوات احترام وتقدير للعامل والمهنى والحرفى مع تعظيم ثقافة الإنتاج وتوفير وسائل تحفيز ملموسة ومحسوسة مثل «مستشفى الحرفيين» «ونادى فنيى الإنتاج» «ومدارس أبناء حرف البناء» وعمل غطاء تأمين صحى واجتماعى للفنيين والمنتجين يكون مطمعاً لغيرهم لأن يصل لهذه المكانة فى المجتمع، بكل ما سبق سنحقق معادلة جديدة مبنية بالتوازى مع ثقافة الإنتاج، وبهذا سنحقق الهدف المرجو فى تأسيس نواة أساسية فى منظومة بناء اقتصاد مكتملة الجوانب والأركان لا تقبل الخلل، وسيعود النفع منها فى قنوات العدالة الاجتماعية التى تُعد أول خطة صيانة لأى مجتمع من عوامل التحدى والانهيار.

النقطة الثانية «تأمين المستقبل»

كل الدول تحاول جاهدة من خلال محاولات مختلفة لتحسين أوضاع شعوبها، أياً ما كانت هذه المحاولات؛ صائبة أو غير صائبة، صادقة أم كاذبة، ناجحة أم فاشلة، لكنها فى الأول والآخر تظل محاولات! وعلى الجانب الآخر من النهر الشعوب تحاول تحسين مستويات المعيشة كل بحسب حالته ومستواه المعيشى وثقافته وسنوات تعليمه وبيئته الاجتماعية واحتياجاته ومدى إلمامه بثقافة المعادلات المتزنة بين الدخل والإشباع، مع ضغوط زيادة عدد أفراد الأسر فى بعض التجمعات السكنية مع موجات الزيادات السكانية ومع شح الموارد، تجد أن هناك حالة من الخوف والفزع والهلع تسير دوماً فى صورة ثابتة فى أذهان بعض الشعوب وللأسف تُتناقل هذه الصورة وتتسع وتذهب من الجيل الأول للثانى للثالث للرابع، لدرجة أن هناك شعوباً تولد أطفالها بجين «الخوف من الغد الاقتصادى»، ويسيطر هذا الشعور على الآباء والأمهات فى معادلة ورحلة البحث عن تأمين مستقبل الأبناء فى ظل فراغ حكومات وإدارات متعاقبة وخلو ذهنها من التفكير فى هذه الأبعاد حتى يعشش مفهوم تأمين مستقبل الأولاد، ويزيد عمق الخوف ضعف وأنيميا وصعوبة تطبيق منظومات ضمان اجتماعى وحماية اجتماعية منضبطة ورسمية.

إن ضعف منظومة الخدمات الرسمية والأساسية المقدمة لأصحاب العمل الرسمى من مسددى الاشتراكات للضمان الاجتماعى وللضرائب، يزيد تعقيدات المشهد وتزداد الكوابيس والأحلام فى منام السواد الأعظم من الطبقات داخل أسر بعض المجتمعات التى تتحلى بأبجديات الأمانة والشرف والأخلاق وتحاول أن تتمسك بالقيم والمبادئ الأخلاقية والدينية التى هى بالأصل تنهار أيضاً لأسباب متنوعة ومتعددة، ومن هذا المنطلق لا يجد أفراد العمل ومقدمو الخدمات، سواء فى كوادر القطاعات الحكومية أو القطاع الخاص أو شبه الحكومى أو أصحاب الأعمال، إلا أن تنتابهم جميعاً حالة هلع وفزع مجتمعى مستمرة ومتكررة ومتزايدة، وهذه الحالة هى الباب الأول للفساد بكل صوره وأنواعه، سواء أكان فى صورة رشوة أو تسهيل أو استيلاء أو تدليس أو تغيير ذمم أو ضعف وتخاذل رقابة، وبالتالى تتوالى حالات وسلاسل إهدار المال العام واستحلال فردى للمال العام بحجة بناء أو تكوين مستقبل لأولادهم وتأمين ذاتى نوعى تشارك فيه حالات الجهل وضعف الوعى وغياب الدور الإدارى الحكومى وتصنعه الشعوب وهى متيقنة أن هذا هو الطريق الأمثل لتأمين مستقبل الأبناء وتأمين أعمال ودخل يوم غد نظراً لارتفاع معدلات دوران العمالة والموظفين لأسباب متعددة ومتنوعة، منها ثقافة طرفى الاتفاق العمالى وفوضى مواقع التوظيف والبحث عن الأفضل من قبَل العامل دونما الاكتراث ببناء تدرج وظيفى، كل هذه الظواهر والسلوكيات والضغوط تأتى للتبرير تحت عنوان «تأمين المستقبل»، وبنظرى أن الدول والحكومات التى ترغب بصدق أن تضع نفسها فى مكانة جيدة فى البناء الاقتصادى الجديد لا بد من أن تعيد النظر شكلاً وموضوعاً فى منظومة الضمان الاجتماعى والتأمين العمالى وتأمين العامل والموظف أثناء الحياة العملية وبعد الخروج للمعاش، وأن تتوافر الخدمات الصحية والتعليمية والترفيهية والاجتماعية لأفراد المجتمع وتشجيعهم على الانضمام لهذه الشبكات وتأسيس الوسائل التسويقية والتشويقية والقانونية والإجرائية التى تضمن حل مثل هذه المشكلات وتأكيد استقرار الشعوب وحذف الخوف من القواميس من الغد حتى تتفرغ الشعوب للعمل والإبداع والابتكار ورفع مستويات الوطنية من قواعد سليمة.

مقالات مشابهة

  • مدبولي: نواجه تحديات اقتصادية عالمية.. والمواطن أثبت قدرته على تحمل المسؤولية
  • تقرير أمريكي:العراق الخامس عربيا كقوة اقتصادية
  • وكيل «اقتصادية النواب»: الحكومة تواجه تحديات ضبط الأسعار وتحسين الخدمات
  • الدولار يواصل خسائره بضغط من بيانات اقتصادية
  • «أبيب طياب الزبيب».. خبير مناخ يحذر من ارتفاع درجات الحرارة وتأثيره على المحاصيل
  • رؤية اقتصادية حول صادرات الغاز الروسي: سترفع الأسعار في آسيا
  • الدكتور يسري الشرقاوي يكتب: على أبواب مرحلة اقتصادية جديدة
  • تحذيرات من مواد مسرطنة تدخل في صناعة الملابس ومستحضرات التجميل
  • «اقتصادية النواب»: الحوار الوطني خلق حالة من الزخم في الشارع المصري
  • سلام بحث ونائب وزير الاقتصاد الأوكراني في اتفاق شراكة اقتصادية شاملة