اليابان.. تراجع تأثير الكوارث الطبيعية يثير التساؤلات
تاريخ النشر: 5th, January 2024 GMT
مع بدء العام الجديد ضرب زلزال قوي اليابان، تسبب في انهيار مبان وتدمير طرق، فيما أسفر عن وفاة 92 شخصا بحسب الحصيلة الرسمية حتى الخميس، مما يجعل هذا الزلزال الأكثر إزهاقا للأرواح في اليابان منذ عام 2016 على الأقل.
وهز الزلزال الذي بلغت قوته 7.5 درجات وشعر به سكان طوكيو، شبه جزيرة نوتو في مقاطعة إيشيكاوا، وهو شريط ضيق من الأرض يمتد نحو مئة كلم داخل البحر في اليابان، بحسب تقرير لوكالة فرانس برس.
وبعد عدة أيام على الزلزال ما زال 242 شخصا في عداد المفقودين، بعد مرور أكثر من من 72 ساعة على وقوع الكارثة ما يقلل من آمال العثور على ناجين.
وأصيب ما لا يقل عن 330 شخصا جراء الزلزال ومئات الهزات الارتدادية التي أعقبته وكان بعضها عنيفا. كما ضرب تسونامي الساحل حيث جرفت أمواج بلغ ارتفاعها أكثر من متر العديد من القوارب على الأرصفة أو الطرق الساحلية.
الاستعدادات التي تفرضها اليابان أصحبت بمثابة معيار عالميهذه المرة، ألحقت سلسلة الزلازل أضرارا طفيفة بمحطات الطاقة النووية المنتشرة على طول الساحل، وفقا لمشغليها.
وقالت وكالة الأرصاد الجوية اليابانية إن نحو 500 هزة أرضية تم رصدها منذ الزلزال الأول الذي وقع الاثنين، بحسب رويترز.
وأظهرت صور الأقمار الصناعية من شركة "ماكسار تكنولوجيز" أضرارا واسعة النطاق في المناطق الساحلية وكشفت عن المباني المدمرة والقوارب المنقلبة.
وفي بلدة سوزو التي يسكنها نحو 13 ألف نسمة وتقع بالقرب من مركز الزلزال، قال رئيس البلدية، الثلاثاء، إن 90 في المئة من المنازل ربما تكون قد دمرت، ووصف الأضرار بأنها "كارثية".
رئيس الوزراء، فوميو كيشيدا، وصف الزلزال، الخميس، خلال مؤتمر صحفي "إنه أخطر كارثة" في عصر ريوا الذي بدأ عام 2019 مع اعتلاء الإمبراطور الياباني الحالي العرش.
أعداد الوفيات التي لم تتجاوز المئة رغم شدة الزلزال أثارت تساؤلات عديدة حول النقلة التي شهدتها اليابان في مواجهة الزلزال، وفيما لو أصبحت الدولة قادرة على التعامل مع مثل هذه الكوارث.
زلزال 2011 كارثة فوكوشيما 2011ولا تزال ذكرى الزلزال المروع الذي بلغت قوته تسع درجات وأعقبه تسونامي ضخم، في مارس عام 2011، على سواحله الشمالية الشرقية، ماثلة في أذهان اليابانيين، وهي كارثة أدت إلى مقتل أو فقدان 20 ألف شخص.
وأدت تلك الكارثة أيضا إلى حادث فوكوشيما النووي، الأخطر منذ تشيرنوبيل عام 1986.
تقع اليابان على حزام النار في المحيط الهادئ، وهي واحدة من دول العالم التي تضربها الزلازل بشكل متكرر.
ورغم أن عواقب الزلزال الذي وقع مطلع 2024 لا تقارن بما حصل في كارثة 2011، إلا أن الإنذارات وأوامر الإخلاء، أعادت ذكريات الكارثة التي وقعت قبل نحو 13 عاما، بحسب تقرير لوكالة أسوشيتد برس.
كيف تستعد اليابان للزلازل؟ السلطات تمكنت من إجلاء آلاف السكانكريستا لوزا، مهندسة إنشائية مقيمة كاليفورنيا في اليابان تقول: "إنهم على استعداد تام ويدركون المخاطر التي حولهم".
وأضافت في حديثها للإذاعة الأميركية العامة "أن بي آر" أن الزلزال تسبب في وفيات "وهو أمر مؤسف للغاية، ولكن بشكل عام ومقارنة مع زلزال بقوة 7.6 درجة، كان أداؤهم جيدا جدا، وهذا يعكس مستوى استعدادهم، والطريقة التي يصممون بها" المنشآت، و"وعيهم بالبيئة التي يعيشون فيها".
وقالت لوزا إن "الكثير من المباني الشاهقة تستخدم صمامات والعزل الأساسي"، مشبهة إياها بالسيارات الأميركية "كاديلاك" في أدائها، واستطردت أنهم "يقومون بتجهيز الكثير من مبانيهم، بمعنى أنه بعد كل زلزال، تتوفر لديهم بيانات علمية يتعلمون منها" لتحسين هياكل الإنشاءات لديهم.
وذكرت أنه باعتبارها تقيم في كاليفورنيا حيث تنشط الزلازل، فهم "يتطلعون للتعلم من اليابان وتجربة المجتمع"، مشيرة إلى أننا "رأينا ما حدث في زلزال تركيا العام الماضي، حيث وقعت خسائر كبيرة في الأرواح".
البنية التحتية تضررت في العديد من المدنأستاذ السياسة العامة في جامعة نورث إيسترن، دانيال ألدريتش، ذكر أن "عدد القتلى لا يزال منخفضا في زلزال اليابان بسبب أساليب الاستعداد للكوارث والتعافي منها".
وقال لموقع الجامعة إن هناك "علاقة قوية جدا" بين ما تنفقه اليابان من أموال مع "الحفاظ على سلامة الناس"، مشيرا إلى أن هذا ما تثبته البيانات حول معدلات الوفيات الناجمة عن الزلازل ومقارنتها مع شبكات الأمان.
وفي مقارنة مع زلازل وقعت في مناطق أخرى لم ينفق فيها على شبكات الأمان لمواجهة الكوارث، فقد أودى الزلزال الذي ضرب سوريا وتركيا وبلغت قوته 7.8 درجة بحياة 41 ألف شخص، فيما أدى زلزال قوته 7.6 درجة ضرب الباكستان عام 2005 إلى مقتل ما لا يقل عن 86 ألف شخص.
وأشار ألدريتش إلى أن اليابان "دولة عانت من الكوارث، وبشكل عام قامت بعمل جيد جدا في التخفيف من آثارها"، إذ أنها قامت بدمج الاستعداد للزلازل في الثقافة اليومية، حيث يقوم الطلاب تدريبات بنفس الطريقة التي تجري فيها مدارس في الولايات المتحدة تدريبات على الحرائق أو إطلاق النار.
إنذارات مبكرة أعمال البحث ما تزال جارية لإيجاد ناجينوأصدر مسؤولون يابانيون فور وقوع الزلزال تحذيرا من تسونامي وحثوا السكان في المنطقة على الانتقال إلى المرتفعات.
وقالت هيئة الإذاعة والتلفزيون اليابانية بعدما ضرب الزلزال منطقة نوتو في مقاطعة إيشيكاوا "على جميع السكان إخلاء منازلهم فورا إلى المرتفعات".
وأغلقت طرق سريعة رئيسية، الاثنين، في محيط مركز سلسلة من الزلازل القوية، وفق ما ذكرت الشركة المشغلة للطرق.
كذلك، علقت رحلات قطار شينكانسن السريع بين طوكيو ومركز الزلزال في منطقة نوتو في مقاطعة إيشيكاوا على الجانب المطل على بحر اليابان، بحسب السكك الحديد اليابانية.
كما أعلنت حالة "الانذار" في مدن في أقصى الشرق الروسي، الاثنين، بسبب خطر محتمل بحدوث تسونامي من دون القيام بعمليات إخلاء، بعد سلسلة الزلازل العنيفة في اليابان.
زلزال في اليابانوقالت وزارة الحالات الطارئة الروسية عبر تلغرام: "قد تطال موجات تسونامي شواطئ على ساحل ساخالين الغربي" مشيرة إلى أن ارتفاع الموجة المتوقعة حاليا لا يتجاوز 50 سنتيمترا.
ووصلت موجات تسونامي الأولى إلى اليابان، الاثنين، بعد سلسلة الزلازل، وأفادت وكالة الأرصاد الجوية اليابانية أن أمواجا يصل ارتفاعها إلى 1.2 متر ضربت ميناء واجيما في مقاطعة إيشيكاوا.
وتقول الأمم المتحدة إن أنظمة الإنذار المبكر "هو إجراء تكيفي لتغير المناخ، باستخدام أنظمة الاتصال المتكاملة لمساعدة المجتمعات على الاستعداد للأحداث الخطرة المتعلقة بالمناخ".
وأضافت أن نظام الإنذار المبكر الناجح "ينقذ الأرواح والوظائف والأراضي والبنى التحتية ويدعم الاستدامة على المدى الطويل".
استعدادات خماسية زلزال اليابانصحيفة "إيكونميك تايمز" قالت إن اليابان تتبع خطة من خمسة محاور لمواجهة الكوارث الطبيعية خاصة الزلازل، والتي تتضمن:
أولا: المباني والقطارات المقاومة للزلازلوضعت السلطات اليابانية متطلبات خاصة وصارمة للبناء، لتجعل المباني قادرة على تحمل درجات معينة من الاهتزازات، والتي تشمل جميع المباني السكنية أو التجارية أو المدارس والمستشفيات.
كما جهزت اليابان قطاراتها بأجهزة استشعار تجعلها تقف في مكانها لتجنب الخطر أثناء المسير في حال وقوع الزلازل.
ثانيا: التوعية والتعليمتمارس المدارس في اليابان دورا هاما في التوعية والتدريب، بحيث يتم إجراء تدريبات الإخلاء مرة واحدة على الأقل في الشهر، لتعلم الاطفال في سن مبكرة على البحث عن مكان للبقاء آمنين في حالة وقوع الزلزال، أو كيفية البحث عن أماكن آمنة بتوجيههم للذهاب إلى ساحات مفتوحة.
ثالثا: حزمة النجاة من الزلازلفي كل منزل ومبنى في اليابان تتوفر لديهم حزم أو أدوات للنجاة، والتي تتضمن مصابيح، وطعاما معدا مسبقا، ومياه معبأة وقفازات وكمامات وأجهزة بث لاسلكي لتلقي التحديثات حول الحالة الجوية ودرجة المخاطر.
رابعا: شبكة أنفاق لتصريف المياهمع حدوث الزلازل ترتفع خطورة حدوث فيضانات بسبب موجات التسونامي أو الأمطار، ولهذا شيدت السلطات شبكة خاصة لتصريف أنفاق المياه، والتي تقوم بإعادة توجيه المياه إلى الأنهر القريبة.
خامسا: التواصل الإعلاميتحافظ وسائل الإعلام في اليابان على تغطية رسمية وفورية للزلازل، بحيث يتم توفير معلومات حول المناطق الآمنة، وما إذا كانت هناك أمواج تسونامي تقترب من أجل تنبيه الناس للهروب إلى مناطق مرتفعة.
الاستعداد لتسونامي مخاوف من تسونامي بأمواج ارتفاعها يصل إلى متر. أرشيفيةوغالبا ما يتبع الزلازل الكبرى في اليابان حدوث موجات مد بحري "تسونامي"، إذ يصل ارتفاع الأمواج متر واحد نتيجة وقوع زلازل تحت البحار.
ولإدراك السلطات اليابانية مخاطر التسونامي، قامت ببناء حواجز ساحلية قوية، وأسوار بحرية، ترتبط بأنظمة الإنذار المبكر لتحذير السكان خاصة في المناطق الساحلية، بحسب تقرير نشره موقع "وورلد إز ون نيوز".
حيث استطاعت اليابان في الزلزال الأخير إجلاء عشرات الآلاف من التهديد المباشر لتسونامي، وعملت السلطات على توفير الإمدادات الأساسية من مياه وغذاء ووقود للتدفئة.
وأشار التقرير إلى أن الاستعدادات التي تفرضها اليابان أصبحت بمثابة معيار عالمي، تُستَقى منه الدروس حول التخفيف من آثار الكوارث الطبيعية.
المصدر: الحرة
كلمات دلالية: فی الیابان إلى أن
إقرأ أيضاً:
وزير: 1.5 مليون مبنى معرضين للخطر إذا ضرب الزلزال إسطنبول
أنقرة (زمان التركية) – قال مراد كوروم، وزير البيئة والتحضر والتغير المناخي، إن ولاية إسطنبول ستواجه خطرا كبيرًا إذا وقع زلزال شديد.
وأوضح كوروم أنه في الوقت الحالي لا تملك إسطنبول القدرة على الصمود أمام زلزال قوي، بل تركيا أيضًا ليس لديها القدرة على الصمود أمام الزلزال.
وأضاف كوروم: “من بين 7.5 مليون منزل ومكان عمل في إسطنبول، هناك 1.5 مليون منزل ومكان عمل معرضين لخطر كبير. ولسوء الحظ، يعيش الملايين من إخواننا وأخواتنا في إسطنبول في 600 ألف منزل معرض للانهيار في أي لحظة، تماماً مثل المبنى في قونية. لهذا السبب أقول أنه علينا أن نسرع في تنفيذ التحول الحضري الذي بدأنا في إسطنبول، ونحن كحكومة نحاول القيام بدورنا بإخلاص واجتهاد. لقد أكملنا تحويل 907 ألف وحدة مستقلة في إسطنبول حتى الآن”.
وأشار كروم إلى أن يستمر حاليًا تطوير 193 ألف منزل ومكان عمل في جميع أنحاء إسطنبول ضمن حملة ”نصفها منا“.
وفي إشارة إلى الهزات الأرضية التي تضرب بحر إيجة، قال كوروم: ”تتركز هذه الزلازل في المنطقة التي يوجد فيها بركان على بعد 6.5 كيلومترات شمال شرق جزيرة سانتوريني في بحر إيجة، في 2011-2012 شهدت المنطقة نفسها نشاطًا زلزاليًا مكثفًا مماثلًا في نفس المنطقة، لكنه لم يسبب أي نشاط بركاني. والآن بدأ نشاط مماثل مرة أخرى وتسبب في حدوث هزات أرضية. ما هو مهم بالنسبة لنا هو الرسالة التي تعطيها كل من المباني التي انهارت تلقائيًا والهزات التي لا تتوقف، هذه الرسالة واضحة أيضًا. لقد أظهر لنا كلا الحادثين مرة أخرى مدى إلحاح كفاحنا من أجل التأهب للزلازل ومدى أهميتها كمسألة أمن قومي“.
ويحذر علماء الجيولوجيا من زلزال ضخم محتمل بقوة 7 على مقياس قد يضر مدينة إسطنبول في أي وقت.
وفي فبراير 2023 أسفر زلزال بلغت قوته 7.8 درجة على مقياس ريختر، وهز 11 ولاية تركية وامتدَّ آثاره إلى سوريا أيضًا، عن أكثر من 50 ألف قتيل وتمدير آلاف المباني.
Tags: اسطنبولبحر إيجهتركيازلازلزلزال إسطنبول