فرسان الشاشات وحقائق حرب حزيران . . !
تاريخ النشر: 5th, January 2024 GMT
#فرسان_الشاشات وحقائق #حرب_حزيران . . !
موسى العدوان
نجاح عملية ” #طوفان_الأقصى ” العظيمة، التي نفذتها كتائب الأقصى في 7 أكتوبر 2023، وما تلاها من #مقاومة و #صمود_أسطوري لأهالي #غزة، بمواجهة حرب_إبادة إجرامية يشنها #العدو الإسرائيلي، استهوى بعض المحللين العسكريين والمدنيين، في محاضراتهم ومقابلاتهم التلفزيونية، لاتهام ثلاثة جيوش عربية ( مصري وأردني وسوري )، بالتقصير في حرب حزيران 1967 وتساءلوا : كيف لجيوش عربية أن تُهزم أمام جيش إسرائيلي يترسخ فيه الجبن والذعر وفقدان قواعد الاشتباك وسوء إدارة المعركة ؟
ومع تقديري لأولئك المحللين وما يقدموه من تحليلات عسكرية في حرب غزة، إلاّ أن هذا لا يخوّلهم الإساءة لجيوش عربية، في حرب لم يكن لها يد فيها بل كانت محرقة لها.
كما أن المقارنة بين حرب حزيران وحرب غزة، مقارنة غير منصفة. ففي الأولى جرت الحرب في ساحات قتال مفتوحة، تسمح بانكشاف الجيوش بشكل خاص أمام سلاح الجو المعادي. بينما في الثانية تجري الحرب بين جيش نظامي ومقاومة شعبية، في مناطق مبنية وفي أنفاق تحت الأرض، يسهل على المقاومين فيها الاختفاء عن قصف سلاح الجو، والقتال بالكرّ والفرّ كما في أسلوب حرب العصابات. وما يجري حاليا من قصف جوي يقوم به العدو، يستهدف السكان المدنيين والمنشآت العامة والمنازل، ولكنه لا يطال قوات المقاومة بصورة مؤثرة. ولهذا قيل : ” أن المناطق المبنية مقبرة الجيوش النظامية “.
وبالعودة إلى ما حدث في حرب حزيران، ولكوني شاركت بها كقائد سرية في إحدى كتائب اللواء المدرع 40 بمنطقة جنين، أرى من واجبي إظهار بعض الحقائق التي عرفتها عن تلك الحرب إنصافا لتلك الجيوش، وتفنيدا لاتهامات محللين يجهلون طبيعتها، ولم يشاركوا بها أو بغيرها من الحروب. ولكي لا يساء إلى تاريخ تلك الجيوش بصورة مقصودة أو غير مقصودة أبين ما يلي :
1. كانت الخلافات السياسية تعصف بالعلاقات العربية العربية، وكانت تقف حائلا دون إجراء تعاون عسكري بين جيوشها.
2. لم تكن الدول العربية مستعدة في تهيئة جيوشها للحرب، ولم تبادر بالضربة الأولى عندما توترت الأوضاع السياسية بين الدول العربية وإسرائيل، حيث التزمت السكون استجابة لطلبات الدول الكبرى بألا تكون البادئة في الحرب. وبهذا سمحت للعدو أن يتولى زمام المبادرة، ويفرض ضربته في الزمان والمكان المناسبين.
3. عدم توحيد القيادات العسكرية قبل بدء الحرب بوقت كافٍ، وبناء استراتيجية عظمى لمواجهة العدو الإسرائيلي في حالة الحرب.
4. افتقار الجيوش العربية لأسلحة دفاع جوي فعال وطائرات مقاتلة، توفر السيطرة الجوية والحماية للقوات في الميدان، واعتمدت على سلاح الجو المصري في تولي هذه المهمة.
5. شُكلت قيادات مشتركة لتلك الجيوش على عجل وقبل وقوع الحرب ببضعة أيام، وكان كبار القادة وهيئات أركانهم فيها، يجهلون طبيعة الأرض التي سيجرى القتال عليها، إضافة لعدم معرفة قدرات القوات التي وضعت تحت إمرتهم.
6. حقق العدو مفاجأة استراتيجية للجيوش العربية، في الساعات الأولى من يوم 5 حزيران. ولم يكن لدى الجيوش العربية استعداد للقيام بالضربة الثنية ردا على ضربة العدو.
7. جرى تدمير سلاح الجو المصري على الأرض، في الساعات الأولي قبل بدء الحرب، وبهذا تمكن سلاح الجو من فرض السيطرة الجوية الكاملة على جميع الساحات الحرب العربية، مما كان له أكبر الأثر في خسارة الحرب.
ولا شك بأن أي رجل عسكري يعرف، معنى أن تقاتل الجيوش البرية، تحت سيادة جوية مطلقة للعدو. ويعرف الخبراء والمحللون العسكريون، أن الحرب قد حُسمت في الساعات الأولى يوم 5 حزيران، عندما تم تدمير سلاح الجو المصري كاملا، والذي كان الأمل معقودا عليه، في توفير سيطرة جوية محلية على الأقل في ساحات المعارك، فراحت تلك الجيوش تقاتل تحت سيطرة العدو الجوية المطلقة، ممال أبطل فعاليتها دون أن تلتحم معه وجها لوجه.
بعد انتهاء الحرب التي استغرقت ستة أيام فقط، سُئل الفريق عبد المنعم رياض قائد القيادة المتقدمة في الأردن، عن رأيه فيما جرى بتلك الحرب فقال : ” السياسة العربية هزمت الجندي العربي قبل أن تهزمه الحرب “. وبهذه العبارة يجيب الفريق رياض على تساؤلات فرسان الشاشات التي يتجاهلونها.
ولكن في عام 1968، وعندما كان الجيش الأردني مستعدا للقتال، استطاع مواجهة قوات العدو في معركة الكرامة، عندما اخترقت نهر الأردن إلى الضفة الشرقية على ثلاثة محاور، وجرى القتال فيها لِ 15 ساعة متواصلة، أضطر العدو خلالها ولأول مرة في تاريخه، أن يطلب وقف إطلاق النار، بعد أن تكبد خسائر، فادحة ترك بعضها على أرض المعركة. فكان هذا أول نصر بعد هزيمة حزيران بعام واحد.
وحين استعد الجيش المصري للقتال، فقد سجّل في 6 أكتوبر 1973 ملحمة بطولية كبرى، عندما اقتحم خلال ساعات أعظم مانع مائي في التاريخ العسكري، معزز بخط دفاعي منيع على الضفة الشرقية لقناة السويس هو خط بارليف. ثم اندفع لمسافة 15 كيلو مترا شرقي القناه، تمهيدا للتقدم في وقت لاحق نحو الممرات الصحراوية في سيناء. ولم يقلل من نتائج تلك الحرب إلا التدخل السياسي، الذي تسبب بفتح ثغرة الدفرسوار على قناة السويس، وعبور بعض التشكيلات الإسرائيلية من خلالها إلى غربي القناة.
هذا الانقلاب الإيجابي في أداء الجيشين الأردني والمصري، من الهزيمة إلى النصر جرى بعد حرب حزيران 1967 بفترة وجيزة، وبنفس أشخاصها الذين قيل أنهم هزموا في وقت سابق، ولكن عندما أتيحت لهم الفرصة للاستعداد للحرب علميا ومعنويا وماديا، فإنهم كانوا رجالا أبلوا بلاء حسنا وقهروا العدو في ساحات القتال.
في الختام، أرجو من فرسان الشاشات، أن يتحروا الحقيقة في أحاديثهم عن الجيوش العربية، التي قدمت وما زالت تقدم الكثير من الشهداء، في صراع الأمة العربية مع العدو الإسرائيلي، دفاعا عن الوطن وأبنائه. كما أدعو الله تعالى أن يأخذ بيد المقاومة الفلسطينية نحو تحقيق النصر، وأن يرحم الشهداء ويشفي الجرحى على أرض فلسطين، وشهداء الجيوش العربية في كل مكان، إنه نعم المولي ونعم النصير.
المصدر: سواليف
كلمات دلالية: طوفان الأقصى مقاومة صمود أسطوري غزة العدو الجیوش العربیة سلاح الجو فی حرب
إقرأ أيضاً:
4 من أقوى الجيوش العربية تفككت خلال 20 عاما.. تعرف عليها (شاهد)
شهدت دول عربية خلال خلال العقدين الأخيرين تحولات جذرية أدت إلى تفكيك جيوشها، بعد أن كان تمسك بالسلطة بقبضة حديدية، وتشكل العمود الفقري للسلطة في بلدانها ولحماية الحاكم بعيدا عن الإرادة الشعبية.
وتعرضت تلك الجيوش لهزات عنيفة، أدت لانهيارها بصورة فظيعة، بعضها بفعل غزو خارجي كما حصل مع العراق، والأخير بفعل ثورات شعبية، اشترك في قمعها بصورة مباشرة، خلافا لما يتطلبه عملها من حماية البلاد ككل من أي هجوم خارجي.
وأدى تفكك تلك الجيوش إلى فوضى عارمة وانهيار لأحد مقومات الدفاع عن البلد، وباتت تلك البلدان في لحظة من اللحظات بلا قوة تحميها، وما لذلك من تأثير على المشهد الداخلي فيها ولجوء المكونات فيها لتشكيل قوى محلية ومليشيات لحمايتها.
ونستعرض في التقرير التالي، الجيوش العربية التي تعرضت للتفكك خلال العشرين عاما الأخيرة:
الجيش العراقي
تأسس الجيش العراقي الحديث عام 1921، عقب سقوط الدولة العثمانية، واحتلال العراق من قبل البريطانيين، وتم في ذلك التاريخ تشكيل أول وحدة عسكرية.
بلغ تعداد الجيش العراقي قبل التفكك قرابة 1.4 مليون جندي، وكان تصنيفه الخامس على مستوى العالم، من حيث الكفاءة القتالية والمعدات التي امتلكها من دبابات وأجهزة عسكرية حديثة في ذلك الوقت فضلا عن امتلاكه صواريخ باليستية وتطوير الكثير من الأسلحة، فضلا عن خوضه حربين الأولى مع إيران امتدت لنحو 8 أعوام والثانية مع قوات التحالف الدولي بعد غزوه للكويت عام 1991.
تعرض الجيش العراقي للتفكيك بعد غزو الولايات المتحدة للعراق عام 2003، حيث انهارت الكثير من فرق ووحدات الجيش رغم دفاع بعضها بشراسة، لكن الحاكم الأمريكي على العراق بول بريمر أصدر في أيار/مايو 2003، قرارا بحل الجيش العراقي، لإعادة تشكيل جيش جديد، وفقا لمعايير أمريكية، وأشرفت واشنطن على تدريبه وتسليحه وفقا لسياساتها.
الجيش الليبي:
تأسس الجيش الليبي، على أنقاض الجيش الملكي للملك إدريس السنوسي، عام 1969، بعد انقلاب نفذه الزعيم الراحل معمر القذافي.
كان الجيش الليبي أحد أقوى الجيوش في أفريقيا، وخاصة شمالها، وبلغ تعداده حتى السقوط قرابة 50 ألف جندي، وكان يحكم البلاد بقبضة حديدية، ويمتلك أسطولا كبيرا من الدبابات وناقلات الجنود، فضلا عن امتلاكه السلاح الكيماوي وقدرات صاروخية وقدرات للدفاع الجوي.
تعرض الجيش الليبي للإنهاك بصراعات مع جيرانه، لكن الضربة الأقسى التي تلقاها، كانت بدفعه لمواجهة الشعب الليبي بعد خروجه على القذافي الذي مارس الديكتاتورية بحق شعبه، عام 2011، ونفذت قيادات الجيش انشقاقات واسعة فضلا عن ضربات قاصمة تلقاها الجيش بعد تدخل حلف الناتو جوا ضد فرقه العسكرية.
منذ تفكك الجيش على إثر الثورة في ليبيا، لم يعد موحدا، وجرى تشكيل قوات منفصلة شرق البلاد وغربها تتبع كل منها فريقا سياسيا.
الجيش اليمني:
تأسس الجيش اليمني، في حقبة الملكية بعد سقوط الدولة العثمانية، وجلاء قواتها عن اليمن عام 1919، وكان يتبع المملكة المتوكلية، ومر بالعديد من التحديات منذ ذلك التاريخ والحروب، وصول إلى إعادة تشكيله ليكون جيشا للجمهورية عقب انقلاب ضباط الجيش على الإمام عام 1962.
وبقي الجيش في اليوم، رهينة صراعات مناطقية خاصة بين الشمال والجنوب، وتعثرت عمليات الدمج مرارا، وبعد حرب طاحنة، بين الطرفين، تحقق ذلك عام 1994، مع إعلان الوحدة في البلاد.
كان الجيش اليمني، يعد خامس أقوى جيش في المنطقة العربية، وامتلك ترسانة كبيرة من الأسلحة الثقيلة وخاصة الصواريخ بعيدة المدى، فضلا عن القدرات المدفعية والبحرية بسبب الموقع الاستراتيجي الكبير لليمن على مضيق باب المندب والبحر الأحمر بحر العرب كممرات ملاحة دولية.
تفكك الجيش اليمني، على وقع الثورة التي حدثت عام 2012، ضد حكم الرئيس الراحل علي عبد الله صالح، وانقسمت الفرق العسكرية للجيش، بين مؤيد ومعارض له، ووقع صراع مسلح، أدى لتفكيك الجيش بالكامل، خاصة مع سيطرة الحوثيين على العاصمة صنعاء ومقدرات الجيش في العاصمة وعدة محافظات ولا زال يعاني من التفكك حتى الآن.
الجيش السوري:
تأسس الجيش السوري، عام 1946، بعد إعلان انتهاء الاستعمار البريطاني لسوريا، حيث كان الجيش العثماني، هو المسيطر على الأراضي التي تحولت لاحقا إلى سوريا، وفقا لمخطط سايكس بيكو لتقسيم المنطقة.
وكان الجيش السوري، وفقا لتقارير عالمية يصنف بأنه سادس أقوى جيش عربيا، و47 على مستوى العالم، من ناحية القدرات العسكرية واللوجستية، خاصة وأنه يسيطر على رقعة هامة في المنطقة، وعلى تماس مع الاحتلال الإسرائيلي، وخاص معها حربا طاحنة عام 1973.
لكن الجيش السوري، الذي حكم البلاد بقبضة حديدية، على إثر انقلاب حزب البعث، تورط في قمع شعبه، بدءا من العام 1982، بعد ارتكابه مجزرة كبيرة في مدينة حماة، لإخماد انتفاضة فصائل إسلامية ضد حكم حزب البعث القمعي، لكنه عاد للتحرك ضد الشعب السوري عام 2011، بعد خروج تظاهرات تطالب بإصلاح النظام.
كان تعداد الجيش السوري، يصل إلى أكثر من 320 ألف جندي، وامتلك ترسانة أسلحة مهمة من صواريخ باليستية وأنظمة دفاع جوي كبيرة، فضلا عن عدد كبير من الدبابات والآليات العسكرية، لكن إشراكه في قمع الثورة الشعبية بالبلاد، أدى إلى انشقاق قرابة 40 ألف ضابط وجندي، وتحوله إلى ما يشبه المليشيا لحماية النظام، حتى انهياره بالكامل في 8 كانون أول/ديسمبر 2024، بعد هجوم للفصائل المسلحة على أهم المدن بالبلاد والسيطرة على العاصمة دمشق.