كشف حساب 90 يوما من العدوان
تاريخ النشر: 5th, January 2024 GMT
كشف حساب 90 يوما من العدوان
كانت العلاقات الدبلوماسية تنقطع بين مصر والاحتلال إذا زاد الغضب الشعبي من الإجرام الصهيوني، وتبقى القنوات الأمنية والعسكرية مفتوحة.
نحن إزاء حكام متعاونين مع العدو دون لَبْس، وتُرك الفلسطينيون وحدهم، ولم تقف معهم إلا إيران ولا يعنينا الدافع بقدر ما تعنينا النصرة من اليمن والعراق ولبنان.
سقوط الجميع في اختبار غزة مقرونا بالخزي، ولم ينجُ إلا الصامدين في أرضهم وهم عُزّل لإفشال مخططات التهجير، والذين وهبوا أرواحهم في سبيل أرضهم وقضيتهم.
لن ننخدع بمسرحيات المعارك الدبلوماسية في أروقة الأمم المتحدة المنشئة للكيان الغاصب، ولا بالمساعدات الرمزية، فكلها لتخفيف الضغط عن الاحتلال لا لتخفيف معاناة الفلسطينيين.
القاهرة محاصرة، فلا تظاهرات داعمة لفلسطين، وتخضع المساعدات لإملاءات الصهاينة، والجرحى لا يخرجون إلا بإذنهم، والمستشفيات تُقصف، والحدود مغلقة ولا تحرك يثبت بقية نخوة أو كرامة لتخفيف المعاناة أو وقف العدوان.
* * *
لم تسقط دولة الاحتلال الصهيوني فقط يوم "ضربة القرن" في السابع من تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، لكن سقطت جميع الأنظمة الإقليمية وبالطبع الدولية، ورغم اقتراب العدوان من حاجز ثلاثة أشهر، فإن الفارس الوحيد هو الشعب الفلسطيني، وفي القلب منه مقاومته الصلبة الشرسة أمام العدو، وأيضا الحركات المقاومة المنخرطة في المواجهة.
يستدعي هذا العدوان الإشارةَ إلى نظام مبارك قبل الثورة في أثناء تعامله مع أي عدوان صهيوني، فآخر عدوان خلال فترة حكمه عام 2008-2009، أعلنت قبله تسيبي ليفني من القاهرة عزم بلادها ضرب غزة، وبعد المؤتمر المشؤوم رافقها وزير الخارجية السابق وأمين جامعة الدول العربية الحالي أحمد أبو الغيط واستندت عليه عندما تعثرت خطاها، ثم ذكر في مذكراته أنه فعل ذلك بتلقائية، لأنه لا يليق أن يتركها تقع، بينما لم نجد مثل هذه الشهامة في إنقاذ أهل غزة.
رغم قبح المشهد، كان المعبر مفتوحا للجرحى جراء العدوان، ولم تكن هناك قوائم تُعرض على الاحتلال للموافقة عليها أولا، بل كان يدخل مقاتلو المقاومة للعلاج أيضا، كما كانت المساعدات تتدفق دون انقطاع على القطاع، ولم نجد وقتها كلمة عن "منع إسرائيل دخول المساعدات"، كما يفعل النظام الحالي، وكان مبارك يسمح بالتظاهرات الداعمة للقضية خاصة في الجامعات، وتزداد الحركة في الأنفاق وفوقها لإدخال حاجات الناس هناك.
كانت العلاقات الدبلوماسية تنقطع بين مصر والاحتلال إذا زاد الغضب الشعبي من الإجرام الصهيوني، وتبقى القنوات الأساسية مفتوحة (القنوات الأمنية والعسكرية).
كانت لمصر مواقف ثابتة وواضحة في القضية، نتفق ونختلف معها، لكن كانت هناك ملامح لموقف مصري مفهوم وواضح، أيضا يلبي قدرا من المحافظة على الحدود الدنيا من الحقوق الفلسطينية، مثل رفض ما يمس القدس وحق العودة وإقامة دولة فلسطينية والعودة إلى حدود عام 1967.
الآن تُحاصَر القاهرة، فلا تظاهرات داعمة للفلسطينيين، وتخضع المساعدات للإملاءات الصهيونية، والجرحى لا يخرجون إلا بإرادتهم وموافقتهم، والمستشفيات الميدانية والدائمة تُقصف أو تعطَّل عن العمل، والنازحون بمئات الآلاف، والحدود مغلقة على السطح وأسفل التراب، ورغم كل هذا لا نجد تحركا يثبت أن هناك بقية نخوة أو كرامة أو رجولة لتخفيف المعاناة لا لوقف العدوان.
لم يسقط النظام المصري فقط في وحل التخاذل أو التواطؤ، بل سقطت كل الأنظمة العربية، وسقطت معظم الأنظمة الإسلامية أيضا ومنها تركيا، ولا أدري كيف يمكن لحاكم يرتبط بالفلسطينيين بأي رباط ديني أو قومي فضلا عن بعض الإنسانية ويستطيع أن ينام بعدما شاهد الجثث المتحللة، وقوافل النزوح، وتعرية المعتقلين، والأطفال الموتى على أَسرَّة المستشفيات، والإعدامات الميدانية، واعتقال النساء لا سيما الحوامل منهن.
كيف ينامون والأطفال والكبار يلتحفون السماء في برد قارس، ولا يجدون لقمة عيش أو وجبة تعينهم ولو قليلا على برد الشتاء، هُدِّمت البيوت على رؤوس ساكنيها دون أن يرف لحاكم جفن ويلقي بكل ثقله لإيقاف العدوان لا للقتال، فأهل فلسطين يكفون وحدهم لهزيمة الغاصب مع الزمن.
كيف يتصالحون مع أنفسهم بعدما رأوا الأطفال يرتجفون من وقع القصف رجفة الخوف لا البرد! تبا للسياسة ولحساباتها إذا لم تكن هناك كرامة ونخوة، لقد كان الحكام قبل ثورات الربيع العربي يقفون عند حدود معينة لا يتخطونها، أما الآن فلم تعد هناك حدود للسقوط ولا العمالة.
ربما أخطأنا عندما وصفنا بعض الحكام بالعمالة قبل الثورات، هؤلاء كانوا مشغولين بأمنهم أكثر من شعوبهم فاتهمناهم بالعمالة لتهويل جرمهم، أما اليوم فنحن أمام متعاونين دون لَبْس، لقد تُرك الفلسطينيون وحدهم، ولم تقف معهم إلا إيران. هذه هي الحقيقة التي لا يمكن تجاهلها، ولا يعنينا الدافع الإيراني بقدر ما تعنينا النصرة الإيرانية من اليمن والعراق ولبنان.
لن ننخدع بمسرحيات المعارك الدبلوماسية في أروقة الأمم المتحدة المنشئة للكيان الغاصب، ولا بالمساعدات الرمزية، ولا بالمستشفيات الميدانية المحدودة، ولا بمحطات تحلية المياه ذات الضخ المنخفض الكثافة، ولا باستضافة مئات الجرحى وترك عشرات الآلاف، فكل ذلك يحدث لتخفيف الضغط عن الاحتلال لا لتخفيف معاناة الفلسطينيين، ولن يبقى لأي حاكم من هؤلاء في التاريخ سوى أوصاف الخيانة كالصالح إسماعيل الذي تحالف مع الصليبيين، أو المعلم يعقوب الذي تحالف مع نابليون، وغيرهما الكثير ممن باعوا أوطانهم وبلادهم وسلموها للغاصبين المعتدين.
لقد سقط الجميع في اختبار غزة سقوطا مقرونا بالخزي، ولم ينجُ منه إلا الذين صمدوا في أرضهم وهم عُزّل لإفشال مخططات التهجير، والذين وهبوا أرواحهم في سبيل أرضهم وقضيتهم، ولن يكون الشيخ الشهيد صالح العاروري ورفاقه آخرهم، فساحات الشام تَعرِف الرجال، وساحات فلسطين تعرف أشدَّهم بأسا.
*شريف أيمن كاتب وباحث سياسي مصري
المصدر | عربي21المصدر: الخليج الجديد
كلمات دلالية: مصر غزة المقاومة الاحتلال جرائم العدوان كشف حساب
إقرأ أيضاً:
العدوان على غزة يدخل يومه 446 والاحتلال يواصل ارتكاب المجازر
سرايا - في اليوم الـ446 للعدوان على غزة، قالت وزارة الصحة الفلسطينية في القطاع إن الاحتلال الإسرائيلي ارتكب خلال الـ24 ساعة الماضية 3 مجازر في حق العائلات بالقطاع، وصل منها إلى المستشفيات 21 شهيدا، و51 جريحا.
وبذلك يرتفع عدد ضحايا الحرب الإسرائيلية على غزة إلى 45 ألفا و338 شهيدا، و107 آلاف و764 جريحا، منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول من العام الماضي.
وأظهرت مقاطع فيديو،، جثامين فلسطينيين في أحد شوارع مشروع بيت لاهيا شمالي قطاع غزة، بينما تحوم كلاب ضالة حولها بعد أن نهشت أجزاء منها.
وأكد شهود عيان أنه يكاد لا يخلو شارع في مشروع بيت لاهيا من جثامين شهداء تعرضوا للقتل على يد قوات الاحتلال، أثناء نزوحهم أو بحثهم المستمر عن الحاجيات الأساسية.
سياسيا، أفاد ديوان رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أن فريق التفاوض في الدوحة سيعود لإسرائيل لإجراء مشاورات داخلية.
من جهتها نقلت هيئة البث الإسرائيلية عن مصدر مطلع أن محادثات الصفقة لم تتعثر وأنها في مرحلة تتطلب قرارات سياسية في "إسرائيل".
تابع قناتنا على يوتيوب تابع صفحتنا على فيسبوك تابع منصة ترند سرايا
وسوم: #الصحة#اليوم#الله#غزة#الاحتلال#رئيس#الوزراء#القطاع
طباعة المشاهدات: 176
1 - | ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه. | 25-12-2024 08:29 AM سرايا |
لا يوجد تعليقات |
الرد على تعليق
الاسم : * | |
البريد الالكتروني : | |
التعليق : * | |
رمز التحقق : | تحديث الرمز أكتب الرمز : |
اضافة |
الآراء والتعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها فقط
جميع حقوق النشر محفوظة لدى موقع وكالة سرايا الإخبارية © 2024
سياسة الخصوصية برمجة و استضافة يونكس هوست test الرجاء الانتظار ...