أزمة مباراة كرة القدم والغرب الذي يأكل أصنامه

بينما تواصل المقاومة التاريخية في غزة إيقاظ شعوب المنطقة والعالم، تمارس إسرائيل وأمريكا العديد من الحيل لمنع هذه الصحوة.

كما أفسدت غزة أكاذيب وأساطير إسرائيل المحتلة، فإن واجب شعوب هذه المنطقة هو دحض وإفساد أكاذيب الولايات المتحدة والغرب.

كلما حاولت تركيا التقرب من الدول العربية، تواجه شريحة صغيرة من داخلها تعارض ذلك فورا باسم القومية أو العلمانية وتدخل المؤامرات وموجات التحريض حيز التنفيذ.

تصاعدت أصوات الفتنة منذ بداية ضعف الدولة العثمانية ولا تزال مستمرة. ورغم صغر هذه الشرائح، إلا أن أصواتها دائما عالية بفضل الدعم الإعلامي الذي تتلقاه من الغرب.

هناك حملة انطلقت قبل فترة وجيزة من المباراة تتهم السعودية بعدم السماح بترديد النشيد الوطني التركي، ومنع وضع كلمات أتاتورك على لافتات الملعب. واتضح أن الحقيقة مختلفة تماما.

* * *

كلما حاولتم القيام بعمل مفيد في هذه المنطقة، تظهر بعض الجهات فجأة لتسعى إلى إفساد ذلك العمل. وتعد العلاقات التركية – العربية من أفضل الأمثلة على ذلك.

وكلما حاولت تركيا التقرب من الدول العربية، تواجه شريحة صغيرة من داخلها تعارض ذلك على الفور، إما باسم القومية أو العلمانية، ومن ثم تدخل المؤامرات وموجات التحريض في هذا الصدد حيز التنفيذ.

ومهما قالت الدول العربية إنها تتحلى بالطابع العلماني أو الغربي، لا يمكن أن تغير هذه الشريحة نظرتها تجاه العالم العربي، التي تزعم أنه «عالم صحراوي» ويجب تجنبه بجميع الأشكال.

هناك مشهد مماثل أيضاً في بعض الدول العربية؛ فمثلا، عندما تبدأ أي دولة عربية في التقرب من تركيا، يمكنكم أن تروا ردود فعل مشابهة لدى أقلية صغيرة في تلك الدولة أيضا، حيث يهرع بعض الأشخاص لانتقاد الأتراك ويسعون إلى تقويض التقارب التركي العربي من خلال الاستشهاد ببعض الأحداث الملفقة من التاريخ، سواء باسم القومية العربية أو العلمانية.

وقد تصاعدت هذه الأصوات منذ بداية ضعف الدولة العثمانية ولا تزال مستمرة حتى اليوم. ورغم صغر هذه الشرائح، إلا أن أصواتها كانت دائما عالية بفضل الدعم الإعلامي الذي تتلقاه من الغرب.

لا شك في أن أزمة المباراة الأخيرة في المملكة العربية السعودية اشتعلت لسبب مشابه. رأينا أن هناك حملة انطلقت قبل فترة وجيزة من المباراة لاتهام السعودية بعدم السماح بترديد النشيد الوطني التركي، ومنع وضع كلمات أتاتورك على اللافتات في الملعب. واتضح في ما بعد أن القصة الحقيقية كانت مختلفة تماما.

ونشر الحساب الرسمي لفعاليات «موسم الرياض»، تدوينة عبر منصة «إكس» حول مباراة السوبر التركي لكرة القدم بين فريقي فنربخشة وغالاطة سراي، التي كان من المقرر إقامتها على ملعب الأول بارك، أكد فيها على الاعتزاز «بالعلاقة الوثيقة مع الجمهورية التركية الشقيقة في مختلف المجالات، ومن بينها المجال الرياضي».

وأشار إلى أن المباراة لم تجر بسبب عدد التزام الفريقين بما تم الاتفاق عليه سابقا. لقد ظهرت مؤامرات مماثلة في السنوات السابقة، ليس فقط في تركيا، بل أيضا في العالم العربي والعالم الإسلامي وافريقيا وآسيا وأمريكا اللاتينية. وتسببت موجات التحريض التي مارستها بعض البؤر الاستفزازية بإشعال العداوة بين شباب دول المنطقة، لدرجة أنها دفعتهم إلى الاقتتال، ثم وقف العملاء المحرضون جانبا ليستمتعوا مسرورين بمشاهدة إراقة الدماء بين أبناء المنطقة.

لكن هناك حقيقة لا تراها تلك الشرائح في يومنا الحالي، وهي أن مؤامراتها وأساليبها القديمة أصبحت مكشوفة، ولم تعد تنجح في المنطقة، ورغم ذلك تصر على ممارستها. كان الهدف الأساسي لهذه الشرائح المثيرة للفتن هو منع تصاعد الدعم الكبير لقطاع غزة في العالم، وعرقلة مساعي الدول لاتخاذ خطوات في هذا الشأن.

وفي تعليقه على أزمة المباراة، قال سيفان نيشانيان، أحد الكتاب المعروفين في تركيا: «هل تعتقدون أن أزمة المباراة في السعودية هي مجرد أزمة قمصان بسيطة فحسب؟ كان الهدف هو جعل تركيا أكثر عداءً للعالم العربي، وتقريبها من إسرائيل والغرب، وجعل تركيا تنسى غزة، وقد ذهبوا إلى المباراة عمداً لخلق هذه الأزمة. إذا اندلعت حرب بين الدول العربية وإسرائيل في المستقبل، فإن دور تركيا سيكون حيوياً بالنسبة للدول الغربية».

وقال الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، في تصريحات حول الأزمة: «نحن على علم بمحاولات قطع روابط بلادنا عن منطقتها وشركائها في المنطقة والدول الشقيقة التي تربطها بها علاقات تاريخية ودينية وإنسانية واقتصادية وتجارية قوية للغاية، من خلال مختلف الاستفزازات والخطابات الخبيثة.

لقد تم تنفيذ حملة مرتبطة بالخارج لتقويض السياحة خلال أشهر الصيف، وهي أحد أهم عناصر الدخل في بلادنا، والآن نرى أنه تجري محاولة خلق موجة مماثلة، هذه المرة من خلال الرياضة بدعم من أحزاب المعارضة، حيث يتم استهداف الأشخاص والمجتمعات والمعتقدات والبلدان بخطاب الكراهية، وهو ما لن نوافق عليه أبدا أن يتعرض الناس للاحتقار والإذلال والإهانة فقط بسبب أصلهم.

إننا نواجه اتجاها يصل إلى حد العداء للإسلام وكراهية الأجانب. ومع الأسف تعمل الجهات الفاعلة المعارضة كرموز طوعية لسياسة الكراهية القذرة والرديئة والخطيرة للغاية من أجل تصدر المشهد.

ليس من قبيل الصدفة أن تستهدف موجة الكراهية هذه الدول الشقيقة التي استثمرت في تركيا، ووقفت إلى جانبنا في الأوقات الصعبة، بما في ذلك كارثة الزلزال، وهي من أهم الشركاء التجاريين لبلادنا، توجد هنا عملية ماكرة ومحاولة تخريبية واضحة للغاية ضد تركيا ومصالح تركيا. وكما دمرنا السيناريوهات القذرة السابقة سوف نحبط هذه المؤامرة بالتأكيد إن شاء الله».

بدوره قال نائب وزير الداخلية التركي بولنت توران: «أولاً مباراة كرة قدم/ أجندة المملكة العربية السعودية، ثم حادثة «علم الخلافة»، ثم احتجاج ضريح أتاتورك… يجري الآن الإعداد لواحدة من تلك العمليات المألوفة جدا، التي توجد العشرات من الأمثلة عليها في تاريخنا الحديث، والتي جعلت هذا البلد الجميل يدفع ثمنا باهظا. هذه السيناريوهات البالية لن تسفر عن نتائج بعد الآن. إن حكمة وتجارب شعبنا العزيز سوف تفسد هذه المؤامرات الرخيصة».

خلاصة الكلام؛ بينما تواصل المقاومة التاريخية في غزة إيقاظ شعوب هذه المنطقة والعالم، فمن الواضح أن إسرائيل والولايات المتحدة الأمريكية ستمارسان العديد من الحيل لمنع هذه الصحوة. وكما أفسدت غزة أكاذيب وأساطير إسرائيل المحتلة، فإن واجب شعوب هذه المنطقة هو دحض وإفساد أكاذيب الولايات المتحدة والغرب.

انظروا كيف أجبروا كلودين جاي رئيسة جامعة هارفرد، على الاستقالة فقط لأنها لم تمنع المظاهرات الطلابية الداعمة والمؤيدة لفلسطين، ثم عيّنوا مكانها الصهيوني المتطرف آلان جاربر.

كانت الحرية الأكاديمية مقدسة في جامعة هارفرد، لكنهم قضوا عليها بهذه الخطوة. باختصار؛ مثلما أكل العرب في العصر الجاهلي الأصنام التي صنعوها من الحلوى عندما يجوعون، فإن الغرب اليوم يأكل الأصنام التي صنعها من الحلوى، كالديمقراطية وحقوق الإنسان والقانون والحرية، بطريقة وحشية وهمجية.

*توران قشلاقجي كاتب تركي

المصدر | القدس العربي

المصدر: الخليج الجديد

كلمات دلالية: الأزمة السعودية تركيا القومية العلمانية الغرب مباراة كرة القدم المقاومة التاريخية غزة أحزاب المعارضة جامعة هارفرد الدول العربیة هذه المنطقة

إقرأ أيضاً:

حزب الله يكشف تفاصيل الكمين الذي أوقع به “لواء جولاني”

كشفت المقاومة الإسلامية في لبنان “حزب الله”، اليوم الأربعاء 20-11-2024، تفاصيل الكمين الذي أوقع به قوة من (لواء جولاني- النخبة) في جيش الاحتلال الإسرائيلي. وقالت غرفة عمليات “حزب الله”، في بيان لها: “دحضًا لرواية العدو الإسرائيلي عن الكمين الذي وقعت فيه قواته عند مثلث عيناتا – مارون الراس – عيترون، وسعيًا منها لنقل البطولات التي يسطرها مجاهدونا على محاور الاشتباك”. وأضافت: “تُعلن غرفة عمليّات المُقاومة الإسلاميّة الآتي: رصد مجاهدونا قوّة من الكتيبة 51 لواء غولاني التابع للفرقة 36 تتسلل عند ساعات الفجر الأولى من يوم الأربعاء 13-11-2024 من المنطقة الحدوديّة بين بلدتي عيترون ومارون الراس، باتجاه الأطراف الجنوبيّة الشرقيّة لمدينة بنت جبيل، بهدف تنفيذ مهام استطلاعيّة عند مثلث عيناتا – مارون الراس – عيترون”. وتابعت غرفة عمليات المقاومة الإسلامية: “بالرغم من الحملات الجويّة الكثيفة التي كان ينفذها سلاح الجو الإسرائيلي على المنطقة، وقعت القوّة في كمين محكم لمجموعة من مجاهدي المُقاومة”. وأردفت: “وصلت القوّة المعادية إلى منطقة الكمين عند الساعة 09:50 صباحًا، حيث كانت مجموعة من مجاهدينا تتموضع في منزل مُتضرر بفعل العدوان، وفي المنطقة المحيطة به”. وقالت “عمليات حزب الله”: “وفور اقتراب القوّة الإسرائيلية من نقطة المقتل فتح مجاهدونا النار عليها من مختلف الاتجاهات بالأسلحة الرشاشة ما أجبر القوّة على الانتشار في المكان”. وأشارت إلى أنه دخلت مجموعة من القوّة المعادية إلى منزل في المنطقة للاحتماء به من نيران مجاهدينا، وانتشر باقي الجنود في محيطه. وأوضحت “غرفة العمليات”، أنه “بعد استقرار القوّة في المنزل، وبنداء لبيك يا نصر الله، استهدف مجاهدونا المنزل بشكل مُركّز بعددٍ من قذائف الـ “RBG” المضادة للأفراد والدروع ما أدّى إلى تدمير أجزاء من المنزل على القوّة التي احتمت بداخله”. وبينت أنه “بالتزامن مع انهيار المنزل، ووسط حالة الذعر التي أصابت باقي القوّة الإسرائيلية المُنتشرة في محيطه، فتح مجاهدونا النار من أسلحتهم الرشاشة على من تبقى من القوّة في محيط المكان”. ولفتت غرفة عمليات المقاومة إلى أنه “استمرّت الاشتباكات في المنطقة لأكثر من 3 ساعات، وجرت عمليّة إخلاء الإصابات تحت غطاء دخاني وناري كثيف”. ونوهت إلى اعتراف جيش العدو الإسرائيلي بمقتل ضابط و5 جنود من الكتيبة 51 التابعة للواء غولاني بالإضافة إلى سقوط 4 جرحى، مشددةً على أنه “لم يُسجل أي نشاط برّي لجيش العدو الإسرائيلي في المنطقة بعد انتهاء الحدث وحتى تاريخه”. كما أشارت إلى “أنه وخلال عدوان تموز 2006، وقعت قوّة من كتيبة غولاني 51 عند الأطراف الشرقيّة لمدينة بنت جبيل في كمين للمُقاومة أسفر عن مقتل 8 جنود وجرح أكثر من 25 آخرين، واعتُبرت المعركة حينها واحدة من المعارك الرئيسيّة في تاريخ لواء غولاني، وأصعب معركة في “حرب لبنان الثانية”.

مقالات مشابهة

  • مراقب مباراة الأهلي والاتحاد السكندري يثير أزمة في المؤتمر الصحفي
  • نجوم كرة القدم يشاركون في مباراة كأس الأساطير بدبي
  • بسبب سيارة الإسعاف.. إلغاء مباراة الأهلي وإنبي في دوري السيدات
  • أيمن الشريعي لـ«الأسبوع»: ستتم محاسبة المخطئ في أزمة الإسعاف بلقاء الأهلي وإنبي
  • “الجيش” الذي أذهل أمريكا والغرب..!
  • أحمد الكأس: لعبنا مباراة صعبة أمام تونس.. والمهم إسعاد الشعب المصري
  • الكاس: لعبنا مباراة صعبة والمهم إسعاد الشعب المصري
  • هالة أبوعلم عن التلفزيون المصري: أزمة ماسبيرو في الإدارة التي تتجاهل الكوادر
  • حزب الله يكشف تفاصيل الكمين الذي أوقع به “لواء جولاني”
  • العراق يتصدر قائمة الدول العربية الأكثر استيرادًا من تركيا