العراق: ملاحظات على نتائج الانتخابات المحلية
تاريخ النشر: 5th, January 2024 GMT
سجلت النسبة الأدنى للمشاركة في الانتخابات الأخيرة، قياسا إلى جميع الانتخابات التي جرت في العراق منذ عام 2005؛ فقد بلغت نسبة المصوتين إلى العدد الكلي للناخبين، 26.7 فقط. أما النتيجة التي أعلنتها المفوضية، وهي 41٪ فلم تكن لنسبة المصوتين إلى العدد الكلي للناخبين، بل لنسبة المصوتين ممن لديهم بطاقات انتخابات بيومترية.
ولا يمكن تفسير هذا العزوف الكبير بمقاطعة الصدريين للانتخابات وحسب، بل لعزوف الناخبين أصلا عن التصويت، وعن استلام بطاقات الانتخابات البيومترية. فأكثر من ثلث من يحق لهم التصويت لم يستلموا بطائقهم.
وقد أدت مقاطعة الصدريين إلى حصول قوى الإطار التنسيقي الحليفة لإيران، على العدد الأكبر من المقاعد في المحافظات الوسطى والجنوبية، باستثناء البصرة وواسط وكربلاء، وبذلك فإن هذه القوى ستحتكر الحكومات المحلية، وهو ما يعطيها إمكانية كبيرة لاستخدام ذلك لتقوية وضعها استعدادا لانتخابات مجلس النواب عام 2025. فقد حافظ تحالف دولة القانون بزعامة نوري المالكي على حضوره القوي في هذه الانتخابات، في حين لم تستطع قوى تحالف «نبني»(الذي يضم القوتين الأبرز في تحالف الإطار التنسيقي، وهما بدر والعصائب، فضلا عن قوى أخرى محسوبة على إيران) من الحصول على ما كانوا يتوقعونه في هذه الانتخابات.
وقد شكلت هذه الانتخابات عودة قوية لتحالف القوى الوطنية بزعامة عمار الحكيم وحيدر العبادي، قياسا إلى النتائج السيئة لهما في انتخابات مجلس النواب في العام 2021.
وكما كان متوقعا استطاع الحلبوسي أن يكتسح انتخابات محافظة الأنبار بحصول القوائم الثلاث التابعة له، وهي تقدم والأنبار هويتنا وقمم، على 11 مقعدا من مجموع 16 مقعدا، وهو بذلك سيسيطر على الحكومة المحلية، من خلال استحواذه على منصبي المحافظ ورئيس مجلس المحافظة.
وقد أفرزت انتخابات كركوك عن حصول القوائم الكردية على 7 مقاعد في مقابل 6 مقاعد للقوائم العربية، ومقعدين للقائمة التركمانية، مع مقعد للكوتا المسيحية قريب من القوائم العربية. وهذا يعني أنه إذا استطاع الحزبان الكرديان تجاوز خلافاتهما، فإن المقعدين التركمانيين، فضلا عن مقعد الكوتا، سيكونون مهمين جدا سواء للكرد أو للعرب لضمان الحصول على منصب المحافظ ذي البعد الرمزي في سياق الصراع القومي في المحافظة.
واستطاع حزب السيادة بزعامة خميس الخنجر أن يحصل على 14 مقعدا، مع حصوله على أربعة مقاعد أخرى ضمن تحالفات محافظة كركوك، وهو ما يجعله الفائز الأول على مستوى الأحزاب وليس التحالفات في هذه الانتخابات.
لا يمكن ضمان انتخابات نزيهة وعادلة وشفافة في العراق، وأن التزوير وتغيير النتائج عملية منهجية ومؤسسية تتواطأ سلطات الدولة ومؤسساتها بينها لتحقيقها، بما فيها مفوضية الانتخابات والهيئة التمييزية القضائية
من الملاحظات المهمة الأخرى أنّ أيا من القوائم الشيعية أو السنية، لم تستطع فرض نفسها كرقم صعب في المعادلة الانتخابية، وظل الجميع متقاربين في نتائجهم. فيما لم يستطع التشرينيون، أو القوائم المحسوبة عليهم، أن يحصلوا على مقاعد كثيرة في هذه الانتخابات، وقد تراجعوا كثيرا عما حققوه في انتخابات عام 2021. كما أن حصة النساء لم تستطع أن تتجاوز الكوتا المقررة لها، وهي نسبة الـ 25٪ من عدد المقاعد.
لكن الملاحظتين المهمتين هنا، هي أولا أن نتائج هذه الانتخابات كرست ثنائية الزبائنية والسلاح، وهما العاملان المؤثران في نتائج كل الانتخابات في العراق. وأن نظرية القبان في اللهجة العراقية، لا تزال حاكمة لنتائج الانتخابات، ونعني بها التدخلات التي تقوم بها جهتان، هما المفوضية العليا المستقلة للانتخابات، والهيئة القضائية التمييزية الخاصة بالانتخابات، من أجل تغيير النتائج لأسباب سياسية تتعلق بعلاقات القوة أو بالصراعات الرمزية! ومثال ذلك أن قانون الانتخابات يشترط أن يكون المرشح للانتخابات «غير مشمول بأحكام إجراءات المساءلة والعدالة» وأن ترسل المفوضية أسماء المرشحين إلى هيئة المساءلة والعدالة «للبت فيها خلال 15 يوما من تاريخ استلامها».
لكن هيئة المساءلة والعدالة وبتواطؤ مع مفوضية الانتخابات، عمدت، في الانتخابات الأخيرة، إلى شطب الفائز بكوتا المسيحيين في محافظة البصرة لشموله بإجراءات المساءلة والعدالة، بعد شهرين فقط من قرار صدر عن الجهتين ذاتيهما، بأنه غير مشمول بهذه الإجراءات! ولا يمكن فهم هذا الشطب إلا في إطار نظرية القبان فالفائز محسوب على تحالف «تصميم» التي حصلت على 13 مقعدا في الانتخابات، في مقابل 10 مقاعد لقوى الإطار التنسيقي، وكان لا بد من شطبه لضمان صعود مرشح كوتا محسوب على الإطار التنسيقي كي ترفع مقاعده إلى 11 مقعدا، وهو سيناريو قابل للتكرار مرة أخرى عبر الهيئة التمييزية القضائية التي تنظر في الطعون المتعلقة بالانتخابات، لكي يفقد تحالف «تصميم» الأغلبية المطلقة في مجلس المحافظة، أو اللجوء إلى الوسيلة التقليدية التي تتبع أية انتخابات عراقية، وهي شراء عضو مجلس محافظة فائز من تحالف تصميم، عبر منصب أو عبر المال، وبالتالي إفشال خطته بالحصول على منصب المحافظ!
المثال الآخر المتعلق بالصراعات الرمزية، حصل في محافظتي ديالى وبغداد، فوفقا لنتائج الانتخابات الأولية فقد فازت القوائم السنية في محافظة ديالى بـ 8 مقاعد من مجموع 15 مقعدا، وهو رقم يضمن حصولهم على منصب المحافظ، ولو نظريا، بسبب حصول القوائم الشيعية على 6 مقاعد فقط، وحصول الاتحاد الوطني الكردستاني على مقعد واحد. وبالتالي كان لا بد من استخدام نظرية القبان لإعادة توزيع المقاعد لتفقد القوائم السنية مقعدا، يفقدها معه إمكانية الحصول على منصب المحافظ، وبالتالي حصول القوائم الشيعية على هذا المقعد لتصبح مقاعدها 7.
ومع التحالف التقليدي مع الاتحاد الوطني سيتم ضمان منصب المحافظ في المحافظة التي تشهد صراعا هوياتيا حادا!
في بغداد كان الوضع أشد رمزية، فعند إعلان نتاج الانتخابات الأولية، حصلت قائمة «تقدم» السنية على المنصب الأول في المحافظة، وهو ما أعاد الجدل حول هوية بغداد، لهذا كان لا بد من العودة إلى القبان مرة أخرى، لتحصل قائمتا «نبني» و«دولة القانون» على المركزين الأول والثاني، بعد أن حصل كلاهما على مقعد إضافي، وتتراجع «تقدم» إلى المركز الثالث بعد فقدان القائمة لهذا المقعد، فضلا عن فقدان قائمة سنية أخرى هي «السيادة» لمقعد آخر!
قلنا مرارا إنه لا يمكن ضمان انتخابات نزيهة وعادلة وشفافة في العراق، وأن التزوير وتغيير النتائج عملية منهجية ومؤسسية تتواطأ سلطات الدولة ومؤسساتها بينها لتحقيقها، بما فيها مفوضية الانتخابات والهيئة التمييزية القضائية، بل إن قانون الانتخابات نفسه يصمم خصيصا لضمان نتائج الانتخابات!
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه العراق التزوير العراق الانتخابات المحلية تزوير سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة مقالات سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة مفوضیة الانتخابات المساءلة والعدالة فی هذه الانتخابات نتائج الانتخابات على منصب المحافظ الإطار التنسیقی فی العراق لا یمکن
إقرأ أيضاً:
إعلان القوائم القصيرة لـ"زايد للكتاب"
أعلنت جائزة الشيخ زايد للكتاب في مركز أبوظبي للغة العربية عن قوائمها القصيرة المرشحة لفروع "الآداب"، "أدب الطفل والناشئة"، "الترجمة"، "التنمية وبناء الدولة"، "الفنون والدراسات النقدية"، "الثقافة العربية في اللغات الأخرى"، و"تحقيق المخطوطات".
وضمت القوائم أعمالاً مميزة ومتنوعة من مختلف أنحاء العالم، واعتمدت الهيئة العلمية للجائزة القوائم القصيرة خلال اجتماع برئاسة رئيس مركز أبوظبي للغة العربية، الأمين العام للجائزة، الدكتور علي بن تميم، وحضور أعضاء الهيئة وهمّ، المدير التنفيذي لمركز أبوظبي للغة العربية سعيد حمدان الطنيجي، ويورغن بوز من ألمانيا، والدكتورة ناديا الشيخ من لبنان، ومصطفى السليمان من الأردن، كما ضمّت الهيئة أعضاء جدداً هم الدكتور خالد المصري من الأردن/ الولايات المتحدة الأمريكية، والدكتورة ريم بسيوني من مصر، والدكتورة منيرة الغدير من السعودية، والمترجم والأكاديمي التركي الدكتور محمد حقي صوتشين، وبحضور مدير إدارة الجوائز الأدبية في مركز أبوظبي للغة العربية عبد الرحمن النقبي.واشتملت القائمة القصيرة لفرع الآداب 3 أعمال هي "أبو الهول" لأحمد مراد من مصر، الصادر عن دار الشروق في 2023، و"ثلاثية أسفار مدينة الطين" لسعود السنعوسي من الكويت، الصادر عن دار كلمات للنشر والتوزيع - مولاف في 2023، و"هند أو أجمل امرأة في العالم" لهدى بركات من لبنان-فرنسا، الصادر عن الآداب في 2024.
أما القائمة القصيرة لفرع أدب الطفل والناشئة فقد ضمت، 3 أعمال هي، "ميمونة وأفكارها المجنونة!" لشيرين سبانخ من الأردن، الصادر عن دار هاشيت أنطوان / نوفل، في 2023، و"طيف سَبيبة" للطيفة لبصير من المغرب، الصادر عن المركز الثقافي للكتاب في 2024، و"ثعلب الديجيتال" لهجرة الصاوي من مصر، الصادر عن دار شأن للنشر والتوزيع في 2024.
واشتملت القائمة القصيرة لفرع الترجمة 3 أعمال هي "ألف ليلة وليلة: كتاب الحب"، ترجمته من العربية إلى الألمانية كلوديا أوت من ألمانيا، وصدر عن دار "سي. أتش بيك فيرلاغ" في 2022، و"هروشيوش" لبولس هروشيوش، ترجمه من العربية إلى الإنجليزية ماركو دي برانكو من إيطاليا، وصدر عن دار نشر جامعة بيزا في 2024، و"شيطان النظرية: الأدب والحس المشترك" للكاتب أنطوان كومبانيون، ترجمه من الفرنسية إلى العربية حسن الطالب من المغرب، وصدر عن دار الكتاب الجديد المتحدة في 2023.
أما القائمة القصيرة لفرع الفنون والدراسات النقدية فاحتوت على 3 أعمال هي: "الطعام والكلام: حفريات بلاغية ثقافية في التراث العربي" للدكتور سعيد العوادي من المغرب، الصادر عن دار أفريقيا الشرق في 2023 ، و"الشعر والنبوة: أبو الطيب المتنبي بالشعر" للدكتورة ريتا عوض من فلسطين، الصادر عن المؤسسة العربية للدراسات والنشر في 2024، و "سامراء العمرانية: قراءة في عمارة الحاضرة العباسية وتخطيطها" للدكتور خالد السلطاني من العراق، الصادر عن شركة دار الأديب في 2024.
وتضمنت القائمة القصيرة لفرع التنمية وبناء الدولة 3 أعمال هي "حق الكد والسعاية: مقاربات تأصيلية لحقوق المرأة المسلمة" للأستاذ الدكتور محمد بشاري من الإمارات، الصادر عن دار النهضة مصر للنشر في 2024 ، و"في فلسفة الاعتراف وسياسات الهوية: نقد المقاربة الثقافوية للثقافة العربية الإسلامية" لحسام الدين درويش من سوريا/ألمانيا، الصادر عن مؤمنون بلا حدود في 2023 ، و" المدن والتجارة في الحضارة العربية والإسلامية" للدكتور مجد الدين خمش من الأردن، الصادر عن دار الصايل للنشر والتوزيع في 2024.
واشتملت القائمة القصيرة لفرع الثقافة العربية في اللغات الأخرى على 3 أعمال، هي، "الثقافة الأدبية العربية في جنوب شرق آسيا في القرنين السابع عشر والثامن عشر" لأندرو بيكوك من بريطانيا، الصادر عن دار نشر بريل باللغة الإنجليزية 2024، وكتاب "صعود الكتاب العربي" للكاتبة بياتريس غروندلير، من ألمانيا، الصادر عن دار نشر هارفرد باللغة الإنجليزية 2020، و كتاب "تاريخ الزجل الشرقي: الشعر العربي باللهجات العامية من شرق العالم العربي- من بداياته حتى نهاية عهد المماليك" للكاتب هاكان أوزكان من تركيا، الصادر عن دار نشر إيرجون باللغة الألمانية، 2020.
وبالنسبة للقائمة القصيرة لفرع تحقيق المخطوطات فتضمنت 3 أعمال، هي، "أخبار النساء"، رشيد الخيون من العراق/ المملكة المتحدة، الصادر عن مركز الملك فيصل للبحوث والدراسات الإسلامية، 2024، و"شرح القصائد المعلقات" لصالح الجسار من السعودية، الصادر عن الخزانة الأندلسية للنشر- مكتبة الخانجي بالقاهرة في 2024 ، و"الكواكب السيارة في ترتيب الزيارة" للدكتور أحمد جمعة عبد الحميد من مصر، الصادر عن المعهد العلمي الفرنسي للآثار الشرقية في 2024
وتقرر حجب فرعي "المؤلف الشاب" و"النشر والتقنيات الثقافية" لهذا العام، واستقبلت جائزة الشيخ زايد للكتاب في دورتها الـ 19 التي ينظّمها مركز أبوظبي للغة العربية أكثر من 4 آلاف ترشيح، من 75 دولة منها 20 دولة عربية و55 دولة أجنبية، بينها 5 دول تشارك للمرة الأولى، هي ألبانيا، وبوليفيا، وكولومبيا، وترينيداد وتوباغو، ومالي، وهو ما يؤكد ريادة الجائزة ومكانتها العالمية.