كتب محمد شقير في" الشرق الاوسط": في قراءة أولية لمضامين الخطاب الذي ألقاه أمين عام «حزب الله» حسن نصر الله، تُجمع مصادر سياسية على القول بأنه بقي تحت سقف مساندة حركة «حماس» في حربها المفتوحة مع إسرائيل من دون أن يبادر للإعلان عن توسعة المواجهة الدائرة بين الحزب وإسرائيل على امتداد الجبهة الشمالية في جنوب لبنان، لتتحول إلى حرب على غرار ما هو قائم في قطاع غزة، وإن كان أراد أن يرفع من منسوب المواجهة كما هو حاصل الآن، من دون أن يطيح بقواعد الاشتباك، رغم أن تبادل القصف أدى إلى تجاوزها جغرافياً بحدود معينة.


وتوقفت المصادر السياسية أمام قول نصر الله بأن المقاومة تقاتل في الجبهة مع فلسطين بحسابات مضبوطة، وإذا فكر العدو بأن يشن حرباً على لبنان حينها سيكون قتالنا بلا حدود وبلا ضوابط وسقوف، ورأوا في قوله بأنه ليس في وارد بأن تتدحرج مساندته لـ «حماس» نحو توسعة الحرب امتداداً لغزة.
ورأت المصادر في موقفه بأنه يحمّل إسرائيل مسؤولية مباشرة إذا ما أقدمت على توسعة الحرب؛ «لأن من يفكر (كما قال) بالحرب معنا سيندم، وستكون مكلفة، مع أننا نحسب حساباً للمصالح الوطنية اللبنانية ونقدّر الظروف التي يمر بها البلد». ولفتت إلى أن نصر الله بكلامه هذا يتناغم إلى حد كبير مع موقف الدولة اللبنانية بلسان رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي بدعوته المجتمع الدولي للضغط على إسرائيل لوقف اعتداءاتها على الأراضي اللبنانية، باعتبار أن قرار الحرب بيدها. فنصر الله للمرة الأولى يتطرق بوضوح لا لبس فيه للمصالح الوطنية اللبنانية، وكأنه أراد
تمرير رسالتين؛ الأولى إلى الداخل اللبناني لطمأنته على أنه ليس في وارد توسعة الحرب، وسيكون مضطراً للدفاع عن النفس في حال أن إسرائيل بادرت إلى توسعتها، وبذلك يكون قد رفع الضغوط التي يتعرض لها الحزب على المستويين الرسمي والشعبي بتحذيره من استدراجه لبنان للحرب.
أما رسالته الثانية فهي موجهة، كما تقول المصادر السياسية لـ«الشرق الأوسط»، إلى المجتمع الدولي، ومن خلاله إلى الدول الخمس ذات العضوية الدائمة في مجلس الأمن الدولي يبلغها فيها بأن لا نية لديه في توسعة الحرب، وذلك رداً على الضغوط الدولية التي تُمارس على لبنان محذّرة من الانزلاق نحو الحرب. إلا أن حرص نصر الله على تسطيره لهاتين الرسالتين لن يحجب الأنظار عن تقديمه للأسباب التي أملت عليه بأن يأخذ المبادرة في 8 تشرين الأول الماضي،
أي بعد يوم على اجتياح «حماس» للمستوطنات الإسرائيلية، إلى مساندة المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة بذريعة أنه أفقد إسرائيل عنصر المفاجأة، ما منعها من شن حرب على لبنان.
كما أن حديث نصر الله عن التضحيات التي يقدمها الحزب حتى الآن في مساندته لـ«حماس»، ليس موجّهاً إلى اللبنانيين وإنما إلى حلفائه الفلسطينيين في محور الممانعة، وكأنه أراد أن يرد على ما كان صرّح به القيادي في «حماس» خالد مشعل في الأيام الأولى لبدء الاجتياح الإسرائيلي البري لغزة بقوله إن تدخل «حزب الله» لا يكفي، مع أن نائب رئيس المكتب السياسي صالح العاروري (اغتالته إسرائيل مساء الثلاثاء) بادر فوراً للتدخل بلقائه نصر الله، ما أدى إلى منع ردود الفعل عليه واستيعاب تداعياته، وبالتالي التعامل مع موقفه وكأنه لم يكن.
ورأت مصادر محسوبة على محور الممانعة بأن حجم التضحيات التي يقدّمها الحزب، مع اتساع رقعة المواجهة على الجبهة الشمالية، تمنع من يحاول المزايدة عليه فلسطينياً، وقالت لـ«الشرق الأوسط» بأن لا مبرر للقفز فوق المصالح الوطنية اللبنانية والدخول معه في مزايدة لا جدوى منها، خصوصاً أن لا مكان للتذرُّع بدخوله في الحرب فيما قدّم حتى الآن هذا الكم من الشهداء.
لكن يبقى الأهم، في إصرار نصر الله على عدم جنوحه نحو الحرب المفتوحة مع إسرائيل، يكمن في أنه بموقفه هذا يوفر الزخم المطلوب للجهات الدولية التي تضغط على إسرائيل لمنعها من توسعتها، بحيث تشمل الجبهة الشمالية، ويمكن لوزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن العائد إلى تل أبيب في زيارة خامسة بأن يستقوي به في ضغطه على رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو وفريق حربه؛ لمنعه من إقحام لبنان في حرب تشكل امتداداً لتلك التي تشهدها غزة، وبذريعة أن الحزب ليس في وارد تطوير موقفه في مساندته لـ«حماس» إلى الانخراط في الحرب.
والأمر نفسه ينسحب على مستشار الرئيس الأميركي لشؤون الطاقة أموس هوكشتاين الذي يزور إسرائيل حالياً للتوسط بينها وبين لبنان لترسيم الحدود البرية على امتداد الجبهة الشمالية، وسيكون في وسعه، كما تقول المصادر، أن يتسلّح بموقف نصر الله للجم جنوح نتنياهو وفريقه للاقتصاص من لبنان باستهدافه بحرب لا مبرر لها، ما دام أن الحزب أسقط ما لديه من ذرائع يمكنه التلطي خلفها لإلحاقه بالحرب في غزة.
وإلى أن يقرر الوسيط الأميركي عودته إلى بيروت، هناك من يسأل ما إذا كانت شكوى لبنان إلى مجلس الأمن بانتهاك إسرائيل سيادته باغتيالها العاروري يمكن أن تشكل مناسبة لتعويم القرار 1701 وصولاً لتطبيقه، رغم أن نصر الله كعادته على غرار مواقفه السابقة تحاشى الحديث عنه في خطابه أول من أمس.

المصدر: لبنان ٢٤

كلمات دلالية: الجبهة الشمالیة نصر الله

إقرأ أيضاً:

القنابل الإسرائيلية دمرت مساحات كبيرة من قرية لبنانية وسط مخاوف من اتساع الحرب

28 يونيو، 2024

بغداد/المسلة الحدث: تظهر صور التُقطت بالأقمار الصناعية جزءا كبيرا من قرية عيتا الشعب اللبنانية وقد تحول إلى ركام بعد شهور من الضربات الجوية الإسرائيلية، في نظرة تبين حجم الأضرار بأحد المعاقل الرئيسية لجماعة حزب الله في جنوب لبنان.

وتوضح الصور التي تم الحصول عليها من شركة بلانت لابز الخاصة لتشغيل الأقمار الصناعية، والتي التقطت في الخامس من يونيو حزيران وحللتها رويترز، 64 موقعا مدمرا على الأقل في عيتا الشعب. وتحوي العديد من تلك المواقع أكثر من مبنى.

وتقع عيتا الشعب في جنوب لبنان حيث تتمتع جماعة حزب الله بدعم قوي من العديد من الشيعة، وكانت خط مواجهة في حرب 2006 عندما نجح مقاتلوها في التصدي للهجمات الإسرائيلية خلال الحرب الشاملة التي استمرت 34 يوما.

وبينما لا يزال القتال الحالي بين إسرائيل والجماعة المدعومة من إيران محدودا نسبيا، فإنه يمثل أسوأ مواجهة بينهما منذ 18 عاما، مع حدوث أضرار واسعة النطاق في مبان وأراض زراعية بجنوب لبنان وشمال إسرائيل.

فالجانبان يتبادلان إطلاق النار منذ اندلاع حرب غزة في أكتوبر تشرين الأول. وتسببت الأعمال القتالية في تهجير سكان المنطقة الحدودية من كلا الجانبين إلى حد كبير مع فرار عشرات الآلاف من منازلهم.

وقال نحو عشرة أشخاص مطلعين على الأضرار إن الدمار في عيتا الشعب يمكن مقارنته بما حدث في عام 2006، في وقت أثار فيه التصعيد قلقا متزايدا من حرب أخرى شاملة بين الخصمين المدججين بالسلاح.

وليس لدى رويترز صور بالأقمار الصناعية من عام 2006 لمقارنة الفترتين.

وتقول إسرائيل إن النيران التي أُطلقت من لبنان قتلت 18 جنديا و10 مدنيين. وأسفرت الهجمات الإسرائيلية عن مقتل أكثر من 300 من مقاتلي حزب الله و 87 مدنيا، بحسب إحصاءات رويترز.

وينحدر 10 على الأقل من قتلى حزب الله من عيتا الشعب، وعشرات آخرون من المنطقة المحيطة بحسب إخطارات جماعة حزب الله بالقتل التي راجعتها رويترز. وقال مصدر أمني إن ستة مدنيين قُتلوا في القرية.

وقال هاشم حيدر رئيس مجلس الجنوب، وهو مؤسسة رسمية مكلفة بمسح الأضرار والتنمية في جنوب لبنان، لرويترز إن القرية التي تقع على بعد كيلومتر واحد فقط من الحدود هي من بين أكثر المناطق التي تعرضت للقصف الإسرائيلي.

وقال محمد سرور، رئيس بلدية عيتا الشعب، “هناك الكثير من الدمار في وسط القرية، التدمير لا يقتصر فقط على المباني التي ضربوها ودمروها وإنما يطال المنازل المحيطة التي تصدعت ولا يمكن إصلاحها وهي بحاجة للهدم”.

وأضاف أن معظم سكان القرية وعددهم 13500 نسمة فروا في أكتوبر تشرين الأول عندما بدأت إسرائيل في قصف المباني والغابات القريبة.

وقال حيدر إن “العدو الاسرائيلي يقوم بقصف ممنهج لتدمير أي محاولة للحياة في هذه المناطق التي تسمى منطقة حمراء، إنه يؤذي كل القطاعات، أولا الناس، حاول تهجير الناس قدر المستطاع لإفراغ المنطقة، ثم البنية التحية ثم الأراضي الزراعية، يعني إنه يريد جعلها منطقة شبه محروقة غير قابلة للسكن، حتى تكون شبه منطقة عازلة، وهذا المخطط لن ينجح به بإذن الله”.

المسلة – متابعة – وكالات

النص الذي يتضمن اسم الكاتب او الجهة او الوكالة، لايعبّر بالضرورة عن وجهة نظر المسلة، والمصدر هو المسؤول عن المحتوى. ومسؤولية المسلة هو في نقل الأخبار بحيادية، والدفاع عن حرية الرأي بأعلى مستوياتها.

مقالات مشابهة

  • احتمالات الحرب الكبرى في الجبهة اللبنانية
  • هاجم نتنياهو.. وزير إسرائيليّ سابق عن نصرالله: لا يُريد الحرب
  • هل ستندلع حرب لبنان قريباً؟ قناة إسرائيلية تكشف!
  • أميركا تدعو خارجية إسرائيل ودول عربية لقمة الناتو
  • القنابل الإسرائيلية دمرت مساحات كبيرة من قرية لبنانية وسط مخاوف من اتساع الحرب
  • تقرير لـMiddle East Eye: في حال اندلاع حرب.. حزب الله لن يكون عدواً سهلاً لإسرائيل
  • الساعون إلى منع حرب إسرائيل على لبنان لن ييأسوا
  • الجنوب أسير الحل الدبلوماسي الأميركي
  • السفارة الروسية في بيروت تنصح الروس بـ"تأجيل السفر إلى لبنان إن أمكن"
  • إسرائيل تهدّد بإعادة لبنان “إلى العصر الحجري” في حال اندلاع حرب مع حزب الله