صدى البلد:
2025-04-26@21:18:31 GMT

ماريان جرجس تكتب: بيت لحم الحزينة

تاريخ النشر: 5th, January 2024 GMT

بيت لحم الحزينة 
(وَالسَّلَامُ عَلَيَّ يَوْمَ وُلِدتُّ وَيَوْمَ أَمُوتُ وَيَوْمَ أُبْعَثُ حَيًّا )  سورة مريم  33 ، هَا الْعَذْرَاءُ تَحْبَلُ وَتَلِدُ ابْنًا وَتَدْعُو اسْمَهُ «عِمَّانُوئِيلَ (إش 7: 14 
تحمل أجواء الميلاد دائمًا في ذات التوقيت من كل عام كثير من المشاعر الإنسانية البهيجة ، بميلاد المسيح ، تحمل الأمل للبشرية والفرح والسلام ، ولكن يأتي عيد الميلاد  هذا العام  دون أجراس ولا شجرة الميلاد في بيت لحم الحزينة جراء اعتداء قوات الاحتلال الوحشي على أشقائنا في غزة .


بسبب تلك الحكومة الثيوقراطية  أو الدينية وتعنى أن يحكم رجالها بخلفية دينية ، ولكنها ليست دينية فحسب بل دينية متعصبة وغاشمة ومتشددة بل دموية، دائمًا ما أقول أن أصعب الصراعات هي تلك الصراعات التي تُبنى على خلفية دينية، فالصراعات العسكرية السياسية دائما ما تنتهي أجلا أم عاجلا ، بتسوية سياسية تارة أو بمقايضة اقتصادية تارة أخرى ! ولكن الصراع الديني لا يمكن تسويته بالسياسة أو الاقتصاد، وذلك لأنك تصارع شخص متشدد بأغلى ما لديه وهو إيمانه ! فما بالنا وإن كان إيمانه ينقصه الإيمان بالبشرية التي هي خلق الله الذي لبس القوة وتمنطق بها ولكنه أحب البشرية وأحب الخليقة وميزها عن باقٍ المخلوقات وسخر لنا كل ما في الطبيعة كي يحيا الإنسان في عزة وكرامة.
وكلنا نرى تبعات ذلك الصراع الديني الغشيم الذي يقوم به الكيان الصهيوني أملا في إبادة فلسطين وبناء هيكل سليمان ، ربما يتخيلون السيطرة على الأراضي العربية الأخرى من النيل إلى الفرات  ؛ حلم بن جوريون الذي ذكره في مذكراته ! ، ولكن لن يؤدى ذلك التعصب إلى مكان ما ، سوي تلويث الايدى بمزيد من دماء الأبرياء فالتعصب أعمي ، لا يرى ولا يسمع ، ولنا في ذلك عٍبرة وعبرة !
ونحن في موسم الأعياد ، نجد أصحاب النفوس الضعيفة يحرمون التهاني حتي بالعام الجديد ، وبتهنئة الآخرين بأعياد الميلاد  وكأنهم يهدون الناس إلى الفعل الصحيح ولكن الحقيقة أنهم ينتهجون نهج الكيان الصهيونى ! وليس نهج أدياننا السماوية ، فتحريم التهاني هو بث الكره وزرع بذور الشر في نفوس الآخرين بحجج واهية وان ذلك ليس من صحيح الدين ، وتحميل المواقف أكبر من حجمها الحقيقي ، ولكن صحيح الأديان السماوية تعترف بميلاد المسيح  ولم تحرم التهاني بل دعت كلها إلى التآخى والسلام والفرح والمحبة بين كل البشر .
أن سفك الدماء هو دائمًا الناتج العملي للعملية الفكرية للتعصب وليس هو البداية بل نهاية الأمر نتيجة تكوين مجموعة من الأفكار السامة التي تبدأ بالتحريم والترهيب وتحريم ما لم تحرمه الأديان السماوية حتى يصبح الإنسان متعصب الفكر أعمي البصيرة منزوع البشرية .
فتُرى من نريد أن نكون الإنسان المتعصب سافك الدماء أم من أصحاب الديانات السماوية السمحة ؟

المصدر: صدى البلد

إقرأ أيضاً:

د. ميادة ثروت تكتب: وداعًا قداسة البابا فرنسيس رجل الإنسانية والسلام

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

كان البابا فرنسيس رائدًا في بناء جسور الحوار بين الأديان والثقافات، في عام 2019 وقّع "وثيقة الأخوة الإنسانية" مع الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر، في خطوة تاريخية عززت التفاهم بين المسيحيين والمسلمين؛ هذه الوثيقة التي وُصفت بأنها "منارة أمل"، كانت ثمرة نيته الصادقة لتعزيز التعايش السلمي.

وكوني أول باحثة تناولت هذه الوثيقة الملهمة فقد شرفت بدعوة رسمية للقاء قداسة البابا فرنسيس في 6/ 12/2023م بالمقر البابوي بالفاتيكان.

كان حديثي مع قداسته حول موضوع الأخوة الإنسانية وقد قمت بإهدائه نسخة من رسالتي للدكتوراه والتي جاءت تحت عنوان: "وثيقة الأخوة الإنسانية وأثرها على المسلمين في آسيا الروهينجا والإيغور أنموذجًا"،

وقد جاء هذا اللقاء انطلاقًا من جهود الهيئة الأوروبية للمراكز الإسلامية برئاسة الشيخ مهاجري زيان في التواصل وترسيخ قيم التعايش والتسامح وترسيخ معاني الأخوة الإنسانية، وفي البداية قدم رئيس الهيئة الشيخ زيان أصدق التحيات والاحترام لقداسة البابا، ثم أشاد بجهود قداسته في مواجهة العنصرية ومواقفه النبيلة التي تدون في سجل التاريخ.

ووقوفه الدائم إلى جانب المظلومين، ورعاية الضعفاء والمساكين والمستضعفين، وقد ثمن رئيس الهيئة دعوة قداسة البابا فرنسيس للسلام وتحقيق الهدنة في قطاع غزة، والمطالبة بإطلاق سراح جميع الأسرى وتيسير دخول المساعدات الإنسانية إلى القطاع، وأخيرًا أهداه كتاب "اعتدالنا" كأول إصدار للهيئة.

لقد كان هذا اللقاء حدثًا كبيرًا بالنسبة لي ولا أنسى سعادة البابا وترحيبه والتصفح في رسالتي والاهتمام بها.

رحل البابا فرنسيس، لكنه ترك إرثًا سيظل خالدًا في قلوب الملايين، كان "بابا الشعب" الذي ألهم العالم بابتسامته الصادقة، وقلبه الرحيم، وإيمانه بأن الإنسانية قادرة على التغلب على الشر بالخير في آخر رسالة له بعيد الفصح، كتب: "هذه الكلمات تجسد المعنى الكامل لوجودنا، لأننا لم نخلق للموت، بل للحياة"

وداعًا، قداسة البابا فرنسيس. لقد كنت صوت الرحمة في زمن القسوة، ونور التواضع في عالم التباهي، ستظل رسالتك منارة تهدي الأجيال، وستبقى ذكراك محفورة في وجدان الإنسانية.
نسأل الله أن يلهم العالم للسير على دربك: درب السلام والمحبة.

_______________________

مستشارة رئيس الهيئة الأوروبية للمراكز الإسلامية

رئيس قسم مد الجسور بين الشعوب وتعزيز الأخوة الإنسانية بالهيئة

صاحبة أول رسالة عن «وثيقة الأخوة الإنسانية»

مقالات مشابهة

  • مع كيكل في ثورته ولكن جبريل مع مشروع الجزيرة (١)
  • إلهام أبو الفتح تكتب: ارحموا من في الأرض
  • ‏وكيل الأزهر: بناء الإنسان مسؤولية دينية ووطنية تتطلب رؤية نقدية وتوازنًا بين الروح والعقل والجسد
  • عاجل | رئيس الحكومة الباكستانية: السلام مقصدنا ولكن يجب ألا يعتبر هذا ضعفا
  • رأي.. رنا الصباغ تكتب: الأردن وجماعة الإخوان المسلمين.. هل المخاطرة مدروسة؟
  • د. رهام سلامة تكتب: البابا فرانسيس رجل سلام في زمن الحياد المزيف
  • د. ميادة ثروت تكتب: وداعًا قداسة البابا فرنسيس رجل الإنسانية والسلام
  • مورينيو يقترب من الظهور في مونديال 2026.. ولكن ليس مع البرازيل!
  • جلسة حوارية: الترجمة الألمانية الجديدة لرواية الدكتورة جوخة الحارثية الأجرام السماوية
  • د.نجلاء شمس تكتب: سيناء.. قصة أرض لا تُنسى ولا تُهمَل