قال حسين حمودة، الكاتب الكبير وأستاذ النقد الأدبي، إن الكاتب أحمد مراد، هو امتداد من جانب ما لأحمد خالد توفيق، وإن كان ينحو بمنحى آخر خاصة بالأمور المرتبطة بقضايا جوهرية وأحيانًا بنوع من البحث والتقصي مثل رواية "1919" والمرتبطة بثورة 19.

أستاذ نقد أدبي: الذاكرة المتقطعة والبداية الدائمة "من الصفر" أحد أبرز مشكلاتنا حسين حمودة: نعاني من عزلة النقد الأكاديمي في المصطلحات النظرية

وأضاف"حمودة"، خلال حواره ببرنامج "الشاهد"، مع الدكتور محمد الباز، والمذاع عبر فضائية "إكسترا نيوز"، أن أحمد مراد، مستوعب لتجربة أحمد خالد توفيق وتجارب أخرى ويستحق العناية والدراسة.

 

وتابع، أن علم اجتماع الأدب يدرس الظاهرة الأدبية من حيث انتشارها والترويج لها والأعمار التي تتلقاها والتجارب الأدبية التي تنضوي تحتها، مشيرًا إلى أن تجارب أحمد خالد توفيق واحمد مراد ليست كذلك.

 

وعن انتقاد بعض المبدعين لوضع صورة أحمد مراد كغلاف لمجلة "عالم الكتاب"، مما أدى بالمجلة لتغييرها، قال إن هذا من أسباب تسييد نمط أو رؤية حول الأدب وليس مرتبط بالواقع الأدبي المطروح وبالتالي يحتاج لنوع من المراجعة ، مشيرًا إلى أن هناك نوعًا من التصور يحتاج اعادة نظر فأحمد خالد توفيق هو جزء من تجربة تستحق الاهتمام مثل تجربة صالح مرسي في "أدب البحر"، و "أدب المخابرات"، وهي تجربة تستحق الدراسة والاهتمام.

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: أستاذ نقد الأدب النقد الأدبي حسين حمودة اخبار التوك شو أحمد مراد

إقرأ أيضاً:

غُرفتان... غرفة لأحمد السعدي وأخرى لحسن المطروشي

بالحديث عن الغُرف فـي الكتابة الإبداعية لا يفوتنا أن نتحدّث عن الكتاب الشهير لفرجينيا وولف (غرفة تخص المرء وحده) كونه كتابا مهما وضعته المؤلفة، وناقشت فـيه قضايا مهمة مرتبطة بالمرأة. تأتي العتبة فـيه معبّرة عن لفظة الغرفة التي تُحيل على حدود معينة تقع ضمنها قضايا وأبعادا متنوعة. لكن الحديث عن الكتاب يطول أو طال وقد نوقشت معه موضوعات الكتاب من وجهات نظر متعددة تجاه الآخر الكاتب والمكتوب عنه. وإذا ابتعدنا قليلا عن كتاب فرجينيا وولف الشهير ووقفنا على نماذج شعرية -فـي الشعر العماني بالتحديد- سنجد أنّ موضوع الغُرف موضوع قد يتعاطى معه الشعراء بصورة فنية، وبتخيّل واسع يعطي القارئ لمحة عن هذا المكان الذي اقتنصته مهارة شاعر.

ولعلنا نجد فـي الشعر ما يستقرئ الغُرفة ويصنع منها فضاء خاضعا للنسق الشعري الذي تحدّده رؤية الشاعر لحظة الكتابة، نجد فـي ذلك مثالين شعريين يحملان العنوان الشعري ذاته: (غرفة)، النص الأول للشاعر أحمد السعدي والنص الآخر للشاعر حسن المطروشي، وكلا الشاعرين وظّفا المكان/ الغرفة توظيفا فنيا فـي الكتابة الشعرية، وقدّما صورة تعكس تخيّلَ الشاعر لهذا المكان.

ينطلق أحمد السعدي -وهو أحد الأصوات المهمة فـي القصيدة الشعبية العمانية- فـي التعبير عن الغرفة من دلالاتٍ متمثلةٍ فـي الوحدة والخيانة والصمت من جهة، ومن جهة أخرى متمثلة فـي الضيق وحدود الجدران المظلمة. يقول أحمد السعدي فـي نص (غرفة):

والله وحــــيدٍ.. لا مــــطر.. لا عـــصافـيرْ

مـن يـشتهي يقفل على الخوف غرفه؟؟

من له يدان تخون كل التعابيرْ؟؟

مــن لــه شــفاهٍ.. تــشعـل الـجمـر.. حـرفـه

الــصمــت.. غــرفـه ضـيّقـه تـخنـق الـطيـرْ

يــجلــس بــها إنــسان مـنبـوذ عـرفـه

الـــصمـــت مـــنفى غـــرفةٍ تــشبــه الــبيــرْ

الـماي جـف..!! وصارت الأرض ترفه

إنــسان تــطعــن وحــدتــه.. يـامـقاديـرْ

نفسه يخونك!! لو على باب شرفه

والله كـبيره.. يالمطر.. والعصافـيرْ

مـن يـهجـر الـشارع.. على شان غرفه!!

تُحرّك غرفةُ أحمد السعدي القارئَ معها فـي ثنائيات الاتساع والضيق، وثنائيات الخوف والحزن، وثنائيات الوحدة والمنفى، كما يقودك النص بلغته الآسرة إلى الثنائيات المتمثلة فـي دلالات اللغة؛ إذ يستعمل الشاعر النفـي فـي إطار الجملة الخبرية رابطا إياها بدلالات الاستفهام (من يشتهي يقفل على الخوف غرفه؟؟)، فالصورة هنا تحمل تعبيرا فنيا دقيقا يمثله الخوف ويقابله القفل/ الإغلاق بغرفة، واصفا له بعلاقات مكانية مظلمة أو موحشة فـي الاستخدام الدلالي. فـ(الغرفة تُقفل على الخوف)، و(الصمت غرفة ضيقة تخنق الطير)، و(الصمت منفى غرفةٍ تشبه البير)، وهنا يظهر الاشتغال على دلالات الاتساع، ومرادفاتها من الحرية وفسحة الحياة؛ إذ إن دلالات الضيق تتصارع مع دلالات الاتساع فـي النص مُشكلة صورة حية تتدافع معها المفردات.

يمكن لنا أن نقرأ النص من زاوية نفسية تشكلت منها الدلالات؛ فالشاعر يمجّد السعة والاتساع على حساب الضيق؛ فنجد الغرفة رمزا لهذه الدلالة، ففـي كل مرة تظهر الغرفة يظهر معها الخوف والنفـي والوحدة والصمت، وهي تعبيرات مستمدة من الكبت، فنجد الصراعين: اللفظي والدلالي حاضرين بقوة فـي تمثيل صورة الغرفة. فـي المقابل فإن دلالات الاتساع جاءت تُعبّر عن الحياة والحرية والثورة، وهنا يعود المكان المضاد للغرفة لتشكيل الصُّور، ولعل فـي الشارع تمثيلا للتعبير عن الضوء والحركة والحياة.

هنا تحاول دلالات الضيق طمس كل ماله علاقة بالاتساع، فتظهر توتّرات النص، ويظهر الصراع المكاني، ومعها تخيلات الشاعر بالحرية والثورة (المطر/ العصافـير/ الأرض) تبدو مكبوتة بفعل الضيق، وهنا -نفسيا- يبدو الميل إلى الضيق والظلام أقوى من الاتساع والضوء؛ إذ يفاجئنا النص بالحركة إلى الحدود المظلمة على حساب السَّعة والبهجة فـيرسم النص تعجبه من هذه الحركة نحو المجهول:

والله كبيرة يالمطر والعصافـيرْ... من يهجر الشارع على شان غرفه

يكتب حسن المطروشي أيضا عن «الغرفة»، إذ لا تخرج معاني النص عما أشار إليه السعدي فـي نصه السابق، يقول المطروشي فـي نص (غرفة):

ها أنا

من جديدٍ

أجُوبُ مَنافِيكَ مُسْتَوْحِشا

أيها الليلُ،

أَقْذِفُ فوق السريرِ

بكامل ما احْتَمَلَتْ قامتي

مِنْ حُطامْ

ليس فـي غُرفتي شَبَحٌ

فأَقُصُّ له قِصَّة،

ليس لي ماعزٌ أو خرافٌ

فَأَحْسُبُ أذنابها كي أنامْ

حَسَنا،

سوف أدعو لصوص الشوارع

والعاطلين عن الأمنيات،

لكي تَتَسَلَّقَ سَقْفَ الظلامْ!

يشتغل المطروشي على ألفاظٍ تدل على المنافـي والوحشة والحطام، هذا ما تمثله الغرفة ليلا، وحشة منفتحة على الغربة والاغتراب، تُحيله على المنفى رغم إقامته بين الحدود الأربعة، هنا تتمثل صورة الضيق فـي الاستعمال الدلالي، وهنا تبدو الغرفة كصندوق يضم آلاما وجراحا وعذاباتٍ تنوء بها النفس البشرية.

إن دلالات الضيق هنا قائمة على التمسك بالواقع النفسي، فالغرفة مظلمة يجافـيها النوم، وحتى المتخيلات لا يمكن أن تُعبّر عن مكنونات اللحظة. وهنا يستسلم النص لدلالات الضيق على حساب الاتساع، فتغلق مفاجآت الشوارع وترضخ لدلالات الغُرف دالّة فـيها عبارة «لكي نتسلّق سقف الظلام!» على الحدود الضيّقة التي تئن تحتها النفس الإنسانية المليئة بالعذابات والجراح.

يستغل المطروشي اللحظة الآنية للذاكرة والتخيّل فـيشتغل على دلالات الحاضر الذي تستطرد فـيه الفكرة، مستخدما الأفعال المضارعة المعبرّة عن اللحظة الزمنية التي تتكوّن منها المفردات الشعرية، إذ جاءت الأفعال المضارعة فـي سبعة أسطرٍ شعرية من أصل خمسة عشر سطرا شعريا، تتمثل دلالاتها فـي الحركة والكلام والتعبير مثل: (أجوب، وأقذف، وأقص، وأحسُب، وأنام، وأدعو، وتتسلق)، ورغم معاني الأفعال القائمة على الحركة والتعبير والتخيل، إلا أنّ حدودها تصطدم بالضيق وليس الاتساع، وهنا تتصارع الدلالتان فـي ترتيب الأولوية الشعرية والهيمنة فـي التعبير.

ورغم قصر النصين الشعريين، فإننا نجدهما نصين قائمين على التعبيرات الدلالية، والاشتغال الشعري الذي ينقل القارئ من لحظة التسطيح إلى التأمل. فـيقترب النصان من رؤية داخلية للدلالة، والتعبير عن اللامرئي واللاواقعي فـي الشعر، وهنا تنقلنا الصورة إلى لحظة الكتابة الشعرية الحديثة القائمة على تفتيت الصور والتلاعب بالدلالة الشعرية فـي خدمة الفكرة الشعرية.

وكثيرا ما نجد المطروشي يشتغل على هذا النوع من الكتابة مقدما نصوصا شعرية ذات طابع اشتغالي متعدّد الصور والدلالات والتعبيرات الفنية، فنجد نصوصه الشعرية طافحة بهذا الاشتغال التي تُشكّل صورة بصرية متعدّدة الزوايا، أما فـي الشعر الشعبي فأحسب أنّ هذا النص أو أن أحمد السعدي واحدٌ من الشعراء الذين استطاعوا كسر الجمود الشعري التقليدي للقصيدة الشعبية فـي عمان، وقدّم لغة تصعد بكتاباته الشعرية إلى أعلى مستويات اللغة الفنية.

مقالات مشابهة

  • ما حكم اعتكاف النساء في رمضان؟.. عضو الأزهر للفتوى: يجوز ولكن بشرط
  • حسين خالد رئيسًا لمجلس أمناء جامعة بني سويف الأهلية.. والمرسي أحمد نائبًا له
  • غُرفتان... غرفة لأحمد السعدي وأخرى لحسن المطروشي
  • رانيا يوسف: أثق في أعمالي التي تضيف لمسيرتي الفنية
  • فتح أبواب ملعب “حسين آيت أحمد” عند 18:00 مساء
  • أحمد البوعينين للجزيرة: دار الوثائق القطرية.. قاعدة بيانات متكاملة تخدم مختلف القطاعات
  • بعد أنباء توقيعه مع الأهلي.. حسين لبيب يهدد: زيزو ليس للبيع
  • بتروجت يتقدم على الزمالك بهدف توفيق محمد
  • أحمد موسى: أردوغان يحتاج أغلبية برلمانية لتعديل الدستور لخوض فترة رئاسية جديدة
  • الأسطى حمودة: الجيل الحالي لا يرغب في تعلم صناعة الكليم أو الحرف اليدوية