الناصرة-“رأي اليوم”- من زهير أندراوس: التطبيع بين كيان الاحتلال وبين المملكة العربيّة السعوديّة ما زال بعيدًا جدًا، والضغوط التي مارستها وما زالت الإدارة الأمريكيّة بقيادة الرئيس جو بايدن لم تثمر حتى اللحظة، هذا ما أقرّت به محافل سياسيّة رفيعة ومطلعة جدًا في تل أبيب، لافتةً في ذات الوقت إلى أنّ الشروط التي وضعتها السعوديّة للتطبيع تمنع إحداث اختراقٍ والتمهيد لاتفاقٍ مع إسرائيل.
وشدّدّت المصادر عينها، وفق ما أكّدته صحيفة (هآرتس) العبريّة، على أنّ المطلب السعوديّ الذيْ يُعيق التقدّم يتعلّق بانضمام المملكة إلى ما يُسّمى بـ “النادي النوويّ الدوليّ” وإقامة محطّة نوويّة مدنية في الرياض، وهو الأمر الذي ترفضه كلٌّ من الولايات المُتحدّة وإسرائيل بسبب خشيتهما العميقة من تداعياته. إلى ذلك، رأت دراسة جديدة صادرة عن مركز دراسات الأمن القوميّ الإسرائيليّ، التابِع لجامعة تل أبيب، أنّ فتح الطريق السياسيّ بين كيان الاحتلال والعربيّة السعوديّة ممكن، لكنّه الأمر يتطلّب تدخلاً أمريكيًا مركزيًا، مفصليًا وقويًا، وتُحتِّم على واشنطن تنفيذ المطالب التي عرضتها المملكة، شريطة أنْ تكون مقبولةً على الدولة العبريّة، على حدّ قولها. ولفتت
الدراسة إلى أنّ موضوع المطالب السعوديّة من الأمريكيين هو مهمٌ للغاية لأنّ بعض المطالب، وفي مقدّمتها في الموضوع النوويّ، حساسّة جدًا بالنسبة لدولة الاحتلال. وشدّدّت الدراسة، التي أعدّها الباحث الكبير بالمركز يوئيل غوجانسكي، على أنّ المطالب المركزيّة السعوديّة من أجل التطبيع مع إسرائيل هي من واشنطن، التي يتحتّم عليها تنفيذ الشروط السعوديّة في كلّ ما يتعلّق بالقضية الفلسطينيّة. ورأى الباحث أنّ السعوديين قد يُوافقون على تنفيذ مطالبهم بما لا يعني إقامة دولةٍ فلسطينيّةٍ، بيد أنّهم لن يتنازلوا عن مطالبهم القاضية بإلغاء ضمّ الضفّة الغربيّة المُحتلّة إلى السيادة الإسرائيليّة، بالإضافة إلى تخفيف البناء في المستوطنات بالمناطق الفلسطينيّة المُحتلّة ، والدفع قدمًا من أجل تثبيت الأمن والنظام في المناطق التابِعة لسلطة رام الله، والمحافظة على الوضع القائم في المسجد الأقصى المبارك، والعمل على إيجاد سبلٍ لتطوير العلاقات بين إسرائيل والسلطة الفلسطينيّة، ومن خلال ذلك منع انهيار السلطة في رام الله، طبقًا للدراسة الإسرائيليّة. وأوضحت الدراسة أنّه بالمُقابِل التغيير في الائتلاف الحاكم في الكيان سيُفسِح المجال أمام الحكومة الإسرائيليّة كي تكون أكثر تساهلاً في قضية العلاقات مع الفلسطينيين. ومع ذلك، أشارت الدراسة إلى أنّه حتى الآن لا يوجد توافق بالمرّة بين المطالب الإسرائيليّة القصوى وبين المطالب السعوديّة الأدنى، وأنّ اتفاق السلام بين دولة الاحتلال والعربيّة السعوديّة يُعتبر في الرياض بمثابة خطوةٍ واحدةٍ وكنّها بعيدةً جدًا من ناحيتها، على حدّ قول الباحث غوجانسكي. بالمُقابِل، رأت الدراسة أنّه مع ذلك فإنّ العربيّة السعوديّة تعمل على تطوير العلاقات مع إسرائيل بشكلٍ تدريجيٍّ وفق الشروط التي قامت بعرضها، وفي الوقت عينه تعمل للحفاظ على علاقاتها السريّة مع الكيان. وعلى الرغم من ذلك، فإنّ إقامة علاقاتٍ بناءةٍ بين الدولتيْن، السعوديّة وإسرائيل، أضافت الدراسة، مثل منح الحُجاج الفلسطينيين من مناطق الداخل المُحتّل بالسفر إلى مكّة المُكرمّة مُباشرةً من إسرائيل إلى السعوديّة ومنح رجال الأعمال الإسرائيليين تسهيلاتٍ، هي عمليًا بمثابة تطبيعٍ زاحفٍ، على حدّ وصف الدراسة الإسرائيليّة. عُلاوةً على ما جاء أعلاه، أوضحت الدراسة أنّه منذ تشكيل الحكومة الإسرائيليّة الحاليّة، وعلى خلفية الوضع في الساحة الفلسطينيّة، سُجِّلَ ارتفاعٌ كبيرٌ في حجم الإدانات والخطاب المتشدد من قبل العربيّة السعوديّة ضدّ التصريحات التي أطلقها العديد من الوزراء في حكومة بنيامين نتنياهو السادسة، وهذا التطوّر بحدّ ذاته يؤكّد أنّ النظام الحاكم في المملكة غيرُ راضٍ عن الحكومة الإسرائيليّة الحاليّة وعن سياساتها، طبقًا لأقوال الباحِث غوجانسكي. وخلُصت الدراسة إلى القول إنّ إمكانية التطبيع في العلاقات بين إسرائيل والعربيّة السعوديّة نوقشت في العديد من الأماكن، والآن ازدادت وتيرتها، وذلك على خلفية استعداد الولايات المُتحدّة الأمريكيّة وإسرائيل للسعي قُدُمًا في هذا الاتجاه، لكن هذا التطوّر منوطٌ بعدّة عوامل وفي مُقدّمتها سياسة الدولة العبريّة في القضية الفلسطينيّة، بالإضافة إلى العلاقات بين واشنطن والرياض، وبين واشنطن وتل أبيب، طبقًا للدراسة الإسرائيليّة. إلى ذلك، وفي حديثٍ للقناة الـ 12 بالتلفزيون العبريّ، قال رئيس وزراء الاحتلال الأسبق، إيهود أولمرت، إنّ موافقة إسرائيل على الشروط السعوديّة سيكون بمثابة خطأ إستراتيجيٍّ وتاريخيٍّ، لافتًا في ذات الوقت إلى أنّ السماح للعربية السعوديّة بامتلاك النوويّ سيكون بمثابة فتح الطريق أمام دولٍ عربيّةٍ وإسلاميّةٍ للسير في هذا الدرب، مثل مصر وتركيّا، ولذا، أضاف أولمرت، يتحتّم على الحكومة الإسرائيليّة رفض الشروط السعوديّة كي لا تفتح الباب على مصراعيه أمام سابقةٍ خطيرةٍ، طبقًا لأقواله.
المصدر: رأي اليوم
كلمات دلالية:
الحکومة الإسرائیلی ة
الفلسطینی ة
ة السعودی ة
إلى أن
إقرأ أيضاً:
إدارة بايدن تحث الديمقراطيين على رفض المطالب بمنع نقل الأسلحة إلى إسرائيل
قال مسئولان أمريكيان لصحيفة تايمز أوف إسرائيل العبرية يوم الثلاثاء إن إدارة الرئيس جو بايدن تضغط على أعضاء مجلس الشيوخ الديمقراطيين للتصويت ضد التشريع الذي تقدم به بعض أعضاء الحزب والذي من شأنه أن يمنع شحنات أسلحة بقيمة تزيد على 20 مليار دولار إلى إسرائيل.
من المقرر أن يتم التصويت على سلسلة قرارات الرفض المشتركة التي رعاها السناتور بيرني ساندرز وبيتر ويلش وجيف ميركلي وبريان شاتز يوم الأربعاء وتهدف إلى منع ستة عمليات نقل أسلحة إلى إسرائيل، والتي تشمل الصواريخ الموجهة وقذائف الدبابات وقذائف الهاون والمركبات التكتيكية وطائرات مقاتلة من طراز F-15.
في حين أن التصويتات من المؤكد أنها ستفشل، نظرًا للدعم القوي لإسرائيل في كلا الحزبين - وخاصة الحزب الجمهوري، فمن المرجح أن تمثل لحظة فاصلة في الحزب الديمقراطي الأكثر انقسامًا والذي لا يزال يعمل على فهم دروس انتخابات هذا الشهر، والتي شهدت فوز الجمهوريين بالبيت الأبيض ومجلس الشيوخ مع الاحتفاظ بأغلبيتهم في مجلس النواب.
وفي الوقت نفسه، تعمل إدارة بايدن بشكل خاص على الدفع ضد تشريع مجلس الشيوخ، حيث تواصل مسئولون من البيت الأبيض ووزارة الخارجية والبنتاجون مع العديد من المشرعين المترددين بشأن كيفية التصويت، وفقًا لما قاله مسئول أمريكي لصحيفة تايمز أوف إسرائيل.
وقال المسئول الأمريكي إن هؤلاء الديمقراطيين أعربوا عن مخاوفهم بشأن الخسائر المتزايدة بين المدنيين في غزة وفكرة استخدام الأسلحة التي تزودها الولايات المتحدة لقتل النساء والأطفال.
كما أكد البعض أن إسرائيل لم تفعل ما يكفي لزيادة المساعدات الإنسانية إلى غزة ولم تلتزم بالعديد من الخطوات التي حددتها إدارة بايدن في رسالة إلى تل أبيب الشهر الماضي حذرت من فرض حظر جزئي على الأسلحة إذا لم يتم تخفيف الأزمة الإنسانية في غزة في غضون 30 يومًا.
ومع انتهاء الموعد النهائي الأسبوع الماضي، زعمت الولايات المتحدة أن إسرائيل أحرزت تقدمًا كافيًا في العديد من الخطوات المنصوص عليها في الرسالة للبقاء ملتزمة بالقانون الأمريكي، وبالتالي السماح باستمرار شحنات الأسلحة.
أثار القرار غضب التقدميين ولكنه اتخذ أيضًا بعد أيام من انتخاب دونالد ترامب، الذي كان من المؤكد تقريبًا أنه كان سيعكس أي قرار بمنع الأسلحة عن إسرائيل عند عودته إلى منصبه.
في الدفاع عن القضية ضد قرارات مجلس الشيوخ، زعم مساعدو بايدن أن الأسلحة المعنية ضرورية للدفاع عن إسرائيل ولن يتم تسليمها لمدة عام أو عامين آخرين، "لذا فإن احتمال استخدامها في هذه النسخة من سياق غزة منخفض للغاية"، أوضح أحد المسؤولين الأمريكيين.
وتابع المسؤول الأمريكي: "في الوقت الذي يوشك فيه حزب الله على الموافقة على وقف إطلاق النار، ليس هذا هو الوقت المناسب لإرسال رسالة إلى أعداء إسرائيل مفادها أن هناك انقطاعًا في العلاقة بين الولايات المتحدة وإسرائيل.