“غوش دان درّة تاج إسرائيل”.. كيف أصبحت كابوسها المرعب؟
تاريخ النشر: 5th, January 2024 GMT
يمانيون – متابعات
مع انتشار خبر اغتيال “إسرائيل” نائب رئيس المكتب السياسي في حركة حماس الشيخ صالح العاروري، ذكرت وسائل إعلام إسرائيلية أنّ ثمّة مخاوف من قصف منطقة “غوش دان” في سياق الردّ على الاغتيال.
واستندت هذه التقديرات إلى كلام واضح أطلقه الأمين العام لحزب الله، السيد حسن نصر الله، في خطابٍ له بتاريخ 23 آب/أغسطس 2023، وقال فيه إنّ “أي اغتيال على الأراضي اللبنانية يطال لبنانياً أو فلسطينياً أو إيرانياً أو سورياً… بالتأكيد سيكون له ردّ الفعل القوي ولا يمكن السكوت عنه ولا يمكن تحمّله”، مضيفاً: “لن نسمح أن تُفتَح ساحة لبنان من جديد للاغتيالات، ولن نقبل بتغيير قواعد الاشتباك القائمة”.
وفي خطابه الأخير بمناسبة الذكرى الرابعة لاستشهاد القائدَين قاسم سليماني وأبو مهدي المهندس ورفاقهما، أمس الأربعاء، أكّد السيد نصر الله للإسرائيليين أن عليهم انتظار الردّ، وتحدّث عن جنرال إسرائيلي قال إنه حذّر نتنياهو مرّتين من شنّ حرب على لبنان؛ لأنّ هذا سيؤدّي إلى تدمير منطقة “غوش دان”، مذكّراً بإيجاز بأهمية “غوش دان” كبقعة جغرافية يجتمع فيها “ثلاثة أرباع إسرائيل”!
كلمات قليلة كانت كافية لإحياء الرعب في قلوب الإسرائيليين من سيناريو “تدمير غوش دان” المتداول أصلاً، فهذا التهديد لا يرد للمرّة الأولى على لسان السيد نصر الله، ونصيحة الجنرال الإسرائيلي لم تأتِ من فراغ، بل استندت إلى تهديدات أطلقها السيد نصر الله في وقت سابق، ويدرك الجنرالات مدى قدرة المقاومة عملانياً على تنفيذها.
وقد جاء ذكر “غوش دان” أول مرّةٍ في خطابٍ للسيد نصر الله، من دون أن يسمّيها، حين ردّ في ذكرى الشهداء القادة في شباط/ فبراير 2010، على التهديد بـ “عقيدة الضاحية”، بالتهديد باستهداف “تل أبيب”، موضحاً أن “ضرب تل أبيب” لا يعني “تفخيت حيطان” كما قد يظن الاحتلال بل تهجير مستوطنيها، وملمحاً إلى “تجمع سكاني إسرائيلي كبير جداً في شريط يضمّ أيضاً مصافي النفط والمصانع الكبرى والمؤسسات الحكومية وكل شيء”!
قبل ذلك بأشهر، وتحديداً في الرابع عشر من آب/أغسطس 2009 كان السيد نصر الله قد أطلق معادلته الشهيرة التي كان لها الدور الأبرز في تكريس ردع استراتيجيّ امتدّ أعواماً طويلة، حين توجّه إلى الإسرائيليين بالقول: “إذا قصفتم بيروت أو الضاحية الجنوبية فسنقصف تل أبيب”!
وتكرّر هذا التهديد على لسان السيد نصر الله في مناسبات مختلفة، لم يكن آخرها المقابلة التي أجراها معه رئيس مجلس إدارة قناة الميادين في تموز/ يوليو 2022، بمناسبة ذكرى الأربعين ربيعاً من عمر المقاومة الإسلامية، حين ذكّر السيّد نصر الله بأنّ الإسرائيلي “أدرك بعد عدوان تموز أنّ المواجهة مع المقاومة في لبنان هي مواجهة خطيرة وكبيرة، وأنّ قُدرات المقاومة أصبحت تتجاوز المواجهة على الشريط الحدودي أو المستعمرات بعمق عشرين كيلومتراً أو أربعين كيلومتراً، وإنّما تمتد إلى الشمال وإلى الوسط”.
وإذا كانت صواريخ المقاومة الدقيقة قادرة على الوصول إلى هذه المديات البعيدة منذ ذلك الحين، فإنّ مرور السنوات كان يحمل تطوراً إضافياً ونوعياً في القدرة التدميرية لهذه الصواريخ، وصولاً إلى تكريس قناعة لدى الإسرائيليين أن تدمير “غوش دان” رهن بلحظة انطلاق المنازلة الكبرى، فما هي “غوش دان”، ومن أين تأتي أهميتها الاستثنائية بحيث يؤثر استهدافها إلى هذا الحدّ في مسار أي حرب مقبلة؟
“غوش دان.. قلب إسرائيل النابض”
هناك أكثر من تعريف لمنطقة “غوش دان”، وتختلف هذه التعريفات من حيث الاتساع، والتعريف الأكثر شيوعاً يشمل المنطقة الجغرافية الممتدّة من “نتانيا” في الشمال إلى أسدود في الشمال بطول 90 كلم، ومن البحر غرباً إلى مدينة “أريئيل” في الشرق بعرض 20 كلم، بمساحة إجمالية تبلغ 1500 كلم2، يتجاوز عدد سكانها 4 ملايين نسمة (أكثر من 90% منهم يهود). يتوزّع هؤلاء بشكل أساسي على مدن “تل أبيب وريشون ليتسيون وبيتح تكفا وأسدود ونتانيا وبني براك”، فضلاً عن عدد من المدن الأخرى، وما يزيد على 300 مستوطنة، وتتجاوز نسبتهم 45% من السكان في كيان الاحتلال، ويعود سبب هذا التركيز الديموغرافي إلى حالات نزوح سابقة من مناطق الخطر القريبة من الحدود مع لبنان ومع قطاع غزة إلى “غوش دان” بوصفها بعيدة (آنذاك) عن دائرة الاستهداف، بُعدُها المفترض هذا جعلها أقل تجهيزاً بوسائل الحماية من ملاجئ وخلافه. ومع بدء ملحمة “طوفان الأقصى” تجدّد النزوح إلى “غوش دان” من محيط غزة ومن شمال الكيان ليزداد الاكتظاظ السكاني فيها.
وتعدّ “غوش دان” درّة تاج الاقتصاد في الكيان، فهي تضمّ مركز البورصة وتجمُّع الاستثمارات والمصارف والشركات الضخمة للتكنولوجيا، وهي بالتالي العصب المالي الأساسي لـ”إسرائيل”، والإدارة الاقتصادية، ومركز التواصل مع العالم. وفيها تتركّز معظم المؤسسات الحكومية والمباني الوزارية و”مطار بن غوريون” ومركز محطات القطار الداخلي.
الغباء الاستراتيجي و”طوفان النار”
تشير التقديرات الأخيرة في المؤسسة الأمنية والعسكرية في “إسرائيل” إلى امتلاك حزب الله ترسانة من الصواريخ الدقيقة المتعدّدة المديات تبدأ من الكاتيوشا بعيدة المدى (20 – 38 كلم)، إلى فجر 5 (45 – 72 كلم)، وB-302 (110 كلم)، وزلزال 2 (210 كلم)، وM-600 (250 كلم)، وصولاً إلى سكاد دي (700 كلم). بينما لا تتجاوز المسافة بين الحدود اللبنانية الجنوبية وبين أقصى “غوش دان” جنوباً أي “أسدود” 170 كلم، ما يعني أن هذه الصواريخ تصل إلى “غوش دان”، بل تغطي كامل مساحة الكيان، وهو ما سبق أن أشار إليه السيد نصر الله في أكثر من مناسبة.
هذا الواقع يدركه ويعلم مآلاته كثيرون في كيان الاحتلال، وقد أشار أحدهم، وهو الخبير والمحلل العسكري الإسرائيلي أوري بار يوسف، في مقالةٍ له نشرتها صحيفة “هآرتس”، ردّ فيها على تصريحات وزير الثقافة والرياضة ميكي زوهار حول توجيه ضربة استباقية إلى حزب الله لتحييد قدراته الباليستية، بقوله إنّ الأمر غير مجدٍ، ووصل إلى حدّ وصف صاحبه بالغباء الاستراتيجي، معتبراً اقتراحاً كهذا من شأنه، في ظروف أخرى، أن يتحوّل إلى نكتة، وأنّ ضربة إسرائيلية استهلالية لمخازن السلاح الباليستي لن تجلب الخلاص، بل ستؤدّي إلى تدمير أجزاء كبيرة من “إسرائيل”، ولن يمكن مفاجأة “حزب الله” لأنّه يعلم جيداً باحتمالات ضربة إسرائيلية، وقد قام بالتأكيد بكل ما هو مطلوب لإفشالها، فبحسب أوري بار يوسف، “أهمية صواريخ الحزب التي تصل إلى غوش دان وجنوبها والتي يبلغ عددها عشرات الآلاف، ويوازي مجموعها قوة القنبلة الذرية التي ألقيَت على هيروشيما، تكمن في توزّعها على مواقع مختلفة في لبنان، وهي في معظمها تحت الأرض. وإذا كانت لدى إسرائيل معلومات استخبارية جيدة عن مكان وجودها، فمن الأفضل التشكيك فيها، في ضوء تجربة الماضي”.
وفي مقالة أخرى، يؤكد بار يوسف أنّ الصواريخ التي ستطلق على الكيان لن تصيب فقط مستوطنات غلاف غزة أو الجليل، بل ستصيب أيضاً بصورة أساسيّة منطقة “الخضيرة”، وخصوصاً “تل أبيب”، وأنّ الدمار الذي سيلحق بالمدن سيكون هائلاً، والخسائر البشريّة ستصل إلى الآلاف، كما ستتضرّر البنى التحتيّة للكهرباء والمياه والاتصالات والغاز.
وبالعودة إلى تقديرات المؤسسة الأمنية والعسكرية في كيان الاحتلال، فقد أشارت مؤخراً إلى أنّه في يومٍ واحدٍ من القتال مع حزب الله، ستضطرّ “إسرائيل” إلى التعامل مع إطلاق آلاف القذائف الصاروخية ضدّها، حيث ستُطلَق نحو “إسرائيل” في الأيام الأولى من الحرب نحو 6000 قذيفة صاروخية، و”سينخفض العدد لاحقاً خلال أيام الحرب إلى 1500 – 2000 في اليوم”. ويعتقد خبراء الأمن في كيان الاحتلال أنه ستكون هناك نحو 1500 إصابة مصنّفة “فعّالة” في كل يوم في كيان الاحتلال، وهذا بعد احتساب الصواريخ التي ستسقط في مناطق مفتوحة، واعتراضات القبة الحديدية، التي يرى الخبراء أنّ فرص نجاحها ضعيفة في تحقيق نسب اعتراض مرتفعة.
هذا الواقع كفيل بتقديم صورة أكثر وضوحاً حول أبعاد المنازلة الكبرى ومآلاتها، بعيداً من التصريحات الشعبوية لنتنياهو وبعض وزرائه وكبار ضباط “الجيش” في كيان الاحتلال، والتي تحاول تعويض تآكل الردع بالنبرة العالية، من دون أن يملك أحد منهم استراتيجية فعالة لمواجهة “طوفان من نار” ينتظر “غوش دان”، درّة التاج في كيانهم، عند ارتكابهم أي حماقة كبرى في التعامل مع الجبهة الشماليّة مستقبلاً.
المصدر: يمانيون
كلمات دلالية: فی کیان الاحتلال السید نصر الله حزب الله غوش دان تل أبیب
إقرأ أيضاً:
مهد التأسيس وصناعة الأمجاد.. كيف أصبحت الدرعية نواة الدولة السعودية الأولى؟
سادت حالةٌ من الاستقرار في منطقة وسط الجزيرة العربية حينما قدمت قبيلة بني حنيفة من الحجاز وحلت في المنطقة على ضفاف وادي حنيفة بقيادة عبيد بن ثعلبة، الذي اختار حجر اليمامة مستقرًا له وعشيرته نحو عام 430 م، ثم ازدهرت "حجر" لتكون أعظم مدن اليمامة ويتزعّمها ملك اليمامة في عصره: ثمامة بن أثال الحنفي صاحب القصة الشهيرة مع النبي محمد - صلى الله عليه وسلم -.
وتعاقبت الأحداث على وسط الجزيرة العربية وعاشت أزمانًا من الإهمال والفرقة والانقسام حتى تأسست الدرعية على يدي الأمير مانع بن ربيعة المريدي عام 850هـ / 1446م، الجد الثاني عشر للملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن الفيصل آل سعود - رحمه الله - والجد الثالث عشر لخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، والجد الرابع عشر لصاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز آل سعود ولي العهد رئيس مجلس الوزراء -حفظهما الله -.
أخبار متعلقة مشاعر الفخر والاعتزاز تتجسد في احتفاء السعوديين بيوم التأسيسإطفاء آلي وإنذار صوتي.. اشتراطات جديدة لمنشآت الرعاية البيطريةوكان تأسيس الدرعية بمثابة نقطة تحول سياسية بتطبيقها لنظرية دولة المدينة التي تفردت بها الدرعية دون غيرها من المدن والبلدات، في حين كان لدولة المدينة تاريخ عريق في منطقة شبه الجزيرة حيث كانت يثرب في بداية هجرة الرسول محمد - صلى الله عليه وسلم - إليها مثالًا واضحًا لدولة المدينة.
عهد الإمام محمد بن سعود
وفي عهد الإمام محمد بن سعود تأسست الدولة السعودية الأولى عام 1139هـ /1727م وعاصمتها الدرعية واستمرت حتى عام 1233هـ / 1818م، وامتدادًا للدولة السعودية الأولى وبعد انتهائها، تأسست الدولة السعودية الثانية على يدي الإمام تركي بن عبدالله بن محمد بن سعود من 1240 - 1309 هـ حتى 1824 - 1891 م، وصولًا إلى تأسيس المملكة العربية السعودية على يد الملك عبدالعزيز الفيصل آل سعود - رحمهم الله جميعًا - عام 1319هـ / 1902م، التي تشهد اليوم تطورات واسعة في عهد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، بمساندة عضده صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز آل سعود ولي العهد رئيس مجلس الوزراء -حفظهما الله-.
.article-img-ratio{ display:block;padding-bottom: 67%;position:relative; overflow: hidden;height:0px; } .article-img-ratio img{ object-fit: contain; object-position: center; position: absolute; height: 100% !important;padding:0px; margin: auto; width: 100%; } الإمام محمد بن سعود - أرشيفية اليوم
وهذا التاريخ العميق استحق أن يَسْتَذكِر تفاصيله أبناء المملكة العربية السعودية إذ يُعبر عن تاريخ دولتنا العريق والممتد من 3 قرون، لذلك صدر الأمر الملكي الكريم بتاريخ 24 جمادى الآخرة 1443هـ الموافق 27 يناير 2022م بأن يكون يوم 22 فبراير من كل عام يومًا لذكرى تأسيس الدولة السعودية باسم (يوم التأسيس).
وشكّلت المملكة على مدار تاريخها ثقلًا سياسيًا في المنطقة مستفيدة من موقعها الجغرافي المميز وحكمة قادتها حتى جعلت منها نقطة توازن إقليميًا وعلى مستوى منطقة الشرق الأوسط، بينما أكدت المنعطفات التاريخية التي مرت بها الدولة السعودية مدى ما يربط أبناء المملكة وأشقاءهم في دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية من علاقات عميقة امتدت قرونًا عديدة وتجذّرت على مدار السنوات، وما نراه اليوم هو نتاج لما أصّله الآباء والأجداد.
وفيما يتعلق بتحديد تاريخ يوم التأسيس، فقد استنتج المؤرخون هذا التاريخ بناءً على عدد من الأحداث التاريخية التي حدثت خلال تلك الفترة قبل وبعد تولي الإمام محمد بن سعود الحكم في الدرعية عام 1139هـ / 22 فبراير 1727م، كما شهدت الدولة منذ بداية عهده العديد من الأعمال والإنجازات من أبرزها: تأسيس الدولة السعودية الأولى، وتوحيد شطري الدرعية وتقويتها لتكون عاصمة للدولة، والاهتمام بالأمور الداخلية وتقوية مجتمع الدرعية وتوحيد أفراده.
كما شهدت الدولة السعودية الأولى تنظيم الموارد الاقتصادية، والتفكير في المستقبل، وتم كذلك في هذا العهد، بناء حي جديد في سمحان وهو حي الطرفية والانتقال إليه بعد أن كان حي غصيبة هو مركز الحكم لفترة طويلة.
ويمثّل يوم التأسيس مناسبة وطنية عزيزة تبيّن مدى رسوخ وثبات مؤسسة الحكم ونظام الدولة السعودية لنحو ثلاثة قرون، فمنذ تأسيس الدولة السعودية الأولى في عهد الإمام محمد بن سعود وهي تقوم على مبادئ الإسلام الصحيحة، والحكم الرشيد، والتنمية المستمرة للبلاد، وتعزيز مكانتها محليًا وإقليميًا وعالميًا، وكانت خدمة الحرمين الشريفين وضيوف الرحمن أولوية قصوى لأئمة الدولة السعودية وتوارثها ملوك المملكة وصولًا إلى خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود - رعاه الله -.
وتوالت الإنجازات في عهد هذه الدولة ومنها: نشر الاستقرار في الدولة التي شهدت استقرارًا كبيرًا وازدهارًا في مجالات متنوعة، والاستقلال السياسي وعدم الخضوع لأي نفوذ في المنطقة أو خارجها، ومساندة البلدات المجاورة لتعزيز الاستقرار.
حكم الأمير مانع المريدي
وعودة إلى مرآة تاريخ الدولة السعودية "الدرعية"، فقد حكم الأمير مانع المريدي وأبناؤه وأحفاده الدرعية التي أصبحت مركزًا حضاريًا، تميّزت بموقعها الجغرافي في كونها مركز طرق تجارية بين شمال وجنوب الجزيرة العربية، مما أسهمت في تعزيز حركة التجارة فيها وفي المناطق المجاورة.
وخلال عهد الإمام محمد بن سعود ومن بعده من الأئمة، أصبحت مدينة الدرعية عاصمة لدولة مترامية الأطراف، ومصدر جذب اقتصادي واجتماعي وفكري وثقافي، وتحتضن على ترابها معالم أثرية عريقة مثل: حي غصيبة التاريخي، ومنطقة سمحان، و"حي الطريف" الذي وُصف أنه من أكبر الأحياء الطينية في العالم، وتم تسجيله في قائمة التراث الإنساني في منظمة اليونسكو، ومنطقة البجيري ووادي حنيفة في الدرعية، إضافة إلى أن النظام المالي للدولة، الذي وصف أنه من الأنظمة المتميزة من حيث الموازنة بين الموارد والمصروفات. .article-img-ratio{ display:block;padding-bottom: 67%;position:relative; overflow: hidden;height:0px; } .article-img-ratio img{ object-fit: contain; object-position: center; position: absolute; height: 100% !important;padding:0px; margin: auto; width: 100%; } منذ فجر التأسيس.. دور ملهم لأئمة الدولة السعودية في بناء هوية المملكة
الدرعية وجهة العلماء
ولقد هاجر كثير من العلماء إلى الدرعية من أجل تلقي التعليم والتأليف الذي كان سائدًا في وقتها مما أدى إلى ظهور مدرسة جديدة في الخط والنسخ، وبعد انتهاء الدولة السعودية الأولى استطاع الإمام تركي بن عبدالله بن محمد بن سعود تأسيس الدولة السعودية الثانية وعاصمتها الرياض عام 1240هـ/ 1824م بعد سبع سنوات من العمل والكفاح، والتفت الناس حوله والأسرة المالكة من جديد.
وتمكّن الإمام تركي من توحيد معظم أجزاء شبه الجزيرة العربية في مدة قصيرة مستمرًا على المنهج الرصين الذي قامت عليه الدولة السعودية الأولى وهو حفظ الأمن والتعليم والعدل والقضاء على الفرقة والتناحر، وظلت الدولة تحكم المنطقة حتى عام 1309هــ 1891م. .article-img-ratio{ display:block;padding-bottom: 67%;position:relative; overflow: hidden;height:0px; } .article-img-ratio img{ object-fit: contain; object-position: center; position: absolute; height: 100% !important;padding:0px; margin: auto; width: 100%; } الكتاتيب في الدولة السعودية الأولى
استرداد الرياض وبدء الوحدة
وبعد فراغ سياسي وفوضى في وسط شبه الجزيرة العربية استمر قرابة عشر سنوات، بدأ الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن الفيصل آل سعود - رحمه الله - في الخامس من شهر شوال عام 1319هـ- الخامس عشر من يناير 1902م مسيرة توحيد الدولة السعودية بعد أن استرد مدينة الرياض ليبدأ صفحة جديدة من صفحات التاريخ السعودي، ويضع لبنةً من لبنات الوحدة والاستقرار والنماء تحت راية (لا إله إلا الله محمد رسول الله).
وفي السابع عشر من شهر جمادى الأولى عام 1351هـ الموافق 23 سبتمبر 1932م أعلن الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن الفيصل آل سعود - رحمه الله - توحيد المملكة العربية السعودية بعد أحداث تاريخية استمرت 30 عامًا.
واستمر أبناؤه الملوك - رحمهم الله - من بعده على نهجه في تعزيز لبنات البناء والاستقرار والتنمية حتى عهد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود وسمو ولي عهده الأمين - حفظهما الله - حيث تشهد المملكة في هذا العهد الميمون المزيد من التطور والنهضة في ظل الرؤية الطموحة رؤية المملكة 2030.