عين ليبيا:
2024-12-23@14:21:40 GMT

استراحة على هامش زمن عَصِيب

تاريخ النشر: 5th, January 2024 GMT

إذا ما تخطّينا مدن الساحل الغربي بليبيا، والتي لا أعرف عنها الكثير، استطيع القول بأنه يوجد بين دفتي سردية المأثور االشعبي الليبي ما يقول (الدم غاطي العيب)، وفي تقديري بأن الفضاء الديمغرافي الثقافي الذي يستوطن جغرافية شرق وجنوب المتوسط، والذي يعتبر الوعاء الجغرافي الليبي أحد مفرداته الطبيعية، قد صاغة قريحته أثناء صراعها وتدافعها وعراكها مع صروف الدهر، ما يُحاكي ويُجاري في المعنى والمضمون ما جاء في سردية المأثور الشعبي الليبي القائل (الدم غاطي العيب).

وفي العادة يُستدع هذا (القول المأثور) للحضور والتداول على الألسن وفي الأفواه، داخل مجالس الصلح بغرض فض النزاع والاشتباك والعراك بين أطراف متخاصمة انتقل في ما بينها إلى صدام عنيف مُخلفا ورائه آثار لمفاجأة ملطّخة بدم وجروح مع ضرر كبير، وغالبا ما ينهض الحدث المفاجئ الدامي، نتيجة تحرك واندفاع  الطرف المبادر للعراك، نحو ساحة الصدام، بغرض رد اعتبار أو مهانة أو حيف وظلم  يُرّهق وجّدانه.

فقول (الدم غاطي العيب) عندما يُستدعى للحضور في هذه الظروف العصيبة، ويستخدم كفاتحة للحديث داخل مجالس الصلح وحل النزاع، قد يظهر وكأنه مُحملا بلوم وبإدانة لهذا الطرف المبادر بالصدام، ولكن مفردة (العيب) التي جاءت آخر الكلمات الثلاث الحاملة لمضمون القول المأثور، أتت لتُظهر وتخط وترّسم أبعاد الصورة الكاملة للمشهد العصيب دونما اجتزاء، مند لحظة ولادته ابتدائنا في الماضي، الذي قد يكون بعيدا، إلى معايشة لحظته الدامية في الحاضر، لنسّتنتج بأن فعل الاستدعاء (للمأثور) إلى داخل مجالس الصلح، جاء بغرض تطّيب خاطر الطرف المكّلوم الملطخ وجهه بدم، وكتوطئة نفّسية، في اتجاه فتح باب  لتواصل أقل توثر وتشنج مع الطرفين الخصمين.

كنت أحاول القول، بأن هذه الجغرافية الديمغرافية الثقافية التي تستوّطن الفضاء الجغرافي لجنوب وشرق المتوسط، عندما تتعكر وتتعثر مسيرة الحياة بفضائه المكاني، بطارئ عصيب، كوارث طبيعية، حروب، جوائح إلخ.. يقوم هذا الفضاء الديمغرافي الثقافي وعلى نحو تلقائي، باستلهام *مرّجعيته المعنوية الضابطة بمحدِداتها لسلوكه ومواقفه وتفاعله مع محيطه الاجتماعي عند الأزمات وخارجها، ليستخلص من سرديتها المناسب والمقبول، الذي يتخذ منه أداة ووسيلة يُشاغل ويعالج بها الطارئ العصيب العارض لمسيرته، كي يفسح به السبيل أمام الحياة لتستمر وتتقدم بأقل قدر من المنغصات.

كنت أحاول القول، بأن هذا الفضاء الديمغرافي الثقافي لجغرافية شرق وجنوب المتوسط، ليس جديد عهد بالحياة، فقد عاش في رحابها  قرون طويلة من الزمان، أنتج خلالها حضارات، وعايش في كنفها حضارات أخرى، بل وقد اتخذت الديانات الثلاث الكبرى في التاريخ من فضاءه الحيوي دون سواه مهد وحاضنة لها، بمعنى أن الحياة قد عَرَكتْ هذا الفضاء الديمغرافي، وحفرت في وجّدانه مُحدِداتها الإنسانية، التي صبغت في العموم تعاطيه وتفاعله مع الآخر الشريك في رحاب الحياة الواسع، فجُبل في تعاطيه وتفاعله مع صُروف الحياة، بأن يكون محّكوم بمحتوى وعائه الوجداني، حتى وإن خدلته وقصّرت قدراته التعبيرية لفظا وسلوكا، فأظهرته بعكس ذلك.

كنت أحاول الوصول بالقول، من خلال ما تقدم، بأن ما يحدث من صراع ما بين الفلسطينيون والصهاينة على أرض قطاع غزة، يجب في تقديرى ألا يتخطى أو يغفل، كل ممن ينّبري لمحاولة احتواء الصراع  ومن ثم تفكيكه، عن كل ما جاء في السطور أعلاه، لأنه لا سواه ولا غيره – في تقديري – مَن شكّل يُشكّل المُحدِد الطبيعي الذي لا تستسيغ تخطية وتجازوه ذائقة الوجدان الفلسطيني الذي يعتبر أحد مفردات الفضاء الديمغرافي الثقافي لجغرافية شرق وجنوب المتوسط.

فمثلا، عندما يأتي من حشّد البوارج الحربية مع حاملات الطائرات والغواصات ويتمركز على أطراف منطقة الصراع، ويعلن صراحة لوّمه وإدانته للطرف الفلسطيني، ويتخذ من موقفه هذا، ليس خطوة في اتجاه الجلوس مع الطرفيين في محاولة لاحتواء الصراع ومن ثم تفكيكه، بل يذهب بموقفه هذا ليستخدمه كذريعة للدعم المعنوي والمادي اللامحدود بجميع وجوهه للطرف الصهيوني لإبقاء جدوة الحرب والدمار مشتعلة، هنا – في تقديري – لا يجب أن ينّتظر من يقوم بهذا الفعل، بعد خدش واستفزاز الوجدان الفلسطيني الذي يضبط ويحّكم سلوك هذا المنكوب وامتداداته، استجابة إيجابية مُنّتجة في التعاطي مع حيثيات صراعه مع الآخر الصهيوني.

بل في تقديري، بأن فعل متحّيز كهذا، ليس من غير الطبيعي بألا ينتهي وبصاحبه إلى مفاجأة صاعقة، قد تتمثل في ظهور شخصية أسطورية تُحاكي أفعال ودور فرنكشتاين على مسرح  الوجود، على الواقع الطبيعي الذي نعيشه ونُعايشه، على المحسوس الملموس منه، فهذه الأسطورية لا تحتاج لغير هذه الأفعال والمواقف المُتحيزة اللامسؤولة، كي تسّري الحياة والحركة في أوّصالها، لتنهض كالفنيق من تحت أنقاض الخراب والدمار الذى لحِق بالجغرافية الفلسطينية وامتداداتها، لتقوم بدورها المقدّس على اتساع جغرافية هذا العالم  البائس، وعندها تكون الفأس قد وقعت في الرأس، وعندها يكون قد فات الأوان، وعندها لا تنفع لومة لائم.

الآراء والوقائع والمحتوى المطروح هنا يعكس المؤلف فقط لا غير. عين ليبيا لا تتحمل أي مسؤولية.

المصدر: عين ليبيا

إقرأ أيضاً:

6 لقطات على هامش الرياضة في 2024

كان عام 2024 حافلاً بالأحداث الرياضية الرائعة حيث انشغلت وسائل الإعلام بالحديث كثيراً عن الفائزين وحتى الخاسرين. لكن كان هناك أيضاً مواقف في الأحداث الرياضية لم تكن كلها عن الرياضة، مثل:

- سوبر سويفت -
صحيح أن الفوز بلقب دوري كرة القدم الأمريكية (أن أف أل) للمرة الثالثة في خمسة أعوام إنجاز هائل يستحق الحديث عنه مطولاً، لكن للحظات بدا أن مباراة السوبر بول التي حسمها كانساس سوبر تشيفس على حساب سان فرانسيسكو فورتي ناينرز 25-22 بعد شوط إضافي، في المرتبة الثانية من حيث الأهمية بعدما خطفت نجمة البوب تايلور سويفت الأضواء في المدرجات، بحضورها اللقاء من أجل تشجيع صديقها ترافيس كيلسي الذي لم يخيب آمالها على أرض الملعب ونال اللقب.
كانت النجمة تؤدي في طوكيو في الليلة السابقة، لكنها استقلت طائرة خاصة لحضور المباراة وأضفت على تلك الأمسية في لاس فيغاس المزيد من التوهج والتلألؤ.
وفي إحدى اللحظات، أشعلت حماس الجمهور خلال تسليط الكاميرا عليها باحتسائها كوبا من الجعة في غضون 6.6 ثانية.
قال كيلسي بعد المباراة "شكرا لك على قطع نصف الكرة الأرضية. أنت الأفضل يا حبيبتي. الأفضل على الإطلاق".
بعد بضعة أيام، تبرعت سويفت بمبلغ 100 ألف دولار لدعم عائلة امرأة قُتلت في إطلاق نار جماعي، خلال موكب انتصار فريق تشيفس بالسوبر بول.
- رجل مؤثر -
أثار نادي ديبورتيفو رييسترا الأرجنتيني من الدرجة الأولى غضب مجتمع كرة القدم في البلاد بعد اختيار مؤثر ليس لديه خبرة كروية في تشكيلته.
اختار رييسترا مؤثراً معروفاً باسم "سبرين" لديه حوالي 15 مليون متابع على وسائل التواصل الاجتماعي، للعب في مباراته ضد فيليس سارسفيلد المتصدر، قبل استبدال ابن الـ24 عاماً بعد 78 ثانية فقط من دون أن يلمس الكرة.
تسبب اختياره في ردود فعل عنيفة حيث قال الدولي الأرجنتيني السابق خوان سيباستيان فيرون إن ما قام به النادي أظهر "قلة احترام تامة لكرة القدم ولاعبي كرة القدم"، لكنه حقق ما كان يبتغيه النادي، إذ استقطب ظهور "سبرين"، الاسم المستعار للمؤثر الأرجنتيني إيفان بوهاخيروك، 3.4 مليون مشاهدة، مقارنة بعدة آلاف فقط لمباراة عادية في الدوري الأرجنتيني.
- الموت ليس عذراً -
عندما وصل خبراء كشف المنشطات إلى مقر تمارين المنتخب النروجي لكرة القدم، كان لديهم قائمة باسماء اللاعبين الذين سيخضعون للاختبار، مثل إرلينغ هالاند (مانشستر سيتي الإنجليزي) وأنتونيو نوسا (لايبزيغ الألماني)، بالإضافة إلى.. إينار غوندرسن ويورغن يوفي.
غوندرسن ويوفي من أساطير الكرة النروجية، لكن كلاهما مات منذ عقود. سجل يوفي الهدف الذي أسقط ألمانيا أمام أدولف هتلر عام 1936.
اعتقد المدرب ستالي سولباكن أن ما حصل كان مقلبا، متسائلاً "هل هذه كاميرا خفية أم ماذا؟".
عجزت وكالة مكافحة المنشطات النروجية عن شرح هذا الخطأ وقال متحدث باسمها "من الصعب تفسير ما حدث".
- بألوان فريقين في المباراة نفسها -
صنع لاعب البيسبول داني جانسن التاريخ في البيسبول الأمريكي حين بات أول لاعب يدافع عن ألوان فريقين.. في المباراة نفسها.
حصل هذا الحدث غير المسبوق مع اللاعب البالغ 29 عاماً نتيجة توقف مباراة فريقه تورونتو بلو دجايز مع بوسطن ريد سوكس.
بدأت المباراة في 26 يونيو (حزيران) مع جانسن في منتصف ضربة لصالح تورونتو، لكن الأمطار تدخلت لتتسبب بتوقف اللقاء في الشوط الثاني.
بعد شهر، انتقل جانسن إلى ريد سوكس وعندما استؤنفت المباراة في "فينواي بارك" في أغسطس (آب)، كان في الملعب في مواجهة فريقه السابق.
قال "الجميع يواصلون القول إن التاريخ يُصنع. إنه أمر غريب جدا. لم أتخيل نفسي أبدا في موقف على أنه تاريخي".
- كستناء من حديد -
ضربت فضيحة بطولة العالم للـ"كونكرز" في المملكة المتحدة، وهي لعبة تقليدية في الجزر البريطانية يتم لعبها باستخدام حبوب أشجار القندلي أو ما يعرف بكستناء الحصان، عندما اتُهم بطل الرجال "كينغ كونكر" بالغش بعدما وجد في جيبه كستناء من حديد.
وتتمحور اللعبة حول مواجهة بين لاعبين، كل منهما مع حبة كستناء الحصان مربوطة بخيط ويقوم كل واحد بضرب الكستناء الخاصة بمنافسه حتى تنكسر، فيفوز بالمباراة.
وقال ديفيد جاكينز، البالغ من العمر 82 عاماً والذي يتنافس في هذه اللعبة منذ عام 1977، إنه احتفظ بكستناء فولاذية معه "لإضفاء روح الدعابة".
لكن منافسه المهزوم اتهمه بتبديل حبة الكستناء الحقيقية بأخرى مجدداً. بعد التحقيق، برأ المنظمون جاكينز وسمحوا له الاحتفاظ بتاجه، لكنه هزم في المواجهة على اللقب العام الذي يجمع الرجال بالسيدات من قبل "كوين كونكر"، ابنة الـ34 عاماً التي تنحدر من إنديانابوليس في ولاية إنديانا الأميركية واسمها الحقيقي كيلسي بانشباش.
- طاقة الشمس -
تُرفَع القبعات لفريق من الطلاب والمهندسين البلجيكيين الذين فازوا بسباق سيارات تعمل بالطاقة الشمسية في جنوب أفريقيا والذي يُعتبر على نطاق واسع الأكثر تحدياً في اختبارات التكنولوجيا.
تنافس أكثر من 12 فريقاً في السباق الذي استمر ثمانية أيام وامتد لمسافة 4 آلاف كيلومترات من شمال شرق البلاد إلى كايب تاون، في ظروف مناخية وارتفاعات مختلفة بين منطقة وأخرى ما زاد من صعوبة مهمة المصممين.
وقال منظمو "تحدي ساسول للطاقة الشمسية" إن "فريق إنوبتوس حقق الفوز بعد تحطيم رقمه القياسي ليس مرة واحدة، بل مرتين خلال المنافسة".
كانت سيارة إنوبتوس بسطح منبسط مزين بألواح كهروضوئية وباللون الأبيض، مع مقعد سائق ضيق يحمل لوحة أرقام "صن 08".

مقالات مشابهة

  • جدول امتحانات الصف الثاني الإعدادي الترم الأول 2025 عام وأزهري بالفيوم
  • 6 لقطات على هامش الرياضة في 2024
  • Canoo تضع موظفيها في "استراحة إلزامية غير مدفوعة الأجر"
  • انحسار الغطاء الجليدي بالقطب الشمالي يثير فزع العلماء
  • اكتشاف أكبر خزان مائي في الكون يكفي لملء محيطات الأرض.. أين مكانه؟
  • الإبداع يتجلى في تفاصيل الحياة| بين الطقوس والفنون.. جوانب أخرى من الإرث الثقافي السوري
  • أضخم ثقب أسود في مجرة درب التبانة.. نقطة اللا عودة
  • ماذا يحدث للإنسان إن مات في الفضاء؟
  • خلال أيام.. ناسا تحذر من كويكب ضخم يمر بالقرب من الأرض
  • «مخيم الفضاء الشتوي» ينطلق الاثنين المقبل