تتسبّب الأوبئة فى زعزعة استقرار المجتمعات، بسبب عدد الوفيات الكبير الذى ينتج عنها، وحالة الفزع التى تتسبّب فيها، بالإضافة إلى الخسائر الاقتصادية الضخمة التى تخلفها، وحسب البنك الدولى، فإن الأوبئة تكلف الاقتصاد العالمى سنوياً أكثر من 570 مليار دولار، بما يعادل 0.7 فى المائة من الدخل العالمى.

وتتنوع هذه التكاليف بين تكاليف مباشرة يتحمّلها القطاع الصحى، وأخرى يسبّبها تغيّر سلوك المستهلكين وابتعادهم عن التسوق وممارسة نشاطاتهم الطبيعية، التى تحرك الاقتصاد، إضافة إلى اختلال سلاسل التوريد العالمية مع انخفاض الطلب، وتُعد قطاعات التجارة والسياحة أكثر القطاعات الاقتصادية تضرّراً بسبب الأوبئة.

وحول الحالة المصرية فى ما يخص انتشار الأوبئة، نشر المركز المصرى للفكر والدراسات الاستراتيجية دراسة بعنون «السيطرة على الأوبئة: الحالة المصرية»، للباحثة آلاء نصار، أكدت خلالها أن التخطيط المسبق لحالات الطوارئ الصحية من أهم الخطوات التى من الممكن أن تقوم بها الدول للتنبّؤ بحالات الطوارئ الصحية، التى من الممكن أن تتحول إلى أوبئة، مع محاولة تخفيف تأثيراتها على المواطنين، وذلك عبر خفض معدلات انتشار الفيروس ومعدلات الإصابة به، وبالتالى خفض معدلات الوفيات الناتجة عنه، أى الحد من التأثيرات الاجتماعية والاقتصادية للوباء على المجتمعات.

مصر وضعت أول خطة للتأهب من خلال وزارة الصحة فى عام 2007 لمواجهة وباء الإنفلونزا (H1N1)

وحسب «الدراسة»، تقوم الدول بإعداد خطط التأهب للطوارئ الصحية بهدف تمكين الأفراد والمنشآت الصحية والمؤسسات الوطنية من التعامل مع الأوبئة، وتعمل الخطة على توفير المعلومات الكافية للمهام المطلوبة فى إطار واضح ومنظم، لضمان التنسيق الكامل بين المشاركين بها فى جميع القطاعات، وذلك أثناء تنفيذ الخطة، وتابعت الدراسة: «تم وضع أول خطة للتأهب من قِبل وزارة الصحة والسكان المصرية فى عام ٢٠٠٧، وذلك فى إطار مواجهة وباء الإنفلونزا (H1N1)، الذى تفشى فى عام ٢٠٠٩، وكان بمثابة اختبار حقيقى لجهود خطة التأهب المصرية للطوارئ الصحية، وتسبّب الفيروس فى وفاة 267 شخصاً فى مصر، فيما وصل إجمالى عدد المصابين بالفيروس خلال عامى 2009 - 2010 إلى نحو 16403 أشخاص، كما هو موضح فى الرسم البيانى التالى».

ويتم مراجعة هذه الخطة بشكل دورى لتحديد أوجه القوة والضعف، ولتطويرها بشكل يتلاءم مع التطور الدائم للميكروبات والفيروسات، وفى إطار التقييم المشترك لتطبيق اللوائح الصحية فى دول شرق المتوسط لعام 2018، والذى تنظمه منظمة الصحة العالمية بشكل دورى، حصلت مصر على أعلى تقييم خارجى للقطاعات المتعلقة بالصحة العامة، مقارنة مع دول إقليم شرق المتوسط، مثل جيبوتى، والأردن، والكويت، ولبنان، وعُمان، والإمارات العربية المتحدة، حيث أشادت لجنة الخبراء الدوليين المشاركين فى التقييم بكفاءة النظام المعمول به فى مصر لتطبيق اللوائح الصحية المتفق عليها دولياً فى مجالات مكافحة الأمراض المعدية والتطعيمات وسلامة الغذاء والحجر الصحى والترصد بأى طارئ.

وتمثل عمليات جمع المعلومات والبيانات حجر الزاوية فى نظام الوقاية والمكافحة من الأمراض المعدية والأوبئة، فيتم ترصّد البلاغات الواردة عن مسبّبات الأمراض أو الحالات المصابة بالأمراض المعدية من خلال سلسلة تبليغ تتشارك فيها مستويات مختلفة، بدءاً من الطبيب وحتى الإدارة المسئولة بوزارة الصحة، ويتم إرسال العينات للمعامل المركزية بوزارة الصحة، لتأكيد تشخيص المصابين بالفيروسات، ومشاركة البيانات الخاصة بالفيروسات الجديدة والتسلسلات الجينية للفيروسات المكتشفة مع المعامل الإقليمية لمنظمة الصحة العالمية، والتى توجد فى دول كثيرة، بينها الولايات المتحدة الأمريكية، واليابان، وإنجلترا، وأستراليا.

تعاون جاد بين وحدة الأبحاث الأمريكية «نامرو-3» والمعامل المصرية للتعرّف على السلالات الجديدة من الفيروسات

وحسب الدراسة، هناك تعاون بين وحدة الأبحاث الأمريكية «النامرو-3» والمعامل المركزية المصرية لضمان التعرّف المبكر على السلالات الجديدة من الفيروسات، وتتصل هذه المعامل العالمية بشبكة لمراقبة نشاط الفيروسات، خاصة فيروس الإنفلونزا على مستوى العالم والتبليغ عنها، بهدف اتخاذ إجراءات الوقاية والمكافحة والتخطيط والتنفيذ للبرامج الصحية الوقائية، ولا تكتمل عملية المكافحة للفيروسات إلا بتوفير التغذية الراجعة لتقييم مدى فاعلية الاستجابة للحدث الذى تم رصده فى المراكز المبلغة عن وجود الفيروس.

ويُبين تحليل الأزمة الوبائية الحالية التى تعانى منها الصين أن خطط التأهب وحدها قد لا تكون كافية للتصدى للأوبئة، فهناك عوامل رئيسية إضافية تؤثر على قدرة الأنظمة الصحية فى أى دولة على مواجهة الأوبئة الجديدة أو المستجدة، ويتعلق العامل الأول بنوعية الميكروب المسبّب للمرض، وتأثيراته الصحية، ومدى توافر علاج فعّال للمرض، أما العامل الثانى فيتعلق بالبنية التحتية والموارد المتوافرة لأنظمة الرعاية الصحية، سواء الموارد الطبية أو البشرية أو المادية. وأخيراً يتعلق العامل الثالث بسياسات الدول وشفافيتها فى التعامل مع الأوبئة، ومدى وعى المواطنين بها.

ورغم توافر الموارد البشرية والمادية من خلال المبالغ الضخمة التى رصدتها الحكومة الصينية، بجانب الإجراءات الصارمة التى فرضتها على المواطنين فى سبيل حل هذه الأزمة؛ فإن شراسة الفيروس والتأخر فى توعية المواطنين به أعاقت السيطرة على هذا الوباء، مما يستدعى ضرورة أن يتم تعزيز خطط التأهب الموضوعة من قِبل الدول للتصدى للأزمات الصحية، وتمتّعها بالمزيد من الشفافية والمحاسبة.

المصدر: الوطن

كلمات دلالية: الفيروسات الأوبئة الصحة العالمية

إقرأ أيضاً:

القطاع الصحي بحماة يبدأ خطوات التعافي لتحسين الخدمات الطبية للمواطنين

حماة -سانا

عانى القطاع الصحي بحماة من إجرام النظام البائد الذي استهدف المشافي والمراكز الصحية، ما أدى إلى خروج بعضها من الخدمة في الكثير من المناطق، وأثر سلباً على تقديم الخدمات الصحية للمواطنين.

مدير صحة حماة الدكتور نزيه الغاوي أوضح في تصريح لوكالة سانا أن المديرية أجرت تقييماً شاملاً للأضرار التي لحقت بالقطاع الصحي بالمحافظة، من أجل وضع خطة مناسبة تضمن عودته للعمل بكفاءة عالية، مبيناً أن تشغيل المشافي العامة والمراكز الصحية كانت من أهم الأولويات؛ لأنها تخدم أكبر عدد ممكن من المراجعين.

ولفت الدكتور الغاوي إلى أن وزارة الصحة أرسلت وفداً هندسياً إلى مشفى حلفايا الوطني المدمر، من أجل إعداد دراسة فنية شاملة تتضمن متطلبات إعادة تأهيله وترميمه ليعود للخدمة،  ووضع برنامج وظيفي لتحديد الاختصاصات التي يحتاجها، كما تمت إعادة تأهيل قسمي العناية المشددة والأشعة في مشفى حماة ووضعهما بالخدمة، ويتم حالياً تأهيل وحدة غسيل الكلية في المشفى، لكونها تخدم أعداداً كبيرة من المرضى، مشيراً إلى أنه تم أيضاً إحداث نقاط طبية في مدن وبلدات اللطامنة وكفرزيتا وكفرنبودة وقلعة المضيق بالريف الشمالي، بسبب خروج مراكزها الصحية من الخدمة.

وبين مدير الصحة أن عمل المديرية الحالي يتضمن أيضاً إعادة هيكلة الكوادر الطبية والإدارية، بما يضمن وجود كفاءات وخبرات في مختلف المنشآت الصحية، مؤكداً أن المديرية ستعمل على تدريب وتأهيل الكوادر الصحية.

بدورها أشارت الدكتورة فداء درويش رئيسة دائرة الإحصاء والتخطيط في مديرية الصحة إلى أن خمسة مشاف فقط هي التي تؤدي الخدمات الصحية بالمحافظة حالياً، موزعة بمركز المدينة ومناطق مصياف وسلمية والسقيلبية، وأن عدد المراكز الصحية الخارجة من الخدمة 18مركزاً، معظمها في الريفين الشمالي والشرقي، من أصل 172مركزاً .

مقالات مشابهة

  • القطاع الصحي بحماة يبدأ خطوات التعافي لتحسين الخدمات الطبية للمواطنين
  • الصحة تبحث مع منظمتي uk-med‏ و ‏cadus البريطانيتين سبل دعم ‏القطاع الصحي في سوريا ‏
  • «أبوجناح» يبحث مع العراق سبل تعزيز التعاون الصحي
  • بقيمة 526.2 مليون دولار.. ارتفاع صادرات مصر من الصناعات الهندسية بنسبة 42% خلال شهر يناير 2025
  • مصر تعلن موافقة النقد الدولي على صرف قرض بـ 1.2 مليار دولار
  • 600 مليار دولارٍ سنوياً أموال الزَّكاة على مستوى العالم 85% منها يجمع خلال شهر رمضان
  • خبير اقتصادي:(100) مليار دولار سنوياً معدل الانفاق الحكومي والبلد ما زال يعتمد على بيع النفط
  • القطاع الصحي في تركيا يضرب عن العمل يوم 14 مارس!
  • خسائر سوق العملات المشفرة.. محو أكثر من 130 مليار دولار في يوم واحد
  • خسائر بالمليارات.. الكوارث المناخية تضرب العالم بقوة