مقدّمات نشرات الأخبار المسائية اليوم
تاريخ النشر: 4th, January 2024 GMT
مقدمة نشرة اخبار الـ"ان بي ان"
اللهيب يتنقل على نحو دراماتيكي في عدد من محاور الإقليم فهل تعمل إرادة دولية على إخماد نيرانه أم تؤججها المصالح المتضاربة والأطماع الجشعة؟!
أما أكثر الساحات سخونة فتبقى فلسطين ولا سيما غزة مرورا بلبنان وسوريا والعراق وصولا إلى اليمن وإيران. فبالنسبة للبنان لم يتبدل المشهد الميداني للمواجهات المفتوحة عند الحدود وهو الأمر الذي كان اليوم محور جولة قام بها القائد العام لليونيفيل آرولدو لازارو على الرئيسين نبيه بري ونجيب ميقاتي.
وبحسب مصدر أمني لبناني فإن القصف الذي أدى إلى استشهادهم جرى عبر صواريخ موجهة أطلقتها طائرة حربية إسرائيلية وليس طائرة مسيرة. وبعد يومين على هذا العدوان بدا واضحا أنه كان بمثابة محاولة من العدو للتعويض عن فشل جيشه في تحقيق الأهداف المرسومة في غزة. وفي عز التوتر الحاصل حط الموفد الأميركي آموس هوكشتاين في تل أبيب قبل بيروت للعمل على التهدئة حيث أكد له وزير الحرب الإسرائيلي أن فرص تخفيف التوتر مع لبنان دبلوماسيا ضئيلة كما يبدأ وزير الخارجية الأميركي أنطوني بلينكن مساء اليوم جولة جديدة في الشرق الأوسط يزور خلالها كيان الإحتلال للمرة الرابعة منذ بدء العدوان على غزة. وفي اليوم التسعين للعدوان جدد جيش الإحتلال إرغام المدنيين في وسط القطاع على النزوح نحو الجنوب ومن ثم ارتكاب مجازر بحقهم عبر قصفهم. في المقابل تتركز المعارك بين المقاومة الفلسطينية والقوات الغازية في وسط وجنوب القطاع مقابل تراجع حدتها في الشمال بعد انسحاب العدو من أحياء عدة في غرب مدينة غزة.
هناك في الشمال لا يبدو أن المقاومة في وارد السماح بإعادة تموضع هادئة لقوات الإحتلال. وفي الوقائع الساخنة في الإقليم غارات بطائرات مسيرة يعتقد بأنها أميركية على مقر للحشد الشعبي شرق بغداد ما أدى إلى سقوط ثلاثة شهداء بينهم قيادي من حركة النجباء. وفي إيران حداد رسمي على ضحايا الإعتداء الإرهابي في كرمان. وقد أبرق الرئيس بري إلى السيد علي خامنئي ورئيس مجلس الشورى الإيراني مستنكرا الإعتداء ومؤكدا أن الإرهاب لن يفت من عضد الثورة الإسلامية وشعبها في المضي قدما في مسيرة التقدم والإقتداء. كذلك أكد المكتب السياسي لحركة أمل أنه بالقدر الذي تدين فيه الحركة الجريمة الإرهابية هي واثقة بأن الجمهورية الإسلامية قيادة وشعبا وثورة ماضية في مسيرة التقدم والمنعة.
مقدمة نشرة اخبار الـ"ام تي في"
الى اين تتجه الامور ميدانيا على الحدود اللبنانية- الاسرائيلية ؟ وهل سينجر حزب الله الى التصعيد الذي تريده اسرائيل في الجنوب؟ الواضح ان الوقت بدأ ينفد، وان معظم الأفرقاء امام استحقاقات داهمة. لذلك سيقوم وزير الخارجية الاميركي انتني بلينكن بجولة شرق اوسطية موفدا من الرئيس الاميركي جو بايدن في محاولة لمنع امتداد الحرب من غزة الى دول الاقليم، ومنها لبنان. . فهل سيوفق بلينكن في مسعاه، اي هل يتمكن من حل الصراع مع حزب الله سلميا، كما عبر وزير الدفاع الاسرائيلي، ام ان الكلمة في لبنان ستكون ايضا للميدان؟ بالتوازي موقف حزب الله من استهداف صالح العاروري ورفاقه في قلب الضاحية الجنوبية سيعلنه السيد حسن نصر الله، مبدئيا، غدا، بعدما تجنب في الامس الكشف عن اي موقف تصعيدي عملي وفعلي تجاه اسرائيل. في الاثناء، العمليات العسكرية والتوترات في الجنوب تتصاعد وتتخذ منحى اكثر حدة، فيما القصف الاسرائيلي على غزة يتواصل حاصدا المزيد من الضحايا. البداية من بنك الاهداف الذي حددته اسرائيل لقيادات الصف الاول في حماس. فالعاروري ليس القيادي البارز الوحيد الذي استهدفته اسرائيل في حربهاعلى غزة ، فهناك أسماء اخرى في غزة وسوريا والعراق ولبنان.
مقدمة نشرة اخبار تلفزيون المنار
وصل الى المبتغى فترجل واستراح، نال ما يريد، وستنال الامة بدمائه ودماء إخوانه واهل فلسطين وكل المجاهدين ما يليق بها من نصر مبين..
استراح الشيخ صالح العاروري في التراب الذي احب، الذي يشبه برائحته فلسطين وبلونه عقودا وحكايا من جهاد ابنائها، فسجل اسمه بدمه على لوحة المجد المزروعة عند بوابة روضة الشهداء في شاتيلا التي تختصر عقودا من النضال الفلسطيني وفيها اسماء لكبار القادة الذين مشوا على طريق القدس، وكانوا اول الواصلين..
تشييع مهيب للقائد الحمساوي والمجاهد الفلسطيني الشيخ صالح العاروري ورفاقه الشهداء في بيروت التي كانت اليوم كما حقيقتها، تزف شهداء الامة، وتؤكد ان قلبها لا ينبض الا مقاومة، من الطريق الجديدة الى كل طرقاتها وتاريخ جهادها من الثورة الفلسطينية الى المقاومة اللبنانية..
والى طرقات الضاحية والجنوب والبقاع كانت مواكب شهداء المقاومة الاسلامية تزين الشاشات، وتكتب مع الكاتبين وحدة المسار والمصير لقوى المقاومة والجهاد ضد العدو الصهيوني وسيده الاميركي ..
وقبل ان تشيع كرمان شهداءها الذين مضوا على طريق القدس بتفجير ارهابي، حفر العدو الاميركي على الارض العراقية عدوانا جديدا، مستهدفا القيادي في الحشد الشعبي – من فصيل النجباء – طالب السعيدي، الذي استشهد مع معاونه، واصيب عدد من رفاقهما بجروح..
جراح لن تثني المقاومين في كل الميادين عن قبلة جهادهم فلسطين وعن نصرة غزة واهلها الصابرين، وسيرسمون بدماء الشهداء النصر الذي بدأت معالمه تحفر على رمال غزة وجدران القدس، وتسوء وجه الاحتلال ..
احتلال يضرب فيه الساسة اخماسهم باسداس عسكرهم، ويحللون كلام الامين العام لحزب الله سماحة السيد حسن نصر الله الذي القاه بالامس في ذكرى القائدين الشهيدين سليماني والمهندس، وهندس فيه للميدان مساره وللعدو مصيره المحتوم ، وهم يصدقون الوعيد بان الرد والعقاب على اغتيال القائد الشيخ صالح العاروري ورفاقه آت عما قريب، وان الاسقف التي فتحها الامين العام لحزب الله لصد اي عدوان صهيوني واسع على لبنان، ستقفل افواه وخيارات بعض المتبجحين من قادته ومحلليه.. اما بقية كلام السيد نصر الله فستكون عصر الغد في ذكرى فقيد الجهاد والمقاومة الحاج ابو سليم ياغي في بعلبك..
مقدمة نشرة اخبار الـ"ال بي سي"
يبدو أن هناك مرحلة جديدة، إسرائيلية اميركية، عنوانها الاغتيالات، وساحاتها حتى الآن: لبنان، سوريا، العراق، وتستهدف شخصيات متهمة بأدوار عسكرية وأمنية ضد الأميركيين والإسرائيليين.
اليوم إغتيال المسؤول العسكري لحركة النجباء العراقية، مشتاق السعيدي المعروف ب" ابو تقوى". الأخير متهم بالعمليات ضد القواعد الأميركية في العراق وسوريا، وكان قريبا من أبو مهدي المهندس الذي إغتيل مع قاسم سليماني بغارة أميركية.
أول من أمس إغتيل صالح العاروري، المنسق بين إيران وحماس وحزب الله.
منذ عشرة أيام، إغتيال رضي موسوي أحد قادة الحرس الثوري الإيراني، في دمشق.
ثلاثة قادة كبار، تجمعهم إيران التي تخوض الحرب بالواسطة مع واشنطن وتل أبيب، على أرض لبنان وسوريا والعراق، من دون إستثناء الساحة الرئيسية: غزة. فإلى أين ستصل هذه الحرب؟ وهل ينجح وزير الخارجية الاميركية أنطوني بلينكن في لجم الإنزلاق الكبير؟ الخارجية الأميركية أعلنت ان بلينكن إتفق مع نظيرته الفرنسية كاترين كولونا على أهمية التدابير لمنع توسع النزاع في غزة، بما في ذلك خطوات إيجابية لتهدئة التوترات في الضفة الغربية وتجنب التصعيد في لبنان وإيران.
مقدمة نشرة اخبار تلفزيون الجديد
نقلت إسرائيل المعركة إلى خارج الحدود ضربت فيلق القدس باستهداف رضي الموسوي في سوريا واغتالت أحد الرؤوس المدبرة لطوفان الأقصى صالح العاروري في قلب الضاحية الجنوبية لبيروت مستخدمة أثقل أسلحتها من نوع "جبان" للتعمية على خسائرها في غزة ولتصدير فشلها إلى خارج القطاع وجعلت من هزيمتها رافعة لواقعها السياسي المأزوم وبالمراسيل الجوالة المحمولة على زيارات مكوكية يقوم بها الموفدون إلى تل أبيب تبعث بالتهديدات للبنان في معرض التوسل لعدم توسيع الحرب...
وعليه، يبدأ وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن جولة شرق أوسطية تقوده إلى تل أبيب للمرة الخامسة منذ السابع من أكتوبر مسبوقا بزيارة آموس هوكستين المبعوث الأميركي ومستشار الرئيس جو بايدن.
أدى جندي الاحتياط هوكستين التحية العسكرية لقائده الأعلى يوآف غالانت قبل أن يحمله وزير الحرب الإسرائيلي رسالة مفادها أن فرص تخفيف التوتر دبلوماسيا مع لبنان ضئيلة فهل فاتح الوسيط الأميركي الجانب الإسرائيلي بتنفيذ مندرجات القرار 1701 والانسحاب من الأراضي اللبنانية المحتلة؟
وأنه داس القرار الأممي على متن مسيرة ضربت عمق السيادة اللبنانية؟
سيأتي هوكستين إلى بيروت لكنه لن يجد آذانا صاغية للتهديد والتهويل والجواب على الرسالة الإسرائيلية وصله ببريد حزب الله العاجل وبتحذير الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله بالأمس من أنه في حال شن العدو حربا على لبنان سيكون قتالنا بلا سقوف وحدود وقواعد وضوابط ومن يفكر في الحرب معنا سيندم..
فالحرب معنا مكلفة جدا جدا وفي حال شن الحرب علينا فإن مقتضى المصالح الوطنية يفرض علينا الذهاب بالحرب إلى الأخير ونقطة عند آخر السطر. وعلى الاعتداءات الإسرائيلية المتكررة على لبنان فعل رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي سلاح الإشارة وأجرى اتصالا بوزيرة الخارجية الفرنسية لوقف العدوان الإسرائيلي المستمر على لبنان ومنع إسرائيل من تأزيم الوضع وطالب لبنان برفع الصوت في الأمم المتحدة رفضا للانتهاكات الإسرائيلية للخط الأزرق وللقرار 1701.
سيقرأ لبنان مزاميره على من بيده القرار بوقف إطلاق النار مع استمرار التفويض الأميركي بمواصلة إسرائيل حرب الإبادة على غزة وتأمين مستلزماتها من أموال وعتاد وتأمين الغطاء لجرائمها وتأمين دخولها الآمن للمرحلة الثالثة من الحرب على غزة بتصفية قيادات المقاومة واغتيالها وهو ما ثبت بتعليق جون كيربي منسق مجلس الأمن القومي الأمريكي للاتصالات الاستراتيجية في البيت الأبيض على اغتيال القيادي في حماس صالح العاروري بقوله إن العاروري كان مصنفا إرهابيا ولا ينبغي لأحد أن يبكي على رحيله لكن بيروت وفي تشييع العاروري اليوم استعادت سبعينيات وثمانينيات الزمن الفائت واسترجعت زمن وداع الكبار من الذين اغتالتهم إسرائيل في لبنان وسار الآلاف خلف النعش من ممر الشهداء إلى مقبرة شهداء فلسطين.
المصدر: لبنان ٢٤
كلمات دلالية: وزیر الخارجیة صالح العاروری على لبنان حزب الله على غزة فی غزة
إقرأ أيضاً:
معنى تصفيد الشياطين في شهر رمضان.. ومن الذي يوسوس لنا ؟
أجابت دار الإفتاء المصرية، عن سؤال ورد اليها عبر موقعها الرسمي مضمونة:"ما معنى تصفيد الشياطين في قول رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «إِذَا جَاءَ رَمَضَانُ فُتِّحَتْ أَبْوَابُ الْجَنَّةِ، وَغُلِّقَتْ أَبْوَابُ النَّارِ، وَصُفِّدَتِ الشَّيَاطِينُ»، وكيف نفسر حصول المعاصي من بعض الناس في شهر رمضان مع كون الشياطين مُصفَّدة؟".
لترد دار الإفتاء المصرية، موضحة: أن معنى عبارة "تصفيد الشياطين" الواردة في الحديث الشريف المسؤول عنه قد تفاوت العلماء في تفسيره على مداركَ متعددةٍ، وإن كانت في جملتها متكاملة متعاضدة، فقد يُرَاد به أنَّ الشياطين مغلولون ومقيدون حقيقةً في هذا الشهر، وقد يكون المراد أنهم ممنوعون من إيذاء المؤمنين وإغوائهم والتزيين لهم، ويحتمل أن المراد أن الله تعالى يحفظ فيه المسلمين أو أكثرهم في الأغلب من المعاصي، أو يقصد به نوعٌ مخصوصٌ من الشياطين، وهم: مُسْتَرِقُو السَّمْع منهم، أو مَنْ صُفِّدوا هم غالب الشياطين والمَرَدةُ منهم، وأما غيرهم فغير مُصَفَّد.
وأما حصول المعاصي من بعض الناس في شهر رمضان مع كون الشياطين مُصَفَّدة: فإما أن يكون تصفيدُهم إنما هو في حقِّ الصائم المراعي لشروط الصوم وما ينبغي أن يتحلَّى به من آدابه، أو أنَّ سبب اقتراف الذنوب آتٍ من النفس وخَطراتها.
تفضيل شهر رمضان على غيره من الشهورمما امتاز به شهر رمضان المعظم عن غيره من الشهور الأخرى ما أكدته السُّنَّة النبوية المطهرة من أنه إذا دخل هذا الشهر المُعظم صُفِّدَتِ الشياطين، وقد تواردت نصوص السُّنَّة المشرفة على ذلك، وأهمها:
ما جاء عن أبي هريرة رضي الله عنه أنَّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: «إِذَا جَاءَ رَمَضَانُ فُتِّحَتْ أَبْوَابُ الْجَنَّةِ، وَغُلِّقَتْ أَبْوَابُ النَّارِ، وَصُفِّدَتِ الشَّيَاطِينُ» رواه مسلم.
وما ثبت أيضًا عن أبي هريرة رضي الله عنه: أنَّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: «إِذَا دَخَلَ شَهْرُ رَمَضَانَ فُتِّحَتْ أَبْوَابُ السَّمَاءِ، وَغُلِّقَتْ أَبْوَابُ جَهَنَّمَ، وَسُلْسِلَتِ الشَّيَاطِينُ» رواه الشيخان، واللفظ للبخاري.
وما رواه أبو هريرة رضي الله عنه أيضًا أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: «إِذَا كَانَ أَوَّلُ لَيْلَةٍ مِنْ شَهْرِ رَمَضَانَ صُفِّدَتِ الشَّيَاطِينُ، وَمَرَدَةُ الجِنِّ، وَغُلِّقَتْ أَبْوَابُ النَّارِ، فَلَمْ يُفْتَحْ مِنْهَا بَابٌ، وَفُتِّحَتْ أَبْوَابُ الجَنَّةِ، فَلَمْ يُغْلَقْ مِنْهَا بَابٌ، وَيُنَادِي مُنَادٍ: يَا بَاغِيَ الخَيْرِ أَقْبِلْ، وَيَا بَاغِيَ الشَّرِّ أَقْصِرْ، وَلِلَّهِ عُتَقَاءُ مِنَ النَّارِ، وَذَلكَ كُلَّ لَيْلَةٍ» رواه الترمذي، وابن ماجه في "السنن"، والحاكم في "المستدرك".
معنى تصفيد الشياطين في شهر رمضانلفظ «صُفِّدَتِ الشَّيَاطِينُ» الوارد في كلام سيدنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إما أن يكون معناه التصفيد حقيقة، فتكون الشياطين في هذا الشهر مغلولةً مُصَفَّدَةً ممنوعة من التصرف وبعض الأفعال التي لا تُطِيقُهَا إلا مع الانطلاق، والأغلال تكون بالحديد، وإن الشياطين مع ذلك ليست ممتنعةً مِن التصرف جملة؛ لأن الْمُصَفَّدَ المغلول اليد إلى العنق يتصرف بالكلام والرأي وغيرهما، كما ذكر الحافظ ابن حجر العسقلاني في "فتح الباري" (1/ 144، ط. دار المعرفة)، والإمام الباجي في "المنتقى" (2/ 75، ط. مطبعة السعادة).
وإما أن يكون تصفيد الشياطين معناه: أنه مِن شدةِ بركات هذا الشهر فكأنها كالْـمُصفَّدة، وإما أن يكون المراد: أنهم ممنوعون من إيذاء المؤمنين وإغوائهم وتزيين الشهوات لهم في هذا الشهر.
قال القاضي عياض في "شرح صحيح مسلم" (4/ 5-6، ط. دار الوفاء): [«وَصُفِّدَتِ الشَّيَاطِينُ»: قيل: يحتمل الحقيقة... وكذلك تصفيد الشياطين ليمتنعوا من أذى المؤمنين وإغوائهم فيه، وقيل: يحتمل المجاز لكثرة الثواب والعفو، والاستعارة لذلك بفتح أبواب الجنة، وإغلاق أبواب النار، وقد جاء في الحديث الآخر: «وَفُتِّحَتْ أَبْوَابُ الرَّحْمَةِ» وبأن الشياطين كالمصفدة لما لم يتم إغواؤهم بعصمة الله عباده فيه... ويكون معنى "تصفيد الشياطين" هنا خصوصًا عن أشياء دون أشياء، ولبعض دون بعضٍ، أو على الغالب، وجاء في حديث آخر: «صُفِّدَتْ مَرَدَةُ الشَّيَاطِينِ»... ومعنى "صُفِّدَتْ": أي: غُلِّلَتْ، والصَّفَد، بفتح الفاء، الغُلُّ، وقد روى في الحديث الآخر: "سُلسِلت"] اهـ.
وقال الإمام ابن عبد البر في "التمهيد" (16/ 153، ط. أوقاف المغرب): [وأما قوله: «وَصُفِّدَتْ فِيهِ الشَّيَاطِينُ» أو «سُلْسِلَتْ فِيهِ الشَّيَاطِينُ» فمعناه عندي -والله أعلم-: أن الله يعصم فيه المسلمين أو أكثرهم في الأغلب من المعاصي، فلا يخلص إليهم فيه الشياطين كما كانوا يخلصون إليه منهم في سائر السَّنَة] اهـ.
ومن المعاني المحتملَة في "تصفيد الشياطين": أن يكون المراد نوعًا من الشياطين، وهم: مُسْتَرِقُو السمع منهم، والذين يقع تسلسلهم في ليالي رمضان دون أيامه؛ لأن القرآن كان ينزل فيها، وهم قد مُنِعُوا في زمن نزول القرآن مَن استراق السمع، فزيدوا في التصفيد والتسلسل مبالغة في الحفظ. يُنظر: "فتح الباري" للحافظ ابن حجر العسقلاني (4/ 114).
ويحتمل أيضًا أن يكون المراد: أن الشياطين لا يخلصون من افتتان المسلمين إلى ما يخلصون إليه في غيره؛ لاشتغالهم بالصيام والطاعات ومما فيه قَمْعٌ للشهوات، فكأنَّ الله تعالى يَعْصم في هذ الشهر المُعَظَّم المسلمين أو أكثرهم في الأغلب من المعاصي.
قال الإمام المُنَاوي في "فيض القدير" (1/ 340، ط. المكتبة التجارية): [لفظ رواية مسلم: "صُفِّدت" (الشياطين)، شُدَّت بالأغلال؛ لئلا يوسوسوا للصائم، وآية ذلك تنزه أكثر المنهمكين في الطغيان عن الذنوب فيه وإنابتهم إليه تعالى] اهـ.
وقال العلامة الطيبي في "شرح الطيبي على مشكاة المصابيح" (5/ 1576، ط. مكتبة نزار مصطفى الباز): [والتصفيد في شهر رمضان مبالغة للحفظ، ويحتمل أن يكون المراد به أَيَّامَهُ وبعده، والمعنى: أن الشياطين لا يخلصون فيه من إفساد الناس ما يخلصون إليه في غيره؛ لاشتغال أكثر المسلمين بالصيام الذي فيه قمع الشهوات، وبقراءة القرآن وسائر العبادات، والله أعلم] اهـ.
تفسير وقوع المعاصي في رمضان مع كون الشياطين مصفدة
أما وقوع المعاصي والذنوب مِن بعض الناس في شهر رمضان مع أن الشياطين مُصَفَّدة، فهذا له تأويلات: فإما أن تصفيدهم إنما هو في حقِّ مَن صام محافظًا على شروط الصوم وما ينبغي أن يتحلَّى به الصائم من آداب، وإما أن هناك أسبابًا أخرى لاقتراف الذنوب والمعاصي، كالنفوس الخبيثة، والعادات الركيكة، والشياطين الإنسية، وإما أن يكون المراد بمن صُفِّدوا هم غالب الشياطين والمردة منهم، وأما غيرهم فقد لا يُصَفَّد، ويكون المعنى المراد حينئذٍ هو: تقليل الشرور، وذلك موجود في رمضان؛ فإن وقوع الشرور والفواحش فيه قليلٌ بالنسبة إلى غيره من الشهور الأخرى.
قال الإمام أبو العباس القرطبي في "المفهم" (3/ 136، ط. دار ابن كثير): [فإن قيل: فنرى الشرور والمعاصي تقع في رمضان كثيرًا؛ فلو كانت الشياطين مُصَفَّدة لما وقع شرٌ؟ فالجواب من أوجه:
أحدها: إنما تُغَلُّ عن الصائمين الصوم الذي حُوفظ على شروطه، ورُوعيت آدابه، أما ما لم يحافظ عليه فلا يُغَل عن فاعله الشيطان.
والثاني: أنا لو سلمنا أنها صُفِّدت عن كل صائم، لكن لا يلزم من تصفيد جميع الشياطين، ألا يقع شرٌ؛ لأن لوقوع الشر أسبابًا أُخَر غير الشياطين، وهي: النفوس الخبيثة، والعادات الرَّكيكة، والشياطين الإنسية.
والثالث: أن يكون هذا الإخبار عن غالب الشياطين، والمردة منهم، وأما من ليس من المردة فقد لا يُصَفَّد. والمقصود: تقليل الشرور. وهذا موجود في شهر رمضان؛ لأن وقوع الشرور والفواحش فيه قليل بالنسبة إلى غيره من الشهور] اهـ.
وقال الإمام المُنَاوي في "فيض القدير" (1/ 340): [وأما ما يوجد فيه من خلاف ذلك في بعض الأفراد فتأثيرات من تسويلات المردة أغرقت في عُمْق تلك النفوس الشريرة وباضت في رؤوسها، وقيل: خُصَّ من عُمومٍ.. تنبيه: عُلم مما تقرر أن تصفيد الشياطين مجازٌ عن امتناع التسويل عليهم واستعصاء النفوس عن قبول وساوسهم وحسم أطماعهم عن الإغواء؛ وذلك لأنه إذا دخل رمضان واشتغل الناس بالصوم وانكسرت فيهم القوة الحيوانية التي هي مبدأ الشهوة والغضب الداعيَيْن إلى أنواع الفسوق وفنون المعاصي وصَفَتْ أذهانهم واشتغلت قرائحهم وصارت نفوسهم كالمرائي المتقابلة المتحاكية وتنبعث من قُواهم العقلية داعية إلى الطاعات ناهية عن المعاصي فتجعلهم مُجمِعين على وظائف العبادات عاكفين عليها مُعرِضين عن صنوف المعاصي عائقين عنها، فتفتح لهم أبواب الجنان وتغلق دونهم أبواب النيران ولا يبقى للشيطان عليهم سلطان فإذا دنوا منهم للوسوسة يكاد يحرقهم نور الطاعة والإيمان] اهـ.