يناير 4, 2024آخر تحديث: يناير 4, 2024

عبدالله جعفر كوفلي

باحث أكاديمي

قرّرت الحكومة العراقية في جلستها المنعقدة في يوم الثلاثاء الموافق ٢/١/٢٠٢٤ إغلاق مخيمات النازحين الموجودة في إقليم كوردستان البالغة عددها حوالي خمسة وعشرين مخيماً وحددت ٣٠ حزيران ٢٠٢٤ آخر موعداً لذلك، حيث تسكنها مئات الالاف من النازحين الذين فروا من مناطقهم منذ اكثر من تسعة سنوات نتيجة تدهور الأوضاع الأمنية واختاروا العيش في أسوء الظروف من البقاء تحت رحمة الخوف من المصير المجهول الذي كان ينتظرهم لأسباب طائفية ومذهبية.

فتحت حكومة إقليم كوردستان الأبواب على مصراعيها لهؤلاء النازحين واحتضنتهم بكل رفق واحترام وقدمت لهم كل الدعم والمساعدة اللازمة والممكنة وأسكنهم في البداية في المدارس والمساجد وقدم الشعب الكوردستاني أروع الأمثلة في الأخوة والتعاون وفتحوا أبواب بيوتهم لهم دون تمييز وبعدها هيأت الحكومة لهم الأرضية الملائمة بفتح المخيمات لتحقيق ادنى مقومات الحياة ودعت المنظمات الدولية الانسانية الى تقديم المساعدات الضرورية لهم وتوفير الحماية لهم وباتوا جزءاً من المجتمع الكوردستاني ويوماً بعد يوم يتوطد العلاقات بينهم.

حاولت جميع الحكومات العراقية السابقة اعادة النازحين الى منازلهم طواعية ولكن دون جدوى الا القليل منهم وتعلن حكومة الاقليم مراراً وتكراراً ان إجبار النازحين على العودة مخالف للقوانين الدولية وأنها لا تمانع العودة الطواعية دون إكراه.

من مجريات الأحداث نستنتج بأنه هناك توجهاً عاماً بالتقليل من شأن الإقليم وتقييد صلاحياته وتجميد عمل مؤسساته سواء من خلال قرارات المحكمة الاتحادية أو قرارات الحكومة بقطع الموازنة العامة ورواتب الموظفين.

غلق مخيمات النازحين في الإقليم اكراهاً مخالف للقوانين والأعراف الدولية وبعيد عن كل القيم الإنسانية، فلا يجوّز إجبار الإنسان على العيش في مكان لا يرغب فيه خاصةً لأسباب أمنية

وجود المخيمات في الإقليم لها أبعاد مختلفة ونشير الى عدد منها:

البعد الإنساني، إيواء النازحين الذين تركوا منازلهم قضية إنسانية بكل ما لها من معنى، لأنهم بحاجة ماسة الى رعاية صحية وإنسانية كبيرة و وجودها في الاقليم مؤشر قوي على ما يملكه الشعب الكوردستاني من قيم إنسانية نبيلة، خاصةً أنهم تعاملوا معهم كأصحاب الارض والوطن وفتحوا قلوبهم قبل بيوتهم لهم.

– البعد السياسي، كان ولا يزال إقليم كوردستان ملاذاً آمناً للجميع ممن كانوا يعارضون النظام السابق أو يتعرضون إلى التهديد والمضايقات أو يحملون أفكارا مختلفة، فوجود المخيمات ذات بعد سياسي بامتياز لان من يعيشون فيها أصحاب افكار وينتمون الى تيارات سياسية ودينية مختلفة او أنّ نزوحهم كأنت لأسباب طائفية ومذهبية.

– البعد الامني: مما لاشك فيه أن وجود المخيمات في اية منطقة دليل على أمنها واستقرارها، إقليم كوردستان يعد منطقة امنة حيث ينعم من يعيش فيه من المواطنين والمقيمين والنازحين بسلام وأمان وهذا يمثل نقطة مهمة وتحول في منطقة تشهد توترات وصراعات متنوعة ومتعددة ويعد أمن الأقليم اساساً رصيناً للبناء السليم، ودافعا مهماً للنازحين بالبقاء فيها.

– البعد الاجتماعي، ألشعب الكوردستاني اجتماعي بطبعه ويملك من العلاقات الاجتماعية الكثيرة و وجود المخيمات كانت فرصة جيدة لبناء العلاقات الاجتماعية مع هؤلاء النازحين أو تجديد العلاقات السابقة التي ستبقى إلى الأبد رصينة وغير قابلة للاهتزاز أو الاندثار ونشأت علاقات مصاهرة بينهم ساعدت على تقوية الروابط والبنية الاساسية للمجتمع.

– البعد الاقتصادي: وجود المخيمات في الإقليم لها أهمية اقتصادية كبيرة حيث يقوم النازحون بعمليات بيع وشراء البضائع والمنتجات اللازمة لهم مما يؤثّر ايجاباً على السوق المحلي والدخل الوطني بالإضافة الى تبادل العملات والخدمات والخبرات ومهارات الأيدي العاملة والاستفادة منها في استثمار الفرص المتاحة للازدهار الاقتصادي.

أكيد هناك أبعاد أخرى ولكننا نكتفي بهذا القدر.

نطالب حكومة الإقليم باتخاذ خطوات جادة لمنع اجبار النازحين بالقوة على ترك مخيماتهم لأنها ستكون ذات نتائج سلبية كبيرة على هيبة الإقليم وسمعته.

هذا القرار يحمل بين طياته العديد من التحديات والعقبات ونرى صعوبة في التطبيق هذا إذا لم نشهد أحداثاً أخرى في العراق ونشهد نزوحاً جماعياً أخرى نحتاج الى المزيد من المخيمات لإيواء النازحين الذين يفرون من منازلهم خوفاً نحو المصير المجهول .

مع تمنياتنا للجميع بالعودة الى بيوتهم آمنين رغبة منهم دون اجبار أو اكراه.

المصدر: وكالة الصحافة المستقلة

كلمات دلالية: إقلیم کوردستان

إقرأ أيضاً:

ابتهاج باتفاق غزة في مخيمات الفلسطينيين بلبنان والفصائل تصفه بالتاريخي

بيروت- في لبنان، قوبل الإعلان عن التوصل لاتفاق لوقف إطلاق النار في غزة بمزيج من الفرح الحذر والحزن العميق، فرغم أن مشاهد الاحتفالات عمت بعض المناطق، فإنها لم تستطع أن تخفي مرارة المعاناة والخسائر التي طالت الشعب الفلسطيني على مدار الأشهر الماضية.

كما خرجت مسيرات شعبية في المخيمات والتجمعات الفلسطينية في لبنان، عبرت عن فرحة مشوبة بالألم، حيث امتلأت الشوارع بالمحتفلين الذين رددوا هتافات داعمة لغزة امتزجت بذكريات الحرب ومآسيها، وجابت المسيرات شوارع المخيمات، حيث رفع المشاركون الأعلام الفلسطينية ورايات حركة حماس وحزب الله، وصدحت المساجد بالتكبيرات والتهليلات.

وعبر اللاجئون الفلسطينيون عن فخرهم الكبير بصمود أهل غزة، ووزعوا الحلوى ونثروا الأرز فرحا بالانتصار، وأكدوا دعمهم للمقاومة مستذكرين تضحيات الشهداء والقادة الفلسطينيين في كل من غزة ولبنان، كما ثمّنوا الدور البارز للبنان والجبهات الداعمة في مساندة القضية الفلسطينية.

ومع ترحيب الأوساط الشعبية والسياسية بما يمثله هذا الاتفاق من خطوة أولى في مسار معقد، يبقى الترقب سيد الموقف بشأن آليات التنفيذ وتأثيراتها المستقبلية على المشهد الإقليمي، وسط آمال بأن يكون ما تم الاتفاق عليه بداية لإنهاء معاناة ممتدة لسكان قطاع غزة، واستعادة للاستقرار في المنطقة.

سماء المخيمات الفلسطينية في لبنان امتلأت بمظاهر احتفالية وألعاب نارية (الجزيرة) إنجاز تاريخي

على مستوى الفصائل الفلسطينية، وصف الناطق باسم حركة حماس جهاد طه اتفاق وقف إطلاق النار في غزة بأنه "إنجاز"، معتبرا أنه يمثل "تتويجا لتضحيات الشعب الفلسطيني وصموده البطولي في وجه العدو الصهيوني".

إعلان

وأكد طه في حديثه للجزيرة نت أن هذا الاتفاق "جاء نتيجة لثبات المقاومة الباسلة في الميدان دفاعا عن حقوق الشعب الفلسطيني، وإصرارها على مواجهة سياسة القتل والتدمير والتشريد التي انتهجها الاحتلال، والتي عجزت عن كسر إرادة وعزيمة الفلسطينيين".

وأضاف الناطق باسم الحركة أنها حافظت على شعبها ومقاومتها رغم آلة التدمير الصهيونية، "ونحن اليوم نشهد فشل جميع أهداف العدو التي أعلن عنها منذ بداية العدوان لسحق المقاومة، لقد بقيت المقاومة صامدة، وأُحبطت كل مشاريع التهجير والخطط العسكرية والاستيطانية التي حاول الاحتلال فرضها".

ووجه طه رسالة لأهل غزة قائلا "كما وقفنا معكم منذ اللحظة الأولى، ولم ندخر جهدا لتعزيز صمودكم بكل السبل الممكنة، فاليوم نقول بكل فخر وجرأة إن الشعب الفلسطيني والمقاومة الفلسطينية قادران على تجاوز آثار هذا العدوان، تماما كما فعلنا في أعوام 2009، و2012، و2014، وصولا إلى عام 2021، والآن عام 2023 في معركة طوفان الأقصى".

وأوضح أن "المعركة الأخيرة كانت محطة جديدة في مسار الصراع مع الاحتلال، وأرست أسس المرحلة المقبلة التي سيكون عنوانها التحرير والعودة لكل أبناء الشعب الفلسطيني"، واختتم بدعوة الأمة الإسلامية والعربية لمواصلة دعم أهل غزة، مؤكدا أن هذا الدعم هو "جزء لا يتجزأ من مسيرة النضال الفلسطيني المستمرة".

المقاومة والشعب

وبدوره، أكد رئيس دائرة العلاقات العربية والدولية عضو المكتب السياسي لحركة الجهاد الإسلامي إحسان عطايا أهمية الإشارة إلى أن "إتمام ورقة التفاهم بشأن وقف العدوان، وعمليات التبادل، وإعادة الإعمار، وإدخال المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة، لم يكن ليتحقق لولا بسالة المقاومة وشجاعة المقاومين".

وأكد في حديثه للجزيرة نت أن المقاومة نجحت في استنزاف جيش الاحتلال الإسرائيلي وإلحاق خسائر فادحة به، مما أربك قادته وحلفاءه وأفشل مخططاتهم العدوانية، وأضاف أن "هذه الإنجازات لم تكن ممكنة دون تضحيات الشعب الفلسطيني، الذي قدّم الشهداء والجرحى خلال فترة العدوان، المستمر رغم الإعلان عن وقف إطلاق النار".

إعلان

وأوضح أن الأيام الحالية -قبيل دخول اتفاق وقف إطلاق النار حيز التنفيذ- تشهد استمرار الهجمات الإسرائيلية على قطاع غزة، مما يعكس إصرار الاحتلال على ارتكاب مزيد من أعمال القتل والدمار والمجازر بحق الشعب الفلسطيني، وأكد أن الاحتلال "كيان مجرم لا يمكن الوثوق به أو بأفعاله".

الهتافات الداعمة لغزة امتزجت بذكريات الحرب ومآسيها (الجزيرة) تضحيات فلسطينية

من جهته، أكد عضو المكتب السياسي للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين ومسؤولها في لبنان يوسف أحمد أن "رضوخ الاحتلال الإسرائيلي وإعلان وقف إطلاق النار يمثلان محطة نضالية تاريخية في مسيرة الشعب الفلسطيني وتضحياته العظيمة".

وأضاف في حديثه للجزيرة نت أن المقاومة "أرغمت الاحتلال وحكومته العنصرية على الانصياع لشروطها، وأفشلت مخططاته الرامية إلى إنهاء الوجود الفلسطيني من خلال الإبادة والمجازر، وأثبتت هذه اللحظة التاريخية أن أبناء شعبنا في غزة يستحقون الحياة والحرية والكرامة".

وأوضح أحمد أن "هذه الصفقة كان يمكن إنجازها منذ مايو/أيار الماضي، إلا أن التغطية والدعم الأميركي والأطلسي للعدوان، إلى جانب حسابات نتنياهو الحزبية وعقليته الإجرامية، دفعته وحكومته الفاشية للتعمق في الدم الفلسطيني، خدمة لأهداف استعمارية تجاهلت القانون الدولي والحقوق المشروعة لشعبنا في العيش بحرية على أرضه".

وشدد أحمد على أن نتائج المفاوضات تمثل "خطوة إلى الأمام، يمكن البناء عليها لحل القضايا العالقة بما يضمن تحقيق الأهداف الوطنية الفلسطينية"، وأشار إلى أن الولايات المتحدة تتحمل المسؤولية الرئيسية في إلزام الاحتلال بتنفيذ بنود الاتفاق، ومنع أي محاولة للتهرب أو الإخلال بما تم الاتفاق عليه.

وأضاف أن "التجارب السابقة أثبتت ضرورة وجود دور فاعل للمجتمع الدولي والدول العربية -خاصة الأشقاء الوسطاء- لقطع الطريق على محاولات الاحتلال للتنصل من التزاماته".

إعلان

كما كشف أحمد أن وفدا قياديا من المكتب السياسي للجبهة الديمقراطية سيتوجه اليوم الخميس إلى الدوحة للمشاركة في مراسم إعلان الصفقة ووقف إطلاق النار وتبادل الأسرى، وسيتضمن جدول أعمال الوفد عقد لقاءات مع الفصائل الفلسطينية، في إطار الجهود المستمرة للجبهة لتحقيق توافق وطني وإستراتيجية موحدة، بما يسهم في معالجة الخلافات وإنهاء مظاهر الانقسام.

مقالات مشابهة

  • عمليات تطوير تتسبب بانخفاض إنتاج الكهرباء في إقليم كوردستان
  • بوغرارة مدربا جديداً لإتحاد بسكرة
  • مجموعة من النازحين تطوعوا لتنظيم شؤون المخيمات بقطاع غزة
  • ابتهاج باتفاق غزة في مخيمات الفلسطينيين بلبنان والفصائل تصفه بالتاريخي
  • لملس يقود اجتماعاً لتنظيم إدارة مخيمات النازحين وحل تحديات المسوحات
  • الأسبوع المقبل.. استضافات وتدقيق بيانات داخل البرلمان العراقي لحسم مستحقات إقليم كوردستان
  • رئاسة إقليم كوردستان ترحب باتفاق غزة
  • جهاز المخابرات العراقي شنو شغله ؟ ..محمد الحسّان في قطر !
  • إحتفالاً بـهدنة غزة.. إطلاق نار في مخيمات لبنان
  • اربيل وواشنطن يتفقان على أهمية استئناف تصدير نفط إقليم كوردستان بـأقرب وقت