في ذكرى اغتيال قائد فيلق القدس السابق قاسم سليماني تجد إيران نفسها أمام خرق أمني جديد في هجوم خلّف مئات القتلى والجرحى بالقرب من ضريح «سليمانى» في محافظة كرمان، والتى اعتبرت أن الهجوم مؤامرة جديدة ووعدها بأن تقابل بشكل ساحق وعاجل، وشدد المرشد الإيراني علي خامنئي على أن منفذي هجوم كرمان سيكونون هدفا أكيدا للرد والعقاب العادل، مع تصريح قائد فيلق القدس في الحرس الثورى الإيراني إسماعيل قآنى، إن هجوم كرمان تم تأمينه عن طريق الولايات المتحدة وإسرائيل، رغم التزام إسرائيل الصمت إزاء تفجيري كرمان وعملية اغتيال نائب رئيس المكتب السياسي في حركة حماس صالح العارورى، إلا أن الهجوم تزامن مع تصريحات وزير الخارجية، يسرائيل كاتس، عن حرب عالمية ثالثة تخوضها إسرائيل ضد إيران.
والرسائل التى تلقتها إيران من حجم الهجوم المفجع والمؤلم وطبيعة الهدف، تبين فشل الكيان الصهيونى باستهدافه المدنيين في الانفجار لا يعتبر عملية عسكرية منظمة ومترابطة ومتساوية الأركان العسكرية.
وانفجارا كرمان يعتبران رسالة يحاول الكيان الصهيونى من خلالها القول إنه يستطيع أن يصل إلى لبنان وسوريا وإيران وهذا أمر متوقع.
ومسئولية نتنياهو الذى يعيش ذروة أزمة الهزيمة أمام المقاومة، ومعه الحكومة اليمينية المتطرفة التى تتفق معه فى أهداف هذه الحرب التى لم تتحقق حتى الآن، وكذلك أزمة الاتهام والإدانة التى يوجهها له مجتمع الكيان، وبالتالى هناك حالة تعطش لخلق صورة انتصار ورغبة نتنياهو لخلط الأوراق من خلال استهداف وقتل صالح العارورى فى لبنان، لاستدراج حزب الله لردة فعل وجر المنطقة وأمريكا فى هذه المواجهة ليقدم هذا المشهد لمجتمع الكيان على أنه انتصار.
وسعى نتنياهو للبحث عن صورة انتصار بما حدث فى سوريا ولبنان وإيران، فهو يغامر ويقامر بالحصول على هذه الصورة، لأن هذا الأمر مرتبط بطبيعة رد الجانب الآخر، والذى يمكن أن يبلغ مستوى الحرب الشاملة ويفتح جبهات عديدة على الكيان، وكون هذه الحرب مهربًا ومفرًا لنتنياهو من أزمته الداخلية وعدم حصوله على مكاسب حتى الآن مما يحدث في غزة.
وموقف أمريكا فى هذا يتضح من خلال تصريحات المسئولين الأمريكيين وبعض المحللين أن الكيان الصهيونى ليس لديه يد فى انفجار كرمان ومقتل أكثر من 200 شخص وإصابة المئات، أو مقتل صالح العارورى فى لبنان، ولكن فى نفس الوقت تصريحاتهم بأن الإدارة الأمريكية قلقة من بعض السياسات التى يتبناها الكيان الصهيونى، وأن أمريكا حتى الآن غير مستعدة لاستخدام قدراتها ونفوذها التى من الممكن أن تغير موقف الكيان.
أما موقف إيران الرسمى حتى الآن، سواء من القيادة السياسية أو من القيادة الأمنية والعسكرية يتحدث عن رد قاس وحتمى قادم لكل من يثبت تورطه فى هذا الانفجار سواء من الداخل أو من الخارج، فالعمل الآن بالدرجة الأولى هو حصر الأشخاص الذين دخلوا إيران فى الفترة السابقة والحالية، وتفريغ الكاميرات والعمل على انتهاء التحقيقات ومعرفة نتيجتها، والتى سيتم رفعها مع التقرير للقيادة الإيرانية، خاصة وأن التفجير تم على مرحلتين، مرحلة تفجير عن بعد ومرحلة قام بها انتحارى، وسيكون لكل سيناريو رد خاص به.
[email protected]
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: تصحيح مسار محمد على محمد مئات القتلى الکیان الصهیونى حتى الآن
إقرأ أيضاً:
مسمار في نعش الكيان الصهيوني
حاتم الطائي
◄ القرار التاريخي إدانة دولية غير مسبوقة لمجرمي الحرب الإسرائيليين وداعميهم
◄ 124 دولة مُلزمة بتنفيذ قرار القبض على مجرمي الحرب الإسرائيليين
◄ يقظة الشعوب الحُرّة حول العالم كان لها الفضل الأكبر في استصدار القرار
لم يكن القرارُ التاريخيُّ والشجاعُ من المحكمةِ الجنائيةِ الدوليةِ بإصدار أمر اعتقالٍ بحق رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي المُجرم بنيامين نتنياهو ووزير حربه السفّاح يوآف جالانت، مجرد إدانة غير مسبوقة لمجرمي الحرب الإسرائيليين وحسب؛ بل إدانة عالمية تاريخية للحركة الصهيونية الإجرامية العنصرية، ولكل داعميها من الأمريكيين والأوروبيين، وكل من تواطأ وصَمَتَ عن جرائم الإبادة الجماعية وجرائم الحرب والتجويع، ولكل من خَذَلَ الشعب الفلسطيني ولم يقف بجانبه ولو بكلمة!
صدر القرار بعد أكثر من 414 يومًا من العدوان البربري الدموي ضد شعب فلسطين في قطاع غزة، مع تدمير كامل للبنية التحتية والمنازل فوق رؤوس ساكنيها، واستشهاد أكثر من 44 ألف شهيد وإصابة ما يزيد عن 105 آلاف فلسطيني، كثيرٌ منهم يُعانون من إعاقة دائمة أو بتر في الأطراف أو استئصال لأحد أعضاء الجسد، فضلًا عن عشرات الآلاف من المفقودين تحت الأنقاض، وأمثالهم من الأسرى الذين اُعتقِلوا ظلمًا وعدوانًا على أيدي قوات الاحتلال الإسرائيلية.
صدر القرار رغم المحاولات المُستميتة من الكيان الفاشي الإسرائيلي لإثناء قضاة العدالة عن قرارهم، وإعلان كثير منهم عن تعرضهم لرسائل تهديد بالقتل والتنكيل، علاوة على ابتزاز المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية كريم خان، من خلال تلفيق قضية أخلاقية بحقه، لا أساس لها من الصحة؛ بل هي محاولة يائسة للانتقام من الرجل الذي قاد جهود استصدار مذكرة الاعتقال الدولية بحق مجرمي الحرب الإسرائيليين.
صدر القرار رغم أنف الولايات المُتحدة المُلطخة يداها بدماء الشعب الفلسطيني، في ظل الدعم العسكري اللامتناهي لإسرائيل، والدعم الاستخباراتي والأمني لهذا الكيان السرطاني البغيض. إذ لم تتوانَ واشنطن منذ اليوم الأول من العدوان عن تقديم كافة أوجه الدعم لدولة الاحتلال؛ عسكريًا من خلال شحنات السلاح والمعدات والطائرات وغيرها، وسياسيًا عبر استخدام حق النقض "فيتو" في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، وممارسة الضغوط السياسية وغيرها ضد دول المنطقة من أجل عدم اتخاذ موقف رسمي موحَّد ضد العربدة والإجرام الصهيوني.
صدر القرار ليؤكد للعالم أجمع أنَّ العدالة لا بُد وأن تأخذ مجراها، حتى ولو طال الأمد؛ حيث إننا نعلم أن مثل هذه القضايا ربما تستغرق سنوات طويلة لإصدار حكم فيها، كما إن المحكمة لا تملك أي سلطات تنفيذية لتنفيذ الحكم، باستثناء أن الدول المُوقّعة على "نظام روما الأساسي"، مُلزمةً دون اختيار منها بتنفيذ أي قرار يصدر عن المحكمة الجنائية الدولية، وهذا يعني أن جميع هذه الدول المنضوية تحت "نظام روما" (وعددها 124 دولة) مُلزمة قانونًا بتنفيذ قرار الاعتقال، ولاحقًا قرار الإدانة.
ورغم أنَّ الولايات المتحدة ليست عضوًا في "نظام روما" أي أنها غير مُلزمة باعتقال نتنياهو وجالانت، إلّا أنها استشاطت غضبًا من صدور قرار الاعتقال، وأطلقت نيران هجومها على المحكمة، في موقف يعكس مستوى الانحطاط السياسي الذي بات يُهمين على السياسات الأمريكية، الدولة التي يُفترض بها أن تكون نصيرًا للعدالة والمساواة وحقوق الإنسان، والتي لطالما تشدقت بها وابتزت بها جميع دول العالم، وتفاخرت بما يُسمى بـ"العدالة الدولية"، لكن عندما يأتي الأمر إلى إسرائيل تنقلب الموازين، وتتكشف العورات السياسية القبيحة، وتتجلى ازدواجية المعايير في موقف مُخذٍ يؤكد أننا ما زلنا نعيش في عالم يسوده قانون الغاب؛ حيث القوي بإمكانه التهام الضعيف دون مُحاسبة.. لكن هيهات هيهات.. لقد انتهى زمن إفلات إسرائيل من العقاب، وولَّت حقبة الهروب من المساءلة بلا رجعة.
لا شك لديَّ أن المحكمة الجنائية الدولية استندت في قرارها العادل والمُنصف، على حقيقة الوضع الكارثي وغير الإنساني في قطاع غزة، في تأكيد دولي لا مثيل له على الجرائم البشعة التي ارتكبتها دولة الاحتلال المُجرمة في غزة، وهو ما يُفنِّد الأكاذيب الصهيونية التي ظلّت تُشكك في أعداد الشهداء والمصابين وضحايا هذا العدوان طوال فترة الحرب وحتى الآن.
ومن المُؤكد أنَّ يقظة الشعوب الحرة حول العالم كان لها الفضل الأكبر في الضغط على جميع المؤسسات الدولية ودعم قضاة المحكمة في قضيتهم العادلة، فلقد شاهدنا- وما نزال- المظاهرات الحاشدة حول العالم المُندِّدَة بهذا العدوان الدموي الإجرامي على قطاع غزة، واعتصامات الطلبة الأحرار في أكبر جامعات أمريكا وأوروبا، إلى جانب التنديد الشديد بكل ما يمُت لدولة الاحتلال بصلة، حتى لفرق كرة القدم الإسرائيلية التي باتت منبوذة في كل البطولات والمنافسات. أضف إلى ذلك العزلة الدولية لهذا الكيان المُجرم، وفرار مئات الآلاف من الإسرائيليين إلى الخارج، فيما بات يُعرف بـ"الهجرة العسكية"؛ حيث عاد هؤلاء إلى أوطانهم التي قدموا منها للاستيطان في فلسطين المحتلة، بعدما زيّنت لهم حكومة الاحتلال الأوضاع ومنحتهم الأموال والمنازل والأراضي.
لقد قيل على لسان بعض المسؤولين إنهم أنشأوا المحكمة الجنائية الدولية لمحاكمة الديكتاتوريين والمستبدين في العالم الثالث، لذلك يستنكفون أن يمثل مجرمو الحرب الإسرائيليون أمام هذه المحكمة صاغرين، ما يؤكد أنَّ النظام العالمي القائم حاليًا على أحادية القطب بقيادة الولايات المتحدة أثبت فشله، وتأكد الجميع من حجم الظلم الواقع على عاتق الشعوب المُستضعفة.
ويبقى القول.. إنَّ القرار التاريخي للمحكمة الجنائية الدولية باعتقال مجرميْ الحرب نتنياهو وجالانت بمثابة مسمار غليظ في نعش الصهيونية البغيضة، وهو ما يُبشِر بزوال هذا الكيان المُجرم قريبًا، ويُؤكد للعالم أجمع أنَّ دماء الشعب الفلسطيني لن تذهب سُدى، وعلى حُكام وقادة العالم أن يدعموا ويؤيدوا قرار المحكمة الجنائية الدولية، وذلك بالتوازي مع المُحاكمة الجارية في محكمة العدل الدولية؛ إذ لأول مرة في التاريخ تُحاكم إسرائيل على إجرامها أمام أكبر مؤسستين للعدالة الدولية في العالم، وما من ريبٍ أنَّ العدالة ستأخذ مجراها، وإذا ما أخفقت عدالة الأرض، فإنَّ عدالة السماء نافذة ولا رادَّ لها، وهذا يقينُنا في الله عزَّ وجلَّ.
رابط مختصر