نواصل حكاية عباس حلمى الثانى، فور وفاة الخديو توفيق تم إبلاغ أكبر أبنائه -عباس باشا حلمى الثاني- والذى كان يدرس العلوم العسكرية فى فيينا للعودة فورا لتولى الحكم، كان عمره آنذاك 18 عاما فقط، وكان قد تلقى تعليما رفيع المستوى فى سويسرا وباريس والنمسا، ورغم ذلك لم يكن قد امتلك خبرات سياسية واسعة إبان توليه الحكم، لأنه- وبعكس أبيه وجدّه- لم يمكث قريبا من القصر ليتعلم الخبرات السياسية، ولم يتولَ مناصب تنفيذية كبرى أثناء ولاية عهده، ومن ثم فقد كان وقت توليه الحكم عام 1892 شابًا مثقفًا ومتعلمًا ولكن دون خبرات سياسية تذكر.
ورغم ذلك كله فقد أنجز كثيرًا من الاستحقاقات المهمة، منها إعادة الدستور والبرلمان للحياة -رغم أنف الإنجليز- وإعادة النظام الديمقراطى وتعامل مع مصطفى كامل وساعد على ظهور الحزب الوطنى وحزب الأمة وحزب الإصلاح الدستورى كما قلنا سابقًا، وهو الحزب الذى اطلق عليه الحزب الخديوى نظرا لتعاونه مع الشيخ على يوسف على بث الحركة الوطنية فى نفوس الشعب وتعامل بالحس الوطنى وحبه لمصر كل ذلك خلق عداء إنجليزيا وعثمانيا وأوربيا له.
فى البداية رحب الإنجليز على الفور بتولى عباس حلمى الثانى، لاعتقادهم أن صغر سنه وانعدام خبراته سيسهل لهم السيطرة عليه كما فعلوا مع والده وجدّه، ورغم ذلك فلم تكن علاقته بالإنجليز على ما يرام فى الكثير من الأوقات، كما شهدت فترة حكمه والتى استمرت 22 عاما العديد من الأحداث الوطنية الجسيمة التى أضافت لرصيده أحياناً وخصمت من رصيده فى معظم الوقت.
وبعد توليه الحكم حاول اتباع سياسات داخلية وخارجية إصلاحية، فداخليا حاول الاستقلال بصنع القرار فى القصر والنظارة ومجلس النواب عن هيمنة الإنجليز، كما حاول التقرب أكثر من المصريين لإزالة الآثار السلبية التى تركتها ثورة عرابى وما تلاه من احتلال إنجليزى لمصر على علاقة القصر بالمصريين، وخارجيا حاول الضغط على الإنجليز للانسحاب من مصر، كما حاول التقرب والتودد من السلطان عبدالحميد الثانى فى إسطنبول لرأب التصدعات التى استمرت لعقود بين القصر والباب العالى.
كانت أول صداماته مع الإنجليز حينما اتخذ قراره بإقالة وزارة مصطفى فهمى باشا عام 1893 وذلك لعدم رضائه عن أدائها من ناحية، وكذلك لعدم ثقته بخصوص علاقاتها بالإنجليز وممثلهم اللورد كرومر من ناحية ثانية، وقد أدى هذا القرار إلى غضب اللورد كرومر، وأمام تصميم الخديو عباس على القرار كانت أولى أزماته مع إنجلترا، لم يكن الخلاف فقط على شخص مصطفى فهمى، فالخديو الجديد كان قد فطن إلى استخدام كرومر لعدد كبير من مستشارى النظارات والمصالح الحكومية للتدخل فى كل كبيرة وصغيرة فى الشأن المصرى، ولذلك قام أيضاً باستبعاد بعض هؤلاء المستشارين وهو ما كان يعنى لكرومر أن قدرته على السيطرة أخذت فى التلاشي.
ظلت الخلافات كبيرة ووصلت إلى حد العداء الصريح بين كرومر و"عباس"، فالأخير كان دائم تغيير النظارات كلما شعر بتزايد هيمنة الإنجليز عليها، والإنجليز بدورهم لم يكن يروق لهم الأمر فواصلوا الضغوط على القصر حتى انتصروا بتثبيت وضع نظارة مصطفى فهمى مرة أخرى فى عام 1895 وقد ظلت هذه الوزارة قائمة مدة 13 عاما ولم تُقل إلا بعد رحيل كرومر فى 1907.
فى مذكراته، عهدي: مذكرات عباس حلمى الثانى خديوى مصر الأخير 1892- 1914والتى نشرتها دار الشروق فى 1993 يشرح عباس الكثير من مواجهاته مع كرومر وفطنته لمحاولة الأخير التخلص منه بعد أن اكتشف أن صغر سن الخديو، إنما هو مصدر قوة لا ضعف وأن ضعف خبراته السياسية لم يَحُل بين الخديو وبين قدرته على إدارة شئون البلاد للدرجة التى أوصلت كرومر إلى الشكوى إلى حكومته فى بريطانيا مما أسماه «تدخل الخديو فى شئون البلاد».
ونكمل فى اللقاء القادم.
حفظ الله مصر وأهلها.
[email protected]
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: صلاح صيام كان يدرس العلوم العسكرية
إقرأ أيضاً:
الهباش يكرم مؤسسة طاهر الخيرية الإندونيسية
ممثلا عن الرئيس محمود عباس ، قام مساء اليوم الاثنين 17 مارس 2025 ، الشيخ الدكتور محمود الهباش قاضي قضاة فلسطين، مستشار الرئيس للشؤون الدينية والعلاقات الإسلامية، بتكريم مؤسسة طاهر للأعمال الخيرية في العاصمة الإندونيسية جاكرتا، وذلك خلال حفل إفطار رمضاني نظمته سفارة دولة فلسطين لدى جمهورية اندونيسيا بحضور سعادة السفير د. زهير الشن وعدد من الوزراء والنواب ورجال السياسة ورجال الدين الإندونيسيين وبمشاركة أعضاء السلك الدبلوماسي لدى جمهورية اندونيسيا.
وقد افتتح الحفل بالسلامين الوطني الإندونيسي والفلسطيني ومن ثم رحب السفير الفلسطيني زهير الشن بالحضور الكريم باسم دولة فلسطين، مشيداً بالأعمال الخيرية والنشاطات العديدة لمؤسسة طاهر للأعمال الخيرية التي قدمتها وتقدمها للشعب الفلسطيني وهو الأمر الذي جعل فخامة السيد الرئيس محمود عباس يتخذ قرار تكريم هذه المؤسسة الكريمة كرسالة شكر من دولة فلسطين لمن يمد لها يد االعون والمساعدة.
وقال الدكتور محمود الهباش خلال كلمته وتكريمه للسيد طاهر رئيس مؤسسة طاهر للأعمال الخيرية أنه وبتكليف من السيد الرئيس محمود عباس فإن دولة فلسطين قيادة وشعباً تقدم شكرها لكل رجال الأعمال وأصحاب الأيادي البيضاء وأهل الخير الذين يقفون مع شعبنا الفلسطيني في محنته ومعاناته بسبب استمرار الاحتلال والعدوان.
وأشاد الهباش خلال كلمته بالمواقف الإندونيسية الداعمة والمؤيدة للموقف الفلسطيني في كافة المجالات والميادين والتي لم تتغير ولم تتبدل مهما كانت الظروف، معبراً عن اعتزازه بالعلاقات التاريخية والوثيقة بين البلدين الشقيقين وداعياً في الوقت ذاته كافة الدول والمؤسسات والفعاليالت الدولية الى الوقوف مع الحق الفلسطيني ومع العدل والقانون ومواجهة الظلم والعدوان حتى إنهاء الاحتلال وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشريف.
من جانبه تقدم السيد طاهر بالشكر الجزيل لفخامة الرئيس محمود عباس وللشعب الفلسطيني مؤكداً أن الوقوف الى جانب الشعب الفلسطيني المظلوم ومساعدته بأي طريقة هو واجب ديني وأخلاقي وإنساني داعياً الجميع الى القيام بما يستطيعون لمساعدة الشعب الفلسطيني والوقوف الى جانب الحق الفلسطيني كل حسب استاطعته وقدرته ومجال عمله، مضيفاً أن هذا التكريم هو وسام شرف وفخر من فلسطين وقيادتها الحكيمة .
المصدر : وكالة سوا اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد المزيد من آخر أخبار فلسطين العاهل الأردني يحذر من التصعيد في الضفة الغربية الداخلية تنفي امتناعها عن اصدار جوازات سفر للأسرى المبعدين قناة: واشنطن تضغط على نتنياهو لقبول تولي اللجنة الحكومية الفلسطينية إدارة غزة الأكثر قراءة سوريا - قصف إسرائيلي يستهدف درعا الصليب الأحمر يطالب بضرورة دخول المساعدات الغذائية لغزة ماركو روبيو: المحادثات مع حماس لم تؤت ثمارها رفح - شهيد بقصف إسرائيلي استهدف مجموعة مواطنين عاجلجميع الحقوق محفوظة لوكالة سوا الإخبارية @ 2025