صحيفة عبرية: روسيا تغرد خارج السرب حول تهديدات الحوثيين في البحر الأحمر
تاريخ النشر: 4th, January 2024 GMT
أظهرت حوادث اعتراض الحوثيين للسفن في البحر الأحمر، مدى التأثير الذي نجحت فيه إيران وحماس، على بعض الدول الأخرى التي ترغب في استغلال هذه القضايا لأسبابها الخاصة للرد على الغرب.
هكذا يسلط تحليل لصحيفة "جيروزاليم بوست" الإسرائيلية في نسختها الإنجليزية، وترجمه "الخليج الجديد"، على الموقف الروسي من الهجمات الحوثية، التي أرجعها إلى العملية العسكرية الإسرائيلية في غزة.
وخلال الأسابيع الأخيرة، شن الحوثيون المدعومون من إيران هجمات بمسيرات وصواريخ على سفن أثناء إبحارها قبالة سواحل اليمن.
وردا على هجمات الحوثيين، رفضت بعض أكبر شركات الشحن في العالم العبور عبر قناة السويس، مما أدى إلى تعقيد التدفقات بين أوروبا وآسيا وإجبار بعض السفن على سلوك الطريق الأكثر تكلفة حول رأس الرجاء الصالح.
ويطل الساحل اليمني على مضيق باب المندب، وهو ممر ضيق يقع بين اليمن وجيبوتي عند أقصى جنوب البحر الأحمر ويفصل شبه الجزيرة العربية عن أفريقيا.
ويعد مضيق باب المندب شريانا استراتيجيا للنقل البحري إذ تمر عبره 12% من التجارة العالمية، وفقا للغرفة الدولية للتجارة البحرية.
ووفق التحليل: "بدأت المزيد من الدول تدرك التهديد الذي يشكله الحوثيون المدعومين من إيران على الشرق الأوسط والاقتصاد العالمي، بعد ان زادت هجماتهم وتهديداتهم للشحن الدولي".
اقرأ أيضاً
بلومبرج: ارتفاع أسعار الشحن للحاويات 173% بسبب أحداث البحر الأحمر
ويتابع: "وعلى الرغم من أنهم حظوا بإفلات شبه كامل من العقاب حتى الآن، إلا أن الأمور في طريقها للتغيير".
ففي منتصف ديسمبر/كانون الأول، ساعدت الولايات المتحدة في إنشاء عملية "حارس الازدهار"، وهي مبادرة مشتركة للأمن البحري، يضم أكثر من 20 بلدا، لحماية الملاحة في البحر الأحمر.
وتسلط القيادة المركزية الأمريكية الضوء على تهديدات الحوثيين، وفق التحليل، وقادت عددا من الدول للتحدث بصوت واحد ضد التهديدات.
في 3 يناير/كانون الثاني، أصدر البيت الأبيض بيانا مشتركا للولايات المتحدة وأستراليا والبحرين وبلجيكا وكندا والدنمارك وألمانيا وإيطاليا واليابان وهولندا ونيوزيلندا وسنغافورة والمملكة المتحدة، قال إن 44 دولة لديها إجماع واسع بشأن التهديدات في البحر الأحمر.
وحض البيان، المتمردين الحوثيين في اليمن، المدعومين من إيران، على أن "يوقفوا فورا هجماتهم غير القانونية" على السفن في البحر الأحمر، تحت طائلة "تحمل العواقب".
وقال البيان إن الدول تقول الآن إنها "تدعو إلى الوقف الفوري لهذه الهجمات غير القانونية والإفراج عن السفن وأطقمها المحتجزة بشكل غير قانوني".
وتابع: "سيتحمل الحوثيون مسؤولية العواقب إذا استمروا في تهديد الأرواح والاقتصاد العالمي والتدفق الحر للتجارة في الممرات المائية الحيوية في المنطقة.. نحن لا نزال ملتزمين بالنظام الدولي القائم على القواعد، ومصممون على محاسبة الجهات الفاعلة الخبيثة عن عمليات الاستيلاء والهجمات غير القانونية".
اقرأ أيضاً
مسؤول أمريكي: لا تحذيرات أخرى للحوثيين بشأن هجمات البحر الأحمر
وقال التحالف في البيان: "على الحوثيين أن يتحملوا مسؤولية العواقب إذا استمروا في تهديد الأرواح والاقتصاد العالمي وحرية انتقال البضائع في الممرات المائية الأساسية في المنطقة".
وبعد هذا التحذير، قال مسؤول كبير في إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن، الأربعاء، إنه "لا ينبغي توقع تحذير آخر" من الولايات المتحدة وحلفائها للحوثيين، الذين يشنون هجمات على سفن في البحر الأحمر.
إلا أن روسيا، ووفق التحليل، تشعر بقلق بالغ بشأن الوضع في البحر الأحمر، لكن مندوبها الدائم لدى الأمم المتحدة فاسيلي نيبينزيا قال، إن الروس يلقون باللوم على الحرب في غزة.
وأضاف: "ما يسمى بالتحالف البحري الدولي الذي شكلته واشنطن، على الرغم من اسمه المرتفع، (حارس الازدهار) يتكون معظمه في الواقع من سفن حربية تابعة للولايات المتحدة نفسها، وشرعية تصرفاتها من وجهة نظر القانون الدولي تثير شكوكا جدية جدا".
وتابع نيبينزيا: "ولذلك فإن مهامنا اليوم لا تقتصر فقط على تأكيد الإشارة الجماعية المتفق عليها في 1 ديسمبر/كانون الأول، لجماعة أنصار الله حول عدم جواز أفعالهم، بل أيضا تهدئة الرؤوس الساخنة في واشنطن، والذين يعتبرون الصراع الآخر في الشرق الأوسط مجرد جزء من لعبتهم الجيوسياسية".
ويعلق التحليل على ذلك بالقول: "يبدو أن هذا يبرر الهجمات".
ويضيف: "هاجمت حماس إسرائيل في 7 أكتوبر/تشرين الأول، ودافعت تل أبيب عن نفسها، واختار الحوثيون المدعومين من إيران مهاجمة السفن بشكل غير قانوني، ولكن يبدو أن روسيا تحمل إسرائيل المسؤولية عن الهجمات".
اقرأ أيضاً
أنصار الله ترد على مزاعم عبرية: لا اشتباكات مع سفينة حربية أمريكية بالبحر الأحمر
ويتابع: "هذا يترك تساؤلات حول ما قد يحدث بعد ذلك في البحر الأحمر، وهل ستكون الدول مستعدة للتحرك فعليًا ضد الحوثيين؟، أم سيستمر الحوثيون في تحديد الزمان والمكان لمهاجمة السفن؟".
ويحذر قائلا: "إذا امتنعت معظم الشركات عن الشحن، فكل ما على الحوثيين فعله هو انتظار مرور أي سفينة وإطلاق بضعة صواريخ، ويمكنهم بعد ذلك أن يزعموا مرة أخرى أنهم انتصروا من خلال اعتراض التجارة الدولية.. وهذا يوضح كيف يمكن للوكلاء المدعومين من إيران اختيار مكان الهجوم ونادراً ما يعانون من تداعيات".
ويخلص التحليل بالقول: "الدول التي كان من المحتمل أن تدين هذه الهجمات قبل عدة سنوات، بما في ذلك روسيا، أصبحت الآن تميل إلى إلقاء اللوم على العمليات الإسرائيلية في غزة".
وسبق أن دعت روسيا مرارا إلى وقف فوري لإطلاق النار، والإفراج عن جميع الأسرى لدى "حماس"، وتوصيل المساعدات الإنسانية لسكان قطاع غزة الذي تقصفه إسرائيل بشكل مكثف.
كما ألقت روسيا مرارا باللوم في الأزمة الحالية على إخفاق الدبلوماسية الأمريكية.
تجدر الإشارة إلى أن العلاقات الروسية في الشرق الأوسط تشمل جميع الأطراف الرئيسة، بما في ذلك إسرائيل وإيران وحماس والسلطة الفلسطينية، التي لا تملك سوى سلطة محدودة في الضفة الغربية المحتلة.
اقرأ أيضاً
صحيفة عبرية تتهم روسيا بالوقوف ضد الغرب في حرب غزة
المصدر | جيروزاليم بوست - ترجمة وتحرير الخليج الجديدالمصدر: الخليج الجديد
كلمات دلالية: روسيا صحيفة عبرية إسرائيل حرب غزة الحوثيون أمريكا البحر الأحمر فی البحر الأحمر اقرأ أیضا
إقرأ أيضاً:
أمريكا وسياستها في البحر الأحمر
تمضي إسرائيل اليوم ومن ورائها أمريكا وبريطانيا والدول دائمة العضوية بمجلس الأمن إلى تنفيذ فكرة الشرق الجديد، وتنفيذ الخطط الاقتصادية، ومنها الخطط المتعلقة بحركة التجارة العالمية، والسيطرة على مساراتها، وهم ماضون في تحقيق الحلم القديم الذي نشأ بعد تأميم قناة السويس في عام 1956م والمتمثل في إنشاء قناة بن غوريون التي تعمل على تسهيل الحركة بين البحرين الأحمر والأبيض المتوسط في مسارين دون توقف أو إعاقة في حركة منسابة وسهلة لا يمكن لقناة السويس توفيرها بسبب الجغرافيا، والمشروع كبير ويدر دخلا قوميا كبيرا جدا وفق خططه ودراساته المتوفرة .
وقد برزت أهمية البحر الأحمر في منظور السياسة الأمريكية في أعقاب حرب أكتوبر 1973م حين استخدم العرب النفط كسلاح سياسي في سياق المعركة بينهم وبين إسرائيل، وكان للتوسع الأمريكي بعد انهيار الاتحاد السوفيتي عام 1990م دور كبير أثناء رسم السياسات الدولية وتحديد خطوطها الرئيسية، وقد تزايد اهتمام أمريكا بالمنطقة العربية بعد تفردها بحكم العالم حيث يشكل البحر الأحمر أحد محاورها المهمة لكونه يمثل طريقا استراتيجيا لحركة المواصلات العالمية، وله علاقة بالعديد من النزاعات الإقليمية والدولية كالصراع العربي الإسرائيلي، والصراع الإيراني الأمريكي، والصراع الأمريكي الصيني، وسعي العديد من القوى الدولية إلى إقامة قواعد عسكرية على سواحله الممتدة لعشرات الآلاف من الكيلومترات.
وتأتي أهمية البحر الأحمر لكونه بحراً عربياً بنسبة تفوق التسعين بالمئة من سواحله، ومن ناحية أهميته في اعتماد التجارة الدولية بين شرق وغرب الكرة الأرضية على استخدام مياهه واحتواء أغلب الدول المطلة عليه على ثروات معدنية وطبيعة خلابة وسواحل مرجانية فضلا عن احتوائه على كميات كبيرة من النفط والمعادن الأخرى.
ومن هنا كان لا بد للولايات المتحدة من مبررات ودوافع تمكنها من السيطرة على هذا الممر المائي المهم على المستويين السياسي والاقتصادي وقد “أعلنت البحرية الأمريكية تأسيس “قوة مهام جديدة”، مع دول حليفة، تقوم بدوريات في البحر الأحمر، وحُددت مهمتها “تعزيز الأمن في البحر الأحمر ومضيق باب المندب وخليج عدن”، وبشكل أدق “التصدي لتهريب الأسلحة إلى اليمن”، وهي ذرائع لمطامع استعمارية وصهيونية خطيرة.
ويمثل البحر الأحمر أهمية ذات بعد استراتيجي بسبب ارتباطه بمنطقة الخليج، فأمريكا ترى ضرورة استمرار تأمين خطوط الملاحة التي يمر بها النفط والغاز عبر البحر الأحمر وقناة السويس، سعيا منها إلى أن تكون أكثر سيطرة على طرق النفط وعلى منابع النفط حتى تحد من دول الاتحاد الأوروبي، ومن خلال تواجدها في البحر الأحمر وفرض هيمنتها عليه تسعى أمريكا إلى إعادة ترتيب المنطقة طبقا لمصالحها الحيوية والفاعلة، كما أن البحر الأحمر يمثل أهمية عسكرية في حال تهديد المصالح الأمريكية من أي قوة عسكرية محتملة تهدد مصالحها، والأهم وجود مصالح استراتيجية مشتركة بين إسرائيل وأمريكا إذ تلتزم أمريكا بضمان أمن إسرائيل في مواجهة أي احتمال عسكري أو اقتصادي يهدد وجود إسرائيل في المنطقة .
” وحضور أمريكا المباشر قد يكون مزمناً بتثبيت تواجدها وتكريس صهيونية البحر الأحمر حتى يكتمل تحالف ” الناتو العربي الصهيوني” ليقوم بمهمة السيطرة على المنطقة وضمان المصالح الأمريكية، حينئذ محتمل أن تقلص الولايات المتحدة من حضورها المباشر في البحر الأحمر، أما في الظروف الراهنة فلا زالت الجزيرة العربية بالغة الأهمية لها، وخاصة مع سعي كل من روسيا والصين إلى فرض نظام متعدد الأقطاب وبالتالي إعادة رسم خارطة التوازنات العالمية ومعها الانتشار العسكري، فالولايات المتحدة منذ انتصارها على المعسكر الاشتراكي أعلنت “الشرق الأوسط” منطقتها العسكرية المركزية ونشرت فيها أساطيلها وهيمنت عبر الخونة والعملاء عليها” .
“خلف هذا التحرك عاملان: استراتيجي، وتكتيكي، الاستراتيجي: وهو متعلق بالسياسة الأمريكية الصهيونية في ضرورة السيطرة على المضايق البحرية وعلى البحر الأحمر بشكل خاص وعلى منابع النفط، فالبحر الأحمر وفق هذه الاعتبارات يقع في قلب الاستراتيجية الأمريكية الصهيونية .
أما البعد التكتيكي، فهو متعلق بتضاعف القوة اليمنية في البحر الأحمر، واستباق احتمالات التسوية السياسية في اليمن لترسيخ الوجود الأمريكي كأمر واقع، وكذلك تفاقم الأزمة الغربية الروسية الصينية وما يرتبط بها من تحركات لهذه الدول على مستوى العالم أشبه ما يكون بتسجيل نقاط في رقعة شطرنج، في الوقت الذي تحتكر فيه روسيا الحضور العسكري في البحر الأسود حتى الآن وتزداد التصريحات الصينية بأحقية سيادتها في بحر الصين الجنوبي. ”
والخلاصة تريد أمريكا أن تضمن ثلاثة أهداف استراتيجية من خلال فرض هيمنتها على البحر الأحمر هي:
– ضمان عدم سيطرة القوى التي تراها معادية لمشروعها في المنطقة وخاصة محور المقاومة وجل ما تخشاه أن يحدث تحالف بين الصين ودول المنطقة أو بين الدول المطلة على البحر الأحمر وروسيا.
– الهدف الثاني: هو ضمان بقاء إسرائيل واستمرارها في المنطقة، فهي تفرض حمايتها لإسرائيل، فاللوبي الصهيوني الضاغط في أروقة البيت الأبيض والمتحكم في مفاصل الدولة والاقتصاد يفرض مثل هذه السياسة على أمريكا فهي مجبرة لا بطلة في الأمر.
– الهدف الثالث: هو ضمان تدفق النفط والغاز عبر البحر الأحمر وعبر المضايق دون أي قلق وهي اليوم أشد حرصا منها بالأمس بعد أن أشعل الدب الروسي فتيل المعركة في جزيرة القرم وتسبب ذلك في تأثر سوق الطاقة في أوروبا، وتركت الحرب أثرا على اقتصاد دول الاتحاد الأوروبي وعلى أمريكا نفسها، لذلك تخوض حربا مع روسيا بالوكالة من خلال أوكرانيا فهي مع دول الاتحاد الأوربي يدعمون أوكرانيا لوجستيا وعسكريا ويقودون المعركة من خلف جدر أو من بروج مشيدة.
تلك الأهداف كانت وراء تعثر المفاوضات السياسية وبقاء الحال على ما هو عليه حتى تضمن لها موقع قدم في البحر الأحمر دون تهديد من أي قوة عسكرية، فهي ترى أنصار الله كقوة وطنية تحررية معادية لمشروعها لذلك تحاول أن تُفشل أي تقارب سياسي بين صنعاء ودول التحالف العربي ولعلها بعدوانها اليوم تفصح عن هذه الأهداف دون مواربة أو شك.