صحيفة التغيير السودانية:
2024-09-09@07:49:47 GMT

هل يحقق «إعلان أديس» سلام السودان؟

تاريخ النشر: 4th, January 2024 GMT

هل يحقق «إعلان أديس» سلام السودان؟

 

هل يحقق «إعلان أديس» سلام السودان؟

عثمان ميرغني

لا يمكن لعاقل أن يرفض مبدأ إعلاء السلام على صوت البندقية، ووقف الحرب بالتفاوض إن أمكن، على أن يكون هذا السلام معالجا للأسباب التي أدت إلى الاقتتال، وأن يكون باباً لإنصاف ضحاياها، والمحاسبة على أي انتهاكات ارتكبت حتى لا يتكرر مثلها. من هذا المنطلق كنت أتمنى أن أقول إن إعلان أديس أبابا الموقع أول من أمس بين قائد الدعم السريع محمد حمدان دقلو (حميدتي)، ورئيس تنسيقية القوى المدنية الديمقراطية (تقدم) الدكتور عبد الله حمدوك، يعطي بارقة أمل حقيقية بنهاية قريبة لهذه الحرب، لكنني بعد متابعة مخرجات الاجتماعات، أجد نفسي غير متفائل.

اجتماعات أديس أبابا خلطت السياسي بالعسكري، خلافاً لمنبر جدة التفاوضي الذي كان واضحاً في ضرورة معالجة ترتيبات اتفاق وقف إطلاق النار والمساعدات الإنسانية، كخطوة أولى ضرورية تقود إلى مسار آخر منفصل لمحادثات شاملة بين القوى السياسية والمدنية حول الترتيبات السياسية للمرحلة المقبلة، وشكل الحكم وأسس الدستور وخلافه من قضايا هوية الحكم والدولة السودانية. من هنا فإن إعلان أديس بدلا من أن يؤسس لإخراج العسكر من العملية السياسية، فإنه يقحمهم فيها، ويجعلهم جزءا من طروحات الرؤية السياسية. لذلك بدا من الإعلان السياسي أنه يعطي أرضية وصوتا سياسيا لقوات الدعم السريع، وبالضرورة للجيش في أي جولة قادمة من الإعلان، إذا انعقدت مثل هذه الجولة.

فبعض المظاهر في اجتماعات أديس أبابا جعلت «تنسيقية القوى المدنية» تبدو وكأنها متوافقة مع مواقف قائد الدعم السريع، لا سيما في التصفيق أحيانا، أو في سماع الضحكات خلال هجومه على الفريق عبد الفتاح البرهان. هذا التوافق قد يعقد احتمال ترتيب أي اجتماع بين «التنسيقية» والفريق البرهان، كما أنه سهل على البعض القول إن إعلان أديس بابا كان بمثابة رؤية بين حليفين، وقعا اتفاقا يعرض بوصفه أمرا واقعا على البرهان لاحقا، إن اعترض عليه، بدا طرفا رافضا لوقف الحرب ومعرقلا لجهود السلام.

كذلك فإن اتهامات حميدتي للجيش بإثارة النعرات الجهوية والقبلية والتصفيات العرقية، من على منصة الاجتماع وحمدوك جالس جواره، لن تضيف إلا لأجواء التوتر مع قيادة الجيش، والاتهامات لأطراف تنسيقية «تقدم» بالتوافق مع خطاب الدعم السريع.

 

من الملاحظات في «إعلان أديس» أنه في تطرقه لموضوع إعادة بناء القوات المسلحة، ذكر أن تشكيل جيش واحد مهني وقومي يتم وفقا لمعيار التعداد السكاني، وهذه في تقديري مسألة خطيرة تعني تشكيل جيش محاصصات مناطقية، يحمل مخاطر الانقسام والتشرذم والولاءات المناطقية، بدلا من جيش وطني مفتوح أمام أي مواطن وفق شروط الكفاءة واللياقة والرغبة من دون أي اعتبارات لتمكين أو محاصصات من أي نوع.

الإعلان تحدث أيضا عن وقف العدائيات وليس وقف إطلاق النار بما يعني بقاء كل طرف في مواقعه، وهو أمر يثير كثيرا من المشكلات العسكرية، والتعقيدات للمواطنين. وفي هذا الصدد يلاحظ أن الاتفاق بين تنسيقية تقدم وقوات الدعم السريع تجاوز إعلان جدة الموقع في مايو (أيار) الماضي والذي كان من بين أهم بنوده إخلاء بيوت المواطنين والمنشآت المدنية والخدمية. وعلى الرغم من الإشارة إلى «تهيئة الأجواء لعودة المواطنين إلى منازلهم»، فإن «إعلان أديس» ربط ذلك بنشر قوات الشرطة، من دون أن يشرح ماذا يمكن للشرطة أن تفعل لحفظ الأمن في مواجهة قوات مدججة بالسلاح في الأحياء، بينما ذهب حميدتي إلى أبعد من ذلك عندما أعلن أن قواته لن تغادر البيوت والأحياء إلا بعد اتفاق وقف النار.

 

هناك ملاحظات أخرى في الإعلان لا يتسع لها المجال كلها في هذا المقال، لكن تبقى هناك مسألة مهمة لا بد من التطرق إليها، لأنها تشكل العقبة الكؤود أمام إنهاء الحرب وتحقيق السلام المبتغى. فعلى الرغم من كثير من التصريحات التي سمعناها عن أن الحرب فرضت واقعا جديدا، لا يمكن معه العودة إلى ما قبل تاريخ اندلاعها، فإن متابعة مجريات اجتماعات أديس أبابا، وقراءة الإعلان الصادر في نهايتها، تعيداننا إلى الأجواء نفسها التي رافقت «الاتفاق الإطاري»، وقادت إلى الحرب. فالصراع الذي نسف الفترة الانتقالية، وأجج الأجواء، ومهد لهذه الحرب هو صراع بين القوى السياسية بالأساس، قبل أن ينتقل إلى المكون العسكري بشقيه آنذاك. وإذا لم تتوافق القوى السياسية والمدنية وتتوصل إلى حلول تستوعب الجميع من أجل الخروج بالبلد من هذه المحنة، فإننا سنبقى في الدائرة ذاتها من الصراعات، التي من شأنها أن تبقي الحرب مشتعلة إلى أجل غير معلوم.

 

بصورة أكثر وضوحا، فإن الصراع الإقصائي، كان من العوامل الرئيسية التي عرقلت الفترة الانتقالية وقادت إلى اندلاع الحرب. هذا لا يعني أنه لم تكن هناك أسباب أخرى، لكن ذلك الصراع كان عاملا أساسيا وقتها، ويبقى الآن من بين الأسباب التي تسهم في استمرارها، ولا يمكن في تقديري معالجة وقفها من دون نزع فتيل هذا الصراع.

إذا كنا نرى أن السلام يقتضي اتفاقا بين الجيش وقوات الدعم السريع، على الرغم من كل ما فعلته هذه الأخيرة وخلق فجوة عميقة بينها وبين أغلبية المواطنين، فلماذا لا يكون هناك توافق بين القوى المدنية المتصارعة بدلا من الاستمرار في سياسة الإقصاء الصفرية التي لن تعني إلا إطالة أمد الحرب والإضافة إلى تعقيداتها التي تتسع كلما تأخرت نهايتها

الوسومإعلان أديس أبابا إيقاف الحرب السلام عثمان ميرغني

المصدر: صحيفة التغيير السودانية

كلمات دلالية: إعلان أديس أبابا إيقاف الحرب السلام عثمان ميرغني

إقرأ أيضاً:

بيان مشترك من الحركة الشعبية لتحرير السودان التيار الثوري الديمقراطي وتحالف القوى المدنية لشرق السودان

عقدت قيادة تحالف القوى المدنية لشرق السودان والحركة الشعبية التيار الثوري الديمقراطي اجتماع مهم توصل عبرها الطرفين إلى الاتي:

⭕1/ العمل للحفاظ علي وحدة السودان و ان لا تودي الحرب الحالية الي تمزيق البلاد ووحدة أهلها .

⭕2/ التصدي لخطاب الكراهية و تفتيت النسيج الوطني السوداني و ان بلادنا من البحر الي النهر و الي كرنوي غربا و شرقا و جنوبا و شمالا و وسطا هي ارضاً لكافة السودانيات و السودانيين لا نفرق بين احد من بنات و أبناء شعبنا .

⭕3/ ان الحرب الحالية بقدر ما هي كارثة و مهدد للبلاد و قد شهدت جرائم و اعتداء فان هذه الكارثة يجب تحويلها الي منفعة لبناء دولة المواطنة و تاسيس الدولة و إكمال مهام ثورة ديسمبر و الاهتمام بقضايا الريف و إنسانه .

⭕4/ دعم وتشجيع كل المبادرات التي تعمل للوصول إلى وقف اطلاق نار فوري والذي يضمن حق الحياة للسودانيين و السودانيات ويوقف اعمال القتل والاغتصاب والقصف الجوي واحتلال المنازل ويفتح المجال لانسياب المساعدات الإنسانية و برقابة إقليمية و دولية .

⭕5/ العمل المشترك من أجل تخفيف المأساة الإنسانية التي يعاني منها الشعب السوداني في الداخل و الخارج والتواصل مع كل القوى المحلية والدولية العاملة في هذا المجال من أجل تطوير وتنسيق مجهوداتها وفعالية اداءها.

⭕6/ العمل للوصول الي اجندة جديدة لقضية شرق السودان العادلة مما يؤدي إلى توحيد مواطني شرق السودان حول رؤية تجمع و لا تفرق و تصون و لا تبدد والحفاظ على الاقليم كجزء لا يتجزء من السودان و ان لا تؤثر الصراعات في البحر الأحمر سلبا علي وحدة السودان و امنه وتطوير مبادرات السلام الاجتماعي والاستفادة من الموقع الاستراتيجي المميز لشرق السودان و التعاون مع جواره الاقليمي فيما يعود بالفائدة على مواطنيه وكل السودان.

⭕7 / تهئية الاجواء لحوار استراتيجي يجمع كل قوى الهامش و النساء مهمشات المهمشين والقوى الديمقراطية والثورية في كافة أنحاء السودان وذلك بهدف الوصول لمشروع وطني يحظي بالإجماع الكافي مابعد حرب (15 ابريل) و الوصول لسلامآ دائم و مواطنة بلا تمييز و نظام حكم رشيد لا مركزي وقوات مسلحة واحدة و مهنيّة و غير مسيسه و الفصل بين الدين و الدولة و التوزيع العادل للثروة و الدعوة لمؤتمر دستوري للحوار بين جميع السودانيين للاتفاق علي المشروع الوطني الجديد .

⭕8/ اصلاح التحالفات السياسية القائمه و تقويتها بما يضمن قدرتها على مخاطبة التحديات التي يواجهها السودان اليوم وبما يكفل تمثيل التنوع السوداني العريض و الشباب و النساء داخلها.

*6سبتمبر 2024*  

مقالات مشابهة

  • السوداني يشيد بقدرات القوات الأمنية العراقية ويدعو القوى السياسية للتكاتف لتحقيق أمن واستقرار البلاد
  • تنسيقية القوى الديمقراطية المدنية “تقدم” ترحب بما ورد في تقرير بعثة تقصي الحقائق المستقلة التابعة للأمم المتحدة
  • برلماني: الحوار الوطني جمع كل القوى السياسية على طاولة واحدة من أجل الوطن
  • الحكومة العراقية تدعو القوى السياسية والسلطات الدستورية للتحلي بالمسئولية
  • شولتس يتجنّب سؤالاً محرجاً عن زيلينسكي
  • شولتس يعلن اتفاقه مع زيلينسكي على ضرورة مشاركة روسيا في مؤتمر السلام المقبل
  • الأستاذ الصحفي فتحـي الضـو عن الحرب العبثية الدائرة ومآلاتها والسيناريوهات التي يمكن أن تحدث حال إستمرارها
  • رئيس حزب الجيل: الحوار الوطني بلا خطوط حمراء وساهم في تحريك الحياة السياسية
  • مفتي صور وجبل عامل: كل القوى السياسية تستطيع ان تلعب دوراً داعماً للمقاومة
  • بيان مشترك من الحركة الشعبية لتحرير السودان التيار الثوري الديمقراطي وتحالف القوى المدنية لشرق السودان