متلازمة الاغتراب الوالدي.. عقاب أبوي يدفع ثمنه الأبناء
تاريخ النشر: 4th, January 2024 GMT
تصف متلازمة "الاغتراب الوالدي" إستراتيجيات سلبية يتبعها أحد الوالدين لاستمالة الطفل وتأليب مشاعره تجاه الوالد الآخر من خلال التلاعب أو النقد أو السلوكيات السلبية الأخرى من دون مبرر.
وتشمل الإستراتيجيات المستخدمة في هذه المتلازمة حرمان الطفل من التواصل مع الوالد الآخر، أو انتقاده، أو التشجيع على عدم احترامه، أو إجبار الطفل على قطع العلاقات معه، وحينها يشعر الطفل -الذي يتم تلقينه والسيطرة عليه- بالخوف والكراهية والرفض غير المبرر تجاه الوالدين المستهدفين ويرفض الاتصال بهما.
وقد صاغ هذا المصطلح العالم والطبيب النفسي ريتشارد غاردنير عام 1985، إذ وصف فيه محاولات أحد الوالدين فصل الطفل عن الوالد الآخر من باب العقاب للطرف الآخر بعد الطلاق في معظم الحالات.
إجبار الطفل على قطع العلاقات مع الوالد الآخر أحد أوجه متلازمة "الاغتراب الوالدي" (غيتي)من جهتها، تعرف الاختصاصية النفسية للأطفال والمراهقين أسماء طوقان متلازمة "الاغتراب الوالدي" بأنها محاولة أحد الوالدين تغريب الطفل عن الوالد الآخر، واستخدامه كوسيلة للضغط أو عقاب للطرف الآخر، بسبب العلاقة السيئة بينهما.
وتهدف هذه السلوكيات إلى تشويه صورة الآخر أمام الطفل، لمنع التواصل المستقبلي معه وتوليد الكراهية له، مما يؤدي إلى نفور الطفل من أحدهما أو كليهما، متجاهلا أن الطفل هو أكبر متضرر من هذا الأسلوب، وغالبًا ما تنشأ هذه الحالة في أثناء معركة الطلاق أو حضانة الأطفال.
المتلازمة تشوه صورة الوالد الآخر أمام الطفل لمنع التواصل المستقبلي معه (بيكسلز) علامات ظهور المتلازمةوتشرح الاختصاصية النفسية، في حديثها إلى الجزيرة نت، الأساليب التي يتبعها أحد الوالدين لظهور هذه المتلازمة لدى الطفل، وهي كما يلي:
إخبار الطفل من قبل والده أن والدته لا تحبه، ولا تريد سماع صوته والتحدث معه، على الرغم من محاولاتها الدائمة للتواصل معه في الحقيقة. إخبار الطفل من قبل والدته أن والده كان يعنفها جسديا، مما يولد مشاعر الخوف لديه وحقده على والده ورغبته في الانتقام منه. تشويه سمعة الأم أو الأب من قبل أحدهما أمام الطفل، كاستخدام مصطلحات لا تناسب سنه أو تلميحات متعددة مثل: السرقة، الخيانة، وسوء الخلق والسلوك، أو التقليل من شأن الآخر والسخرية منه، مما يُفقد الطفل احترامه لهذا الشخص. الاستهزاء والسخرية من مشاعر الطفل في حال قيامه بالتعبير عن مشاعره تجاه الطرف الآخر، ومنعه من قضاء الوقت معه. تقديم الألعاب والهدايا وتوفير كافة وسائل الترفيه بشكل مبالغ فيه للطفل من قبل أحد الوالدين، ليقضي وقتا أكثر معه ويرفض الذهاب إلى الآخر. اختصاصية الطب النفسي للأطفال الدكتورة أسماء طوقان (الجزيرة) ما تأثيرات المتلازمة على الطفل؟وتشرح طوقان تأثير متلازمة الاغتراب الوالدي على الطفل من النواحي النفسية والأكاديمية والاجتماعية، حسب ما يلي:
يتحمل الطفل مسؤولية والديه، وينضج بسرعة كما لو أن طفولته سُرقت منه، ويحاول تعويض ذلك عبر قضاء وقت طويل على ألعاب الكمبيوتر أو وسائل التسلية الأخرى. القلق والضغط النفسي، بسبب عدم وجوده في بيئة مريحة وحاجته المكبوتة للطرف الآخر. تدني المستوى الدراسي بسبب انشغاله وتركيزه بأمور والديه، وعدم متابعته من قبل أحدهما. الشعور بالحزن والاكتئاب ووجود اضطرابات في النوم أو الطعام والطاقة والذاكرة والتركيز والمزاج. الانعزال والانطوائية وعدم القدرة على تكوين علاقات اجتماعية لخوفه من الاعتياد على أحد ثم فقده.من آثار المتلازمة تدني المستوى الدراسي للطفل بسبب انشغاله وتركيزه بأمور والديه (بيكسلز) خطوات احترازية
وتقول طوقان لتجنب تعرض الطفل لمتلازمة الاغتراب الوالدي يجب اتباع الخطوات التالية:
التحدث مع الطفل بشكل صريح عن الأسباب التي تجعل الوالدين يبتعدان وتفسير الوضع له بشكل يناسب عمره وفهمه. المحافظة على روتين ثابت للطفل، فالثبات والتنظيم يمكن أن يخففا من شعوره بالاغتراب أو الانفصال. عدم إدخال الطفل في الخلافات بين الأبوين وتقليل كل منهما من قيمة الآخر على مسمعه، أو استخدامه كمرسال أو وسيلة لتوصيل رسالة من طرف لآخر. توفير الأمان العاطفي للطفل، أي الحضور عند الحاجة للتخفيف من الشعور بالفقد. تثقيف الوالدين بما يترتب على هذا السلوك اتجاه الطفل. عرضه على المختص النفسي في حال عدم القدرة على السيطرة على سلوكه أو وجود مشاكل واضطرابات نفسية لدى الطفل. الاستشارية التربوية الأسرية أمل بورشك (الجزيرة) شخصية غير قابلة للتواصلوبدورها، تعلق المستشارة الأسرية التربوية الدكتورة أمل بورشك "بما أن الطفل يعيش في بيئة غير سوية من حيث عدم تلقي التربية المتوازنة لبناء شخصيته، تتشكل لديه شخصية غير قابلة للتواصل السليم، ورافضه بشدة، وعناد مبالغ فيه وغير مبرر".
وتعلل ذلك بأن سببه تخوفه الشديد من الطرف الآخر، فتجده لا يهتم بلقاء الطرف الآخر مظهرا عدوانيته تجاهه، ويتعامل معه بطريقة غير محترمة، فيصبح الطفل غير قادر على بناء علاقات سليمة مع الآخرين وحتى مع أفراد عائلته.
وبما أن أحد الأطراف يلوح بالعقاب وتشويه سمعة الآخر، فينمو الطفل ولديه قابلية للافتراء على الآخر، موظفا الكذب لإبداء كرهه الشديد كونه بات موجها، فيتصرف من دون وعي ولا يفكر بطريقة سليمة، وفق بورشك.
وتتابع، تتشوه شخصيته وتذوب ثقته بنفسه، ويستمتع بتشويه سمعة الطرف الآخر، ويكبر لديه شعور الاستخفاف والاستصغار والازدراء بشكل عام، فتتضرر لديه عملية بناء أي علاقة خاصة به، كونه يرفض زيارة الطرف الآخر أو تجديد العلاقة معه أو الرغبة في اللقاء.
وعليه، تشدد بورشك على أنه لا بد للطرفين "عدم استغلال الطفل كأداة لعقاب الطرف الآخر بغض النظر عن صعوبة الموقف، فالصبر وتحمل المسؤولية تجاه بناء شخصية الطفل السليمة وشغله بتعلم دروسه وممارسة واجباته هو الأسلم والأفضل لكل الأطراف".
على الوالدين عدم استغلال الطفل كأداة لعقاب الطرف الآخر (بيكسلز) آثار سلبية على البالغينوبيّن تقرير نشره موقع "بارينتينغ فور براين" بعض الآثار السلبية المترتبة على الأطفال البالغين من الاغتراب الوالدي، ومنها:
انخفاض احترام الذات: ينتشر تدني وكراهية الذات لدى البالغين الذين يعانون من نفور الوالدين. انخفاض الاكتفاء الذاتي: عندما يحرم الآباء المنفرون الطفل من حرية اتخاذ قرارات مستقلة، يتم تقويض الاكتفاء الذاتي. أسلوب التعلق غير الآمن: غالبا ما يكون الوالد الذي ينفر طفله مهتما باحتياجاته الخاصة أكثر من اهتمامه بتلبية احتياجات الطفل، فهم يزرعون التبعية ويتلاعبون بالطفل نفسيا للسيطرة عليه. تعاطي المخدرات: قد يلجأ البالغون الذين عانوا الألم أو الخسارة وهم أطفال صغار إلى تعاطي المخدرات كوسيلة للهروب من الألم والخسارة. انعدام الثقة: يعد انعدام الثقة في أنفسهم وفي الآخرين موضوعا متكررا، إذ يعتقد بعض الأطفال البالغين أنه لن يحبهم أي شخص ويلتزم بهم إذا لم يحبهم آباؤهم بما يكفي للبقاء في حياتهم.المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: أحد الوالدین الطرف الآخر الطفل من من قبل
إقرأ أيضاً:
وزراء باقون رغم الأداء المتراجع.. من يدفع ثمن الجمود السياسي؟
22 ديسمبر، 2024
بغداد/المسلة: في المشهد السياسي العراقي، تتصاعد الأحاديث حول “التعديل الوزاري” وكأنه حلم مؤجل، يواجه تعقيدات كبيرة بين مطالب التغيير وضغوط القوى السياسية.
وآخر التصريحات الصادرة عن رئيس الحكومة محمد شياع السوداني تكشف عن أزمة سياسية عميقة تهدد بتقويض أي محاولة جدية لإجراء التعديلات المرتقبة.
السوداني، الذي بدا واثقًا من تقييماته بشأن استبدال ما بين 4 إلى 6 وزراء، أشار في تصريحات الخميس الماضي إلى أن “عرقلة مقصودة” تقف حائلًا دون تحقيق ذلك.
وقال في مؤتمر صحفي إن بعض القوى السياسية طالبت بتعديلات “شكلية” فقط، وهو ما وصفه بغير المقبول في ظل تقارير الأداء التي أكدت حاجة بعض الوزراء إلى استبدال. ومع ذلك، يبدو أن معارضة القوى المتنفذة، خاصة تلك المحسوبة على “الإطار التنسيقي”، قد أغلقت الباب أمام أي تحرك في هذا الاتجاه.
في حديثها على منصة “إكس”، كتبت مواطنة تدعى لمياء الحسن: “البلد يعاني من أزمات اقتصادية وتعليمية وصحية، والسوداني يتحدث عن تقييمات.. أين الحلول الفعلية؟ التعديل الوزاري ليس رفاهية، بل ضرورة!”. تغريدة الحسن عكست إحباطًا شعبيًا يتصاعد مع استمرار الجمود السياسي.
وقال مصادر إن “الكتل السياسية تخشى أن تؤدي التعديلات إلى إضعاف نفوذها داخل الحكومة. هناك وزراء لا يمكن المساس بهم لأنهم يمثلون مصالح فئوية وطائفية”. وتابعت أن “السوداني يحتاج إلى دعم أقوى من القوى المعارضة للإطار التنسيقي لتمرير التعديلات، وهو ما يبدو صعبًا في الوقت الحالي”.
وفي منشور على “فيسبوك”، أشارت تغريدة إلى أن “استمرار العجز عن إجراء التعديلات يعكس افتقار الحكومة لحرية القرار. التوازن السياسي الذي جاء به السوداني إلى السلطة هو نفسه ما يقيده اليوم، ويدفع بالشارع العراقي نحو مزيد من الاستياء”.
بينما قال المواطن عبد الله الموسوي من بغداد عبر فيسبوك: “إذا كانوا يعجزون عن تغيير وزير فاشل، كيف سيتخذون قرارات أكبر؟ كل شيء في العراق يتمحور حول الصفقات السياسية، والشعب هو من يدفع الثمن”. تعليق الموسوي يتماشى مع حالة عامة من انعدام الثقة في الطبقة السياسية.
وافادت تحليلات أن الأزمة الحالية ليست مجرد أزمة تعديل وزاري، بل هي انعكاس لصراع عميق داخل “الإطار التنسيقي” نفسه، حيث تختلف المصالح وتتصادم الرؤى بشأن كيفية إدارة الحكم.
ووفق معلومات فإن بعض قوى الإطار ترى في أي تعديل وزاري تهديدًا لتوازنات حرصت على بنائها منذ تشكيل الحكومة.
على الجانب الآخر، يرى مراقبون أن السوداني ربما يراهن على الضغط الشعبي، أو حتى على التفكك التدريجي لتحالف القوى الرافضة للتعديل، لتحقيق اختراق ما.
وقال تحليل إن “الأزمة قد تدفع السوداني لتفعيل أدوات دستورية أخرى، مثل الاستجوابات البرلمانية، التي قد تخلق زخمًا سياسيًا يسمح بتمرير تغييرات محدودة على الأقل”.
المسلة – متابعة – وكالات
النص الذي يتضمن اسم الكاتب او الجهة او الوكالة، لايعبّر بالضرورة عن وجهة نظر المسلة، والمصدر هو المسؤول عن المحتوى. ومسؤولية المسلة هو في نقل الأخبار بحيادية، والدفاع عن حرية الرأي بأعلى مستوياتها.
About Post Author زينSee author's posts