تزايدت المخاوف من توسّع رقعة الحرب التي تشنها إسرائيل على قطاع غزة عبر المنطقة بعد الهجومين في لبنان والعراق والانفجارين في إيران، لكن خبراء يقولون إنه من غير المرجح نشوب صراع أوسع في الوقت الحالي.
وبعد 3 أشهر من بدء العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، تصاعدت التوترات في المنطقة. وأدى الهجوم الإسرائيلي إلى استشهاد 22 ألفا و438 شخصا، معظمهم من النساء والأطفال، وفق آخر أرقام وزارة الصحة في غزة.
وأعلن لبنان وحركة المقاومة الإسلامية (حماس) ومسؤول أميركي أن إسرائيل كانت وراء غارة جوية أسفرت عن استشهاد القيادي البارز في حركة حماس صالح العاروري (57 عاما) في معقل حزب الله اللبناني في الضاحية الجنوبية لبيروت الثلاثاء الماضي.
لكن إسرائيل لم تعلن مسؤوليتها عن اغتيال العاروري، وهو أحد مؤسسي الجناح العسكري لحركة حماس في الضفة الغربية المحتلة، لكنها اتهمته بتدبير عديد من الهجمات.
بدورها، حمّلت إيران كلا من إسرائيل والولايات المتحدة مسؤولية انفجاري كرمان -أمس الأربعاء- اللذين أسفرا عن مقتل أكثر من 100 شخص في ذكرى مقتل اللواء قاسم سليماني قبل 4 سنوات بغارة أميركية في العراق.
إلا أن الناطق باسم الخارجية الأميركية ماثيو ميلر قال إن "الولايات المتحدة ليست ضالعة في أي حال من الأحوال (في التفجيرين)، وأي قول يعاكس ذلك هو أمر سخيف"، وفق تعبيره.
في غضون ذلك، حمّل العراق و"الحشد الشعبي" الولايات المتحدة مسؤولية "قصف أميركي" أدى إلى مقتل أحد القادة العسكريين في الفصيل في بغداد اليوم الخميس.
حرب مع لبنان
ويعد صالح العاروري أبرز شخصية في حماس تستشهد منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي. والهجوم الذي أدى لاغتياله يعد الأول من نوعه في بيروت منذ الحرب التي استمرت شهرا بين إسرائيل وحزب الله عام 2006، والتي دُمّرت خلالها مساحات شاسعة من جنوب لبنان وأودت بحياة 1200 لبناني، معظمهم مدنيون، و160 إسرائيليا معظمهم جنود.
ويعاني لبنان أزمة اقتصادية خانقة، في حين أدى الجمود السياسي إلى توقف المساعدات الدولية.
وقال الناطق باسم الجيش الإسرائيلي دانيال هاغاري -في مؤتمر صحفي الثلاثاء- بعد استشهاد العاروري إن قواته "في حالة تأهب (…) دفاعا وهجوما. نحن على استعداد لكل السيناريوهات".
من جهته، قال مارك ريغيف مستشار رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو إن إسرائيل لم تعلن مسؤوليتها عن الاغتيال، مؤكدا في الوقت نفسه أن ذلك لم يكن "هجوما على الدولة اللبنانية" أو حزب الله.
بدوره، حذّر الأمين العام لحزب الله اللبناني حسن نصر الله -أمس الأربعاء- إسرائيل من شنّ حرب على لبنان، مؤكدا أن قتال الحزب حينها سيكون "بلا ضوابط"، معتبرا اغتيال العاروري "جريمة خطيرة لن تمر دون رد وعقاب".
هجوم مثير للقلق
وفي السياق، قال كريم البيطار، أستاذ العلاقات الدولية في جامعة القديس يوسف في بيروت، إن الهجوم على الضاحية الجنوبية لبيروت "مثير للقلق".
وأوضح "حتى لو لم تكن إيران أو حزب الله أو إسرائيل تريد حربا مفتوحة، فإن الحسابات الخاطئة وعمليات انتقامية غير مدروسة جيدا قد تؤدي إلى تفجير الوضع"، وفق تعبيره.
من جهتها، قالت أمل سعد، الأستاذة في جامعة كارديف البريطانية والخبيرة في شؤون حزب الله، إنه "سيكون على حزب الله الرد بطريقة… تحذر إسرائيل من عدم تكرار ذلك".
وأضافت "لكنه لا يستطيع الرد بطريقة لا تترك لإسرائيل من خيار سوى شن حرب شاملة"، مشيرة إلى أنه سيتعين على حزب الله أيضا تعزيز الأمن لمسؤولي حماس الآخرين الموجودين في بيروت.
أما مهى يحيَ من مركز كارنيغي للشرق الأوسط، فقالت "لا أعتقد أن حزب الله ستكون لديه رغبة في جر لبنان إلى نزاع كبير في هذه اللحظة والتوقيت بالتحديد، نظرا إلى الوضع الإقليمي".
صراع إقليمي؟
من ناحيته، قال فابريس بالانش، مدير البحوث في جامعة ليون، إنه من غير المحتمل اندلاع حرب إقليمية. وأضاف أن "الإيرانيين لا يريدون مواجهة مع إسرائيل، وكذلك حزب الله، لأنهم يعرفون أنهم سيكونون في موقف دفاعي".
وأوضح "إذا تعرضت إسرائيل لهجوم صاروخي، فإن الأميركيين سيردّون".
وبدلا من ذلك، من المرجح أن تكتفي إيران بالرد من خلال مواصلة عرقلة التجارة البحرية في البحر الأحمر، وفقا لبالانش.
وشنّ الحوثيون في اليمن أكثر من 20 هجوما على سفن تجارية حول المضيق الجنوبي للبحر الأحمر عند باب المندب، مما أدى إلى عرقلة الشحن في ممر مائي يمر عبره 12% من التجارة العالمية.
وقال بالانش "يجب على الإيرانيين الرد، لكن ليس بشكل مباشر… إغلاق باب المندب مكلف جدا" للذين يستخدمون هذا الطريق الإستراتيجي.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حزب الله
إقرأ أيضاً:
لا إيران تنهي الحزب ولا إسرائيل تنهي الحرب
كتب طوني عيسى في" الجمهورية": هناك أفخاخ عدة زرعها بنيامين نتنياهو في صلب الورقة التي يعمل هوكشتاين على تسويقها، وأبرزها على الإطلاق شرط احتفاظ إسرائيل ب »حقّها » فيرصد أجواء لبنان بالطيران الحربي والمسيّرات، وبأن تكون لها صلاحية تنفيذ عمليات عسكرية داخل الأراضي اللبنانية، في أي لحظة، إذا اكتشفت أنّ«حزب الله » أو أي طرف آخر يقوم مجدداً بالتسلح أو الانتظام عسكرياً.طبعاً،المفاوض اللبناني هرب من هذا البند باعتماد صيغة «حق كل من الطرفين في الدفاع عن النفس »، إذا اكتشف أنّ الطرف الآخر يخرق الاتفاق. ووفق الصيغة المتداولة، يتقدّم الطرف المشتكي باعتراضه إلى الهيئة المعنية بمراقبة الاتفاق،التي يرئسها جنرال أميركي، وهي تتولّى المعالجة. ولكن السؤال هو: ماذا لواعتبر الطرف الشاكي أنّ المعالجة لم تتمّ كما يجب؟ هل سيحصّل حقه بيده؟ أيهل يلجأ إلى القوة في التعاطي مع الطرف الآخر؟ هذه الصيغة التي طرحها لبنان، كبديل من النص القاسي الذي كان قد صاغه الإسرائيليون، تبقى أيضاً قاسية، وهي عملياً تخدم المصلحة الإسرائيلية في التنفيذ. فإسرائيل لا تحتاج إلى خرق القرار 1701 لتحافظ على قوة ردعها. وأما «حزب الله » فمضطر للحصول على السلاح من الخارج وتخزينه من أجل البقاء كقوة عسكرية، وإّ لّافإنّه سيصبح حزباً سياسياً لا أكثر. وكذلك، الإسرائيليون مؤهلون أكثر من«الحزب » لإقناع أركان الهيئة بوجهة نظرهم. فهي برئاسة أميركي وتضمّ دولاً أطلسية، بعضها يعتبر الجناح العسكري ل »الحزب » منظمة إرهابية، ما يعني أنّ احتمال تحرّك الهيئة ضدّ«الحزب » يفوق بكثير احتمال تحركها ضدّ إسرائيل. وللتذكير أيضاً، إسرائيل تمتلك قدرة عملانية كبيرة على ضرب أهداف لـ «الحزب » في لبنان، إذا قرّرت ذلك، فيما قدراته على القيام بالمثل ضدّها هي اليوم محدودة، وستكون محدودة أكثر بعد تنفيذ الاتفاق وتوقفه عن التزود بالسلاح.
في أي حال، ربما تكون صيغة «الدفاع عن النفس » هي أفضل ما استطاع المفاوض اللبناني تحقيقه، كبديل من الطرح الإسرائيلي القاضي بالتدخّل العسكري، في أي لحظة، علماً أنّ إيراده ضمن ملحق خاص بينهم وبين الأميركيين يشكّل إلزاماً إضافياً لواشنطن. والتدقيق في هذا الشرط يكشف أبعاداً بالغة الخطورة حاول المفاوض اللبناني تجنّبها .
في أي حال، قرار لبنان الرسمي ليس عنده. والمفاوض الفعلي هو إيران. فهل ستترك لإسرائيل أن تهزم «الحزب » نهائياً؟ وهل تعتبر أنّ «الحزب » في موقع ضعف في لبنان يفرض عليها الاستسلام؟ المطلعون على أجواء «الحزب » يقولون إنّ إيران لن توافق في أي شكل على انكسار «الحزب » أمام إسرائيل في لبنان، كما لم توافق على انكسار «حماس » في غزة، وستقاتل حتى النهاية سعياً إلى تدارك الخسارة. وهي تراهن على أنّ إسرائيل قد تتعب وتدفعها الظروف الدولية إلى تسوية أكثر توازناً تسمح ل «الحزب » بأن يحتفظ بقوته، وأن يبقى لها نفوذ من خلاله على حدود إسرائيل وشاطئ المتوسط. ففي الواقع،لن توافق طهران بأي ثمن على نهاية «حزب الله ». وفي الموازاة، لن توافق إسرائيل على نهاية الحرب الدائرة حالياً. ولذلك، سيراوح هوكشتاين طويلاً في الدوامة باحثاً عن تسوية. وسيناور بنيامين نتنياهو وشركاؤه في حكومة اليمين واليمين المتطرف ويرفضون أي تسوية حتى يبلغوا أهدافهم المرسومة، في المراحل المقبلة من الحرب. وهذه الأهداف ستؤدي على الأرجح إلى إحداث تحولات جديدة في لبنان والمنطقة كلها.