أستاذ بالأزهر: بعض الناس يفعلون عملا صالحا في ظاهره رياء الناس
تاريخ النشر: 4th, January 2024 GMT
قال الدكتور علي عثمان شحاتة، أستاذ ورئيس قسم الثقافة الإسلامية بكلية الدعوة جامعة الأزهر الشريف، إن الله سبحانه يأمرنا بالعمل الصالح، وتكون الرقابة على هذا العمل الله ورسوله والمؤمنين، وهو ما جاء فى قوله سبحانه وتعالى: " وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ".
وأوضح أستاذ ورئيس قسم الثقافة الإسلامية بكلية الدعوة جامعة الأزهر الشريف، خلال مداخلة تلفزيونية اليوم الخميس: "الإنسان يمكن أن يعمل عملا صالحا فى ظاهره رياء الناس، لكن فى باطنه يغضب الله سبحانه وتعالى، فكل ما يفعله الإنسان يراه الله ويراقبه وسيخبرنا ، يقول (وَسَتُرَدُّونَ إِلَىٰ عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ)".
وأضاف: "الله يقبل التوبة عن عباده ويأخذ الصدقات، فالإنسان الذى يتوب تجوب توبته ما قبلها، وهذا يحتاج إلى مضاعفة العمل الصالح ليجبر ما فاته، وعبارة سيرى الله عملكم فيه تحذير من التقصر وارتكاب المعاصي".
حكْم الرّياء
حكْم الرّياء.. بيّنت الشريعة الإسلاميّة أن الرياء محرم، وأن العمل المصاحب للرياء مردود وغير مقبول، والرّياء كذلك نوع من أنواع الشّرك بالله تعالى، ومن أدلّة تحريم الرّياء قال الله تعالى: (قُل إِنَّما أَنا بَشَرٌ مِثلُكُم يوحى إِلَيَّ أَنَّما إِلهُكُم إِلهٌ واحِدٌ فَمَن كانَ يَرجو لِقاءَ رَبِّهِ فَليَعمَل عَمَلًا صالِحًا وَلا يُشرِك بِعِبادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا).قال الرّسول -صلّى الله عليه وسلّم- في الحديث القدسيّ فيما يرويه عن الله عزّ وجلّ: (أنا أغنَى الشركاءِ عن الشركِ، مَن عمِل عملًا أشرك فيه معِي غيرِي، تركتُه وشركَه).
ومن يجعل عمله لله وللرياء فقد أشرك مع الله في عمله، ومن أراد مِن عمله مدح الناس فقط رأى فيه بعض العلماء أنه دخل في النفاق والشرك ويخرج من الملّة، ومن أجل تجنّب الوقوع في ذلك هناك عدة أمور تساعد في الابتعاد عن الرياء أبرزها.
أنواع الرياء
يحاول العبد أن يحسن من نفسه أمام الناس، رغبةً في الحصول على الثّناء والإعجاب والحمد، ويسلك العبد عدّة طرق لتحقيق ذلك، منها الرّياء بالبدن؛ ويكون بإظهار التعب والإرهاق والمرض حتى يظن الناس بأن ذلك من كثرة العبادات والطّاعات، ويكون أيضًا بإظهار الحزن على الإسلام والمسلمين، وإظهار الخوف من الحياة الآخرة، الرّياء بالملابس والهيئة العامة بعدم الاهتمام بالشكل الخارجي كعدم الاهتمام بالملابس، وبالمشي في الطريق مع خفض الرأس، وعدم إزالة أثر السجود عن الوجه.
الرّياء منه بالأقوال ومنه الرياء في النصح والوعظ والإرشاد، وتعمّد ذكر الله -تعالى- أمام الناس، وإظهار الحزن والأسف على ارتكاب النّاس للمعاصي والذّنوب والمنكرات، وإظهار العلم أمام النّاس.
الرّياء بالأعمال يكون من خلال القيام بالعبادات بنية مراءاة النّاس، ومنه: الإطالة في السجود والركوع، والجهاد في سبيل الله -تعالى- رياءً ، والرياء بالأصحاب والزوار وهو تعمّد زيارة العلماء والدّعاة والشيوخ ليُقال عنه إنه أخذ العلم عن كثير من الشّيوخ والعلماء ويتفاخر بهم.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: جامعة الازهر الشريف الرياء جامعة الأزهر الر یاء
إقرأ أيضاً:
رمضان.. والتحلي بالأخلاق
الأخلاق مقصد من مقاصد البعثة النبوية، والعبادة وسيلة لتحقيق ذلك المقصد، بإصلاح النفوس وتقويم ما أعوج من خلق. ويقول سبحانه وتعالى: (وَلا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ)، «صورة فصلت: الآية 34». وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله ﷺ: «من لم يدع قول الزور والعمل به، فليس لله حاجة في أن يدع طعامه وشرابه». (صحيح البخاري: 1903). في رمضان تتجدد الدعوة لتأصيل الأخلاق، فيبين النبي ﷺ أن من معاني الصيام الإمساك عن كل خلق سيئ، ولذلك فقد أوصى النبي ﷺ بضبط النفس وكبح جماحها إذا ما أرادت أن تتلبس بشهوة ممنوعة أثناء الصيام، لأن الصيام تربية وقائية، وتوجيه سلوكي نحو الاستقامة الدائمة.
فإذا اعتادت النفس في رمضان ترك المباح من المأكولات والمشروبات، طاعة لله تعالى، كانت على ترك الذنوب والمعاصي أقدر، لذلك جاء في الحديث: عن أبي هريرة، رضي الله عنه، أن رسول الله ﷺ قال: «الصيام جنة، فلا يرفث ولا يجهل، وإن امرؤ قاتله أو شاتمه فليقل: إني صائم مرتين، والذي نفس محمد بيده لخلوف فم الصائم أطيب عند الله تعالى من ريح المسك، يترك طعامه وشرابه وشهوته من أجل الصيام لي وأنا أجزي به والحسنة بعشرة أمثالها»، (صحيح البخاري، 1894).
فمن ترك المحرمات كالغيبة والنميمة، والمباحات كالطعام والشراب، طاعة لله تعالى، وامتثالاً لأمره، فقد استحق هذا الثواب العظيم المذكور في الأحاديث.. فلنلتزم بما أمر الله تعالى به من حسن الخلق، فإنه من مقاصد الصيام، والأخلاق دعوة قرآنية ومنزل سامية يجب التحلي بها، خاصة في شهر رمضان، ولا يبلغ العبد كمال الإيمان إلا إذا استقامت أخلاقه، وللصوم مقاصد أخلاقية، على المسلم أن يحرص على تحقيقها.
الكلمة الطيبة
اهتم ديننا الحنيف بما يصدر عن جوارح الإنسان، وأكثرها تأثيراً اللسان، فدعا إلى الكلمة الطيبة ورتب عليها الأجر والثواب، قال النَّبِي ﷺ: «الْكَلِمَةُ الطَّيِّبَةُ صَدَقَةٌ»، فالكلمة الطيبة هي التي ينطقها صاحبها فيما يقربه من ربه تعالى، وتفتح أبواباً للخير، وتغلق أبواباً للشر، وتضمد الجراح، وتذهب الغيظ، وتنشر الخير والمحبة في قلوب الناس، وتُحدث أثراً طيباً في نفوسهم.. وهي من الأعمال الفاضلة التي تراعى في كل الأوقات، وبالأخص في شهر رمضان، لقوله ﷺ: «الصيامُ جُنَّةٌ، فإذا كان أحدُكم صائماً فلا يَرفُثْ ولا يَجهلْ، فإنِ امْرُؤٌ شاتَمَه أو قاتَلَهُ فَليَقُلْ إنِّي صائمٌ»..
وأمر الله عباده بأن يقولوا أفضل الكلام وأحسنه، فقال: «وَقُلْ لِعِبَادِي يَقُولُوا الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ»، ومن عظيم قدر الكلمة الطيبة، أنها تصعد إلى السماء فتفتح لها الأبواب، قال تعالى: «إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ»، فمن وُفق للطيب من القول، دلّ على فضل الله عليه وهدايته له، قال تعالى: «وَهُدُوا إِلَى الطَّيِّبِ مِنَ الْقَوْلِ».
وأفضل الكلم الطيب وأعلاه: شهادة أن لا إله إلا الله، قال سبحانه: (أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاءِ)، «سورة إبراهيم: الآية 24»، قال ابن عباس في قوله تعالى (كَلِمَةً طَيِّبَةً): «هي شهادة أن لا إله إلا الله».
والكلمة الطيبة لها ثمارها في الدنيا والآخرة، أما في الآخرة فتقي صاحبها من النار، قال ﷺ: «اتَّقُوا النَّارَ وَلَوْ بِشِقِّ تَمْرَةٍ فَإِنْ لَمْ تَجِدْ فَبِكَلِمَةٍ طَيِّبَةٍ»، وترفعه في الجنة درجات، قال: «إِنَّ العَبْدَ لَيَتَكَلَّمُ بِالكَلِمَةِ مِنْ رِضْوَانِ اللَّهِ، لاَ يُلْقِي لَهَا بَالًا، يَرْفَعُهُ اللَّهُ بِهَا دَرَجَاتٍ».
والكلمة الطيبة تحفظ مودة الأهل والأصدقاء، وتستديم محبتهم، وتقطع كيد الشيطان، وتضعف مكره ومكائده، قال تعالى: (وَلا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ)، «سورة فصلت: الآية 34»، فكم من كلمة طيبة كانت سبباً في اجتماع زوجين، وتصالح خصمين، واستقرار أسرة، والكلمة الطيبة هي القول الذي يرضي الله عز وجل، ويدخل السرور على القلوب، ويثمر في المجتمع المحبة والاحترام، فأثر الكلمة الطيبة ثابت في الأرض، وثوابها مكتوب في السماء.
العفة
يقول الله سبحانه وتعالى: (وَلْيَسْتَعْفِفِ الَّذِينَ لَا يَجِدُونَ نِكَاحًا حَتَّىٰ يُغْنِيَهُمُ اللَّهُ مِن فَضْلِهِ...)، «سورة النور: الآية 33». ويقول عز وجل: (قُل لِّلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَٰلِكَ أَزْكَىٰ لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ * وَقُل لِّلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ)، «سورة النور: الآيات 30 - 31». ويقول جلا جلاله: (يَحْسَبُهُمُ الْجَاهِلُ أَغْنِيَاءَ مِنَ التَّعَفُّفِ تَعْرِفُهُم بِسِيمَاهُمْ لَا يَسْأَلُونَ النَّاسَ إِلْحَافًا ۗ وَمَا تُنفِقُوا مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ اللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ)، «سورة البقرة: الآية 273».
وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه: أن رسول الله ﷺ قال: «من استغنى: أغناه الله عز وجل، ومن استعف: أعفه الله عز وجل، ومن استكفى: كفاه الله عز وجل»، (سنن النسائي، 2595).. وعن أبي سعيد الخدري، رضي الله عنه: أن رسول الله ﷺ قال: «من يستعفف يعفه الله، ومن يستغن يغنه الله، ومن يتصبر يصبره الله، وما أعطي أحد عطاء خيراً وأوسع من الصبر»، (متفق عليه).
ولقد جاء الإسلام ليتمم القيم والمبادئ التي تسمو بالإنسان، فقال ﷺ: «بُعِثْتُ لأِتَُممَ حُسْنَ الْأَخْلَاقِ»، (موطأ مالك، 8).
ومن هذه الأخلاق التي أرسى الإسلام قواعدها وجعلها منسجمة مع الفطرة السليمة: خلق العفة والعفاف، هذا الخلق العظيم الذي كان رسول الله ﷺ يحرص عليه في دعائه، فيقول ﷺ: «اللهم إني أسألك الهدى والتقى، والعفاف والغنى»، (صحيح مسلم، 2721).
العفة خلق كريم
فالعفة خلق كريم وصفة نبيلة، وهو عنوان النفوس الزكية، ودليل التربية الصالحة.. وأصل العِفة: الكَف عَما لَا يَحِل وَعَن كل قَبِيح، (المخصص، 1/ 345).. فالمسلم يعف جوارحه عن الحرام، فلا تغلبه شهوته حتى يتيسر له الحلال.. والمسلم يعف نفسه عن أموال الناس، لا يعتدي عليها، ولا يأخذها بغير حق، فلا يسأل الناس إذا احتاج، ولا يتسول ولا يطلب المال دون عمل. ويعف لسانه عن الكذب والسب والشتم، والغيبة والنميمة، فلا يتكلم إلا بخير ولا يقول إلا طيبًا، كما لا يخوض فيما لا يعنيه.
فالعفة تحفظ المسلم من الوقوع في كل نقيصة، وتدفع به نحو كل فضيلة، وإن شيوع هذا الخلق الكريم يؤدي إلى شيوع مكارم الأخلاق التي تضبط المجتمع فيصبح واحة خير يشع منها الأمن والأمان والخير والسلام.
والعفة خلق يحفظ المسلم من الوقوع في النقائص، ويدفع به نحو الفضائل، وهي من الأخلاق التي تُكتسب وتُنال بالتربية، والعفة تحمل على الحياء الذي هو رأس كل خير.
فتوى
ورد لمجلس الإفتاء السؤال التالي: «لديَّ جفاف في العين وأمرني الطبيب باستعمال قَطرة العين ففعلت ذلك في نهار رمضان، فماذا علي؟
أجاب مجلس الإمارات للإفتاء الشرعي بـ «لا شيء عليك في استعمال قطرة العين ما لم يصل شيءٌ منها إلى الحلق أثناءَ الصيامِ، وينبغي لك استعمالها لَيْلاً إذا لم يكن في ذلك عليك ضرر، حفاظاً على سلامة صومك». قال بعض أهل العلم: «إذا علم من عادته أن الكحل أو نحوه لا يصل إلى حلقه فلا شيء عليه»، (شفاء الغليل لابن غازي: 1/ 297).
حديث
عَنْ عَبْدِ اللهِ بنِ مَسْعُوْدْ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: حَدَّثَنَا رَسُوْلُ اللهِ ﷺ وَهُوَ الصَّادِقُ المَصْدُوْقُ: «إِنَّ أَحَدَكُمْ يُجْمَعُ خَلْقُهُ فِيْ بَطْنِ أُمِّهِ أَرْبَعِيْنَ يَوْمَاً نُطْفَةً، ثُمَّ يَكُوْنُ عَلَقَةً مِثْلَ ذَلِكَ، ثُمَّ يَكُوْنُ مُضْغَةً مِثْلَ ذَلِكَ، ثُمَّ يُرْسَلُ إِلَيْهِ المَلَكُ فَيَنفُخُ فِيْهِ الرٌّوْحَ، وَيَؤْمَرُ بِأَرْبَعِ كَلِمَاتٍ: بِكَتْبِ رِزْقِهِ وَأَجَلِهِ وَعَمَلِهِ وَشَقِيٌّ أَوْ سَعِيْدٌ. فَوَالله الَّذِي لاَ إِلَهَ غَيْرُهُ إِنََّ أَحَدَكُمْ لَيَعْمَلُ بِعَمَلِ أَهْلِ الجَنَّةِ حَتَّى مَا يَكُوْنُ بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا إلا ذِرَاعٌ فَيَسْبِقُ عَلَيْهِ الكِتَابُ فَيَعْمَلُ بِعَمَلِ أَهْلِ النَّارِ فَيَدْخُلُهَا، وَإِنَّ أَحَدَكُمْ لَيَعْمَلُ بِعَمَلِ أَهْلِ النَّارِ حَتَّى مَا يَكُونُ بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا إلا ذِرَاعٌ فَيَسْبِقُ عَلَيْهِ الكِتَابُ فَيَعْمَلُ بِعَمَلِ أَهْلِ الجَنَّةِ فَيَدْخُلُهَا»، (رواه البخاري ومسلم).
قطوف رمضانية
كتب الحسن البصري إلى فرقد أوصيك بتقوى الله، والاستعداد لما وعد الله مما لا حيلة لأحد في دفعه، ولا ينفع الندم عند نزوله، فاحسر عن رأسك قناع الغافلين، وانتبه من رقدة الجاهلين.