تفسير الآية 7 من سورة غافر، ومعنى استغفار حملة العرش للمؤمنين، أمر نستعرضه في بيان معاني القرآن الكريم،  حيث جاء في قوله تعالى:«الَّذِينَ يَحْمِلُونَ الْعَرْشَ وَمَنْ حَوْلَهُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَيُؤْمِنُونَ بِهِ وَيَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا وَسِعْتَ كُلَّ شَيْءٍ رَّحْمَةً وَعِلْمًا فَاغْفِرْ لِلَّذِينَ تَابُوا وَاتَّبَعُوا سَبِيلَكَ وَقِهِمْ عَذَابَ الْجَحِيمِ (7)».

 

تفسير الآية 7 من سورة غافر

يقول الإمام الطبري في تفسير الآية 7 من سورة غافر: القول في تأويل قوله تعالى : الَّذِينَ يَحْمِلُونَ الْعَرْشَ وَمَنْ حَوْلَهُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَيُؤْمِنُونَ بِهِ وَيَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا وَسِعْتَ كُلَّ شَيْءٍ رَحْمَةً وَعِلْمًا فَاغْفِرْ لِلَّذِينَ تَابُوا وَاتَّبَعُوا سَبِيلَكَ وَقِهِمْ عَذَابَ الْجَحِيمِ (7) يقول تعالى ذكره: الذين يحملون عرش الله من ملائكته, ومن حول عرشه, ممن يحفّ به من الملائكة ( يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ ) يقول: يصلون لربهم بحمده وشكره ( وَيُؤْمِنُونَ بِهِ ) يقول: ويقرّون بالله أنه لا إله لهم سواه, ويشهدون بذلك, لا يستكبرون عن عبادته (وَيَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِينَ آمَنُوا ) يقول: ويسألون ربهم أن يغفر للذين أقرّوا بمثل إقرارهم من توحيد الله, والبراءة من كلّ معبود سواه ذنوبهم, فيعفوها عنهم.

كما حدثنا بشر, قال: ثنا يزيد, قال: ثنا سعيد, عن قتادة, قوله: ( وَيَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِينَ آمَنُوا ) لأهل لا اله إلا الله.

وقوله: ( رَبَّنَا وَسِعْتَ كُلَّ شَيْءٍ رَحْمَةً وَعِلْمًا ) , وفي هذا الكلام محذوف, وهو يقولون; ومعنى الكلام ويستغفرون للذين آمنوا يقولون: يا ربنا وسعت كلّ شيء رحمة وعلما. ويعني بقوله: ( وَسِعْتَ كُلَّ شَيْءٍ رَحْمَةً وَعِلْمًا ) : وسعت رحمتك وعلمك كل شيء من خلقك, فعلمت كل شيء, فلم يخف عليك شيء, ورحمت خلقك, ووسعتهم برحمتك.

ما المقصود بقوله تعالى :«وإن تصبهم سيئة».. ما معنى سيئة هنا ؟

وقد اختلف أهل العربية في وجه نصب الرحمة والعلم, فقال بعض نحويّي البصرة: انتصاب ذلك كانتصاب لك مثله عبدا, لأنك قد جعلت وسعت كلّ شيء, وهو مفعول له, والفاعل التاء, وجاء بالرحمة والعلم تفسيرا, وقد شغلت عنهما الفعل كما شغلت المثل بالهاء, فلذلك نصبته تشبيها بالمفعول بعد الفاعل; وقال غيره: هو من المنقول, وهو مفسر, وسعت رحمته وعلمه, ووسع هو كلّ شيء رحمة, كما تقول: طابت به نفسي, طبت به نفسا, . قال: أما لك مثله عبدا, فإن المقادير لا تكون إلا معلومة مثل عندي رطل زيتا, والمثل غير معلوم, ولكن لفظه لفظ المعرفة والعبد نكرة, فلذلك نصب العبد, وله أن يرفع, واستشهد لقيله ذلك بقول الشاعر:
مــا فــي مَعَــدّ والقبـائِلِ كُلِّهـا
قَحْطَــانَ مِثْلُــكَ وَاحِــدٌ مَعْـدُودُ (5)
وقال: ردّ" الواحد " على " مثل " لأنه نكرة, قال: ولو قلت: ما مثلك رجل, ومثلك رجل, ومثلك رجلا جاز, لأن مثل يكون نكرة, وإن كان لفظها معرفة.

وقوله: (فَاغْفِرْ لِلَّذِينَ تَابُوا وَاتَّبَعُوا سَبِيلَكَ ) يقول: فاصفح عن جرم من تاب من الشرك بك من عبادك, فرجع إلى توحيدك, واتبع أمرك ونهيك.

كما حدثنا بشر, قال: ثنا يزيد, قال: ثنا سعيد, عن قتاده ( فَاغْفِرْ لِلَّذِينَ تَابُوا ) من الشرك.
وقوله: ( وَاتَّبَعُوا سَبِيلَكَ ) يقول: وسلكوا الطريق الذي أمرتهم أن يسلكوه, ولزموا المنهاج الذي أمرتهم بلزومه, وذلك الدخول في الإسلام.

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.

وذكر في تفسير الآية 7 من سورة غافر من قال ذلك: حدثنا بشر, قال: ثنا يزيد, قال: ثنا سعيد, عن قتادة ( وَاتَّبَعُوا سَبِيلَكَ ) : أي طاعتك وقوله: ( وَقِهِمْ عَذَابَ الْجَحِيمِ ) يقول: واصرف عن الذين تابوا من الشرك, واتبعوا سبيلك عذاب النار يوم القيامة.

تفسير الآية 7 من سورة غافر

كما يقول الدكتور حذيفة محمد أحمد خليل، الأمانة المساعدة للدعوة والإعلام الديني في وقفةٌ تفسيرية: احتج كثير من العلماء بهذه الآية في إثبات أن المَلَك أفضل من البشر، لأن الملائكة لما فرغوا من الثناء على الله والتقديس اشتغلوا بالاستغفار لغيرهم مِن المؤمنين، وهذا يدل على أنهم مستغنون عن الاستغفار لأنفسهم؛وإلا لبدأوا بأنفسهم قبل غيرهم، بدليل قول النبي- صلى الله عليه وسلم فيما رواه النسائي عن جابر: «ابدأ بنفسك» وقول الله- تعالى- لنبيه: " فَاعْلَمْ أَنَّهُ لا إِلهَ إِلَّا اللَّهُ، وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِناتِ" [ سورة محمد- 19] 
وتابع: فأمر الله رسوله محمدًا- صلى الله عليه وسلم- أن يستغفر لنفسه، ثم لغيره. التفسير المنير - للزحيلي. 

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: معاني القرآن القران الكريم استغفار ی س ت غ ف ر ون

إقرأ أيضاً:

أكبر ذنب في شهر رجب.. علي جمعة يحذر من فعل شائع يقع فيه كثيرون

لاشك أنه ينبغي علينا الانتباه إلى أكبر ذنب في رجب وتجنبه ، خاصة أنه يودعنا شهر رجب مسرعًا كعادة الأزمنة المباركة ، حيث نشهد الآن أيامه الأخيرة ، وهو الأمر الذي يستوجب الانتباه وتجنب المعاصي وفي صدارتها أكبر ذنب في رجب ، فكما يتضاعف الأجر فإنه كذلك تغلظ فيه عقوبات المعاصي، لأنه من الأشهر الحُرم، لذا ينبغي تجنب أكبر ذنب في رجب دون تهاون به أو بأي معصية مهما كانت صغيرة في ما تبقى من هذا الشهر  ، ولأننا نعرف فضل هذا الشهر العظيم، من هنا ينبغي تجنب أكبر ذنب في رجب ، وقد توعد الله تعالى فاعله بالعذاب الأليم إذا ما ارتكبه في شهر رجب والأشهر الحرم على وجه الخصوص، من هنا ينبغي معرفة أكبر ذنب في رجب الذي أمرنا الله تعالى بتجنبه في شهر رجب وفي غيره من الأشهر الحرم.

هل التسبيحة في رجب تعادل ألفا في غيره؟.. انتبه لـ5 حقائقبـ 3 أعمال آخر ساعة قبل الظهر في رجب.. تفتح لك أبواب السماءأكبر ذنب في رجب

قال الدكتور علي جمعة، مفتي الجمهورية السابق وعضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف، إن هناك فعلاً ينبغي تجنبه في شهر رجب وعلى وجه الخصوص في الأشهر الحرم، حيث إنه أكبر ذنبًا وأشد وزرًا في شهر رجب والأشهر الحرم عنه في بقية الشهور .

وأوضح “ جمعة ” عن أكبر ذنب في شهر رجب ، أن الظلم في الشهر الحرام أعظم خطيئة ووزراً من الظلم فيما سواه ، وإن كان الظلم على كل حال عظيماً ولكن الله يعظم من أمره ما شاء.

واستشهد بما قال قتادة –رحمه الله- في قوله {فَلَا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ} : إن الله اصطفى صفايا من خلقه ، اصطفى من الملائكة رسلاً ومن الناس رسلاً ، واصطفى من الكلام ذكره ، واصطفى من الأرض المساجد ، واصطفى من الشهور رمضان ، واصطفى من الأيام يوم الجمعة ، واصطفى من الليالي ليلة القدر ، فعظموا ما عظم الله فإنما تعظم الأمور لما عظمها الله تعالى به عند أهل الفهم والعقل [الدر المنثور-السيوطي].

وأضاف أن شهر رجب هو الشهر السابع من شهور السنة الهجرية ، وأحد الأشهر الحُرم، التي نهى الله تعالى عن الظلم فيها، فقال الله تعالى: «إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِندَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا فِي كِتَابِ اللَّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ۚ ذَٰلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ ۚ فَلَا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنفُسَكُمْ ۚ وَقَاتِلُوا الْمُشْرِكِينَ كَافَّةً كَمَا يُقَاتِلُونَكُمْ كَافَّةً ۚ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ» الآية 36 من سورة التوبة.

وأشار إلى أن فضل شهر رجب ثابت، بغض النظر عن درجة الأحاديث الواردة فى فضائله، سواء كانت صحيحة أو ضعيفة أو موضوعة، وذلك لكون شهر رجب أحد الأشهر الحرم، التي عظمها الله تعالى في قوله: ( إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِندَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا فِي كِتَابِ اللَّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ۚ ذَٰلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ ۚ فَلَا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنفُسَكُمْ ۚ وَقَاتِلُوا الْمُشْرِكِينَ كَافَّةً كَمَا يُقَاتِلُونَكُمْ كَافَّةً ۚ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ ).

وتابع: وعينها حديث "الصحيحين" في حجة الوداع بأنها ثلاثة سرد -أي متتالية-: ذو القعدة، وذو الحجة، والمحرم، وواحد فرد: وهو رجب مضر الذى بين جمادى الآخرة وشعبان، شهر رجب فرد لأنه ليس متتالي مع محرم وذي القعدة وذي الحجة، ويسمى بالأصم، وغيرها من الأسماء التي تدل على أنه وقت فضيل يتهيأ فيه الإنسان لرمضان.

شهر رجب

يعد شهر رجب هو الشهْر السّابع في التقويم الهجري٬ ولأنّهُ من الأشهرُ الحُرم فهو شهرٌ كريم وعظيم عند الله٬ وهو أحد الشهور الأربعة التي خصّها اللهُ تعالى بالذّكر٬ ونهى عن الظُّلم فيها تشريفاً لها٬ ويتركُ فيه العَرب القتال إحتراماً وتعظيماً لهُ٬ وقد ذكر اللهُ في كتابِهِ العزيز: ((إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا فِي كِتَابِ اللَّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ۚ ذَٰلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ ۚ فَلَا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ ۚ وَقَاتِلُوا الْمُشْرِكِينَ كَافَّةً كَمَا يُقَاتِلُونَكُمْ كَافَّةً ۚ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ))[التوبة:36]٬ أمّا الأشهر الحُرم التّي ذُكرت في الآية فهي مُحرَّم٬ وذي الحجَّة٬ وذي القعدة.

و سُمِّيت الأشهُر الحُرم بهذا الاسم لأنّ الله سُبحانهُ وتعالى منع فيها القِتال إلّا أن يبدأ العدو٬ ولتحريم انتهاك المحارِم فيها أشدّ من غيرِهِ من الأشهر.

يُطلقُ على شهر رجب أحياناً اسم "مضر" نسبةً إلى قبيلة مضر؛ حيثُ كانت هذه القبيلة تُبقي وقتَهُ كما هو دون تغيير ولا تبديل مع الأشهر الأخرى على عكس القبائل الأُخرى من العرب الذين كانوا يغيِّرون في أوقات الأشهُر بما يتناسب مع حالات الحرب أو السّلم عندهم٬ كما اقتضت حكمةُ الله أن فضَّل بعض الأيام٬ والشهور٬ واللّيالي على بعض، و يُسمّى أيضاً رجب بالأصم لأنَّه لا يُنادى فيه إلى القتال، ولا يُسمع فيهِ صوت السِّلاح.

فضل شهر رجب

يعتبر شهر رجب من الأشهر الهجرية المحرمة التي سميت بذلك بسبب تحريم القتال فيها إلا أن يبادر العدو إليه، كما أنَّ انتهاك المحارم في هذا الشهر أشدّ من غيره من شهور السنة، لذلك نهانا الله تعالى عن الظلم وارتكاب المعاصي في هذا الشهر الفضيل، قال تعالى: (فَلا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ )، والحق والصواب أنَّ شهر رجب ليس له فضيلة أو خصوصية على غيره من الشهور باستثناء أنَّه من الأشهر الحرم، كما أنَّ الروايات التي تفيد بنزول آية الإسراء والمعراج فيه لا تبرر وإن صحّت ابتداع عبادات معينة في هذا الشهر كما يفعل بعض الناس، وذلك أنَّ مثل هذه الأفعال لم تكن على عهد النبي عليه الصلاة والسلام أو عهد الخلفاء الراشدين أو التابعين.

مقالات مشابهة

  • أكبر ذنب في شهر رجب.. علي جمعة يحذر من فعل شائع يقع فيه كثيرون
  • ماذا قال الشيخ الشعراوي عن السحر؟ لا يضرون
  • حكم قراءة سورة يس بعد صلاة الفجر
  • الإفتاء توضح أفضل صيغ الاستغفار وحكم ترديده بنية جلب الرزق
  • من كلّ بستان زهرة – 92-
  • ماذا يقول الله قبل الفجر؟.. بفضل 11 كلمة تقضى حاجتك وتغفر ذنوبك
  • آفة المقارنات
  • أذكار الصباح.. الحصن اليومي للمسلم وأفضل أوقاتها
  • 3 فوائد لقراءة سورة البقرة.. حصن البيت من الشياطين
  • أذكار نبوية لإبعاد الكرب والبلاء.. رددها يفرج همك ويصلح حالك