قال رئيس أركان الاحتلال هرتسى هاليفى، فى كلمته فى مؤتمر الأمن القومى فى هرتسيليا بمطلع يونيو الماضى، إن السبب الذى دفعهم لاغتيال إياد الحسنى خلال معركة مايو «ثأر الأحرار» لم يكن تاريخه النضالى، أى دوره فى عملية ديزنغوف وبيت ليد، لكن السبب كان ما ينتظره من دور فى المستقبل. 

ويدفع هذا الطرح، للتأكيد على فلسفة اللجوء إلى الاغتيال والتصفية الجسدية فى عقلية الاحتلال، وهى ليست فعلاً انتقامياً حيوانياً أهوج فقط، وإن كانت هذه الاعتبارات حاضرة فى هوامش الدوافع فى كثير من الأحيان، ولكن، أى عملية اغتيال، لشخصية قيادية، ليست سوى الشق العملى، من دراسات نظرية طويلة ومعمقة ودقيقة، طرحت فيها وفق جملة من الأسئلة، من مثل:

- ما الدافع إلى الاغتيال؟

وأى ثمار يمكن أن نجنيها على المدى التكتيكى والبعيد من هذه العملية؟

وهل بإمكاننا استيعاب ردة الفعل؟ 

وما هو تأثير الاغتيال على بنية التنظيم أو الحزب، ومن هى الشخصية البديلة؟

فى تجربة منظمة التحرير وحركة «فتح»، يظهر لنا، أن الوصول إلى أوسلو الذى وقع فى 1993، مر بطريق، استخدمت فيه إسرائيل سلاح الاغتيالات، لإعادة هندسة البيئة القيادية لحركة «فتح».

 

لقد انتقى جهاز «الموساد» ضحاياه بشكل مدروس، وقد بنت كل عملية اغتيال لبنة جديدة، على طريق تصدير تيار الواقعية السياسية، ولم تكن عملية «ربيع الشباب» التى اغتيل فيها كل من كمال عدوان وكمال ناصر وأبويوسف النجار فى العام 1973، سوى المقدمة، لمسلسل اغتيالات طويل، سيقضى فيه كل عنصر قيادى جذرى، يعارض الطرح الواقعى المتمثل فى المشروع السياسى، سيغتال خليل الوزير فى 1988، وصلاح خلف، فى 1991، سيبقى أبوعمار وحيداً مع سلاحٍ يشتهيه، ولا يقوى على استخدامه، وبينما تجفف عنه منابع المال، يطرد من عاصمة إلى أخرى، يتبقى فى حاشيته، الواقعيون، الذين ترى فيهم إسرائيل، مفتاحاً للتأثير على عرفات، وإعادة قولبته سياسياً. 

إن للاغتيال، فى الفهم الصهيونى، أهدافا مركبة وعميقة ممتدة، مرتبطة بدفع الكيانات أمام ظرف ضاغط ما صنعه الاغتيال، إلى تصدير شخصيات، وإنهاء مستقبل آخر، سلوك طريق سياسى، على حساب آخر، تموضع سياسى، على حساب آخر، تصدير أشخاص أقل جذرية، على حساب الشخصيات القيادية العنيفة، المواقفية الجذرية.

إسرائيل ستتدخل بشكل خشن فى إعادة هندسة الصف القيادى فى حركة «حماس» من خلال الاغتيال، كما حدث فى حركة فتح، أن إسرائيل، يزعجها أن من يتصدر المشهد القيادى فى حركة «حماس» اليوم، قناصان ناجحان، استطاعا صناعة سياسية خطيرة، تستهدف ليس أحشاء المشروع الاستيطانى الإسرائيلى فى المدى التكتيكى، إنما سلامة وجوده على الصعيد الاستراتيجى، وما يقوم به يحيى السنوار، وصالح العارورى، أكبر وأخطر من أن تستطيع إسرائيل احتماله، وتعتقد إسرائيل أن لديها عاماً ونصف العام، هى المدة التى تفصلنا عن أخطر انتخابات داخلية، ستعيشها حركة «حماس» منذ سنوات، وهذا الوقت، هو فرصة للعمل على التدخل الخشن، فى إعادة هندسة الصف القيادى الأول لحركة «حماس». 

لقد ارتكتب إسرائيل عدة أخطاء بالغة الغباء، الأول أنها أطلقت يحيى السنوار وصالح العارورى، والثانى أنها أبعدت صالح العارورى إلى الخارج، أما الخطأ القاتل، الأكثر غباءً، أنها طردت صالح العارورى من تركيا، ليجد فى الضاحية الجنوبية ملاذاً أخيراً له. 

القادة الإسرائيليون اليوم يبصقون فى المرآة على وجوههم، فى ظنى، أن فى حركة «حماس» قادة ترى إسرائيل أنهم خيار أقل سوءًا من السنوار وصالح العارورى، قادة يمتلكون هامشاً أكبر من المرونة، ليس استخدام أدوات الصراع، أى ليس فى نظرتهم إلى المقاومة المسلحة، بل الإدارة المرحلية لهذا الصراع، وفى نقاط التموضع على الصعيد الإقليمى، قادة يسكنون فى الدوحة، وليس فى الضاحية الجنوبية، يمتلكون موقفاً علق به الكثير من الأبعاد الشخصية والسياسية والدينية على مر السنوات الماضية، من إيران وحزب الله وسوريا، يمتلكون هامشاً من المرونة، يبقون الباب موارباً دائماً، لأى طرح دولى، من شأنه شراء الهدوء.

لقد بث العارورى الرعب بين قادة المؤسسة الأمنية الصهيونية لأن فوزه فى انتخابات المكتب السياسى المقبلة، ومحافظة السنوار على مكانة مؤثرة فى مركز صنع القرار فى الحركة «حماس» يعنى أن إسرائيل ستكون على موعد مع أربع سنوات أخرى، سينضج فيها على نحو غير محسوب سيناريو «وحدة الساحات»، أربع سنوات جديدة، ستفاوض «حماس» إذا اضطرت للمفاوضات، بالنار وبالنار فقط، وهذا ما لا تريده.

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: رئيس أركان الاحتلال المستقبل فى حرکة

إقرأ أيضاً:

أستاذ علوم سياسية: وثيقة السنوار أظهرت كيف تلاعبت إسرائيل بالولايات المتحدة 

قال الدكتور أيمن الرقب، أستاذ العلوم السياسية، إن وثيقة السنوار تم التلاعب بها، لإقناع الولايات المتحدة الأمريكية، بأن هناك مخطط كتب من قبل حركة حماس، بتهريب الأسرى الإسرائيليين عبر محور فيلادلفيا إلى إيران واليمن، وهو ما أقنع واشنطن، بأن هناك ضرورة لاحتلال إسرائيل المحور.

الوثائق المسربة تثير الشكوك حول كل التقارير الإسرائيلية 

وأضاف «الرقب» خلال مداخلة بقناة «القاهرة الإخبارية»، أن ما كُشفَ عن تلك الوثيقة المُسربة، سيؤثر على كل التقارير الإسرائيلية التي كان يتم إقناع الأمريكان بها والغرب بشكل عام، وأن الأجهزة الأمنية الإسرائيلية وعلى رأسهم الشين بيت «الشاباك»، لم يوافقوا على تعيين الشخصية التي سَربت الوثائق المُتلاعب بها، وهو الذي كان أيضًا من أقرب المُقربين لرئيس حكومة الاحتلال، بنيامين نتنياهو، في مجالات عدة، ووكله الأخير بعدة مهام، كما أصر على تعيينه، رغم فشله في البحث الأمني.

وأشار أستاذ العلوم السياسية، إلى أن الأمر لا يتعلق بتسريب وثيقة واحدة هي وثيقة السنوار، بل عدة وثائق، وأن الأمر لا يتعلق حاليًا بشخص واحد قام بهذه التسريبات، بل حول مجموعة كبيرة متشعبة من عمليات الاختراق التي تمت خلال الفترة الماضية، وأن جزءًا من هذه التقارير التي أرسلت إلى صحف أمريكية وألمانية وإسرائيلية، سربت وتم بيعها لدول.

وقد تم تسريب وثائق سرية من مكتب نتنياهو، منها وثائق منسوبة لحماس، بعد التلاعب بها لترويج لفكرة، أن يحيى السنوار، رئيس المكتب السياسي للحركة الراحل، كان ينوي تهريب المحتجزين الإسرائيليين من قطاع غزة عبر محور فيلادلفيا، فيما فتحت الأجهزة الأمنية الإسرائيلية تحقيقات على خلفيتها تم اعتقال عدد من أعضاء مكتب نتنياهو.

 

مقالات مشابهة

  • تقرير: إسرائيل كانت على وشك اعتقال السنوار 5 مرات قبل استشهاده
  • عاجل.. حركة حماس تكشف مصير القائد “محمد الضيف” وتصدر هذا البيان الهام
  • مشرعون أميركيون يحذرون الجنائية الدولية ويحققون باستهدافها قادة إسرائيل
  • أيمن الرقب: وثيقة السنوار أظهرت كيف تلاعبت إسرائيل بالولايات المتحدة
  • أستاذ علوم سياسية: وثيقة السنوار أظهرت كيف تلاعبت إسرائيل بالولايات المتحدة 
  • أخبار غزة.. اغتيال قادة حماس في خان يونس وشهداء في جباليا والنصيرات
  • وزير الأمن الإيراني يزور مكتب حماس في طهران ويؤكد أن صمود غزة ولبنان “بشارة النصر”
  • حركة حماس تنعى اثنين من قادتها بعد اغتيالهما بغارة إسرائيلية
  • المستقبل بعد مقتل السنوار في قطاع غزة
  • تصفية السنور لن تغير المشهد في غزة