وثق المخرج الكردي هلكوت مصطفى 235 يوما حاسمة في حياة الرئيس العراقي الأسبق صدام حسين، وهي تلك الأيام التي تلت الغزو الأميركي للعراق. ورصد مصطفى مراحل البحث عن الرئيس العراقي الذي أُعدم لاحقا في 30 ديسمبر/كانون الأول 2006، وذلك في الفيلم الوثائقي العراقي النرويجي "إخفاء صدام حسين".

ونافس فيلم "إخفاء صدام حسين" في مسابقة الأفلام الطويلة في النسخة الثالثة من مهرجان البحر الأحمر السينمائي الذي عُقد في الفترة من 30 نوفمبر/تشرين الثاني إلى 9 ديسمبر/ كانون الأول الماضي.

 بطولة درامية

في خندق بين أشجار النخيل في منطقة "الدور"، اختفى صدام حسين عن أعين قوات الاحتلال الأميركي، وكلف 150 ألف جندي للبحث عنه. وخلال أشهر عاشها صدام في ضيافة علاء نامق المزارع العراقي البسيط الذي أصبح حارسه الشخصي، عاش معه آخر 235 يوما قبل أن يُقبض عليه.

يقول علاء نامق للجزيرة نت إنه وافق على الظهور في الفيلم، ومنح المخرج هلكوت مصطفى كل التفاصيل الخاصة بالرئيس الراحل في آخر أيامه، وذلك بعد رفضه المشاركة في أي أفلام أو برامج عن تلك الفترة.

وجاء رفض نامق لعدة أسباب، بينها انتشار اللغط حول الأمر عبر مواقع التواصل الاجتماعي التي روجت لأمور غير حقيقية تخص استضافته لصدام حسين، إلى جانب رغبته في أن يبرئ منطقته وعشيرته من أى مزاعم عن أمور لم تحدث.

والتقى علاء نامق بالمخرج الكردي في 2012، واتفقا على تقديم القصة في قالب إنساني فقط وبعيدا عن الدخول في السياسة، فوافق على الفور.

وأراد علاء نامق أن يتحدث في الفيلم عن "صدام حسين" باعتباره شخصا حل ضيفا على عائلة عراقية، "وفي العراق واجبنا هو إكرام الضيف وحمايته حتى لو كان ذلك يعني التضحية بنفسك وكل ما تملك".

يقول المخرج الكردي -الذي هرب مع أسرته للشمال في فترة حكم صدام حسين- للجزيرة نت: "لدي أيضا قصتي الخاصة، فأنا كردي وهربت من نظام صدام حسين وكل عائلتي كانت تحارب ضد نظامه، ولكني في الفيلم أردت أن أكون مخرجا فقط لا أن ألعب دورا سياسيا".

وبالفعل ظهر "نامق" باعتباره بطل أحداث فيلم "إخفاء صدام حسين"، وهو المزارع الذي استطاع إخفاء صدام عن أعين الجنود الأميركان لأشهر، ودراما الأحداث التي عاشها صدام.

وتابع المخرج الكردي بأن حماسه للعمل كان نابعا من رغبته في تقديم القصة بزاوية نظر عراقية، وليقدم رؤية نامق للقصة، "فكل ما كان ينشر بالنسبة لحرب العراق كان من منظور الغرب دائما".

رحلة بحث

تبدأ أحداث الفيلم بمشاهد أرشيفية ترصد دخول الجيش الأميركي إلى العراق بحجة وجود أسلحة دمار شامل، ومقاومة الجيش العراقي والسقوط، ومن ثم رحلة هروب عاشها الرئيس العراقي الأسبق صدام حسين خلال 8 أشهر فارقة في حياته من أبريل/نيسان وحتى ديسمبر/كانون الأول 2003، عاشها بعيدا عن حياة الترف في مزرعة بمنطقة نائية قرب وادي دجلة، ليختبئ في الجبال ويعبر النهر، بعيدا عن القوات الأميركية التي رصدت ملايين الدولارات لمن يشي بمكانه.

يقول هلكوت مصطفى عن اختيار تلك المرحلة الزمنية إن الجميع كان يعرف صدام حسين فترة حكمه للعراق التي تقترب من 35 عاما، لكن فترة اختفائه ظلت لغزا مبهما لا أحد يعرف كيف غادر وأين اختفى عن الصورة على مدار 8 أشهر، وحتى الخندق الذي اختبأ فيه.

كان البعض يصدق قصته، ويكذبها آخرون، فكان هناك فضول بشأن تلك القصة، وكان السؤال الذي يشغل المخرج الكردي هل القصة كانت حقيقية؟

ويضيف هلكوت "أمضيت 14 عاما وأنا أبحث عن هذه القصة"، وأشار إلى أنه في المقابلة الأولى مع علاء نامق كان كلاهما خائفا، لكن بعدها التقيا لمدة أربعة أيام واختلفا في بعض الأمور، وانتهى الأمر بالاتفاق على تقديم العمل بشكل إنساني ورصد كيفية عيش صدام لأشهره الأخيرة ما قبل القبض عليه.

وينفى هلكوت مصطفى أى تدخل من الجهة الإنتاجية أو معهد الأفلام النرويجية الداعم في رؤية الفيلم، فقد تركوا له مطلق الحرية في تقديم قصة إنسانية بعيدا عن السياسة.

رواية أخرى

ولم تكن رواية علاء نامق هي المصدر الوحيد الذي اعتمد عليه هلكوت في تقديمه للفيلم، فقد تحقق من الحديث عبر الوثائق التاريخية، فكان يقارن بين ما يقوله نامق وبين الأحداث الحقيقية مثل زيارة نجل صدام حسين له ومن ثم مقتله.

ويتابع هلكوت أنه لم يعتمد على مصادر غير مؤكدة، فخلال عشرة أعوام شاهد ما بين 3 إلى 4 آلاف مستخرج من المحفوظات، و25 ساعة من المقابلات، وأعاد ترتيب القصة، إلى جانب التصوير في مزرعة قريبة إلى المزرعة الأصلية التي عاش فيها صدام، مع وجود جزء أرشيفي تمت الاستعانة به في الفيلم.

هلكوت مصطفى مخرج الفيلم الوثائقي "إخفاء صدام حسين" (مواقع التواصل)

وخلال 14 عاما من التحضيرات واجه المخرج الكردي العديد من الصعوبات لإنتاج "إخفاء صدام حسين"، ويقول إن الصعوبة تكمن في أن طاقم الفيلم لم يكونوا يعلمون شيئا عن الفيلم نفسه أو تفاصيله، وذلك لضمان سلامة علاء نامق وأسرته، وذلك إلى جانب الاستعانة بمستشار قانوني لضمان مسافة واحدة بين الجميع.

واعتمد هلكوت في سرده للقصة على إعادة تمثيل بعض المشاهد، وبين الحكي على طريقة القصص الشعبية القديمة، فاستعان بنامق كراوٍ للأحداث. وعن عدم استغلاله في مشاهد تمثيلية، أشار إلى أنه أراد أن يعطيه الفرصة ليحكي الرواية كما يريد، واختار التفاصيل البسيطة مثل جلوسه على الأرض ليقترب من الثقافة العربية، ويبدو المشهد واقعيا ويصدقه الجمهور، وللمصداقية استعان بمشاهد أرشيفية لما يقوم نامق به في روايته.

الممثل الذي جسد شخصية صدام حسين في المشاهد التمثيلية قال هلكوت إنه لم يرغب في أن يجعله شبيها لصدام، بل كان يرغب في أن يشعر المتفرج بأنه أمام شخص يلعب شخصية صدام، وهو مقصود في العمل.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: فی الفیلم

إقرأ أيضاً:

حفتر وإسرائيل.. تصريحات ليبية تحيي جدل التطبيع

عاد موضوع التطبيع بين شرق ليبيا وإسرائيل بقوة إلى الساحة الليبية، ليشعل الجدل من جديد في مواقع التواصل الاجتماعي.

وكشف محمود المصراتي، الصحفي الموالي للواء المتقاعد خليفة حفتر، عن حضوره شخصيا لقاءات جمعت نجل خليفة حفتر، صدّام بالموساد الإسرائيلي لدعمه بهدف الوصول إلى سدة الحكم في ليبيا مقابل تنحي والده، لكنه رفض، وفق شهادته.

الناشط محمود المصراتي، يؤكد التقاء صدام حفتر بجهاز المخابرات الصهيوني، وتلقّيه عرضًا بالدعم العسكريّ#ليبيا #17press pic.twitter.com/ScJWTas5Lc

— 17 PRESS (@17Pressly) May 1, 2025

هذا الاعتراف الذي جاء من المستشار السابق للبرلمان الداعم لحفتر، أكد تسريبات صحيفة هآرتس الإسرائيلية قبل 4 سنوات بشأن زيارة صدّام حفتر إلى تل أبيب لأجل تطبيع رسمي مقابل الحصول على المساعدة العسكرية والسياسية.

وأعادت تصريحات المصراتي الجدل إلى السطح مجددا، في خضم الحرب الإسرائيلية على غزة، وخاصة بعد إقالة حكومة الوحدة الوطنية لوزيرة الخارجية نجلاء المنقوش للسبب نفسه.

واعتبر مغردون أن شهادة أحد مقربي حفتر تكشف "جهلا بعواقبها الخطيرة" حتى وإن رفضها حفتر، فالاجتماع في حد ذاته وفي عاصمة الكيان هو "تطبيع مجاني وخيانة للوطن".

إعلان

كما عدّه مغردون آخرون "تخابرا مع الموساد"، متسائلين: هل ورّط المستشار الإعلامي حفتر وأبناءه؟ وعما إذا كانت هناك أسرار أخرى خلال الاجتماع؟

وقال أحد المغردين إن اعتراف صحفي وشخص من الدوائر القريبة لحفتر، أكد الذي شكك فيه أنصار القيادة العامة عندما "نشرنا تقرير هآرتس عام 2021 عن زيارة صدام لإسرائيل سرا لطلب الدعم مقابل تطبيع العلاقات".

قلنا لهم أن صدام حفتر ذهب إلي تل أبيب والتقي باالكيان المحتل قبل سنوات ولم يصدقونا …. اليوم هذا أحد رموز الإعلام لحفتر قالها بكل صراحة.

فهل سنري في المنطقة الشرقية خروج علي صدام حفتر ،كما رأينا من قبل خروج في المنطقة الغربيه علي نجلاء المنقوش؟

لننتظر أصحاب القومات ليتم حرقها pic.twitter.com/CddjIuP01g

— Waleed khalfallah وليد خلف الله (@Waleedkhalfalla) May 1, 2025

وتساءل البعض عن أسباب صمت النشطاء الموالين للقيادة العامة أمام هذا التصريح الصريح، بينما "تظاهروا في كل ركن من ليبيا"، بعد "لقاء عابر" لوزيرة الخارجية نجلاء المنقوش مع إيلي كوهين في روما، رغم إبلاغها له بموقف الليبيين الرافض للتطبيع والداعم لفلسطين.

وأضاف حساب آخر، "هل سيحرّض إعلام الرجمة (مقر قيادة حفتر) على التظاهر ضد التطبيع، في خضم العدوان على غزة، كما فعل مع المنقوش المُقالة للسبب نفسه، أم أن الفريق البطل صدام حفتر من المُنزّهين؟".

شارك_برأيك.. هل سيحرّض إعلام الرجمة على التظاهر ضد التطبيع كما فعل مع نجلاء المنقوش، أم أن الفريق البطل صدام حفتر آمر محور مصرف الأمان من المنزهين في برقة؟

ليبيا أول أول https://t.co/Q1FcS5bBDO

— خالد ????????ليبيا???????? (@khalid22900) May 1, 2025

بدورها، طرحت منصات ليبية شكوكا حول توقيت الكشف عن هذه المعلومات والدوافع خلفها، معربة عن تخوفها من التواصل مع الاحتلال، سواء أكان فرديا أو ضمن سياق مستقبلي، مُبدية خشيتها من وجود ضمانات سرية مقابل رفض صدام تنحّي والده.

إعلان

ورفض البرلمان الليبي الشهر الماضي دعوات إسرائيلية، وفق القناة الإسرائيلية الـ12، لتهجير الفلسطينيين من غزة إلى جنوب ليبيا.

ونشر موقع شبكة "سي إن إن" الأميركي مؤخرا، عرض إدارة الرئيس دونالد ترامب على صدّام حفتر خلال زيارته الأخيرة إلى واشنطن ترحيل المهاجرين الفلسطينيين إلى ليبيا.

مقالات مشابهة

  • حفتر وإسرائيل.. تصريحات ليبية تحيي جدل التطبيع
  • علاء عمران يعلن عن تخصيص 600 وحدة سكنية للصحفيين في العبور وحدائق أكتوبر
  • دفع الله الحاج.. او الرجل الذي يبحث عنه البرهان ..!!
  • 30 ألف فدان.. متابعة تطور زراعات القطن على مستوى الجمهورية
  • المقابلة الأخيرة للبابا فرنسيس في فيلم وثائقي لمارتن سكورسيزي
  • شفشاون تُبهر العالم في وثائقي فرنسي جديد وتُصنّف بين أفضل 5 وجهات سياحية عالمية
  • صورة على منصة الخداع: بين بريجنيف وصدام
  • وثائقي لـبي بي سي عن عنف الشرطة يثير جدلا في كينيا
  • هل تكون جرمانا معقل الدروز نقطة انطلاق شرارة صدام بين سورية والاحتلال؟
  • الشرارة… فيلم  وثائقي يوثق انطلاقة الثورة من درعا ويحيى ذكرى شهدائها