هل من معتبر من قصتي..
رفضني أهلي واحتوتني زوجة أخي..
السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته، سيدتي قراء هذا المنبر الكرام، هي خبرة بسيطة لكنها تحمل في طياتها. تجربة حقا قاسية، أردتها اليوم عبرة لكل من قهرها الزمن أقول لك سيدتي لا تكوني ضعيفة. تمسكي بالعروة الوثقى وتيقني أنه لابد أن تنجلي الهموم ويعرف قلبك السكون مهما طالك ظلم من حولك.
منذ حوالي 25 سنة، كان عمري آنذاك 17 عاما، تقدم لخطبتي رجلا، لم أكن مخيرة وقتها، بل مجبرة على القبول. مادام أبي وإخوتي الذكور قبلوا به، هو شاب وحيد أمه وأبيه، طيلة فترة الخطوبة لم أكلمه ولا مرة. حتى في الأعياد والمناسبات حين كانوا يزوروننا لم يكن يُسمح لنا بالجلوس مع بعض، مرّت سنة، حتى وجدت نفسي عروسا عنده.
وبدأت رحلة المعاناة..
والدته لم تتقبل فكرة وجود امرأة في حياة ابنها، بدأت تفتعل المشاكل، حتى تتطور إلى السحر والعياذ بالله. وفي إحدى الليالي وبعد أقل من ستة أشهر زواج استيقظت ليلا على نزيف حاد، دم يخرج من فمي وأنفي. أسرع بي زوجي إلى المستشفى ودخلت في غيبوبة لم أستفق منها إلا بعد شهر وبعد رقية شرعية. وحين تعافيت وشفاني الله، طلقني ودعت أدراجي إلى بيت أهلي، اعتقدت أنني سأجد الحضن الدافئ. لكن ظني خاب والكل كان يتهمني بأنني السبب وأنني لم أصبر على كيد تلك العجوز، عشت سبع سنوات من الضغوطات. تحت سيطرة أخواتي وزوجاتهم، إلى أن جاءني نصيب آخر، رأيته فرج من الله، وباب أخرج منه من ظلم عائلتي. إلى حياة أجد فيها من يقدرني، هذا النصيب كان خارج ولايتي، تزوجت دون أي شروط.. كنت أود فقط الهروب..
كان خطئي الثاني، فليتني لم أقبل بهذا العريس، فالجحيم الذي عرفته معه كان أمر من الذي سبقه. أذاقني العذاب من كل نوع جرعات، حتى أهله لم أسلم من أذيتهم، وفي كل هذا صبرت وفوضت الأمر كله لله. ظنا مني أن الأمور سوف تتحسن، وحتى لا أعود لظلم إخوتي، بعدة مدة وجدت نفسي حامل. وأثناء الحمل ارتكب هو جريمة قتل، فوجد نفسه وراء القضبان، وأنا وجدت نفسي في حجيم أهلي ثانية. أحمل في بطني توأم، ولكم أن تتخيلوا شعوري آنذاك، فطلاقي الأول لم يتقبلوه وأنا بمفردي، فكيف سوف يتقبلونني بتوأم.
توالت الأيام، وقرب موعد الولادة، وفي هذه الفترة أخي الأصغر تزوج ودخلت بيتنا كنة جديدة، الكل في البيت كان يستهجنني. ماعدا زوجة أخي الجديدة، التي مهما قلت وفعلت لن أفيها حقها في الشكر، شعرت أنها جزاء من المولى عزّ وجل. جبرا منه على الظلم الذي تعرضت إليه في حياتي، كانت الأحن على الإطلاق. ساعدتني إلى أن وضعت طفليّ، وبعد أن استعدت عافيتي، أخذتني لأعيش معها عند أخي. كانت هي تجيد حرفة الخياطة، علمتني حرفتها وشحنتني بطاقة إيجابية، تعلمت وصرت أحترف الخياطة. وصارت مصدر قوت أعيل به طفليّ، واليوم أنا لي ورشة خاصة، حياة مستقرة، كل هذا بفضل الله الذي لا يعجزه شيء في الأرض ولا في السماء.
رسالتي هذه للعبرة، لكل فتاة توشك على الاستسلام، فمهما ظلمك من حولك، لنا رب كريم. بل أكرم من أن لا يجبر قلبا فوض له الأمر كله، كوني فقط قوية ولا تسمحي لليأس أن ينال منك.
إضغط على الصورة لتحميل تطبيق النهار للإطلاع على كل الآخبار على البلاي ستور
إضغط على الصورة لتحميل تطبيق النهار للإطلاع على كل الآخبار على البلاي ستور
المصدر: النهار أونلاين
إقرأ أيضاً:
(مناوي) الذي لا يتعلم الدرس
الخطاب السياسي لمناوي هو خطاب مرتجل وعشوائي، لكنه يظل عينة مناسبة لفحص المرض، فخطاب مناوي نموذج مكشوف لمستتر مكنون خطاب السودان الجديد، وهو في حالته العارية بلا رتوش المثقفين وفي ذات الوقت بدون حس التعبئة والحشد، وسبب ذلك أن مناوي يرجو منه أن يكون خطابا سياسيا لحركته لكن الخطاب يأتي متفجرا وخطيرا، وخصوصا حين تضيف له حس الهزل والهذر عنده. أن صفة التفجر والعنف هي أصل الخطاب وحقيقته، وأظن مناوي جاهل بذلك ولكن يجب في كل الحالات أخذه بجدية.
فيما يخص مناوي نفسه فليس المقام مناسب لتحليل تام وطويل لحالته، ولكنه اختصارا عبارة عن رجل أعمال سياسي مسلح، يتحرك وفق منطق براغماتي نحو الدولة، حركته حركة عرقية تلبست لباس السودان الجديد وبذلك فهي تحالف مصالح نخبوي هدفه تحقيق العوائد من السياسة، وهذه الحالة يطول شرحها لأنها تختلف في صيغة مناوي البراغماتية عنها في صيغ الحلو وعبدالواحد، ومهما كان فصيغة مناوي قابلة للتسوية وهناك بعيدا ستجد ثوابت معقولة، وربما ارتباط أكثر بعناصر محلية. لكن في كل الحالات تظل هي ظاهرة تحالف مصالح عرقي مسلح لا يحمل أي صفة شرعية للحديث عن دارفور وتحتاج لإصلاح.
المهم بالنسبة لي هو مضمون الخطاب الذي قدمه، ولي فيه ثلاث نقاط، ثم ختام بخلاصة نهائية ونصيحة للرجل وحركته وأتباعه:
أولا: تفسير الصراع:
ثمة خلط مفاهيم كبير يحدث في عقل مناوي لأنه لا يملك فرصة للفهم، ولا يوجد من حوله من يساعده في ذلك، إن مفاهيم مثل لعبة الأمم والتدخل الخارجي واستغلال التناقضات الداخلية هي مفاهيم صحيحة، لكن من يقولها لا يمكن منطقيا أن يردد دعايات الآخرين حول وجود سياسات متعمدة عرقيا ويربطها بالشمال ضمنيا في حديثه، ولو فرضنا جدلا صحة الحديث المبتور عن زمن الإنقاذ، فما معنى ذلك سوى رغبة في ابتزاز الدولة من جديد. دعك عن أن حركة مناوي نفسها تقوم على علة قديمة، فهي حركة عرقية صرفة وارتكبت انتهاكات كثيرة أيضا بل وكانت تصنف جزء من الجنجويد أنفسهم كما أشارت الصحفية جولي فلينت في ورقتها الشهيرة، أيضا فإن اتفاق أبوجا الذي تحدث عنه مناوي ظلم عرب دارفور ومطالبته بنزع سلاح الجنجويد كانت جزء من دعاية غربية، وظفت مناوي ودعته لزيارة أمريكا ووقتها وكان هو قطعة في رقعة شطرنج أو (كلبا في لعبة الضالة) كما قال، كان مطلوبا نزع السلاح من الجميع وفهم مخاوف مجتمعات العرب هناك، وقد كان مناوي يتغاضى عن ذلك ويفكر في قسمة سريعة للسلطة والثروة فالنفظ وقتها كان وعدا بثمن غال وكان مدفوعا بمنظمات وجهات خارجية تساعده فنيا وسياسيا. إن مسألة العمالة لم يكن بعيدا عنها وهي كانت في نوع من التحالف مع مشروع غير وطني، على مناوي أن يعيد القراءة والنظر في تفسير الصراع والتواضع أكثر فمن كان بيته من زجاج لا يرمي الآخرين بحجر، وهذا الفهم سيمنحه قدرة لتشخيص الأبعاد المركبة وفهم كيف أنه قبل يوما أن يكون أداة في يد الآخرين.
ثانيا:خريطة دارفور.
خريطة دارفور التي ظهرت في خطابه أيضا تثير استفزازا كان في غير محله، ومناوي يخدم بذلك خطوطا تقسيمية خطيرة، وحتى لو فرضنا أنه ظنها مسألة خلافية فما معنى بعثها اليوم؟ في الحقيقة فإن خريطة دارفور حدودها شمالا حتى خط ١٦ عرض وتبدأ جنوبا من خط ١٠ عرض، وشرقا حدودها خط ٢٧ ثم غربا حتى خط ٢٢. وأدناه صورة من كتاب موسى المبارك عن دارفور يعود بمصدره لبحث مهم عن تاريخ دارفور للبريطاني لامبن. G.D.Lampen بعنوان تاريخ دارفور. لكن المهم أن مناوي أن مناوي يظن أنه يتحدث بذكاء حين يقول أن أهل دارفور هم وكلوه بهذا الحديث، وهذا ابتزاز وتذاكي خبيث فمناوي لم يفوضه أحد ومن المهم له أن يكون أكثر تواضعا أيضا في هذا الأمر، لا يمكن له أن يتحدث عن السودان ككل وحين يأتي لدارفور يتحدث كأنه الصوت الوحيد.
ثالثا:مراجعات مطلوبة.
ما سبق هو مناقشة لماورد في خطابه لكن القصة أكبر من ذلك، مطلوب من مناوي وحركته مراجعات أعمق كنت قد طالبتهم بها من قبل، إن مسألة تحرير السودان، والأبعاد العرقية في التفسير، وابتزاز السلطة وعدم الوعي بالمخطط الخارجي كل ذلك يمنع تحول مناوي من براغماتي ذو بوصلة وطنية إلى وطني حقيقي، فالحالة الأولى قابلة للانتكاس في أي لحظة.
الختام:
على مناوي وحركته ضبط الخطاب جيدا، ويجب أن يترك طريقة الهذر والسخرية والارتجال والعشوائية وإدعاء الخفة والمرح، ليكون مسؤولا عن أفعاله وخطابه، المسألة ليست هذرا ولعبا بل مسؤولية وجد، وعلى أعضاء حركته ألا يكونوا مجرد حراس لمصالح وموظفين برواتب أمام مديرهم التنفيدي، بل عليهم مراجعة هذا المدير التنفيذي وتطوير وعيهم بهذه الأمور.
نقول ما سبق لأننا نؤمن إيمانا قاطعا، بأن ما يوحد السودان أعظم وما يجعل المصير مشتركا أكبر بكثير وأن كل مداخل التفكيك متشابهة كيفما كانت، سواء من الشمال أو الغرب أو الشرق، فإنها ستتوسل مفاهيم مضللة في تفسير الواقع، ثم وةتغذي هذه الحالات بعضها البعض بردود فعل ومتتالية هندسية تصاعدية تفكك البلد وتخدم الغير. مناوي إذا لم يتطور فهو جزء من هذه المتتالية وفي كل الحالات فإن مجتمع دارفور ومعنى وجودها في التاريخ السوداني كل ذلك أكبر من مناوي ومن حركته.
هشام عثمان الشواني
الشواني