في الوقت الذي وقّعت فيه قوات الدعم السريع في السودان، على وثيقة "من شأنها إنهاء الحرب" الدامية، لا يزال موقف الجيش السوداني من "إعلان أديس أبابا" غير واضح، فيما يرى محللون أنه "أقرب إلى الرفض".

والثلاثاء، أكدت قوات الدعم السريع في بيان، توقيعها على اتفاق مع تنسيقية القوى الديمقراطية المدنية (تقدم)، مؤكدة أنها "منفتحة على وقف فوري غير مشروط لإطلاق النار، عبر التفاوض مع الجيش".

في الناحية المقابلة، رفض نائب رئيس مجلس السيادة، مالك عقار، الاعتراف بتحالف "تقدم" ككيان مستقل عن قوات الدعم السريع، واصفا إياه بـ"الجناح السياسي" للقوات شبه العسكرية.

ولم تستجب القوات المسلحة لدعوة وجهها رئيس تحالف "تقدم"، عبد الله حمدوك، للقاء يجمع بين رئيس مجلس السيادة، عبد الفتاح البرهان، وقائد قوات الدعم السريع، محمد حمدان دقلو، المعروف بـ "حميدتي".

الدعم السريع يعلن توقيع وثيقة "لإنهاء الحرب" في السودان ذكرت قوات الدعم السريع السودانية، الثلاثاء، في بيان وقعت عليه مع تحالف (تقدم) المدني إنها منفتحة على وقف فوري غير مشروط لإطلاق النار عبر التفاوض مع الجيش.

وقال الباحث المتخصص في الشؤون الأفريقية، محمد تورشين، إن الوثيقة التي طرحتها "تقدم" ووقع عليها حميدتي "تتماشى مع رغبات الدعم السريع، وتتقاطع كليا مع أطروحات المؤسسة العسكرية السودانية".

وفي حديثه لموقع قناة "الحرة"، رجح تورشين أن "يرفض البرهان التوقيع" على إعلان أديس أبابا، الذي جرى بين حميدتي وحمدوك.

وتابع: "من الطبيعي أن يوقع عليه (قائد قوات) الدعم السريع؛ لأنه في شكله ومضمونه يتسق مع ما تطرحه هذه القوات، وأهمه عدم الاعتراف بالبرهان رئيسا لمجلس السيادة".

وكانت تنسيقية القوى الديمقراطية المدنية "تقدم"، قد أعلنت عقد اجتماع بين وفد بقيادة رئيسها، رئيس الوزراء السابق عبد الله حمدوك، وحميدتي، الإثنين، في أديس أبابا.

ويأتي اللقاء بعد طلب سابق من "تقدم" لكل من البرهان وحميدتي، لعقد لقاءات لبحث سبل وقف الحرب في السودان.

وقال حمدوك إن "تقدم" تواصلت مع قيادة الجيش "والأمر متروك لهم، ونتوقع أن يستجيبوا بشكل إيجابي لهذه الدعوة".

ورأى تورشين أنه حال وقع البرهان على وثيقة "تقدم"، فإن "المشهد في السودان سيذهب لاتجاهات أسوء مما كانت عليه، لأنه يقصي قوى سياسية أخرى، وهو الأمر الذي أسفر عن انقلاب 25 أكتوبر 2021".

"خطوط عريضة"

منذ منتصف أبريل 2023، يشهد السودان حربا دامية بين الجيش وقوات الدعم السريع، أسفرت عن مقتل أكثر من 12 ألف شخص، وفق تقدير متحفظ لمنظمة "أكليد" غير الحكومية.

كما تسببت المعارك بنزوح أكثر من 7 ملايين شخص داخل وخارج السودان، وفق تقديرات الأمم المتحدة.

وقال الكاتب والمحلل السياسي السوداني، عثمان ميرغني، إنه "من الحكمة أن يوقع (البرهان) على الاتفاق مع تقدم، وأن يذهب للقاء قائد الدعم السريع في جيبوتي".

وأضاف في حديثه لموقع "الحرة"، أن "ويلات الحرب تؤثر على المواطن، ولم يعد بالإمكان تقديم أية مساعدات إلا بوقف الحرب".

وتوسع النزاع مؤخرا ليصل إلى ولاية الجزيرة (وسط شرق) التي كانت حتى ذلك الحين بمنأى منه، وشكلت ملجأ لنصف مليون شخص.

وقوات الدعم السريع التي تسيطر على غالبية العاصمة الخرطوم، استولت على مدينة ود مدني، عاصمة الولاية التي تعد بمثابة مركز للمساعدات الإنسانية، وتقدمت نحو جنوبي البلاد.

ويعتقد ميرغني أن مبادرة تحالف القوى المدنية "تفضي لإنهاء الحرب، في حال التزام طرفي النزاع بها، على اعتبار أنها تتحدث عن أسس بناء السلام والخروج من نفق الحرب".

وأردف قائلا: "الحديث (في المبادرة) هو عن وحدة السودان وسلامة أراضيه، والموافقة على الاستمرار في التفاوض دون شروط، ثم ترتيبات ما بعد الحرب".

جولة أغضبت البرهان.. ما سر زيارة حميدتي لدول جوار السودان؟ تحل الذكرى الثامنة والستين لاستقلال السودان، وسط انقسام كبير وحرب تركت أكثر من سبعة ملايين سوداني في عداد النازحين سواء داخل البلاد أو خارجها، وفي ظل استمرار قوات الجيش بقيادة عبد الفتاح البرهان والدعم السريع بقيادة محمد حمدان دقلو (حميدتي) في القتال وعدم الانحياز نحو عملية سياسية لإنهاء الأزمة التي اندلعت في أبريل الماضي.

لكن هذه البنود تمثل "في جوهرها خطوطا عريضة وقضايا طرحت من قبل لا يختلف الكثيرون عليها.. لكن الاختلاف فقط في تطبيقها، وأن تكون واقعا للحياة السياسية"، كما قال تورشين.

ومؤخرا، زار قائد قوات الدعم السريع عددا من الدول خارج السودان للمرة الأولى منذ اندلاع الحرب، وذلك ضمن جولة في شرق أفريقيا، حيث تتكثف الجهود الدبلوماسية لإجراء مفاوضات سلام.

وتأتي جولة حميدتي في وقت تضاعف فيه الهيئة الحكومية للتنمية في شرق أفريقيا (إيغاد)، التي تتولى جيبوتي رئاستها، جهودها لإقناع طرفي النزاع بالتفاوض.

وقال حميدتي عن الإعلان الذي يتضمن أيضا التزامات بإعادة ملايين النازحين إلى ديارهم، وإنشاء ممرات آمنة، وإشراك المدنيين في محادثات السلام: "لو الجيش جاب (قدم) نفس الوثيقة دي (هذه) أنا بوقعها (سأوقعها) الآن".

وتعمل "إيغاد" حاليا على تسهيل عقد اجتماع مباشر بين البرهان وحميدتي، بعد تأجيل الاجتماع المقرر مسبقا والذي كان من المقرر عقده أواخر ديسمبر الماضي. 

لكن الجيش السوداني يؤكد أن مبادرة "إيغاد" يجب أن تكون امتدادا لإعلان جدة في مايو، الذي يهدف إلى إنهاء القتال وإعطاء الأولوية لانسحاب قوات الدعم السريع من المدن والمنشآت المدنية.

ومؤخرا، أعرب البرهان في كلمة جاءت بمناسبة ذكرى استقلال البلاد، عن شكره لـ"جهود أشقاء السودان وبعض جيرانه والمنظمات الإقليمية والدولية الصادقة، التي تعمل معنا لأجل السلام".

وتابع: "أقول لهم إن خارطة الطريق للسلام يجب أن تتضمن تلك المطلوبات فسلام منقوص أو يسلب كرامة وإرادة الشعب السوداني لن يكون مقبولا".

وفي هذا الإطار، قال تورشين إن "البرهان يراهن على التفاوض الذي يبقيه في السلطة".

المصدر: الحرة

كلمات دلالية: قوات الدعم السریع فی السودان أدیس أبابا

إقرأ أيضاً:

معتقلون يكشفون عن إعدامات وتعذيب على أيدي الدعم السريع السودانية

نشرت صحيفة "الغارديان" البريطانية تقريرًا، ترجمته "عربي21"، استعرض شهادات مروعة لمعتقلين سابقين لدى قوات الدعم السريع السودانية كشفوا فيها عن عمليات إعدام وتجويع وتعنيف وحشية في مركز احتجاز تم اكتشافه حديثًا، مما أثار دعوات لإجراء تحقيق في جرائم حرب محتملة.

 وذكرت الصحيفة قصة المعتقل "آدم" الذي يعتقد أنه قتل تحت التعذيب في أحد مراكز الاحتجاز التابعة للدعم السريع، في ولاية الخرطوم بالسودان، وعثر على مرتبة مضرجة بدمائه في منشأة عسكرية نائية.

وبعد ما يقارب عامين على اندلاع الحرب الأهلية الكارثية في السودان، يعكس رحيل آدم المحتمل الأسئلة التي لم تتم الإجابة عليها والتي تُطرح في جميع أنحاء البلاد، حيث يتميز الصراع بعمليات قتل غير مسجلة، واختفاء قسري، وعائلات تبحث عبثًا عن أحبائهم المفقودين.

كان المبنى الذي عثر فيه على آثار "آدم" يضم مركز تعذيب واضحًا تحت قيادة قوات الدعم السريع شبه العسكرية. ومع بدء الدعوات لإجراء تحقيق في حجم ما حدث في الداخل، من المأمول أن تبدأ محاولات التعرف على الجثث داخل مئات المقابر المجهولة القريبة.

قد توجد أدلة محتملة حول من قد يرقد في القبور المحفورة على عجل في دفتر ملاحظات بحجم A3 عثرت عليه صحيفة الغارديان على الأرض القذرة لمركز التعذيب. في كل صفحة مكتوبة بعناية بقلم حبر جاف، توجد قائمة بـ 34 اسمًا باللغة العربية بعضها مشطوب.


أيًا كانت هوية هؤلاء المعتقلين فقد عانوا وتعرضوا للضرب بشكل متكرر، وكانت الحياة اليومية مروعة بلا هوادة. تم حشر العشرات في غرف لا يزيد حجمها عن ملعب اسكواش. يصف الناجون أنهم كانوا محشورين بإحكام لدرجة أنهم لم يتمكنوا إلا من الجلوس وركبهم مطوية تحت ذقونهم بينما كانت زاوية من الغرفة مرحاضًا. عندما زارت الغارديان المكان، كان الهواء مليئا بالذباب والرائحة الكريهة لا تطاق. تغطي الكتابات الجدران. بعضها يتوسل الرحمة وإحداها يقول "هنا ستموت".

خلف باب شبكي تتدلى منه الأصفاد توجد عدة غرف بدون نوافذ بمساحة مترين مربعبن كانت تستخدم كغرف تعذيب، على حد قول ضباط عسكريين سودانيين. ووفقًا للإفادات التي أُدلي بها للأطباء، تعرض المعتقلون للجلد بشكل متكرر بالعصي الخشبية من قبل حراس قوات الدعم السريع. وأُطلق النار على آخرين من مسافة قريبة.

في منطقة يستخدمها حراس قوات الدعم السريع، خلفت ثقوب الرصاص ندوبًا في السقف. أولئك الذين لم يتعرضوا للتعذيب حتى الموت واجهوا مجاعة تدريجية.

وفي حديثه في قاعدة عسكرية في مدينة شندي، قال الدكتور هشام الشيخ إن المعتقلين كشفوا أنهم كانوا يتلقون كوبًا متواضعًا من حساء العدس، حوالي 200 مل، يوميًا. كانت هذه الإعاشة توفر حوالي 10% من السعرات الحرارية اللازمة للحفاظ على وزن الجسم. لذلك أصابهم الهزال بسرعة.

إلى جانب الانهيار الجسدي، كان المعتقلون محطمين نفسياً أيضاً. بعد أن حوصروا في مكان ضيق – وعدم وجود مساحة للتحرك – أصبح العديد منهم صامتين تقريبًا بسبب صدمة وجودهم. يقول خبراء الفظائع إن حجم موقع الدفن المؤقت غير مسبوق من حيث الحرب السودانية المستمرة. حتى الآن، لم يقترب أي شيء من حجمه.

تقول مصادر عسكرية فحصت الموقع إنه تم تحديد مكان كل جثة بكتلة خرسانية كشاهد قبر. عدد من القبور محاطة بما لا يقل عن 10 كتل خرسانية.

حثّ جان بابتيست غالوبين، من هيومن رايتس ووتش، الجيش السوداني على منح "وصول غير مقيد" للمراقبين المستقلين، بما في ذلك الأمم المتحدة، لجمع الأدلة. تعكس تجارب المعتقلين أيضًا الحرب الأوسع نطاقًا. منذ البداية، اتسم الصراع في السودان بهجمات ذات دوافع عرقية، وأفاد المعتقلون بتعرضهم لإساءات عنصرية في مركز التعذيب.


يقول الشيخ: "لقد تعرضوا للإساءة العنصرية كثيرًا. لقد عانوا من التحرش اللفظي والعنصرية". تم الاستهزاء بهم جميعًا على أنهم ينتمون إلى "دولة 56" في إشارة إلى العام الذي حصلت فيه السودان على استقلالها، وهو هيكل قال حراس قوات الدعم السريع للسجناء إنهم يريدون "تدميره".
 ومما يؤكد بؤس وضعهم حقيقة أن جميعهم احتُجزوا على ما يبدو لأسباب بسيطة وتعسفية.

وحسب ما ورد، احتُجز معظمهم بعد منع قوات الدعم السريع من نهب منازلهم. ويقول الشيخ إن البعض اعتُقل بعد رفضه تسليم هاتفه الذكي. وعلى الرغم من أن جميع الذين عُثر عليهم في المركز كانوا من المدنيين، إلا أنه خلال الزيارة عثرت الغارديان أيضًا على العديد من بطاقات الهوية العسكرية السودانية الرسمية بين الحطام في أرضية المنشأة.

 وكان من بين الحطام أيضًا علب من الحقن وعلب أدوية مهملة، بعضها يمكن أن يجعل المستخدمين يشعرون بالدوار والنعاس. وتعتقد مصادر عسكرية أن قوات الدعم السريع ربما استخدمت المخدرات للهروب من الواقع الرتيب لواجب الحراسة. وهو ادعاء تؤكده التقارير المتكررة عن مقاتلي قوات الدعم السريع المخدرين، فضلاً عن اكتشاف حديث على بعد ثمانية كيلومترات جنوب مركز التعذيب.

قبل عدة أسابيع، وبالقرب من مصفاة النفط الرئيسية في السودان، عثر ضباط مخابرات الجيش السوداني على مصنع على نطاق صناعي ينتج عقار الكبتاغون المحظور، قادر على إنتاج 100 ألف حبة في الساعة. وتم العثور على دليل على أن الأمفيتامين كان يستخدم محليًا ويُهرب إلى الخارج.

يثير اكتشاف مركز التعذيب التابع لقوات الدعم السريع ومصنع الكبتاغون القريب على نطاق واسع مقارنات غير مواتية مع سوريا، التي حولها رئيسها السابق بشار الأسد إلى أكبر دولة مخدرات في العالم. وبالمثل، يبدو أن الاكتشافات المروعة في القاعدة العسكرية شمال الخرطوم هي جزء من شبكة من مراكز التعذيب التابعة لقوات الدعم السريع حول العاصمة. 

وقالت مصادر عسكرية إنهم عثروا مؤخرا على مركز آخر في جنوب الخرطوم. وهناك، كان المصريون من بين الذين تعرضوا للتعذيب، وبعضهم حتى الموت.

ومع اشتداد المعركة من أجل العاصمة ومع إحراز الجيش – المتهم نفسه بجرائم حرب وانتهاكات لا حصر لها – تقدمًا مطردًا ضد عدوه اللدود، فإن المزيد من الاكتشافات المروعة أمر لا مفر منه. ببطء، وبشكل صادم، سيظهر الحجم الحقيقي لأسرار السودان الرهيبة.

مقالات مشابهة

  • الجيش يهاجم الدعم السريع بعدة جبهات ويسعى للسيطرة على مركز الخرطوم
  • أي دور للإمارات في حرب السودان بين الجيش و”الدعم السريع”؟
  • معتقلون يكشفون عن إعدامات وتعذيب على أيدي الدعم السريع السودانية
  • نازحات في يومهِنّ!!
  • شاهد بالفيديو.. اللاعب علاء الدين طيارة ينبه جنود الدعم السريع لمواعيد تحرك الجيش والأوقات التي يكثف فيها هجماته في رمضان وساخرون: (انت بعد الحرب تنتهي مفروض يربطوك في سوخوي وتموت خلعة بس)
  • شركة أسلحة تركية ساعدت في تأجيج الحرب الأهلية الوحشية في السودان، قامت بتهريب الأسلحة سرًا إلى الجيش السوداني وفقًا للسجلات
  • وزير الدفاع السوداني: الجيش قطع شوطا طويلا ضد الدعم السريع
  • الكشف عن مقبرة جماعية ومركز تعذيب في السودان.. واتهامات للدعم السريع
  • الجيش السوداني: لا هدنة مع الدعم السريع ولا خيار غير الحسم
  • تحرير مصريين كانوا محتجزين لدى قوات الدعم السريع في السودان