يترقب اليمنيون إعلان التوقيع على اتفاق بين الحكومة اليمنية ومليشيا الحوثي الانقلابية، لكنهم يجهلون ماذا تتضمن بنود هذا الاتفاق الذي يشكل ملامح مستقبلهم، ومن هي الأطراف التي ستوقع عليه، لا سيما والحكومة الشرعية اعترفت مراراً بأنها لا تعلم شيئاً عن ما يدور في كواليس المباحثات "السعودية- الحوثية"، والمساعي الأممية، إلا من تصريحات غامضة كان آخرها على لسان المبعوث الأممي إلى اليمن.

ويتساءل اليمنيون، ما البنود التي سيتم التوقيع عليها، وآليتها التنفيذية والمدة الزمنية المحددة لتنفيذ بنودها، وما هي العقوبات المقرر اتخاذها ضد من يتنصل من التزاماته من الأطراف الموقعة على الاتفاق..

والسؤال الأبرز، هل يمكن لمليشيا الحوثي أن تتخلى عن سلاحها، وما هي الضمانات على ذلك؟! للإجابة على ذلك يقول خبراء عسكريون لوكالة "خبر": جدية الحل تكمن في جدية أن يتضمن أهم بنود الاتفاق تسليم الحوثيين سلاح الدولة والأسلحة التي تدفقت إليهم خلال سنوات الحرب الثماني، وأن تتحول المليشيا إلى تنظيم سياسي مثل بقية التنظيمات، تخضع لقانون الدولة الواحدة بعيداً عن الولاءات المؤدلجة.

وأوضحوا، أن نواة الصراع القائم في البلاد هو "انقلاب مسلح على النظام"، وأي اتفاق لا تحمل ملامحه الجوهرية التزام مليشيا الحوثي بتسليم سلاح الدولة المنهوب من معسكراتها، لن يكون مثمراً في ظل رفع الجماعة شعار "الحق الإلهي" في الحكم والثروة.

وأكدوا أن استخدام الملف الإنساني في معزل عن بقية الملفات، هو العبور في نفس نفق اتفاق السويد أواخر 2018، ووقوف الأمم المتحدة وبعض الأطراف الدولية بكل صلف وجنون أمام تحرير القوات المشتركة موانئ الحديدة، لدواعٍ إنسانية، حد زعمها. في حين كانت النتائج عكسية، تمكن خلالها الحوثيون من تعزيز قدراتهم العسكرية والاقتصادية والميدانية.

في الشأن نفسه قال خبيران عسكريان، إن الملفين العسكري والإنساني، رديفان لبعض، وعدم وضع آلية لاستعادة سلاح الدولة في الاتفاق المرتقب، معناه تسليم البلاد تدريجياً لمليشيا الحوثي برعاية أممية وعربية.

وأوضح الخبيران العسكريان لوكالة خبر، أن عدم حسم تسليح جماعة الحوثي، يعني الشرعنة والسماح بتحويل البلاد إلى كنتونات، وبيئة خصبة لتكاثر التنظيمات المتطرفة، والتي بدورها تتخادم مع بعضها وإن اختلفت أيديولوجيا تركيبها الديني، لإدراكها أن الاستقرار يعني نهايتها. وملامح هذه التخادمات ظهرت كثيراً بين مليشيا الحوثي وتنظيم القاعدة.

صفقة مشبوهة

شدد مراقبون، على أهمية توافر ضمانات دولية على تنفيذ الأطراف جميع البنود الموقّع عليها، وفي المدة الزمنية المحددة، وفرض عقوبات على الأطراف المخلة بالاتفاق.

وأشاروا إلى أن مليشيا الحوثي لم تنفذ أياً من التزاماتها في الاتفاقات السابقة التي وقعت عليها هي والحكومة اليمنية، عقب اندلاع الحرب، بينها اتفاق السويد أواخر 2018، والهدنة الأممية المُعلن عنها في أبريل 2022.

وفي جميع الاتفاقات التي أشرفت عليها الأمم المتحدة، تنصلت المليشيا الحوثية من التزاماتها من دفع رواتب الموظفين من إيرادات موانئ الحديدة، أو فتح المعابر المغلقة في تعز، وعدد من المحافظات الأخرى، أو غيرها.

كما أن المليشيا استغلت هذه الاتفاقات لا سيما هدنة أبريل 2022 في تعزيز قدراتها العسكرية، ورفع القيود عن مطار صنعاء، واحتجاز إيرادات شركة طيران اليمنية وفرض قيود على أنشطة المنظمات الأممية وتحويل ثلثي المشروعات التنموية للمنظمات لصالح محافظة صعدة معقل زعيم المليشيا عبدالملك الحوثي، تأتي بعدها محافظات حجة، وعمران ثم صنعاء وذمار، وجميعها محافظات تشكل حواضن للمليشيا السلالية.

كما أن المليشيا أخلّت أيضاً بجميع الاتفاقات السابقة قبل اندلاع الحرب، ولذا باتت سمة النكث بالعهود لصيقة بالمليشيا الحوثية منذ بداية تمردها، وإشعالها فتيل حروب صعدة الست خلال العقد الأول من القرن الحالي.

وأمام كل هذه القرائن والإدانات، ما الذي يُجبر الحكومة أن تهرول نحو التوقيع على اتفاقات يشوبها الغموض، ومحكوم عليها بالفشل سلفاً، وما مصالح الأطراف الدولية التي تضغط على تمرير مثل هكذا اتفاقات، لا سيما وهي كانت طرفاً وإن لم يكن مباشراً في اتفاقات سابقة، وكان مصيرها الفشل؟

هُناك من يريد تسليم اليمن للحوثيين، مقابل صفقة مشبوهة لم يعد الغموض يكتنفها كما كانت سابقاً.. هكذا يُجيب المراقبون في ختام حديثهم على هذه التساؤلات.

ومثل هكذا اتفاق، يعد إيذاناً لجميع الأحزاب والمكونات الجماهيرية والتنظيمات العقائدية بتسليح نفسها، والشرعنة لتحويل البلاد إلى كنتونات تتناحر عليها جماعات مسلحة متعددة الأيديولوجيات، لا سيما ومن حق جميع اليمنيين أن يكونوا شركاء في الساحة والثروة، ولكن وفق الدستور والقانون التي تعمل مثل هكذا اتفاقات على تفكيكه تدريجياً، حسب قولهم.

المصدر: وكالة خبر للأنباء

كلمات دلالية: لا سیما

إقرأ أيضاً:

كيف ساهمت حرب القسام الإعلامية بتسليم الأسرى في إحباط الاحتلال الإسرائيلي؟

كشفت أوساط إعلامية إسرائيلية أن "حماس نظمت تظاهرة إعلامية كبرى خلال عمليات تسليم الأسيرات في غزة، مما يستدعي من إسرائيل ألا يقع في فخ دعائي عميق في خضم موجة الإثارة والفرح التي أحاطت بعودتهن، حيث برز مشهد غير مفهوم للدعاية الصرفة التي تنقلها الحركة للإسرائيليين على الهواء مباشرة، لأنها تسببت برفع وتيرة الحرب النفسية التي تمارسها الحركة".

وذكر إيدي كاتسمان، الكاتب بصحيفة معاريف، أن "الحرب الدعائية التي تشنها حماس على إسرائيل تمثلت بوضع الأسيرات في عرض مسرحي، في محاكاة لحفل تحرير، وحاولت تقديم تمثيل مفاده أن الأسيرات عشن في ظروف جيدة، وتم إطلاق سراحهن في مسرحية ظهرن فيها كأنهم يشكرن خاطفيهن، والغريب أن وسائل الإعلام الإسرائيلية تعاونت مع هذا الضغط النفسي من حماس، بوعي أو بغير وعي، ومرة تلو الأخرى على مدار اليوم، ظهر هذا المشهد في وسائل الإعلام، والعناوين الرئيسية، ومختلف المطاعم الفاخرة".

وأضاف في مقال ترجمته "عربي21" أن "وقف هذه العروض المسرحية يستدعي من الدولة إعادة جميع المختطفين في أقرب وقت ممكن، حتى لو كان سيكلفها تكاليف باهظة، ودون أن يعني بالضرورة تغييراً جذرياً وحقيقياً في المفهوم، مما قد يضمن عدم تكرار مثل هذه الكوارث في المستقبل، رغم صعوبة اتخاذ قرار في التعاون مع بث هذه العروض التي تنظمها حماس بعناية".


وأشار إلى أن "وسائل الإعلام الإسرائيلية تعرف كيفية التصرف في حالات الحرب النفسية، فتختار عدم بث بعض المشاهد التي تنشرها حماس، دون تجنب تقديم معلومات أساسية للجمهور، وقد حدثت حالات من هذا النوع مرات لا تحصى منذ بداية الحرب، خاصة عندما تم نشر مقاطع فيديو لأسرى يتم اختطافهم، مما يدعو للتساؤل: لماذا لم يحدث هذه المرة أيضًا، لماذا على الجمهور أن يتلقى الدعاية المعادية طوال اليوم، وعلى الهواء مباشرة، مع أنه متحمس لعودة المختطفين، ويحتاج لمعلومات إخبارية مهمة، لكن بدون عرض برنامج حماس الدعائي على شاشة التلفزيون في وسط غرفة المعيشة الخاصة به".

وختم بالقول إن "الأسيرات الإسرائيليات لا يستحققن الظهور على الهواء مباشرة كدعائم لحماس، مع رفع أعلام فلسطين في خلفية العرض، لأن الشيء الوحيد الذي يستحقه المختطفون هو اعتذار كبير من الجيش الذي تخلى عنهم في ذلك اليوم الرهيب من الاختطاف، ومن الدولة التي كانت قلقة بشأن التخلي عنهم منذ ذلك الحين".

أما غادي عيزرا المدير السابق لمركز المعلومات الإسرائيلي، ومؤلف كتاب "11 يومًا في غزة"، زعم أن "حماس لم تتردد للحظة واحدة، وسارعت لإعلان النصر حتى قبل أن يؤكد نتنياهو وجود اتفاق وقف إطلاق النار، حتى أن الخسائر التي تكبدتها، واغتيال قياداتها، والدمار في شوارع غزة، كل هذا لم يربك جهاز الدعاية والإعلام فيها، بل إنها ادعت أن "طوفان الأقصى خلق الفخر"، وفق ما ظهر في رسومات مواقع التواصل الاجتماعي، مما يؤكد أن عمل الحركة الإبداعي يعمل بجهد إضافي".


وأضاف في مقال نشرته صحيفة يديعوت أحرونوت، وترجمته "عربي21" أن "الفلسطينيين هم الفئة السكانية الوحيدة في العالم التي تستطيع أن تزعم الإبادة الجماعية والنصر في نفس الوقت، بهدف واضح يتمثل بتعزيز الوعي الفلسطيني، ومواصلة ترسيخ سيطرة حماس في القطاع، أمام عدم نجاح حملة التوعية الإسرائيلية، في ضوء الخطاب الدولي السائد الذي يرى أن حرب غزة بدأت في الثامن من أكتوبر، وبات "النضال الفلسطيني" يدور حول شرعية الذهاب للحرب في المقام الأول، والبيانات تتحدث عن نفسها".

وأوضح أنه "بحسب استطلاع أجرته مؤسسة هارفارد-هاريس في أكتوبر 2024، فإن 44 بالمئة من الجيل الأصغر سناً في الولايات المتحدة (18-24 عاماً) أيّدوا وقف إطلاق النار في غزة، حتى لو لم يتضمن إطلاق سراح المختطفين، وهذه إحصائية صادمة تشير لمشكلة استراتيجية تواجه القيادة الأميركية في المستقبل، وجهل مقلق فيما يتصل بالظروف والخطر الحقيقي الذي يهدد المراحل التالية من صفقة التبادل".

مقالات مشابهة

  • كيف ساهمت حرب القسام الإعلامية بتسليم الأسرى في إحباط الاحتلال الإسرائيلي؟
  • مؤسسة أمريكية: دعم القوات الحكومية باليمن هو السلاح المناسب لهزيمة الحوثيين وإيران (ترجمة خاصة)
  • المعادن النادرة مقابل السلاح.. هل تنجح صفقة أوكرانيا في إغراء ترامب؟
  • في إطار صفقة تبادل الأسرى.. حماس تسلم 3 رهائن إسرائيليين للصليب الأحمر
  • "حماس" تسلم ثلاثة من الرهائن الإسرائيليين للصليب الأحمر في إطار صفقة تبادل الأسرى
  • أبرز الأسماء التي ستفرج عنها إسرائيل اليوم ضمن صفقة التبادل مع حماس
  • الجيش الشعبي الجديد يدعو إلى إشراك القادة التقليديين في صياغة الدستور
  • المرحلة الثانية من صفقة غزة.. فريق التفاوض الإسرائيلي يتوجه إلى الدوحة غدا
  • حركة مشبوهة على خط الحكومة
  • صوان: اللجنة الاستشارية قد تضغط على جميع الأطراف لتقديم تنازلات سياسية