تجارة على ظهر الحرب.. سماسرة الحدود يحرمون الغزيين أمل الحياة
تاريخ النشر: 4th, January 2024 GMT
فلسطينيون في غزة يجبرون على دفع آلاف الدولارات للهروب من الجحيم عبر رفح سماسرة يتلقون مبالغ خيالية لتمرير فلسطينيين عبر معبر رفح
وكأن الحرب لم تكتفِ من أهل غزة، ولم تشبع من إرسال صواريخها على رؤوس الأطفال والنساء، وإسقاط الحجارة على صدورِ الآباء المنهكين، وفطر قلوب الأمهات، حتى طاردهم شبحُ الحرب نحو الحدود، ومنعهم من الأمل، حتى وهم على بعد أمتار من الحياة.
90 يوما في عداد البشر وقرونٌ بالنسبة للفلسطينيين، منذ أن بدأ الاحتلال الإسرائيلي الإرهابي تنفيذ أشد وأسوأ جرائم القتل في حق البشر، يردد اللاهث نحو الحدود المصرية، مقولة ربما تكون الأصدق في حق الإنسانية: "إذا كان حقُ الحياة مقرونٌ بدفع الرشاوى لسماسرة الحروب وحسب، فعلى أرضِ غزة يموتُ الحُلُم".
حياة جديدة ونوع مختلف من الطمأنينة التي نساها الناس في غزةيسيرُ فلسطينيون يحملون الجوازات الأجنبية نحو معبر رفح البري، على الحدود المصرية؛ منتظرين لوائح تضم أسماء البشر، الذين كتبَ لهم القدر حياة جديدة، وأجبرهم على نوع مختلف من الطمأنينة، نساه الناس في غزة خلال أيام العدوان.
السائرون بخشية وقلق نحو المعبر، والذين مروا كغيرهم بعقبات لا تحصى حتى وصلوا؛ فواجهوا نقص الطعام بمعدات خاوية، وقاوموا برد الليل بأقمشة من الرُقَع، وغلبوا النعاس كي لا يفوتوا شكل الصاروخ الهابط على رؤوس النيام، كل هذا ناظروه على طريق رفح.
اقرأ أيضاً : كتيبة طولكرم: فجرنا سيارة مفخخة في قوة تابعة لجيش الاحتلال
ولكن الأمور لا تجري كما تسير الرغبات، على الأقل في غزة، فقد واجه حاملو هذه الجوازات حتى اليوم ما لم يخطر على بالهم، حينما حملوا أمتعتهم وفروا من قذائف ورصاص نازيي العصر، حيث عَلقوا ما بين الحدين، ومنعوا إلى الآن من دخول مصر، أو منعهم قُصرُ يدهم وفقرهم من ذلك.
عالقون يرون المعاناةوهو ينظرُ إلى بابٍ حديدي موصد، يقول جميل رأفت أحد سكان منطقة الميناء في قطاع غزة، والذي يحملُ هوية إماراتية، إنه ينتظر منذ أسابيع لحظة دخوله الأراضي المصرية.
ويضيف: "أنا متواجد في المعبر منذ 40 يوما، بعدما تواصلت مع وزارة الخارجية الإماراتية أبلغوني بأن اسمي أضيف على كشوفات الإخلاء الخاصة بالإماراتيين ومعي زوجتي وأبنائي".
وتابع: "نزحت من مخيم النصيرات حتى وصلت إلى المعبر، وإلى اليوم لم يتم إخلائي ولا زلت جالسا في البرد والجوع".
ولا يختلف محمد الجزائري عن جميل؛ فقد أتى ليزور عائلة زوجته قُبيل بدء المجازر الاحتلال، وظل بعدها عالقا في أرض غزة، حيث ناشد سلطات بلاده للتدخل والتواصل مع السلطات المصرية لضمان خروجهم من المعبر.
وقال:" لا يوجد مأكل ومشرب في قطاع غزة، والمياه ملوثة إن وجدت أصلا، وقصف طائرات الاحتلال الإسرائيلي متواصل ولا يتوقف".
فيما عبر إيهاب مخيمر الذي يحمل الجواز المصري عن ألمه مما يجري في القطاع من تدمير وجرائم قتل جماعية، حيث أوضح أنه يجلس في المعبر منذ شهر هو وعائلته على أمل أن يتم إخلاؤهم من قبل السلطات المصرية.
وأضاف: "لي شهر في المعبر مع عيلتي المكونة من سبعة أفراد، جالسين في البرد، للموت والمرض".
وتابع: "سجلنا في وزارة الخارجية المصرية مرتين ولم يحصل شيء، وكل من يدخل إلى الجانب المصري يدخل من خلال دفع الأموال".
العبور من خلال مكتب تنسيقاتمعاناة المتواجدين في معبر رفح فتحت الباب حول المبالغ المالية التي يدفعها الباحثون عن النجاة لسماسرة وتجار حروب يستغلون الظروف الإنسانية الصعبة لجني المال مقابل تسهيل عملية النجاة.
وكان يعبر من رفح قبيل بدء العدوان على غزة 300 شخص بشكل يومي، وفقا لاتفاق مصري فلسطيني "إسرائيلي" سابق، كما علمت "رؤيا".
"رؤيا" بحثت في الملف المتعلق بدفع الأموال لسماسرة على الحدود يضعون أسماء حاملي الجنسيات المزدوجة داخل القوائم التي سيتم إخلاؤها من القطاع.
اقرأ أيضاً : واشنطن: تل أبيب لم ترتكب جرائم إبادة في غزة ولا دليل على ذلك
وقالت مصادر مطلعة لـ"رؤيا" إن مصر أوجدت قبل الحرب مكتبا تحت اسم "مكتب التنسيقات"، بحيث يعمل المكتب على إضافة أسماء عن الحد الأقصى للعدد المسموح له بمغادرة القطاع يوميا والبالغ 300 شخص.
وبينت المصادر أن المكتب واكب على إصدار قائمة يومية بأسماء المسموح لهم بالعبور وفقا لقائمة التنسيقات، وكانت هذه القائمة تعلن بشكل رسمي من قبل وزارة الداخلية في قطاع غزة.
أما فيما يتعلق بالمبالغ المالية التي يدفعها الراغبون بإضافة أسمائهم إلى لوائح المغادرين عبر المعبر، قبيل العدوان، كان هناك نظامين متبعين في المكتب، أحدهما يتعلق بدفع مبلغ مالي معين مقابل المغادرة وتستغرق في بعض الأحيان أوقاتا طويلة حتى ينتهي الأمر، فيما يكون نظام الدفع الآخر مرتبطا بالشخصيات المهمة والتي تدفع مبالغ مالية أكبر لإرفاق أسمائهم بالكشف.
ووفقا للمصدر، فإن مصر تتعامل مع مكتب التنسيقات باعتباره مكتبا قانونيا وليس مخالفا، فيما ينظر أهالي غزة إلى المكتب بوصفه يمنعهم من حقهم في النجاة، ويجبرهم على دفع مبالغ مالية بغير وجه حق في ظل ظروف صعبة يعانيها أبناء القطاع المحاصر.
آلاف الدولارات تدفع لسماسرة الحروبوخلال العدوان الحالي، استغل تجار حروب الظروف الصعبة ورغبة الكثيرين من حاملي الجنسيات المزدوجة بمغادرة القطاع، حيث رفعوا الأسعار التي يتقاضونها لإدراج الأسماء في لائحة مكتب التنسيقات كما يسمى.
وقال مصدر مطلع من داخل غزة لـ"رؤيا" إن الأوضاع زادت سوءا خلال العدوان الحالي، وارتفعت الأسعار بشكل مبالغ فيه".
ووصلت الأسعار التي يدفعها أهالي غزة لسماسرة، للعبور في بعض الأحيان إلى نحو 15 ألف دولار أمريكي (نحو 10,500 دينار أردني).
الغزيون لم يحملوا المال حينما هربوا من الصواريخ فحرموا من المغادرةوبعد بحث أجرته "رؤيا" تبين أن هناك صفحات مصرية عبر منصات التواصل الاجتماعي تقدم خدمة "التنسيقات" لولوج المعبر للأفراد والعائلات، مقابل الحصول على مبلغ مالي يتم الاتفاق عليه مسبقا مع الراغبين بالمغادرة.
منشورات في تلك الصفحات، عرضت خدمات ترويجية مثل تقاضي المبلغ بعد الوصول إلى مصر، فيما طلب آخرون دفع المبلغ المالي بشكل مسبق.
بينما يقول مصدر مطلع لـ"رؤيا" إن الطرق المتبعة لتحويل رغبة السفر من غزة إلى العالم حقيقية تسمى "التنسيق" وتتم من خلال التواصل مع ضابط مصري في بعض الأحيان، ودفع مبلغ مالي له (رشوة)، دون الحاجة للانتظار الطويل على قوائم وزارة الداخلية في غزة.
وكما تشير تقارير سابقة فإن قوائم التنسيقات ترسل مباشرة من إدارة معبر رفح المصري إلى إدارة معبر رفح الفلسطيني، حيث تمنح الأسماء المدرجة على قوائم التنسيقات الأولية وتعبر حافلاتهم في الأوضاع الطبيعية وخلال الحروب قبل حافلات الفلسطينيين المسجلين على لوائح وزارة الداخلية في غزة.
وكان يدفع للوسيط قُبيل العدوان مبلغ يتراوح بين 1200 إلى 1500 دولار عن الفرد الواحد، حيث يحصل الضابط المصري والوسيط على نسبة تصل إلى 6 في المئة، كما كانت تصل المبالغ في بعض الأحيان إلى 3 آلاف دولار، يستدينها معظم الغزيون؛ محاولين الهرب من الجحيم، على أمل الوصول ذات يوم إلى شاطئ الأمل والحياة، في مكان ما في هذا العالم.
وخلال العدوان الحالي لم يعرف بشكل دقيق المبلغ المالي الذي يدفعه أهل القطاع، إلا أن ما عرف حتى اليوم، أن الغزيين يعانون ظَمأ الأرض، ويرتقون بداءِ الصواريخ، ويجمعون أجساد رفاقهم أشلاء، وختاما يحرمون من العبور؛ لأنهم لم يحملوا الأموال حينما هربوا من صواريخ الاحتلال الموجهة على سقوف منازلهم.
المصدر: رؤيا الأخباري
كلمات دلالية: الحرب في غزة معبر رفح الاحتلال الإسرائيلي مصر فی بعض الأحیان معبر رفح عبر رفح فی غزة
إقرأ أيضاً:
وزير الإعلام اللبناني يشيد بدور مصر السياسي والإنساني لإنقاذ بيروت
أثنى وزير الإعلام اللبناني زياد المكاري، عن الدور المصري السياسي الكبير والإنساني لإنقاذ لبنان ووقف الحرب الإسرائيلية على شعبها، مؤكدا أن لبنان من حكومة وشعبا ممتنة على دور مصر لمحوري لوقف هذا العدوان الأثم ومحاولة إعادة الاستقرار.
وأضاف المكاري، في حوار خاص لمدير مكتب وكالة أنباء الشرق الأوسط بعمان، أن الرئيس عبد الفتاح السيسي يقوم بجهد عربي ودولي كبير منذ بداية العدوان ولم يقصر في أي شيء من أجل وقف الحرب على لبنان، مشيرًا إلى أن العلاقات المصرية اللبنانية تاريخية وقوية ونعول دائما على هذا الدور المصري التاريخي والكبير.
العدوان على لبنانوأوضح وزير الإعلام اللبناني، على هامش مشاركته في المؤتمر الثالث عشر للأسبوعِ العالمي للدراية الإعلامية والمعلوماتية بالأردن، أن مصر دولة كبيرة ومحورية في المنطقة والعالم والجميع يعول على دورها المتقدم في العمل العربي المشترك والدولي لوقف العدوان الإسرائيلي على لبنان وشعبه، مشيرا إلى أن مصر تلعب دورا منذ بداية الحرب مع الأشقاء العرب والشركاء الدوليين للضغط في اتجاه وقف العدوان.
وطالب العالم العربي بالعمل المشترك أكثر والضغط، بجانب الجهد المصري، لوقف هذه الحرب التي ولدت دمار وخراب في لبنان والمنطقة، مشيرا إلى أن العالم العربي لديه من الأوراق والعلاقات الدولية ما يعمل في اتجاه وقف هذا العدوان.
اقرأ أيضاًلبنان.. 52 شهيدًا وعشرات الإصابات بغارات إسرائيلية على البقاع
باحث سياسي: بعد فشل أمريكا الهدنة في غزة ولبنان متروكة لما بعد نتائج الانتخابات الأمريكية (فيديو)