الصراع الداخلي على السلطة دخل إلى منزل أردوغان
تاريخ النشر: 4th, January 2024 GMT
أنقرة (زمان التركية) – قال الكاتب التركي يشار آيدن، إن هناك صراعا داخليا على السلطة نشب في منزل الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان.
آيدن قال خلال مقال في صحيفة “بيرجون” التركية، تعليقًا على ظهور كل من بلال أردوغان نجل الرئيس وصهره الأول بيرات ألبيراق وصهره الثاني سلجوق بيراقدار، على حدا، في تجمع فلسطين الذي شهدته إسطنبول في اليوم الأول من العام الجاري.
وقال آيدين في مقاله: “بلال أردوغان، وبيرات ألبيراق، وسلجوق بيراقدار، ظهروا في مقاطع مصورة بشكل منفصل في مسيرة دعم فلسطين التي أقيمت على جسر غلطة، أحد رموز إسطنبول، الأسرة والحزب وتحالف الشعب في حالة توتر، لقد رأينا في الأول من يناير أن الصراع الداخلي على السلطة دخل منزل أردوغان“.
وأوضح آيدين أنه يجب على أردوغان إقناع وجمع أكثر من طرف في المعادلة لإعادة انتخابه، مضيفًا: “بالنظر إلى الوضع الحالي للبلاد، يبدو مثل هذا التطور بمثابة احتمال صعب، لكنه ليس مستحيلًا بأي حال من الأحوال، لن يكون من السهل إقناع أردوغان، الذي يعتقد أنه يفعل كل شيء، بترك مقعده“.
ويتابع الكاتب: “البديل الآخر هو أن يتولى أحد أفراد الأسرة مهام أردوغان بموافقته، وهناك ثلاثة أسماء هنا، بلال أردوغان وبيرات البيراق والنجم الصاعد سلجوق بيرقدار“.
ويستكمل آيدين مقاله قائلًا: “التقط هؤلاء الأشخاص الثلاثة صورًا على جسر غلطة في الأول من يناير، إنها صورة تجعلك عندما تنظر إلى وسائل الإعلام الموالية للحكومة في اليوم التالي، تظن تقريبًا أن المسيرة نظمت لإظهار هذه الأسماء الثلاثة، وليس لنصرة غزة، وحتى الصحف واجهت صعوبة في تجميع الأسماء التي لم تظهر جنبًا إلى جنب في المسيرة، الصراع الداخلي على السلطة دخل إلى منزل أردوغان، حيث الأبناء والبنات والأصهار، قريبا جدًّا سنبدأ برؤية آثار ذلك بشكل أكثر وضوحا، من البلدية إلى وسائل الإعلام“.
المصدر: جريدة زمان التركية
كلمات دلالية: على السلطة
إقرأ أيضاً:
عنقاء الحداثة
د. عصام عبدالفتاح
ثمة كتب ثورية حينما يقرؤها الإنسان فإنه لابد أن يخرج منها بحصيلة فكرية عميقة تزوّده بإضاءات لامعة فى تفكيك الإشكاليات الحضارية التى تعانى منها المجتمعات المتخلفة، أى التى لم تطرق بعد باب الحداثة رغم أنها تغترف من ثمارها بل ـ وهنا تبدو المفارقة ـ تتباهى بكونها جمعت بين الأصالة والحداثة!.
إن مؤلفات عالم النفس الاجتماعى مصطفى حجازى هى من هذا الطراز الفريد الذى يغير من فكر قارئه ويمتعه بتحليلاته للمجتمع العربى وإشكالياته الكأداء. فمثلا كتابه الشهير «التخلف الاجتماعى: مدخل إلى سيكولوجية الإنسان المقهور» يعد من أهم الدراسات التحليلية فى علم النفس الاجتماعى «سيكولوجية الإنسان العربى المهدور». ففيه يتناول حجازى، بمنهجيته الاستقرائية الدقيقة، ظاهرة «العنف العربى» التى لم تتمكن المجتمعات العربية حتى يومنا هذا من الخلاص منها. لماذا؟ يجيبك حجازى بكلمة السر التى تتنوع مترادفاتها فى القاموس الدينى والسياسى والاجتماعى، بدءا من الطائفية والعصبية، مرورا بالتحزبية، وانتهاء بالأصولية والدوجمائية، فمثلا دولة كالسودان، منذ أبريل ٢٠٢٣، يعانى شعبها من حرب ضارية بين القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع أدت إلى تفاقم الأزمات الطاحنة فى بلاده وأطاحت بكل استقرار سياسى فيها وأدخلتها فى دوامة لا نهاية لها من النوازل الاقتصادية والإنسانية. إن السودان يشكو حاليا من أزمة نزوح لا نظير له. فثلث سكانه نازحون مشردون فى العراء بلا غذاء ولا ماء ولا مأوى ولا رعاية طبية. امتدت عواقب هذا الصراع المروع بين المتحاربين إلى ما وراء حدود السودان. وحسب تقارير الأمم المتحدة سيرتفع عدد ضحايا الصراع العبثى إلى أكثر من مليون شخص فى عام ٢٠٢٥.
أطراف الصراع هم سودانيون!، إن تحليل حجازى لظاهرة العنف فى المجتمعات العربية ينطبق برمته على الحالة السودانية عندما يقول: «يعود العنف السياسى الاجتماعى فى المجتمعات العربية إلى تفشى العصبيات وترسخها جذريا فيه. فالأنظمة العربية الاستبدادية لم تبنِ مجتمعا مدنيا، إنما راهنت القيادات على العصبيات، والعصبيات فى طبيعتها تحتوى على مكوِّن العنف، وهذا العنف يتفجر من العصبيات التى تنمو فى أزمنة الصراع ولا تستطيع العيش من دون عدو. كما ليس بإمكان الأنظمة العرقية الاستمرار خارج نطاق الصراع وصناعة العدو المتخيل أو الفعلى، لكى تتمكن من الحفاظ على ثباتها الداخلى بقوة الجمهور». ولئن تركز تحليل حجازى على لبنان بوصفه عينة خصبة للطائفية وجزء لا يتجزأ من نسيج المجتمع العربى فقد أراد به الكشف عن الداء العضال الذى لم يبرأ منه هذا المجتمع منذ قرون خلت فأعجزه تماما عن بلوغ الحداثة، إن هذا الداء هو نفسه «جرثومة التخلف» التى تحدث عنها د. مراد وهبة فى كتابه الشهير تحت هذا العنوان.
وفى مؤلفه الأخير «النقلات الحضارية الكبرى. أين نحن منها؟» يرى حجازى أن قوى التخلف أو حسب تعبيره «قوى العطالة فى مجتمعاتنا العربية» لا تتمثل فقط فى العصبيات وحدها وإنما هى تتجسد فى تحالف ثلاثى: العصبيات والفقه السلفى والاستبداد الظاهر منه والخفى. هذا التحالف يستخدم سلاحا خطيرا فى الإجهاز على أى محاولة تسعى إلى إيقاظ العقل العربى من سباته، آلية هذا السلاح هى: التأثيم والتحريم والتجريم. تكمن فاعليته فى أنه يشل طاقات الإنسان العقلية تماما ويدخله فى حالة من الانقياد والتبعية والجبرية وفقدان السيطرة على الذات والمصير!.
إن الحداثة التى يحلم بها المجتمع العربى أشبه بطائر العنقاء الذى لا وجود له فى الواقع، لأن متطلباتها لم تتوافر فيه بعد. وتتجلى ازدواجية المجتمع العربى، كما يقول حجازى، فى أنه يستورد كل منتجات الحداثة المادية والفكرية من الأمم المبدعة، لكنه لا يملك مشروعا إنتاجيا وطنيا خليقا بأن يحدث فيه نقلة نوعية تتحرر فيها طاقات العقل المبدع وينضج فيها وعيه السياسى. فتحت غطاء الدستور فى لبنان مثلا وحكم المؤسسات المقتبس من الغرب تتسم العملية السياسية فيه بالمحاصصة واقتسام النفوذ والغنائم على حساب البلد وكأننا بصدد شركة تجارية بين أطراف مؤسسين يسعى كل منهم إلى زيادة حصته من النفوذ والغنيمة وتحولت النيابة فيه إلى نوع من الوجاهة أكثر مما هى عملية تمثيل بالتفويض من قبل الشعب، فتحول الانتخاب فيه إلى نوع من المبايعة!.
نقلا عن المصري اليوم